«الشرعية» اليمنية تلتف وراء هادي في رفض «خريطة» ولد الشيخ

بعد فشل خطة المبعوث الأممي.. الانقلابيون يطالبون بمجلس رئاسي وحكومة وحدة

«الشرعية» اليمنية تلتف وراء هادي في رفض «خريطة» ولد الشيخ
TT

«الشرعية» اليمنية تلتف وراء هادي في رفض «خريطة» ولد الشيخ

«الشرعية» اليمنية تلتف وراء هادي في رفض «خريطة» ولد الشيخ

بينما تواصلت في اليمن أمس المواقف الرسمية والشعبية الرافضة لمقترح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد لحل الأزمة، قال مجلس الوزراء إنه يدعم وبشكل كامل قرار رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي برفض تسلم خطة الحل السياسي التي تقدم بها المبعوث الأممي أول من أمس.
وأعلن المجلس، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «تأييده المطلق برفض ما طرحه المبعوث الأممي إلى اليمن من خريطة طريق تناقض مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها، وتمثل تراجعًا غير مسبوق في تنفيذ القرارات الدولية الملزمة، وانتقاص من هيبة ومكانة المؤسسات الصادرة عنها». وأضاف البيان أن «خيار رئيس الجمهورية يمثل ترجمة للمواقف السياسية والمجتمعية والشعبية والبيانات الصادرة عن كل الأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي عبرت عن رفضها الصريح لما تضمنته خريطة الطريق المقترحة من بنود تشرعن للانقلاب وتنسف كل المرجعيات المتوافق عليها».
وأكد المجلس أن «مرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها محليا ودوليا والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي 2216 تحت الفصل السابع، هو المفتاح الحقيقي للخروج من الأزمة الطاحنة والحرب العبثية التي افتعلتها ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية»، مشيرا إلى أن «التضحيات الجسيمة التي قدمها ويقدمها الشعب اليمني وعمدها بدماء آلاف الشهداء الميامين في سبيل الخلاص من عصابات الانقلاب الإجرامية التي عاثت في الأرض فسادا وتدميرا وقتلا وانتهاكا، لا يمكن أن تكون مجالا للمساومة أو التفريط، وليس لأي أحد الحق في تقديم تنازلات تشرعن لاستمرار الانقلاب الكهنوتي الدموي». وقال البيان: «لقد ظلت قيادة الدولة الشرعية تنشد وما زالت السلام العادل تحت سقف المرجعيات الدولية المتوافق عليها، وتعمل من أجل تحقيق تطلعات شعبها في الاستقرار والتنمية وإنهاء معاناته الكارثية جراء انتهاكات تحالف الشر الانقلابي وحروبه العبثية لكن كل ذلك قوبل بمزيد من الغطرسة وممارسة الإرهاب والإجرام الذي تعدى حدود اليمن إلى الملاحة الدولية في باب المندب، ومحاولة استهداف بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وهو ما يؤكد أن شرعنة بقاء هذه العصابة الإجرامية والتساهل معها سيمثل خطرا دائما ليس على اليمن فحسب بل على دول الخليج والمنطقة العربية والعالم أجمع».
وأكد مجلس الوزراء اليمني أن «ابتلاء الشعب اليمني بهذه الميليشيات المسلحة الخارجة عن القوانين والأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، ليس قدرًا حتميًا ولا يمكن بعد كل التضحيات التي بذلت من أجل نزع سلاحها المدمر للوطن والمصوب نحو صدور أبنائه بمختلف فئاتهم ومواقعهم، وإنهاء انقلابها وسيطرتها على مؤسسات الدولة، التراجع عن هذه الغاية».
واعتبر المجلس أن ما تقدم به ولد الشيخ «لا يعدو عن كونه إعطاء فرصة جديدة للميليشيات الانقلابية بموجب خريطة الطريق المقترحة لاستئناف وتجديد نشاطها لممارسة المزيد من التنكيل والقتل لأبناء الشعب اليمني ومضاعفة معاناته، خدمة لأجندات إقليمية مشبوهة ومشاريع توسعية تستند إلى أساس مذهبي وطائفي يهدف إلى إقلاق أمن وسكينة دول الخليج أولاً والعالم أجمع ثانيا، وقبل ذلك هوية وانتماء اليمن». وتابع أن «الكارثة المحدقة باليمن وشعبها على المستوى الاقتصادي والإنساني والمعيشي، وبروز نذر مجاعة وشيكة في بعض المناطق، تحتم على المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن التحرك العاجل لمساعدة الحكومة والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، لتدارك تلك الكارثة التي صنعتها وتغذيها الميليشيات الانقلابية، ضاربة بمصالح وحياة الشعب اليمني عرض الحائط، وتواصل تمردها ورفضها تطبيق القرارات الدولية».
وحث مجلس الوزراء اليمني الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ والمجتمع الدولي «على استيعاب أن إرساء السلام في اليمن يتطلب بالضرورة إزالة العوامل التي أدت إلى كل ذلك الدمار والخراب والقتل والمعاناة، والمتمثل في الانقلاب على الشرعية الدستورية من قبل أقلية طائفية ميليشياوية اتخذت من السلاح وسيلة لفرض إرادتها على غالبية الشعب اليمني»، مؤكدًا أن «إزالة آثار الانقلاب والانسحاب من المدن وتسليم السلاح وتنفيذ ما تبقى من الاستحقاقات الوطنية المؤكد عليها في مرجعيات السلام المتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، وإنهاء الحرب وتحقيق السلام العادل والشامل».
إلى ذلك، أعلن الانقلابيون (الحوثي – صالح)، مساء أمس، تحفظهم على خطة المبعوث الأممي، واعتبروا، في بيان صادر عنهم، أن الخطة ينقصها الكثير، لكنهم، في الوقت ذاته، اعتبروها «أرضية للنقاش» في الحل السياسي، بعد عودة المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ إلى صنعاء، بعد بضعة أيام. وكشف بيان الانقلابيين مطالبتهم الواضحة بتشكيل مؤسسة رئاسية تتكون مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية، بالتوافق، على حد تعبيره. وساق الانقلابيون جملة من المبررات التي تنتقص من الورقة، المرفوضة من الشرعية من حيث المبدأ. وأشار بيانهم إلى مطالبتهم القديمة – الجديدة بوقف الغارات الجوية، ورفع ما يسمونه الحصار على اليمن، وهي عقوبات أقرتها الأمم المتحدة لمنع وصول الأسلحة والمواد المحظورة إلى الجماعة الحوثية الانقلابية المتشددة.
في غضون ذلك، يعتقد مراقبون يمنيون أن أداء المبعوث الأممي إلى اليمن تغير منذ المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري. وقال الباحث السياسي اليمني، بليغ المخلافي، في هذا الصدد، إن المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، «عمل منذ بدء تعيينه في اليمن على المرجعيات الثلاث التي تضمنتها كل المقررات الدولية بخصوص اليمن وكان هذا النهج واضحًا حتى نهاية مشاورات الكويت التي قدم المبعوث في نهايتها خطة أممية للحل وقع عليها الطرف الحكومي ورفضها الطرف الانقلابي». وأضاف: «فجأة ظهر كيري في مبادرة حملت كثيرًا من الإجحاف بحق الحكومة الشرعية وبحق اليمن أرضًا وإنسانًا، ومع ذلك تعاملت الحكومة معها بالإيجاب، لكن ما حصل بعدها وضع عددًا من علامات الاستفهام على رؤية المجتمع الدولي للقضية اليمنية، فخطة ولد الشيخ تجاوزت إجحاف كيري لتحقق للانقلابيين عبر الأمم المتحدة ما لم يتمكنوا من تحقيقه عبر الانقلاب». واعتبر بليغ المخلافي أن خطة ولد الشيخ «انقلبت وبشكل واضح على القرار الأممي 2216 الصادر عن مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما يعد سابقة خطيرة تفقد الأمم المتحدة ومجلس الأمن ما تبقى لهما من احترام لم يعد موجودًا سوى لدى شعوب العالم الثالث»، مؤكدًا أن «الخطة التي تحدثت عن الإتيان بنائب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وحدة وطنية يليها الانسحاب من المدن وتسليم السلاح لطرف ثالث، لا يمكن أن تنجح في تحقيق السلام الدائم الذي ينشده اليمنيون، بقدر ما ترحل الصراع إلى المستقبل ليعود مستقبلاً من خلال دورة أقوى، ويفترض أن يدرك المبعوث والمجتمع الدولي أنه لا يمكن نجاح أي سلطة أو حكومة توافقية في ظل بقاء طرف مسلح وما حصل لحكومة بحاح بعد تشكيلها خير دليل على هذا».
وفي ضوء التطورات الأخيرة واستهداف الميليشيات الانقلابية لمكة المكرمة والبوارج الحربية في باب المندب، يعتقد المخلافي أنه «بات واضحًا لدى المجتمع الدولي ومبعوث الأمم المتحدة بأن بقاء الحوثيين كميليشيات مسلحة لم يعد خطرًا على اليمن فقط، وإنما يتجاوز ذلك إلى تهديد الأمن الإقليمي والأمن والسلم الدولي».
في غضون ذلك، يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين جلسة يستمع خلالها إلى إحاطة من المبعوث الأممي حول الوضع في اليمن. ومن الأمور المطروحة على جدول أعمال الجلسة خطة السلام التي قدمها المبعوث الأممي للطرفين والوضع الإنساني. في غضون ذلك، يعتزم المندوب البريطاني ماثيو رايكروفت، طرح مشروع قرار يدعو إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية واستئناف العملية السياسية في اليمن.



عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.