رئيس الأركان الأميركي في أنقرة تزامنًا مع انطلاق «عملية الرقة»

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تركيا قد تغلق «إنجرليك» إذا لم تشارك في العمليات

رئيس الأركان الأميركي في أنقرة تزامنًا مع انطلاق «عملية الرقة»
TT

رئيس الأركان الأميركي في أنقرة تزامنًا مع انطلاق «عملية الرقة»

رئيس الأركان الأميركي في أنقرة تزامنًا مع انطلاق «عملية الرقة»

أجرى رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد مباحثات مع نظيره التركي خلوصي أكار في أنقرة، التي وصل إليها أمس بشكل مفاجئ، تزامنا مع إعلان «قوات سوريا الديمقراطية» إطلاق عملية عسكرية باسم «غضب الفرات» لتحرير الرقة معقل تنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا من يد التنظيم بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا، مؤكدة أن تركيا لن يكون لها أي مكان فيها.
وذكرت رئاسة هيئة أركان الجيش التركي في بيان أن زيارة دانفورد ومباحثاته مع أكار جاءت بناء على طلب من الجيش الأميركي. وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن المباحثات بين رئيسي الأركان تركزت على عملية الرقة وشكل المشاركة التركية فيها بعد أن عقدت لقاءات مكثفة بين الجانبين على مدى الأشهر الماضية بشأن هذه العملية.
وأعلنت أنقرة من قبل أنها لن تشارك في تحرير الرقة إذا شاركت فيها «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم في صفوفها غالبية من وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا تنظيما إرهابيا وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني فيها، فيما قالت قوات سوريا الديمقراطية إن واشنطن وافقت، على ألا تلعب تركيا أي دور في معركة تحرير الرقة.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» أمس إنشاء مركز عمليات لقيادة عملية تحرير الرقة ودعت «قوات سوريا الديمقراطية» المدنيين في الرقة إلى الابتعاد عن مراكز «داعش» في المدينة.
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد أن تركيا ستمد عملية «درع الفرات» التي تنفذها مع قوات من «الجيش السوري الحر» إلى الرقة وستنفذ العملية بنفسها إذا أصرت واشنطن على إشراك وحدات حماية الشعب الكردية فيها. وأعلن إردوغان في خطاب في إسطنبول أمس أن قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا في شمال سوريا تهدف إلى طرد تنظيم داعش جنوبا من بلدة الباب وأنها أصبحت على بعد 12 أو 13 كيلومترا عن البلدة. ولم يتطرق إردوغان في خطابه الذي تزامن مع وصول دانفورد إلى أنقرة إلى عملية الرقة أو إعلان «قوات سوريا الديمقراطية» عدم مشاركة تركيا فيها.
وبدأت تركيا عملية «درع الفرات» في شمال سوريا في 24 أغسطس (آب) الماضي دعما لمقاتلين غالبيتهم من التركمان والعرب في محاولة لطرد مقاتلي «داعش» من الحدود السورية ـ التركية والحيلولة دون سيطرة المقاتلين الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري من السيطرة على أراض قريبة من حدود تركيا مع سوريا.
وفي تعليق للدكتور مسعود حقي جيشكان، الخبير التركي في شؤون مناطق الجوار لـ«الشرق الأوسط» حول إمكانية دخول القوات التركية إلى الرقة، قال: إن هذا الأمر ليس سهلا حيث توجد القوات التركية والعناصر السورية المدعومة منها حول مدينة الباب على بعد 56 كيلومترًا من الرقة، مشيرا إلى أن واشنطن طالبت من قبل بأن تتعاون تركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» معا منذ دخول تركيا جرابلس بعملية «درع الفرات» في 24 أغسطس، لكنه أوضح أن تركيا ترفض بشدة هذا الأمر وفي هذه الحالة قد تلجأ تركيا إلى إغلاق قاعدة إنجرليك أمام طيران التحالف الدولي لضرب «داعش» إذا لم يحدث توافق حول عملية الرقة، لافتًا إلى أن هذا يشكل نقطة معقدة تدور حولها المباحثات بين واشنطن وأنقرة.
أما بالنسبة للموقف الروسي من دعم وحدات حماية الشعب الكردية التي دعمتها موسكو لفترة طويلة قبل تخفيضه منذ تحسين علاقاتها مع تركيا مؤخرا، قال الخبير السياسي في شؤون الشرق الأوسط طلعت أنورفيتش شتين لـ«الشرق الأوسط» إن هناك تنسيقا بين تركيا وروسيا من جانب وبين تركيا وأميركا من جانب آخر، وروسيا دعمت تركيا في عملية «درع الفرات» بالمعلومات الاستخباراتية والمهم لروسيا هو عدم المساس بحلب، مشددًا على أنه دون مشاركة تركيا لن تنجح عملية الرقة، متوقعا أن تشارك تركيا في العمليات الجوية. كما رأى أن هدف تركيا هو تأمين حدودها وإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا وليست لديها النية على الاستمرار في التوغل لملاحقة التنظيم أينما كان.
واعتبر الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية التركي المتخصص في شؤون الجوار، جان آجون، أن الشرط التركي الأساسي للتنسيق مع واشنطن في معركة الرقة يتمثل في إبعاد العناصر الكردية عن المعركة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري عن طاولة الحوار، لافتا إلى أن صعوبة تحقق هذا الشرط لتمسك واشنطن بمشاركة القوات الكردية يحول دون اكتمال التنسيق بين الدولتين بشأن معركة الرقة.
على صعيد عملية «درع الفرات» التركية في شمال سوريا، أعلن الجيش التركي أمس مقتل 24 مسلحًا من تنظيم داعش، في قصف جوي شنته طائرات التحالف الدولي على مواقعه شمال حلب. وأضاف البيان أنه تم تدمير موقعين لرشاشات مضادة للطيران، ومبنى يستخدمه مسلحو التنظيم كمقر لهم، في غارات جوية لطائرات التحالف على منطقتي شدود ونعمان شمالي ناحية أخترين. وأشار البيان إلى أن قوات المهام الخاصة في «الجيش السوري الحر»، سيطرت على منطقة شدود، بعد اشتباكها مع مسلحي «داعش». وأسفرت الاشتباكات عن مقتل جندي من «الجيش الحر» وجرح 8 آخرين، وفق البيان الذي لفت في الوقت نفسه إلى تفكيك 25 عبوة ناسفة في المنطقة التي تمّ إعادة السيطرة عليها. وبلغ إجمالي المساحة التي تمت السيطرة عليها في إطار العملية العسكرية ألفا و370 كيلومترًا مربعًا.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».