الشعبوية تطال المجتمعات الغربية

خبراء: انتخاب ترامب رفض للواقع ودليل على أزمة الديمقراطية

الشعبوية تطال المجتمعات الغربية
TT

الشعبوية تطال المجتمعات الغربية

الشعبوية تطال المجتمعات الغربية

كتبت صحيفة «فايننشيال تايمز» اللندنية تعليقا على فوز دونالد ترامب تقول: «هذه لحظة خطر حقيقي، فإن فوز ترامب يأتي بعد التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. يبدو أن هذه ضربة مؤلمة أخرى للنظام العالمي الليبرالي». وأضافت أن تنصيبه رئيسا لأميركا «دليل على وجود أزمة في الديمقراطية الغربية». وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها: «هناك أسباب قليلة تجعلنا نتوقع أن الرئيس سوف يكون مختلفا عن المرشح». وأضافت أن فوز ترامب «يمثل رفضا قويا للوضع الحالي».
يرى مؤلف كتاب «الفورة الشعبوية» جون جوديس أن الوضع الاقتصادي منذ الأزمة المالية العالمية كان تربة خصبة للانكفاء على الذات والانعزالية. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «التباطؤ الاقتصادي المتزامن مع ازدياد التباينات يولد كثيرا من النقمة» ضد الذين يحكمون. وتقترن هذه النقمة بمخاوف لدى المواطنين حيال تدفق المهاجرين والخطر الإرهابي.
ويبقى السؤال مطروحا عن مدى التأثير الفعلي للشعبويين؛ سواء كانوا من أقصى اليمين أم من أقصى اليسار. ويقول جوديس بهذا الصدد إن الشعبوية هي «بصورة عامة إنذار، معناه أن الأحزاب والمؤسسات تدرك أنه ينبغي القيام بشيء ما».
إلا إن ازدياد الانعزالية قد يهدد الأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي وكذلك المؤسسات الدولية. وكان رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أعرب عن قلقه حين حذر بأن قرار «بريكست» لن يؤدي إلى «تدمير الاتحاد الأوروبي فحسب، إنما كذلك الحضارة السياسية الغربية».
وما يعزز هذه المخاوف أن ترامب استهدف بانتقاداته منذ حملته الانتخابية الحلف الأطلسي ومنظمة التجارة العالمية، في وقت انسحبت فيه دول أفريقية عدة؛ بدءا بجنوب أفريقيا، من المحكمة الجنائية الدولية.
وفي فرنسا، شدد اليمين مواقفه بشأن الهجرة ومكافحة الجريمة ليتبنى خطابا أقرب إلى حزب الجبهة الوطنية، كما يحاول أقصى اليسار أيضا تبني خطاب «معارض لهيئات السلطة». لكن ذلك لا يهدئ مخاوف مارك، الطالب الفرنسي الذي يعد أن الطبقة السياسية «تنكر الواقع. تصورُّها للعالم ليس تصورنا نحن». يصيح مارك: «انتصرنا!» محتفيا بفوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية. وعلى الرغم من أنه فرنسي، فإنه مقتنع بأن بطله «حقق مأثرة» وسيحدث «يقظة» عالمية.
ويبث هذا الطالب من شمال فرنسا البالغ من العمر 24 عاما، منذ عام تأييده وحماسته لـ«منقذ العالم» على «فيسبوك» عبر مجموعته: «الفرنسيون مع ترامب» الذي تعد نحو ألف عضو. ويقول: «ثمة يقظة في كل أنحاء العالم، يقظة الأمم، يقظة لفكرة الوطن. وكون ذلك يحصل في الولايات المتحدة فإنه يشكل، رغم كل شيء، رمزا قويا».
ترامب ليس صاحب آيديولوجية، وكان ديمقراطيا حتى 1987، ثم جمهوريا (1987 - 1999)، ثم عضوا في حزب الإصلاح (1999 - 2001)، ثم ديمقراطيا (2001 - 2009)، ثم جمهوريا من جديد.
وتشهد أوروبا كثيرا من المواقف التي تتطابق مع خطاب ترامب؛ مواقف قومية معادية للأجانب وللنخب ومعارضة للعولمة، تعكس صعودا للتيارات الشعبوية في الديمقراطيات الغربية.
في فرنسا، تزداد شعبية حزب الجبهة الوطنية الذي يتموقع إلى أقصى يمين المشهد السياسي، وتتوقع استطلاعات الرأي ارتقاء رئيسته مارين لوبن إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 7 مايو (أيار) 2017، وهي كانت من أوائل الذين هنأوا الرئيس الأميركي المنتخب.
وتساءلت صحيفة «20 مينوت»، (20 دقيقة)، المجانية الفرنسية، على صفحتها الأولى أمس: «فرنسا على الطريقة الأميركية؟».
في بريطانيا، تجاوب كثير من المواطنين مع دعوة حزب «يوكيب» المعادي لأوروبا إلى «استعادة بلادنا»، وصوتوا في يونيو (حزيران) من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي ألمانيا، يحقق حزب «البديل لألمانيا» اليميني الشعبوي سلسلة من الانتصارات الانتخابية في الأشهر الأخيرة، مستغلا الاستياء الشعبي من تدفق المهاجرين إلى البلاد. كما يسجل الوضع نفسه في دول مثل النمسا وهولندا واسكندينافيا؛ حيث يتصاعد اليمين المتطرف. وكتب زعيم الحزب اليميني المتطرف في هولندا غيرت فيلدرز على «تويتر» أمس: «انتصار تاريخي لنا جميعا».
كذلك أعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان والرئيس التشيكي ميلوس زيمان، اللذان يتعرضان للانتقاد بسبب خطابهما الشعبوي والمعادي للهجرة، عن تأييدهما للملياردير الأميركي.
وقال مدير الأبحاث في «المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية» جيريمي شابيرو لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه تاريخ الخوف من التغيير، الخوف من الآخر، الخوف من العدوى الثقافية». ويعتقد شابيرو أن «الهجرة هي العامل الأول»، لا سيما بسبب «المخاطر التي تشكلها على الأنظمة الصحية والتربوية».
وتلتقي جميع هذه الأحزاب والحركات المصنفة في خانة الشعبوية حول كثير من النقاط: انتقاد «اللياقة السياسية»، وكره «النخب» السياسية والمالية، والعداء لعدو مشترك هو العولمة التي يرون فيها لعبة ابتكرها أثرياء العالم لخداع الشعوب. وبادر زعيم حزب الحرية اليميني في النمسا هانز كرستيان اشتراخا، بتقديم تهنئة حارة لدونالد ترامب، واصفا فوزه بأنه صفعة غير مسبوقة لقوى اليسار.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.