الشيف الرفاعي قائد «حرب الفلافل» مع إسرائيل يسعى لغزو العالم بمطاعم مصرية

صاحب «زوبا» و أحدث ثورة في مأكولات الشارع

مصطفى الرفاعي يرفع كأس العالم في الفلافل -  حقق الرفاعي انتصارًا في معركة الفلافل مع إسرائيل بتفوقه على الشيف الإسرائيلي -  طبق الفلافل على الطريقة المصرية
مصطفى الرفاعي يرفع كأس العالم في الفلافل - حقق الرفاعي انتصارًا في معركة الفلافل مع إسرائيل بتفوقه على الشيف الإسرائيلي - طبق الفلافل على الطريقة المصرية
TT

الشيف الرفاعي قائد «حرب الفلافل» مع إسرائيل يسعى لغزو العالم بمطاعم مصرية

مصطفى الرفاعي يرفع كأس العالم في الفلافل -  حقق الرفاعي انتصارًا في معركة الفلافل مع إسرائيل بتفوقه على الشيف الإسرائيلي -  طبق الفلافل على الطريقة المصرية
مصطفى الرفاعي يرفع كأس العالم في الفلافل - حقق الرفاعي انتصارًا في معركة الفلافل مع إسرائيل بتفوقه على الشيف الإسرائيلي - طبق الفلافل على الطريقة المصرية

الشيف المصري مصطفى الرفاعي له فلسفة ونهج مميز في الطهي، يهدف للحفاظ على المأكولات التراثية والفلكلورية المصرية والعربية، والدفع بها للعالمية. هو عضو مجلس إدارة جمعية الشيفات المصريين، وأمين صندوقها. وهو أيضًا شيف تنفيذي معتمد من الاتحاد الأميركي لفنون الطهي (ACF). قام الرفاعي بثورة نوعية في مجال مأكولات الشارع المصرية، من خلال سلسلة مطاعم «زوبا» التي قدمت أكلات مصرية تراثية بشكل جديد وعصري، وهو بطل موقعة «حرب الفلافل» في لندن التي تفوق فيها على منافسين من إسرائيل ولبنان وفلسطين، في احتفالية الفلافل في سوق «بورو» بمدينة لندن، في شهر مايو (أيار) الماضي، كجزء من فعاليات عام البقوليات الدولي 2016 الذي أقرته الأمم المتحدة.
وقد كشف الرفاعي، لـ«الشرق الأوسط»، عن قصته مع فن الطهي، وأفكاره وطموحاته فيما يخص المطبخ المصري، في أحد المقاهي القريبة من مطعمه «زوبا» بحي الزمالك الراقي. وعن احترافه لفن الطهي، قال: «كان ذلك بالصدفة البحتة، كنت في أميركا أدرس علم النفس، وللحصول على مصروفات الدراسة اضطررت للعمل، فذهبت لشيف يدعى كارلوس في مطعم يقدم الأكلات الإيطالية، وطلبت منه العمل. لم أكن أعلم أي شيء عن الطهي، أو تقديم الطعام، فوظفني في غسل الأطباق، ولم أكن أحصل على أي وقت للراحة طوال اليوم لدرجة أني كنت أبكي. ولما وجدني أعاني، تحدثت إلى صاحب المطاعم، واقترح أن أغسل الأطباق صباحا وأتعلم الطهي مساءً، بشرط إذا لم أنجح فسوف يطردني من العمل. فأخذت الموضوع بجدية، وبدأت أقرأ كتب الطهي من مكتبة صاحب المطعم».
وحول أول الأطباق التي تعلمها، قال: «في البداية ذهلت من أنواع الباستا التي لم أكن أعرفها، وتعلمت أنواعها وأسماءها بالإيطالية والإنجليزية، ثم تعلمت أنواع الأعشاب. وبالتدريج، تعلمت أسرار طهوها، وكانت أول أطباقي. بعدها، وجدت في الجامعة دورة تدريبية في الطهي والتغذية، ونجحت فيها بتفوق، فتركت علم النفس، واتجهت لدراسة فنون الطهي في كلية هنري فورد (HFC)، في ديربورن بميتشغان، بالولايات المتحدة الأميركية. وطوال سنتين، درست فنون الطهي كافة، وجاءني عرض من فندق (حياة) واستمرت المسيرة».
ويضيف بشغف كبير: «الدراسة كشفت لي أن الأكل كله 18 طريقة، وهناك 7 (صلصات) أساسية، وأن هذه هي الأساسيات، أما ما بقي فهو يعتمد على مهارة الشيف، وولعه بالابتكار والتنوع فيما يقدمه».
وحول التحديات التي واجهته، يقول: «كانت أصعب الأكلات بالنسبة لي الأكل المصري لأن وصفاته قليلة وغير دقيقة على الإنترنت. وفي أثناء الدورات التدريبية، كان المدرب يقترح أن نبتكر أكلات من بلادنا، وكنت في البداية متخوفا من تقديم الكشري لما يحتويه من قدر كبير من النشويات معا، فبدأت أطور فيه، وأضيف مكونات جديدة، كالفول النابت مثلا، والكفتة كنت أضع فيها فلفل ألوان وطماطم وخضرة، وكنت أقدم معها الطحينة مخلوطة مع الزبادي، ولما حازت تلك الأكلات على إعجابهم، أقدمت على تطوير الأكلات المصرية ومزجها بمكونات من مطابخ أخرى، وهو الأمر الذي تطور وأقدمه في مطعم «زوبا».
وعن الشيف الذي تأثر بأسلوبه، قال«المضحك أن أحسن شيفات في إيطاليا مصريين، وقد تعلمت على يد خالد النمر الذي عاش في الفاتيكان وإيطاليا نحو 20 سنة، ثم أميركا، وهو من أثر في بشكل كبير. ويتولى الشيف مصطفى التدريس في كلية هنري فورد الأميركية، ويدّرس مادة (الطهي الاحترافي ومقدمة عن قطاع الضيافة)، كما يقوم في مصر بتحفيز الشباب لحضور دورات تدريبية وورش عمل في الطهي، بالتعاون مع جمعية الطهاة المصريين».
ويشرد الرفاعي قليلا، ثم يقول: «مجال الطهي يعتمد على الأنانية، رغم أنني عملت مع شيفات إيطاليين وفرنسيين، لكن التعامل معهم كان صعبا لأن كل شيف يريد الاحتفاظ بالعنصر الخفي، أو المكون الذي يميز أكلاته، ولا يريد أن يعرفه أحد»، مؤكدا أنه لا يتعامل بهذا المبدأ مع الطهاة العاملين معه في مطعمه، قائلا: «أعتقد أنه من الأمانة أن ينقل الشيف الوصفة كما هي بأسرارها، خصوصا لو كان يُعلم طهاة في المطعم نفسه، حتى لا يلاحظ الزبائن تغير مذاق الطبق في أثناء تغيبه عن المطبخ، وهو ما سوف يضر بسمعه المطعم».
ويرى الرفاعي أن «المطبخ الأميركي ثري جدا، على عكس ما هو شائع عنه، فـ«أميركا أخذت كل الثقافات ودمجتها عندها، وأصبحت (نيويورك) من عواصم الأكل في العالم لأنهم وضعوا بصمة معينة، فاستغلوا تراثهم وما يسمى بـ(مطبخ العبيد)، وهي أكلات كانت خاصة بالعبيد، مع وصفات من المهاجرين الأوروبيين والشرق أوسطيين، كما أن لديهم مطبخ (لويزيانا)، وهو مطبخ يدمج الفرنسي والأفريقي والكاريبي معا».
ويلفت إلى أن «العالم الآن عرف جيدا قيمة البقوليات التي نتميز بها في عالمنا العربي، وفي المطبخ المتوسطي. لذا، علينا أن نعيد اكتشاف أطباقنا، وعلى رأسها الفول والفلافل والعدس».
«هناك حرب طعام في العالم كله، والكل يسعى لتسجيل المأكولات باسمه»، وهو ما لمسه الرفاعي بنفسه من خلال خبرته الدولية. لذا، يعتبر فوزه في المسابقة الدولية للفلافل إنجازا هاما، ويعتبره نصرا في معركة استمرت طويلا حول انتماء طبق الفلافل للمطبخ المصري، ويعتبر ذلك دافعا له للمزيد من الإبداع والابتكار فيما يخص المأكولات المصرية، قائلا: «لم يكن الفوز سهلا، وقد استمرت المسابقة 5 ساعات، قدمت الفلافل بالطريقة الكلاسيكية المصرية مع حشوة من الباذنجان والطماطم، ووجدت طوابير اصطفت في سوق (بورو) بلندن، وفزت على الطاهي الإسرائيلي بفارق صوت واحد، وقد حظيت الطريقة المصرية بإعجاب الجميع من المحكمين والمتسابقين والجمهور»، متابعا: «هناك طرق مختلفة لتقديم الفلافل في الشرق الأوسط، في لبنان وسوريا وفلسطين، ولكن الطريقة المصرية هي الأساس، وتاريخها يعود لأكثر من ألف سنة، ويقول البعض إنها تعود لأيام الفراعنة».
هذا الشغف بأصول الأطباق المصرية دفع الرفاعي مع عدد من زملائه بجمعية الطهاة المصريين إلى السعي لتأسيس موسوعة طهي مصرية تقدم أصول الأكلات المصرية، وطرق طهوها المتنوعة. كما أنه يقوم بتنظيم فعاليات في عدد من المدارس والفنادق للتعريف بأسس الطهي الصحي، والهرم الغذائي المتوسطي، وأهمية تناول الأكل مع الأسرة، وأهمية ممارسة الرياضة كجزء من منظومة الأكل الصحي والحياة الصحية.
ودائما ما يحفز الرفاعي، خلال دروس الطهي، طلابه على استخدام أسلوب طهي صحي، بالاعتماد على مكونات طبيعية، وخصوصا من المزارعين المحليين، سعيا لمطبخ يرضي الحواس، ويعزز من إبراز النكهات الطبيعية للأغذية.
الشيف مصطفى الرفاعي اختارته أخيرا جمعية الشيفات المصريين ليكون السفير المصري لرابطة «شيفات بلا حدود»، القسم المهتم بالمساعي الإنسانية التابع للمنظمة العالمية لجمعيات الشيفات (واكس). وعن طبيعة مهامه كسفير لمنظمة «شيفات بلا حدود»، يقول: «نقوم بالسفر لمناطق النزاعات والصراعات ومخيمات اللاجئين، وتقديم الطعام ومساعدتهم من خلال تقديم الدعم لتناول أكل متوازن في ظل ظروفهم، وكذلك للمناطق الحدودية، مثل حلايب وشلاتين في مصر، للتواصل معهم، والتعرف على أطباقهم».
ولا يمانع الشيف مصطفى الرفاعي في أن يدخل أبناءه مجال الطهي مثله، قائلا: «أولادي ذواقين جدا، ورغم صغر سنهم، فإنهم يتعرفون على مكونات الأطباق؛ ابني حمزة يحب المطبخ، ويساعدني في الطهي، كما يقول لي إذا كان هناك مكون ما ينقصها منذ أن كان بعمر 4 سنوات، ويطلب الآكلات التي يرغب في اصطحابها للمدرسة، وكذلك بنتي هيا، وهي بعمر عامين ونصف، ولديها حاسة التذوق وحب المطبخ».
أما عن أحب الأطباق بالنسبة له، فيقول: «أحب أطباق المطبخ الفلسطيني، والمطبخ العربي عموما، وأفضل طبق بالنسبة لي (المسخن). أما عن طموحاته الشخصية، فيقول: «أسعى لتأسيس سلسلة مطاعم مصرية تغزو العالم، وتنافس المطاعم الأميركية، وأتمنى تأسيس مطعم في الإسكندرية على البحر مباشرة، وأرغب في أن تكون قائمة الطعام وفقا لصيد اليوم، أصيد ما يجود به البحر، وأقدمه بطرق مبتكرة».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.