فقدت السوق العقارية بالسعودية نحو 30 في المائة من السيولة خلال الأسبوع الماضي، بعد انخفاض عدد الصفقات بمقدار الثلث في الفروع العقارية كافة، السكنية منها والتجارية، وفقًا للمؤشرات العقارية لوزارة العدل.
وأكد عقاريون أن انخفاض الطلب، خصوصًا في القطاع التجاري، يعتبر مؤثرًا جدًا في مسيرة قطاع العقار برمته الذي لطالما عانى من الارتفاع، ما دفع بالتضخم إلى مستويات قياسية تجاوزت 150 في المائة خلال أقل من عقد، مشيرين إلى أن قلة الطلب من شأنها أن تفتح أبوابًا أوسع لانخفاض الأسعار فور بدء دفع رسوم الأراضي البيضاء، وهو ما يراهن عليه الراغبون في التملك الذين لا طاقة لهم على الدفع وفقًا للأسعار الحالية.
وذكر حمد الدوسري الذي يمتلك شركة «عملاق البناء العقارية»، أن السوق يسجل انخفاضات متتالية بضغط من القرارات الحكومية التي أعادت ترتيب السوق من جديد، بعد غياب دام عقودًا عن إصدار أي قرار للسيطرة على الأسعار التي وصلت إلى مستويات عالية، أضرت بالمشترين الذين عزفوا عن شراء بيوت في ظل الضغوط الكبيرة على السيولة وارتفاع الأسعار والفجوة الكبيرة بين قدراتهم وعروض البائعين.
وأضاف الدوسري لـ«الشرق الأوسط» أن قرار الرسوم على الأراضي البيضاء كان بمثابة العهد الجديد لحركة السوق وقيمتها، وسينعكس على عمليات التملك بشكل أكبر فور بدء دفع الرسوم. واعتبر أن انخفاض قيمة العقار التجاري بنسبة 39 في المائة خلال أسبوع «كبير جدًا» في قطاع يحاول تصحيح سير أعماله، لافتًا إلى أن حركة العقار التجاري لم تتأثر بشكل كبير على هذا النحو منذ فترة طويلة، وهي بداية جديدة لتسجيل معدلات انخفاض يستفيد منها الميزان العقاري العام، وتابع: «الانخفاض جاء رغبة من المستثمرين لتحريك السوق وفتح جبهات تجارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف وهو ما ستشهده السوق إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تقييدية على المستثمرين».
وسجل إجمالي قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية المحلية انخفاضا بنسبة 29.6 في المائة، مقارنة بارتفاعه خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 36.3 في المائة، لتستقر قيمة صفقات السوق بنهاية الأسبوع الثالث والأربعين من العام الحالي عند مستوى 3.2 مليار ريال (853 مليون دولار).
إلى ذلك، أكد إبراهيم العبيد الذي يمتلك كثيرا من الاستثمارات العقارية، أن الضغوط على القطاع العقاري أسهمت في انخفاض ملحوظ في الأسعار إلى مستويات معقولة، وهناك فرص مغرية وكبيرة للمتعجلين في الشراء تلامس الـ25 في المائة انخفاضا في القيمة عمّا كانت عليه، خصوصًا من جانب بعض المستثمرين الصغار الذي يحاولون التخلص من عقاراتهم نتيجة توقف عمليات البيع والشراء.
وأشار العبيد إلى أن القرارات الحكومية الأخيرة أدت إلى انخفاض الطلب، ولذلك يرى شريحة كبيرة من هؤلاء المستثمرين أن بقاءهم في السوق في هذا التوقيت خطر عليهم، إذ قد يحدث انخفاض أكبر في الأسعار، واصفًا ما يقوم به هؤلاء المستثمرون بـ«التهور الكبير في حق السوق العقارية، التي بدأت بالتقهقر خلال الأشهر الأخيرة».
كما أكد أن شريحة من المستثمرين العقاريين بحاجة ماسة إلى السيولة والأموال في ظل شبه توقف في قطاع العقار منذ فترة طويلة. وقال: «لا أبالغ إذا قلت إن هذا الانخفاض لم تشهد السوق مثله منذ نحو عقد، رغم أن الانخفاض الحالي ينحصر بالحصول على السيولة، خصوصا أن العقار لا تحركه الشائعات بل تحركه الأفعال والقرارات»، مضيفًا أن انخفاض الأسعار خيار يجب الخضوع له، خصوصا أن المستثمرين ظلوا صائمين عن تحقيق الأرباح طوال الفترة الماضية، وبالتالي فإن تحريك السوق والاكتفاء بنسب بسيطة من الأرباح أو تحصيل رأس المال هو السيناريو الذي يتم العمل به.
وشمل الانخفاض في قيمة الصفقات العقارية كلا من قطاعي السوق السكنية والتجارية، إلا أن الانخفاض جاء أعلى في جانب القطاع التجاري، الذي سجلت قيمة صفقاته انخفاضا قياسيا بلغت نسبته 39.6 في المائة، مقارنة بارتفاعها القياسي خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 52.9 في المائة، لتستقر قيمتها بنهاية الأسبوع عند مستوى 1.3 مليار ريال (346.6 مليون دولار). كما سجلت قيمة صفقات القطاع السكني انخفاضا أسبوعيًا بلغت نسبته 20.4 في المائة، مقارنة بارتفاعها للأسبوع الأسبق بنسبة 23.9 في المائة، لتستقر قيمة صفقات القطاع بنهاية الأسبوع عند مستوى 1.9 مليار ريال (506.6 مليون دولار).
إلى ذلك، لفت المستثمر العقاري وليد الرويشد، إلى أن بيانات المؤشرات العقارية لوزارة العدل توضح أن حركة الأراضي هي المحرك الأساسي للسوق نظرًا إلى الاعتماد الكبير عليها بشقيها التجاري والسكني في ظل وجود مساحات شاسعة من الأراضي غير مستغلة وتشكل محركًا قويًا للقطاع العقاري، بل إن السوق تعتمد عليه عند التحركات العقارية، لذا عندما يتم السيطرة على أسعار الأراضي عبر تطبيق رسوم الأراضي البيضاء وهو ما يحدث الآن فإن السوق ستنحدر مع الوقت لا محالة.
وشدد على أن السوق لا تعاني بتاتًا من نقص المعروض كما يشيع البعض بقدر ما يعاني من ارتفاع أسعارها، لذلك فإن السيطرة على أسعار الأراضي تعني إحكام القبضة على قيمة القطاع العقاري بشكل كامل، وهو ما يتضح من الانخفاض الحاصل في الأسعار، وما سيحدث خلال الفترة المقبلة التي ستكشف الوجه الحقيقي للسوق وقيمتها.
وأوضح الرويشد أن السوق تحولت من ارتفاع في قيمتها خلال السنوات السبع الماضية إلى ثبات القيمة منذ العام الماضي ووصلت مع نهاية العام الحالي إلى بدء النزول في الأسعار، وهو ما يبشر بأن القطاع العقاري مقبل على تصحيح كامل في الأوضاع، ويؤكد جدية الدولة في إغلاق ملف الإسكان الذي يعتبر أحد أهم التحديات الاقتصادية التي تحاول الحكومة معالجتها، وهو ما سيحدث عندما تنخفض الأسعار وتتم السيطرة عليها عبر دفع المحتكرين الرسوم والدخول بمشاريع حكومية ووضع عقبات على الشراء بالآجل.
وسجّل عدد العقارات السكنية المبيعة خلال الأسبوع، انخفاضا بلغت نسبته 30 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 19.9 في المائة، لتستقر مع نهاية الأسبوع عند مستوى 2506 عقارات مبيعة، وشهدت جميع مبيعات العقارات الأخرى بمختلف أنواعها انخفاضات أسبوعية دون استثناء، وصلت أعلى نسب التراجع فيها لدى الشقق السكنية بنسبة انخفاض بلغت 31.3 في المائة، فقطع الأراضي السكنية بنسبة انخفاض بلغت 30.6 في المائة.
تحفظ أوامر الشراء يدفع بالسوق العقارية السعودية للانخفاض بنسبة 30 %
مستثمرون أكدوا أن القرارات الحكومية حاصرت الارتفاعات المتتالية في الأسعار
تحفظ أوامر الشراء يدفع بالسوق العقارية السعودية للانخفاض بنسبة 30 %
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة