لاعب كرة عمره 19 عاما ينضم لقتلى «حزب الله» في سوريا

خبير: مظاهر القوة لدى الحزب تخفي حالة انحدارية

صورة للاعب اللبناني قاسم شمخة حاملاً كأس بطولة الشباب بعد فوزه بها مع فريق العهد في صيدا في 11 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
صورة للاعب اللبناني قاسم شمخة حاملاً كأس بطولة الشباب بعد فوزه بها مع فريق العهد في صيدا في 11 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
TT

لاعب كرة عمره 19 عاما ينضم لقتلى «حزب الله» في سوريا

صورة للاعب اللبناني قاسم شمخة حاملاً كأس بطولة الشباب بعد فوزه بها مع فريق العهد في صيدا في 11 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
صورة للاعب اللبناني قاسم شمخة حاملاً كأس بطولة الشباب بعد فوزه بها مع فريق العهد في صيدا في 11 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

كشف مقتل لاعب كرة القدم اللبناني قاسم شمخة (19 عامًا) بصفوف ما يُسمى «حزب الله»، في سوريا، عمق الأزمة التي باتت تعصف في الحزب لجهة استقطاب المقاتلين، حيث بات يستقطب شبانًا من أعمار صغيرة، إلى جانب طلاب في الجامعات، وأخيرًا لاعب رياضي، بعد مقتل ما يزيد عن ألف مقاتل في سوريا، وإصابة 6 آلاف آخرين بجروح.
وينضم شمخة إلى عشرات القتلى في صفوف الحزب الذين تقل أعمارهم عن العشرين عامًا، وبعضهم طلاب في الجامعات اللبنانية، وآخرون من القادة الميدانيين في الحزب الذين يتحدر بعضهم إلى الرعيل الأول، وقتل عدد منهم في الحرب السورية. وكان هؤلاء يشكلون أقلية في السنة الأولى لمشاركة الحزب في سوريا، قبل أن يتغير المشهد خلال العام الأخير.
ولا يخفي الباحث السياسي المعارض للحزب علي الأمين، أن الفئة العمرية لمقاتلي الحزب في سوريا «تدنت أخيرًا إلى أعمار بين 17 و18 سنة»، مشيرًا إلى أن الحزب «يملك ماكينة قوية جدًا لاستقطاب المقاتلين، سواء تحت ضغط التعبئة المذهبية أو ضغط العوز المادي». وقال الأمين لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نتحدث عن الحزب بوصفه منظمة سياسية واجتماعية وأمنية، بل بتنا نتحدث عنه بصفته السلطة الفعلية في لبنان، بصرف النظر عن وجود جيش وقوى أمنية أخرى، وهذا يؤثر على هذه البيئة، ويسمح للحزب باستقطاب عدد أكبر من الشباب لاعتبار أن انتماءهم الحزبي يجعلهم في موقع محصن لا أحد يستطيع أن ينال منهم أو يحاسبهم». وأضاف: «يشعرون تمامًا، كما الحزب، بفائض قوة تجاه الآخرين وتفوق عليهم، وهي حصانة تجاه أي سلطة أخرى سياسية أو أمنية أو عسكرية».
ولا يستثني الحزب في عمليات استقطابه صغارًا في السن، كما في حالة لاعب نادي «العهد» قاسم شمخة الذي قتل أول من أمس خلال معارك حلب، رغم أن هذا الفريق في كرة القدم «يعتبر ضمن بيئة الحزب، ومرتبط به ولو بطريقة غير مباشرة»، بحسب ما قال الأمين.
ونعى نادي العهد لاعبه قاسم شمخة (19 عامًا) على صفحته على موقع «فيسبوك». وأرفق النادي البيان بصورة للاعب الشاب يرتدي زي النادي ويقبل كأسًا تذكارية. ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرب مما يسمى «حزب الله» قوله، إن شمخة قتل «خلال صد هجوم للمسلحين، الخميس، في غرب حلب».
شمخة ولد في عام 1997، ويتحدر من قرية برج قلاويه في جنوب لبنان، ويقطن في برج البراجنة بالضاحية الجنوبية لبيروت، إحدى أبرز مناطق نفوذ الحزب الشيعي. وانضم شمخة إلى نادي العهد عام 2009، وتدرج في فئاته العمرية حتى انضمامه للفريق الأول، قبل أن تقرر إدارة النادي إعارته إلى نادي البرج (درجة ثالثة) لاكتساب مزيد من الخبرة.
وقال أمين سر النادي محمد عاصي للوكالة الفرنسية، إن شمخة «كان من اللاعبين الماهرين، وكان يبشر بمستقبل كبير للنادي ولكرة القدم اللبنانية، إلا أنه اختار طريق الجهاد، ونهنئه على شهادته في الدفاع عن الوطن». وأوضح أن اللاعب الشاب زاول كرة القدم «لأكثر من عشر سنوات ضمن الفئات العمرية، وهو أكثر اللاعبين الذين ارتدوا شارة القيادة مع العهد، في بطولات الفئات العمرية».
ويعد ما يسمى «حزب الله» من أبرز حلفاء النظام السوري، ويشارك إلى جانبه في قتال الفصائل المقاتلة والمتشددين بشكل علني منذ عام 2013. وقد قضى المئات من عناصره، وبينهم قياديون كبار، في سوريا.
وبحسب الأمين، فإن الحزب خسر مقاتلين تتراوح أعدادهم بين ألف و1500 قتيل، إضافة إلى 6000 جريح لديهم أقارب، مشيرًا إلى أن هذا الواقع «يترك آثارًا سلبية في البيئة التي يتحدر منها الحزب».
لكنه يشير إلى أنه «لا خيارات وبدائل أخرى لدى هذه البيئة، لا دولة ولا نظامًا تتكئ عليه، وبات عدد كبير منها يتجه للهجرة التي ضاقت خياراتها أيضًا في الفترة الأخيرة بحكم العقوبات التي تفرضها دول الخليج على الحزب، وموانع يضعها العدد الأكبر من الدول الأجنبية». وقال الأمين: «بالمحصلة، ثمة كآبة وإحباط في هذه البيئة، وخصوصا أن الآفاق مسدودة ولا إمكانية لتحقيق النصر»، مشددًا على أن «مظاهر القوة التي تظهر للعلن، تخفي في العمق حالة انحدارية كبيرة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.