اختطاف السفير الأردني لدى ليبيا لمقايضته بمتطرف

عمان تعلق رحلات الطيران إلى طرابلس

السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي  و السفير الأردني فواز العيطان
السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي و السفير الأردني فواز العيطان
TT

اختطاف السفير الأردني لدى ليبيا لمقايضته بمتطرف

السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي  و السفير الأردني فواز العيطان
السجين الليبي المعتقل في عمان محمد الدرسي و السفير الأردني فواز العيطان

في أحدث عمل إرهابي يستهدف البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في العاصمة الليبية طرابلس، خطف مسلحون ملثمون السفير الأردني فواز العيطان في منطقة قريبة من وسط العاصمة طرابلس، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن «عائلة معتقل ليبي متطرف في السجون الأردنية، يدعى محمد الدرسي، تقف وراء عملية الخطف في محاولة لإجبار السلطات الأردنية على مقايضته وإبرام صفقة لإطلاق سراحه». فيما حملت الحكومة الأردنية، مسؤولية سلامة سفيرها لدى ليبيا للجهة الخاطفة. في وقت ألغت فيه الخطوط الجوية الأردنية رحلتها التي كان مقررا أن تتجه إلى طرابلس أمس، موضحة أنها تتابع الوضع في ليبيا لاتخاذ القرار المناسب بشأن الرحلات الجوية التي تشغلها الشركة بين البلدين.
وقال شهود عيان ومسؤولون رسميون ليبيون إن «مجهولين ملثمين في سيارتين من دون لوحات هاجموا السفير وسائقه واختطفوا السفير واقتادوه إلى جهة غير معروفة». وطبقا لرواية أحد شهود العيان التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن عملية الخطف جرت بواسطة أربعة شباب صغار السن وملثمين في منطقة المنصورة خلف باب العزيزية في وسط العاصمة طرابلس، نحو الساعة الثامنة والربع صباحا بالتوقيت المحلي، حيث أصاب المهاجمون سائق السفير بالرصاص في قدميه، واصطحبوا السفير في سيارة بيضاء إلى مكان مجهول.
وقالت زوجة السفير الأردني إن «الخاطفين، وفي أول اتصال من نوعه، اتصلوا بمديرة مكتبه وأكدوا لها أنه بخير». مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي يخرج زوجها في موكب مؤلف من سيارتين، وأنه كان يقود إحداهما بنفسه.
والسفير المختطف، هو ابن أحد زعماء أكبر القبائل الأردنية وهي قبيلة بني حسن التي يبلغ عددها مليون شخص، وتتمركز في منطقة المفرق على الحدود الأردنية السورية. وخضع السائق المغربي للسفير لعملية جراحية عاجلة بعدما أصيب جراء الهجوم برصاصتين، حيث قالت مصادر بمستشفى طرابلس المركزي إن «حالته الصحية مستقرة وليست خطرة وأنه ينتظر خروجه من المستشفى في وقت لاحق».
وكشفت مصادر ليبية النقاب عن أن عائلة مواطن ليبي يدعى محمد سعيد الدرسي، وهو أحد عناصر التيار الإسلامي المتطرف، تقف وراء عملية الخطف بعد فشل محاولتها إقناع السلطات الأردنية بإطلاق سراحه، مشيرة إلى أن الخاطفين قاموا بمراقبة تحركات السفير قبل أسبوع لمعرفة خط سيره تمهيدا لاختطافه.
وقال عصام بيت المال، عضو فريق التحقيق الليبي في حادثة الخطف، لوكالة «رويترز» إن «الخاطفين طلبوا الإفراج عن الدرسي، وقالوا إن السفير لم يصب بأذى». وأضاف أنهم «لا يعلمون حتى الآن هوية الخاطفين الذين اتصلوا بالهاتف المحمول الذي كان قد تركه السفير في سيارته».
وقال أحد أصدقاء الدرسي، الشهير بمحمد النص، إنه خرج من السجون الليبية عقب مصرع أخيه في مواجهات مع جهاز الأمن الداخلي السابق عام 1998، مشيرا إلى أنه قرر الذهاب إلى العراق وسافر إلى تركيا، ومنها حاول الدخول إلى سوريا، لكن محاولاته باءت بالفشل، فتوجه إلى الأردن لمحاولة العبور من هناك.
من جهته، قال محامي التنظيمات الإسلامية في الأردن موسى العبد اللات إنه على استعداد أن يتوجه إلى ليبيا من أجل الوساطة مع الخاطفين للسفير، «شريطة أن أحصل من الحكومة الأردنية على ضمانات بالإفراج عن موكلي سعيد محمد الدرسي، المحكوم بالأشغال الشاقة المؤبدة». وأضاف العبد اللات لـ«الشرق الأوسط» أن «موكله الدرسي يعاني من أمراض جراء عمليات جراحية سابقة في بطنه، وأنه مريض ونقل قبل ثلاثة أسابيع إلى مستشفى جميل التوتنجي في مادبا للعلاج، والآن يقبع في سجن الموفر، على بعد 30 كيلومترا شرق العاصمة عمان».
وأوضح العبد اللات أنه أرسل إلى رئيس الحكومة الأردنية «رسالة استرحام» من أجل تأمين الإفراج عن موكله من خلال «عفو خاص» وإعادته إلى أهله في ليبيا، لكن المسؤولين الأردنيين لم يتجاوبوا مع هذه النداءات.
يشار إلى أن الدرسي حكم عليه عام 2007 من قبل محكمة أمن الدولة الأردنية، بعد أن قبض عليه في مطار الملكة علياء، وكان يخطط لتفجير المطار في ذلك الحين، وينتمي إلى تنظيم القاعدة حسب التهم التي وجهتها له المحكمة الأردنية.
من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني، عبد الله النسور، خلال جلسة لمجلس النواب أمس: «نحمل مسؤولية سلامة السفير العيطان للجهة الخاطفة»، مؤكدا أن الحكومة الأردنية تؤكد عمق العلاقات بين الشعبين الأردني والليبي وبين الدولتين، وأن الأردن وقف إلى جانب ليبيا، ولم يتدخل في شؤون الدول إلا بما فيه خير. وقال إن «الأردن لم يكن يوما إلا إلى جانب الشعب الليبي الشقيق من أجل أمنه واستقراره وازدهاره»، داعيا السلطات الليبية والشعب الليبي للعمل على إطلاق سراح السفير.
وبدوره، قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، ناصر جودة، للصحافيين: «نعرف تماما أن الوضع الأمني في ليبيا وضع صعب جدا، ولم تصلنا حتى الآن أي اتصالات من الجهة الخاطفة»، واصفا حادث الاختطاف بأنه «يشكل منعطفا خطيرا». وأضاف «فور ورود الخبر اجتمعنا على كل المستويات، وبتوجيهات مباشرة من الملك عبد الله الثاني ومتابعة رئيس الحكومة وتنسيق مع مختلف الأجهزة المعنية. ونحن نقف على تفاصيل وتطورات هذا الحادث».
وأشار جودة إلى أنه على اتصال مع وزير خارجية ليبيا، وطلب منه أن «تبذل كل المؤسسات والجهات المعنية في ليبيا كل ما تملك من جهد وطاقة للعثور على مكان احتجاز السفير والعمل على الإفراج عنه فورا»، موضحا أن وزير الخارجية الليبي أبدى كل تفهم وعبر عن أسفه الشديد عن هذه الحادثة، وأكد أنهم لن يدخروا أي جهد في هذا المجال، مؤكدين حرصهم على العلاقات الطيبة مع الأردن الذي كان من أكبر الداعمين وما زال لليبيا.
وقال جودة إن «السفير العيطان من الدبلوماسيين النشيطين جدا، وإنه لم يتردد لحظة واحدة عندما طلبنا منه، وفي ظل ظروف أمنية صعبة جدا (في ليبيا) أن يذهب لتمثيل الأردن في طرابلس. وحتى مع ازدياد الأوضاع الأمنية سوءا، بقي على رأس عمله». موضحا التواصل مع أسرة العطيان، وأضاف: «طلبنا أيضا، من خلال بعثتنا الدائمة في نيويورك، أن نخاطب مجلس الأمن لإصدار بيان لإدانة هذا العمل المرفوض، والذي استهدف المملكة الأردنية الهاشمية وتمثيلها الدبلوماسي في ليبيا».
وشهدت العلاقات الليبية الأردنية تطورا ملحوظا بعد نجاح ثورة 17 فبراير (شباط) وسقوط نظام القذافي، بعد أن ساهم الأردن في تقديم الخدمات اللوجيستية والمشاركة مع حلف الناتو في تأمين الدعم الجوي للثورة الليبية. كما قام الأردن بتدريب قوات الشرطة والأمن وقوات من الجيش الليبي.
على صعيد متصل، توقعت مصادر مطلعة في الأردن أن تكون عملية اختطاف السفير الأردني رسالة سياسية للحكومة الأردنية، تهدف إلى الحد من تطور العلاقات الثنائية مع ليبيا. إلا أن مصادر أخرى توقعت أن تكون العملية رسالة للضغط على الأردن من أجل الإفراج عن أحد الليبيين المحكوم عليه بالسجن المؤبد، إلا أن مصادر حكومية استبعدت هذا الاحتمال.
من جهة أخرى، ألغت الخطوط الملكية الأردنية رحلتها التي كان مقررا أن تتجه إلى العاصمة الليبية طرابلس أمس، وقالت الشركة في بيان إنها «تتابع الوضع في ليبيا بعد اختطاف السفير الأردني لاتخاذ القرار المناسب بشأن الرحلات الجوية التي تشغلها بين عمان وكل من طرابلس (عشر رحلات أسبوعيا) وبنغازي (أربع رحلات أسبوعيا) ومصراته (رحلتين أسبوعيا)». موضحة أن الاتصالات ما زالت جارية بينها وبين الجهات المعنية في البلدين للوقوف على آخر المستجدات بهذا الخصوص.
وفى محاولة لطمأنة السلطات الأردنية، أجرى رئيس الحكومة الليبية المستقيل عبد الله الثني اتصالا هاتفيا بنظيره الأردني عبد الله النسور، أدان خلاله الحادث، وأكد أن حكومته تولي اهتماما بالغا بهذه القضية، وضمانة سلامة السفير، وأنها تبذل كافة جهودها لمعرفة ملابسات هذا الحادث المؤسف مع الجهات المختصة وعلى أعلى المستويات.
وأصبحت عمليات الخطف متكررة في ليبيا وكثيرا ما يستهدف الخاطفون المسؤولين الأجانب، ومنذ بداية العام الحالي خطف خمسة من الدبلوماسيين المصريين ومسؤول تونسي ومسؤول تجاري كوري جنوبي. وزادت أيضا أعمال العنف العشوائية، حيث قتل مدرس أميركي بالرصاص في بنغازي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأعدم رجل بريطاني وامرأة نيوزيلندية على الشاطئ في الغرب في شهر يناير (كانون ثاني) المنصرم.



المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

المعارضة الصومالية تجتمع في غوبالاند وسط توترات مع الحكومة

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقاء سابق مع قيادة «الملتقى الصومالي للإنقاذ» الذي يضم قوى سياسية معارضة (وكالة الأنباء الصومالية)

تجتمع المعارضة الصومالية في ولاية غوبالاند التي تشهد خلافات حادة مع الحكومة الفيدرالية بمقديشو، وسط توترات سياسية متصاعدة حول الانتخابات المباشرة واستكمال الدستور.

هذا الاجتماع، الذي يستمر من 17 إلى 20 ديسمبر (كانون الأول)، يراه خبير في الشأن الأفريقي والصومال تحدث لـ«الشرق الأوسط» أقرب إلى «محطة سياسية ذات تأثير محدود، ما لم يتمكن من تجاوز الانقسامات الداخلية والتوترات مع الحكومة وتقديم خطاب وطني جامع يستجيب لتطلعات الشارع الصومالي في الاستقرار والأمن والديمقراطية».

وتحتضن مدينة كيسمايو، العاصمة المؤقتة لولاية غوبالاند، الوفود المشاركة في مؤتمر المعارضة؛ فيما استقبل الأمين العام لمنتدى الإنقاذ الصومالي المعارض، محمد آدم كوفي، وزير الداخلية في غوبالاند، محمد إبراهيم أوغلي، وعدداً من المسؤولين بإدارة الولاية، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد».

وأوضح أوغلي في تصريحات إعلامية، الثلاثاء، أن المؤتمر سيركز على وضع اللمسات الأخيرة على هيكل مجلس مستقبل الصومال وتحليل الوضع السياسي الذي تمر به البلاد.

وقال كوفي في تصريحات وقتها إن مؤتمر كيسمايو سيناقش قضايا مهمة في ظل المرحلة السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وتستضيف الولاية هذا المؤتمر، الذي لم تعلق عليه مقديشو، بعد نحو 10 أيام من إعلان رئيس برلمان غوبالاند، عبدي محمد عبد الرحمن، أن غوبالاند انتقلت من ولاية إقليمية إلى دولة، في تصعيد للتوتر السياسي القائم بينها وبين الحكومة الفيدرالية التي تصف الإدارة الحاكمة حالياً في غوبالاند بأنها غير شرعية بعد إجرائها انتخابات أحادية الجانب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعادت رئيسها أحمد مدوبي الذي يحكم غوبالاند منذ عام 2012 إلى السلطة.

توتر واحتقان

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، علي محمود كلني، أن المؤتمر ينعقد في توقيت بالغ الحساسية، وسط احتقان سياسي متصاعد وخلافات مزمنة بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو وبعض الإدارات الإقليمية.

وتأتي أعمال المؤتمر، بحسب كلني، في ظل قطيعة طويلة بين إدارة غوبالاند والحكومة الفيدرالية؛ وهي قطيعة هيمنت على المشهد السياسي طوال معظم فترة رئاسة حسن شيخ محمود، مشيراً إلى أن العلاقة بين الرئيس الفيدرالي ورئيس غوبالاند أحمد محمد إسلام (مدوبي) اتسمت بتوتر حاد وصل في بعض المراحل إلى مستوى المواجهة السياسية المفتوحة، ما أفقد أي مسعى للتنسيق أو الشراكة معناها العملي.

وعن التحديات التي تواجه مخرجات المؤتمر، لفت كلني إلى التباين الواضح في مواقف القوى المشاركة في المؤتمر، سواء بشأن شكل نظام الحكم، أو آليات إدارة الدولة، أو مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، مشيراً إلى أن هذا التباين يقلّص فرص الخروج برؤية سياسية موحدة، ويجعل من الصعب تحويل المؤتمر إلى منصة ضغط فعالة في مواجهة الحكومة الفيدرالية.

وتأتي تلك التحركات المعارضة، بينما يشتد منذ عام الجدل بشأن الانتخابات الرئاسية المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي اعتمدت بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، وجرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية على نحو لافت، وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012 هي الشرارة الأبرز لتفاقم الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

هل من مخرجات ملموسة؟

كانت الخلافات بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والمعارضة قد اشتدت بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

وفي ضوء هذه المعطيات والخلافات المتصاعدة، يرى خبير الشؤون الأفريقية كلني أن تأثير مؤتمر كيسمايو سيظل محدوداً على مشروع الانتخابات المباشرة الذي تعمل حكومة حسن شيخ محمود على الإعداد له.

وتبقى القيمة السياسية للمؤتمر مرهونة بما قد يصدر عنه من مخرجات ملموسة، وبمدى قدرة المشاركين على توحيد مواقفهم حيال القضايا الوطنية الكبرى، وفي مقدمتها استكمال جهود تحرير البلاد من الجماعات المسلحة، ومسار الانتخابات العامة وإعادة تصميمها على أسس توافقية، وإدارة الخلافات السياسية القائمة والسعي إلى مواءمتها ضمن إطار وطني جامع.

وفي النهاية، يؤكد كلني أن التحدي الحقيقي لا يكمن في عقد المؤتمرات بحد ذاتها، بل في القدرة على تحويلها إلى أدوات فاعلة لإنتاج حلول سياسية قابلة للحياة.


مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعم «سلام الكونغو» وتبدي استعدادها لمساندة مسار التسوية

لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي في أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده لاستقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد التوقيع على اتفاقيات سلام تهدف إلى إنهاء التوتر القائم في منطقة «شرق الكونغو»، معرباً عن استعداد بلاده لبذل «كل جهد ممكن لمساندة مسار التسوية».

وتلقى السيسي اتصالاً هاتفياً، الأربعاء، من نظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، تناول مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين وتطرق إلى مستجدات الأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

ورحب السيسي خلال الاتصال بالتوقيع على اتفاق «الدوحة للسلام» الشامل بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو (حركة 23 مارس)، كما أعرب عن دعم مصر الكامل لاتفاق السلام الموقع في واشنطن ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكداً أنه يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى.

وأكد الرئيس المصري «استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن، بما في ذلك توفير المحافل اللازمة للأطراف المعنية، دعماً لمسار تسوية النزاع»، وفقاً لبيان الرئاسة المصرية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مراسم توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا بول كاغامي والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

من جانبه، نقل البيان المصري عن الرئيس الكونغولي «تقديره لمساندة مصر لجهود السلام والاستقرار في بلاده وفي المنطقة، واتفق الرئيسان على ضرورة تكثيف الجهود لتذليل أي عقبات قد تواجه تنفيذ اتفاقيات السلام».

ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسا رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن مطلع الشهر الحالي، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو ثلاثة عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

ويعد الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار أُبرمت في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، إضافة إلى إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو (تموز) الماضي.

وأشار المتحدث باسم الرئاسة المصرية إلى أن الرئيسين اتفقا خلال اتصال، الأربعاء، على أهمية تعزيز التشاور والتعاون الثنائي في القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأكد السيسي تطلعه لاستضافه نظيره الكونغولي لمواصلة تعزيز التعاون بين البلدين، فيما ثمَّن تشيسكيدي الزخم الذي تشهده العلاقات مع مصر، مُعبراً عن تقديره للدعم الذي تقدمه لبلاده في مختلف القطاعات.

وفي مطلع هذا الأسبوع، قالت الخارجية المصرية إنها «تتابع بقلق بالغ التطورات المتسارعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وما تشهده بعض المناطق من تدهور في الأوضاع الإنسانية الذي يفرض تحديات عاجلة على المدنيين»، مؤكدة دعمها المستمر لوحدة وسلامة وسيادة الأراضي الكونغولية.

وشددت مصر، وفق بيان للخارجية، السبت، على أهمية التهدئة ووقف أي تصعيد ميداني بما يسهم في خلق بيئة مواتية للحوار واستعادة الاستقرار؛ مؤكدة الالتزام باتفاق واشنطن للسلام بوصفه إطاراً أساسياً لبناء الثقة وتخفيف التوتر.

كما أكدت مصر ضرورة وقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، مشددة على الحاجة إلى دعم الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحسين الوضع الإنساني ومنع مزيد من التدهور.


«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
TT

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل
صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

استبقت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة نتائج الحوار الأممي المهيكل بالتأكيد على «أولوية الاستفتاء على الدستور»، معلنة إجراء تعديلات وزارية قريبة، تزامناً مع تأكيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دعم فرنسا للانتخابات.

وقالت حكومة الوحدة المؤقتة، التي رحبت بانطلاق الحوار المهيكل، إنها ستُعلن خلال الأيام القريبة المقبلة عن تعديلات حكومية إصلاحية، تشمل سدّ الشواغر الوزارية، وتهدف إلى رفع مستوى الكفاءة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وتوسيع دائرة التوافق بما يدعم متطلبات المرحلة المقبلة.

وأكدت «الوحدة» في بيان لها، مساء الثلاثاء، أن جوهر المرحلة لا يرتبط بتعدد المسارات أو تسمياتها، بقدر ما ينصرف إلى تحقيق الهدف الوطني، المتمثل في إجراء الانتخابات، بوصفها الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون لتجديد الشرعية، ووضع حد لحالة عدم اليقين السياسي، مشدّدةً على أن توجهها الأساسي يتمثل في الاستفتاء على مشروع الدستور أولاً، ومؤكدة أنها تتعاطى بإيجابية مع الاختراق، الذي طرأ على حالة الجمود السابقة، وعبّر عن ذلك شخصيات فاعلة، الأمر الذي يفضي إلى الذهاب المباشر نحو الانتخابات التي أصبحت اليوم محل إقرار من مختلف الأطراف، بعد أن ظلت لفترة موضع نقاش، بما يعكس تحولاً واضحاً في مقاربة الحل السياسي.

وعدّت «الوحدة» أن استمرار الخلاف حول القوانين الانتخابية، إن لم يُحسم، فإنه يكرّس الحاجة إلى الاحتكام إلى أسس دستورية واضحة، تُبنى عليها العملية الانتخابية، وتضمن قابليتها للتطبيق، وهو ما أكدت عليه المفوضية العليا للانتخابات بإعلان جاهزيتها متى توفرت هذه الأطر القانونية السليمة.

كما جدّدت الحكومة التزامها بدعم كل ما من شأنه الدفع نحو الانتخابات ضمن مسار وطني مسؤول، يحفظ وحدة الدولة، ويعكس الإرادة الشعبية، ويجنب البلاد الدخول في مراحل انتقالية إضافية.

في سياق ذلك، أوضح وزير الدولة للاتصال بحكومة الوحدة، وليد اللافي، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستركز على اختيار وزراء أكفاء، وتراعي المناطق الجغرافية دون استثناء، مشيراً إلى أنها ستشمل وزارات سيادية وخدمية، وتمثيلاً أكبر للشباب.

في غضون ذلك، أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة. وطبقاً للتقرير، الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، حول نتائج المشاورات العامة للحوار المهيكل، فقد أكد 86 في المائة ممن شاركوا في استطلاع عبر الإنترنت جاهزيتهم للتصويت فوراً، فيما أكد أكثر من 70في المائة أن مشاركتهم تؤثر فعلياً.

ووصف التقرير الأزمة الجوهرية في ليبيا، بأنها أزمة سياسية ناجمة، عما وصفه بانقسام مؤسسي وجهوي عميق، وسلطات متنافسة، وغياب سلطة تنفيذية واحدة ذات شرعية وطنية، ما ينعكس سلباً على الاقتصاد والأمن والحوكمة.

وعدّ انتشار السلاح عقبة أساسية أمام الانتخابات والسلام الدائم، وحدّد الأولويات الأساسية في القطاع الأمني بنزع سلاح التشكيلات المسلحة، وإعادة إدماجها، وإنشاء جيش ومؤسسات أمنية موحدة، مع تأكيد السيطرة المدنية، وتحقيق أمن مرتكز على الحقوق وفي خدمة المواطن.

كما تحدث التقرير عن «سلطة سياسية شرعية واحدة، تسيطر فعلياً على الجيش والأمن»، بالإضافة إلى «أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة تُطبق بعدالة، وحوافز مالية وضوابط مشفوعة بعقوبات لتشجيع الاندماج والالتزام».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت وثيقة «الإطار المرجعي» الرسمي للحوار، الذي يحدد منصة شاملة تضم 120 إلى 124 مشاركاً ليبياً، يمثلون تنوعاً جغرافياً واجتماعياً، مع نسبة لا تقل عن 35 في المائة للنساء، بالإضافة إلى مشاركة الشباب وذوي الإعاقة.

ويركز الحوار على أربعة مسارات رئيسية هي: الحوكمة، والاقتصاد، والأمن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، مع دمج حقوق المرأة بوصفه موضوعاً مشتركاً.

ويعتمد على مبادئ الملكية الليبية، والشمول، والشفافية، وبناء التوافق، ويستمر لمدة 4 إلى 6 أشهر، بهدف إصدار توصيات توافقية ملموسة لمعالجة جذور النزاع، وتهيئة الانتخابات.

اجتماع صالح ورئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب)

وتعهد أعضاء الحوار المهيكل، وفقاً لمدونة قواعد السلوك، التي أصدرتها البعثة الأممية أيضاً بوضع المصلحة الوطنية أولاً، والنزاهة، ورفض الضغوط أو المزايا المادية، واحترام الآراء، وتجنب التمييز أو المضايقة، والحفاظ على سرية المداولات.

في المقابل، أكد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الذي بدأ زيارة مفاجئة إلى العاصمة الفرنسية باريس، لم يسبق الإعلان عنها، في لقائه، مساء الثلاثاء، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل بيفيه، أن حل الأزمة الليبية يتطلب تضافر الجهود الدولية لمساعدة الشعب الليبي في التعبير عن إرادته الحرة في انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة، وحذّر من أن قيام البعثة الأممية بفتح مسارات إضافية «سيعقد هذا المسار، ولن يكون لها أثر فعلي إيجابي على ملف التسوية السياسية».

ونقل صالح عن يائيل التزام فرنسا بدعم ومساندة الشعب الليبي في تحقيق رغبته في بناء دولة ديمقراطية مستقرة.

وكان صالح نقل عن رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، جيرارد لاروشيه، في اجتماعهما تأييده لمقترحاته بشأن حل الأزمة الليبية من خلال الوقوف مع الشعب الليبي، وحقه في اختيار رئيسه وبرلمانه عن طريق الانتخابات المباشرة، لافتاً إلى قيام مجلس النواب بواجباته كاملة في إصدار قانوني انتخاب الرئيس ومجلس الأمة، وتقديم لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس الدولة، نتائج أعمالها، التي قال وفقاً لعبد الله بليحق، الناطق باسم صالح، إنها نالت رضا مختلف الأطراف، ودعم مجلس الأمن الدولي.

كما أكد صالح، خلال لقائه مع بول سولير، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، دعم فرنسا لمجلس النواب الليبي ومساعيه لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة، مشيداً بمخرجات لجنة (6 + 6) بوصفها خطوة توافقية مهمة بشأن القوانين الانتخابية، مشيراً إلى ضرورة استمرار اللجنة في مهامها.