ردًا على هزائمه في الموصل، يبدو أن تنظيم داعش أيقظ «خلاياه النائمة» في بغداد وبقية معاقله السابقة، التي شهدت في اليومين الأخيرين هجمات أوقعت عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن إحباط هجمات أخرى، حسب مصادر أمنية.
فبعد أقل من يومين من إعلان وزارة الداخلية العراقية عن إحباطها مخططًا للتنظيم المتطرف كان يستهدف جانب الكرخ من العاصمة بهجمات منسقة ردًا على ما بات يتعرض له من انكسارات في الموصل، شن «داعش» عدة هجمات منسقة بانتحاريين وسيارات مفخخة وعبوات ناسفة شملت بغداد وتكريت وسامراء والشرقاط في محافظة صلاح الدين، أوقعت عشرات القتلى والجرحى، من بينهم زوار إيرانيون كانوا متوجهين إلى مرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء (120 كلم شمال غربي بغداد).
وفيما عزا محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري ما حصل في تكريت وسامراء أمس إلى «خلل في المتابعة الأمنية من قبل الجهات المعنية بحفظ الأمن في المحافظة»، فإن الناطق الرسمي باسم مجلس عشائر صلاح الدين، مروان الجبارة، أوضح من جانبه أن «عدم التنسيق وتعدد الجهات بين أجهزة أمنية وفصائل مسلحة يسمح لهذا التنظيم باختراق هذه المنظومة».
وكان تفجير مزدوج أحدهما ببرميل مفخخ كان مخزنًا تحت الأرض وسيارة مفخخة في منطقة وادي شيشين، جنوب تكريت (170 كلم شمال بغداد)، أدى إلى مقتل 15 شخصًا وجرح 33 آخرين. وفي قضاء سامراء التابع لمحافظة صلاح الدين فقد فرضت السلطات الأمنية حظرًا للتجوال حتى إشعار آخر بعد تفجير في مرآب نقل المسافرين في القضاء بسيارة مفخخة أسفر عن مقتل وإصابة 24 شخصًا، بينهم 10 زوار إيرانيين. وعلى صعيد متصل، وفي محافظة صلاح الدين نفسها، ولكن في قضاء الشرقاط شمال مدينة تكريت، تسبب هجوم لتنظيم داعش على منزل أحد شيوخ قبيلة شمر في منطقة تلول الباج في مقتل 17 شخصًا، من بينهم الشيخ نفسه و11 فردًا من أسرته و5 ضيوف كانوا في منزله لحظة وقوع الهجوم.
وفي هذا السياق، يقول الجبارة إن «ما حصل هو رسالة مزدوجة من تنظيم داعش لمقاتليه من جهة، ولنا نحن الذين قاتلناه بشراسة من جهة أخرى، لا سيما في محافظة صلاح الدين حيث كان تحريرها مفتاحًا مهمًا من مفاتيح الانفتاح على الموصل وبدء العمليات بها التي تحقق إنجازات مهمة»، مبينًا أن «تنظيم داعش من خلال هذه العمليات يريد أن يثبت للجميع أنه موجود وأنه قادر على القيام بما يريد أن يفعله وفي أي منطقة، علمًا بأن التفجير في الحقيقة ليس في مدينة تكريت، إذ إن (داعش) فشل في استهدافها منذ تحريرها بل في منطقة خارج المدينة، لكنه في كل الأحوال تقصير تتحمله الأجهزة المعنية». وأضاف الجبارة أن «مدينة سامراء لها رمزية خاصة بالنسبة لـ(داعش) كونها مسقط رأس زعيمه أبو بكر البغدادي، وبالتالي فإن التنظيم أراد من خلال التفجير الذي نفذه فيها رفع معنويات مقاتليه والإيحاء بأنه قادر على استهداف الأجهزة الأمنية هناك، بالإضافة إلى الزوار الذين يتوافدون على مرقدي سامراء لمناسبة قرب زيارة الأربعين، خصوصًا أن بعضهم زوار إيرانيون». وعزا الجبارة ما حصل إلى أنه ناتج عن «عدم وجود تنسيق بين الأجهزة الأمنية والفصائل المسلحة هناك، حيث تتقاطع الصلاحيات والجهات والجميع يرفعون أعلام ورايات مختلفة ويرتدون ملابس عسكرية، وكل من يحمل علمًا ويرتدي ملابس عسكرية لا يخضع في الغالب للتفتيش في نقاط السيطرة، وهو ما يستغله (داعش) حين يريد تنفيذ عملية». وأوضح الجبارة أن «هذا الخطأ يتكرر في الغالب حيث مع كل التوجيهات الصادرة من قبل القيادات والجهات العليا بضرورة التنسيق أو على الأقل إخضاع الجميع للتفتيش، فإن شيئًا من هذا لم يحصل، وهو ما يتسبب بمثل هذه الكوارث».
من جهته، يرى محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري، أن «هذه التفجيرات وإن كانت هي في الواقع ردة فعل على ما بات يمنى به هذا التنظيم في الموصل، لكنها من جانب آخر تدل على وجود تهاون وخلل في الأجهزة الأمنية المسؤولة التي تدفع الثمن، باعتبارها هي المستهدفة بالدرجة الأولى وعدم رفع جاهزيتها في مثل هذه الظروف الاستثنائية». وأضاف الجبوري أن «المطلوب في الواقع هو تغيير الخطط الموضوعة، لأنها باتت مكشوفة للدواعش، لكي لا يفاجئنا التنظيم الإرهابي بعمليات كان يمكن تجنبها».
وفي بغداد، تمكنت قوة من الجيش من قتل انتحاري يقود سيارة قبل تفجيرها مستهدفًا تجمعًا للزائرين في العاصمة بغداد. وقال بيان لوزارة الدفاع إنه تم إحباط هذه العملية بتنسيق عالٍ بين استخبارات قيادة عمليات بغداد وشعبة استخبارات قيادة فرقة المشاة السادسة ومديرية استخبارات ومكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية.
إلى ذلك، يقول الخبير الأمني المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم داعش بدأ يعتمد اللامركزية في عمله، حيث كل ولاية تضع الخطط الخاصة بها طبقًا للساحة التي تعمل بها، دون توجيهات مركزية من قيادة التنظيم، وهو ما ينطبق على العمليات التي يجري تنفيذها والتي تعتمد على العناصر المدربة لهذا الغرض، فضلاً عن الخلايا النائمة داخل المدن». وأضاف الهاشمي أن «هجمات كركوك اعتمدت على هجمات قام بها عناصر التنظيم من خارج كركوك بالتنسيق مع خلايا نائمة في الداخل يسهلون العمليات، ولهم أدوار أخرى في حال تطورت الأوضاع ويستيقظون حسب الحاجة»، مشيرًا إلى أن «(داعش) نقل عمله اللامركزي وكذلك خلاياه النائمة إلى أوروبا، حيث بدأت معظم العمليات هناك تنفذ عن طريق الخلايا النائمة والعناصر الأخرى المدربة والمجهزة لهذا الغرض».
بعد هزائمه في الموصل.. خلايا «داعش» النائمة تستيقظ في مناطق متفرقة من العراق
هجمات في بغداد وسامراء وتكريت والشرقاط.. وبين القتلى زوار إيرانيون
بعد هزائمه في الموصل.. خلايا «داعش» النائمة تستيقظ في مناطق متفرقة من العراق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة