رئيس الحكومة المصرية يلمح لمزيد من الأعباء وسط حالة من الغضب

اشتباكات بالمحافظات عقب رفع أسعار الوقود.. وسائقون يهددون بالإضراب

تزاحم بمحطات الوقود بالعاصمة المصرية القاهرة بعد رفع أسعار البنزين والسولار أول من أمس (أ.ف.ب)
تزاحم بمحطات الوقود بالعاصمة المصرية القاهرة بعد رفع أسعار البنزين والسولار أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة المصرية يلمح لمزيد من الأعباء وسط حالة من الغضب

تزاحم بمحطات الوقود بالعاصمة المصرية القاهرة بعد رفع أسعار البنزين والسولار أول من أمس (أ.ف.ب)
تزاحم بمحطات الوقود بالعاصمة المصرية القاهرة بعد رفع أسعار البنزين والسولار أول من أمس (أ.ف.ب)

في مسعى لاحتواء آثار إجراءات اقتصادية قاسية بدأتها القاهرة أول من أمس، دافع شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء في مصر، أمس، عن حكومته قائلا إن المرحلة الحالية حرجة للغاية، وإن رفع الدعم عن السلع ليس قرارا جديدا، وإن رفاهية تأجيل القرارات الاقتصادية الأخيرة غير متاحة. مضيفا أن «أول من أمس كان يوما مهما فيما يخص الاقتصاد المصري، حيث تم تحريك أسعار المنتجات البترولية وتحرير سعر الصرف».
يأتي هذا في وقت استيقظ المصريون، أمس، على أزمة ارتفاع سعر السولار، وشهد عدد من محطات الوقود اشتباكات، فضلا عن خلافات وتلاسن في مواقف سيارات الأجرة بمحافظات مصر بسبب الزيادة الجديدة في الأسعار، فيما دخل سائقون في إضراب عن العمل، وهدد آخرون بالإضراب بسبب عدم تحديد تسعيرة مناسبة للركوب عقب زيادة أسعار الوقود.
وكان البنك المركزي المصري قد أقدم على خطوة انتظرها الاقتصاد المصري طويلا، وهي تحرير صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، لينهي شهورا من الترقب والجدل، وقرر أول من أمس تحرك تحديد السعر لآليات العرض والطلب في إطار مجموعة إجراءات صعبة لتصحيح سياسة تداول النقد الأجنبي والقضاء على السوق السوداء.
وعقد إسماعيل أمس مؤتمرا صحافيا، عرض خلاله عددا من القضايا والملفات على خلفية قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري، وذلك بحضور عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية. وأضاف أن الموازنة العامة يخصص بها مائتا مليار جنيه فقط للإنفاق على احتياجات المواطن وهذا لا يكفي، ويجب أن يكون للجميع وقفة لاتخاذ القرارات والتحرك للأمام لمصلحة المواطن المصري أولا.
وأوضح أن مصر تقترض 313 مليار جنيه في العام، لافتا إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي تتم وفق 4 محاور منها خفض عجز الموازنة لـ10 في المائة، وتوفير خدمات أكثر للمواطن، وإصلاح مناخ الاستثمار، حيث تم اتخاذ عدد من القرارات المهمة في اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار بجانب محور المشروعات القومية في مختلف القطاعات.
وقال رئيس الحكومة المصرية إن جميع القرارات التي تم اتخاذها في الاستثمار باجتماع المجلس الأعلى للاستثمار كانت غير مسبوقة، حيث إن تحسين مناخ الاستثمار يعني توفير فرص عمل، لافتا إلى أن الحكومة حريصة على تنقية بطاقات التموين من غير المستحقين وستبدأ في ذلك ابتداء من الشهر المقبل، لافتا إلى أنه تم التوجيه بتشديد الرقابة على الأسعار، كاشفا عن عقد اجتماع مجلس محافظين اليوم (السبت) لمتابعة قرارات ضبط الأسواق.
وفيما يتعلق بالسياحة، لفت إسماعيل إلى التنسيق مع الجانب الروسي لعودة السياحة قريبا. ومنعت روسيا السياحة عن مصر في أعقاب تحطم طائرة ركاب روسية كانت تحمل على متنها أكثر من مائتي شخص وسط سيناء (شمال شرقي مصر) في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015.
ورأى رئيس الوزراء أن سعر تذكرة مترو «أنفاق القاهرة» (وسيلة النقل الشعبية الرئيسية في العاصمة المصرية) سيؤدي إلى خسائر فادحة لقطاع النقل، بينما قالت مصادر في وزارة النقل إن «هناك اتجاه خلال الأيام المقبلة لرفع سعر تذكرة المترو»؛ لكن هذه المصادر لم تحدد القيمة الجديدة، بقولها: «ما زال هناك أكثر من خيار».
وأضاف رئيس الحكومة المصرية، أمس، أن «رفع الدعم عن الطاقة خطة تم اعتمادها منذ 2014 إذ سيتم رفع الدعم تدريجيا»، موضحا أنه تم تحديد سعر أسطوانة البوتاجاز بـ15 جنيها، وهي تحمل وزارة البترول أكثر من 60 جنيها.
في السياق نفسه، أدى رفع أسعار البنزين والسولار أمس إلى حالة من الغضب بين المصريين، ففي محافظات أسيوط ودمياط وأسوان والإسماعيلية وقنا والمنيا، أدت الزيادة الجديدة لرفع تعريفة سيارات الأجرة، وأسفرت عن وقوع مناوشات بين السائقين والركاب، وصلت إلى تشابك بالأيدي.
وفي الفيوم، نظم عدد من سائقي التاكسي أمس إضرابا عن العمل بسبب اعتراضهم على رفع تسعيرة الركوب من 3 إلى 5 جنيهات فقط داخل المحافظة، مطالبين بزيادة التسعيرة إلى 7 جنيهات عقب صدور قرار رفع أسعار الوقود.
وفي أسوان، أبدى محافظ الإقليم مجدي حجازي استعداد محافظته بكامل أجهزتها لتنفيذ خطة طوارئ بديلة لمواجهة أي محاولات متوقعة لإضراب بعض «سائقي السرفيس» عن التشغيل أو تعطيل حركة النقل على الخطوط الداخلية لمدن ومراكز المحافظة، مؤكدا التعامل بحزم أمام أي مخالفات للقانون مع تكثيف الحملات والرقابة المرورية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.