تحالف القوات - الوطني الحر وانتخاب عون رئيسًا يهددان مصير القوى المسيحية المعارضة

فارس سعيد يحذر من حرب باردة بين الطوائف اللبنانية

تحالف القوات - الوطني الحر وانتخاب عون رئيسًا يهددان مصير القوى المسيحية المعارضة
TT

تحالف القوات - الوطني الحر وانتخاب عون رئيسًا يهددان مصير القوى المسيحية المعارضة

تحالف القوات - الوطني الحر وانتخاب عون رئيسًا يهددان مصير القوى المسيحية المعارضة

لا تتردد إحدى الشخصيات القيادية المحسوبة على القوى المسيحية المستقلة في التعبير عن إحباطها مما آلت إليه الأمور بالملف الرئاسي اللبناني وبالتحديد لجهة التوجه لانتخاب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون رئيسا للبلاد في الجلسة النيابية المرتقبة يوم الاثنين المقبل، بعد تبني رئيس تيار «المستقبل» النائب سعد الحريري ترشيحه الأسبوع الماضي ما أمّن له عمليا الأكثرية المطلوبة داخل البرلمان التي كان يفتقدها لأكثر من عامين ونصف.
ويفضل هذا القيادي المسيحي، بعد استدراك الوضع، استبدال مصطلح «الإحباط» بـ«الخسارة»، ما قد يجعله أقل وطأة، بحسب تعبيره، لافتا إلى أنّه «حين نتحدث عن خسارة، يكون هناك أمل بنجاحات نحققها في مراحل لاحقة، إلا أن الإحباط قد يتمدد لأشهر وسنوات مطيحا بأي انفراج قد يلوح بالأفق».
وليس «الإحباط» الذي تشعر به القوى المسيحية المعارضة لعون وأبرزها حزب «الكتائب» الذي يرأسه النائب سامي الجميل وتيار «المردة» الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية، كما المسيحيون المستقلون، حديثا ومرتبطا فقط بانتخاب عون رئيسا للبلاد، إلا أنه يعود للفترة التي أعلن فيها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي لطالما اعتبر العدو اللدود لعون، تبني ترشيح الأخير للرئاسة وفتح صفحة جديدة بين حزبه و«التيار الوطني الحر» انتهت أخيرا إلى ما بات أشبه بتحالف مسيحي قوي بين الفريقين أدّى تلقائيا لإقصاء باقي القوى المسيحية أو بأقل تقدير لتكبيل دورهم.
وان كان ممثلا الأكثرية المسيحية، من حيث عدد النواب، يصران على أن لا نية لديهما بـ«إقصاء» أحد أو حصر التمثيل المسيحي بهما، ويؤكدان حرصهما على تفاهم مسيحي ووطني شامل لإنجاح العهد المقبل، يعتبر فارس سعيد، منسق الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار، أن «ما نحن بصدده لا يخص فردا أو مجموعة معينة، بل يتعلق بمصير المسيحيين كما المسلمين بعد إيصال العماد عون للرئاسة الأولى بالطريقة التي اعتمدت وبالتحديد لجهة الاستقطاب المذهبي على حساب العيش المشترك والوحدة الطائفية على حساب الوحدة الوطنية»، لافتا إلى أنّه وبعد انتقال العماد عون إلى بعبدا «سنتحول للعيش في كنف تكتلات طائفية حيث لكل طائفة إدارة سياسية.. بعدها سيكون هناك معركة أولى داخل الطائفة بإطار سعي كل زعيم للهيمنة عليها، وصولا لمعارك بين الطوائف لتحديد أحجامها داخل لبنان». وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»: «عندها نكون تلقائيا بخضم حرب باردة بين الطوائف في لبنان، تهدد وبشكل كبير بالانزلاق باتجاهات شتى لا تخدم المصلحة الوطنية العليا بشيء».
ورأى سعيد أن «من يعتقد أنّه يطوي بعد 24 عاما صفحة الإحباط المسيحي من خلال إيصال العماد عون لرئاسة الجمهورية، إنما هو بالحقيقة يتجاهل التكلفة الحقيقية لذلك التي تتمثل بدفع كل اللبنانيين للعودة إلى مربعاتهم الطائفية ما قد يُدخل لبنان بحرب مذهبية هائلة وشديدة الخطورة». وأضاف: «ليس المسيحيون المستقلون وحدهم من يتحملون مسؤولية تصويب البوصلة، إنما كل الوطنيين داخل كل طائفة مدعوون اليوم للدفع باتجاه العودة إلى العيش المشترك المتوازن وبناء دولة مدنية للخروج من منطق المحاصصة الطائفية».
وإن كان سعيد ممن بدأوا يحاولون تحديد ملامح المرحلة المقبلة، فإن رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون لا يزال يرفض الجزم بوصول العماد عون إلى سدة الرئاسة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أرى أن الأمور محسومة في هذا الاتجاه 100 في المائة، خاصة أننا لا نزال نعول على ضمير بعض النواب الذين نأمل أن يستيقظوا باكرا فيتأكدوا أنّهم سيكونون خارج اللعبة وأنّه سيتم استخدامهم فقط لإيصال عون وسيتركون بعدها على جنب».
ويستغرب الوزير السابق فادي عبود، عضو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي يرأسه العماد عون، محاولة بعض الفرقاء المسيحيين تصوير أنفسهم وكأنّه تم إقصاؤهم نتيجة التقارب الحاصل بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن وجودهم خارج «التفاهم المسيحي» حاصل بإرادتهم.
ويعتبر عبود أنّه «ولضمان نجاح العهد الجديد، وبالتحديد في مهمة التغيير والإصلاح ومحاربة الفساد، فإن المطلوب أن يكون هناك توافق بين مختلف القوى السياسية لوضع حد للفساد المستشري، أما الخلاف على ملفات سياسية كتدخل حزب الله في سوريا وغيرها، فأمر طبيعي وصحي لأن وجود موالاة ومعارضة جزء من النظام الديمقراطي الذي نتغنى به». وأضاف: «ما سنسعى إليه هو وحدة وطنية لا تشبه تلك التي قامت عليها بعض الحكومات التي انتهجت سياسة توزيع المغانم.. خاصة أن لا نية لدينا على الإطلاق لإقصاء أحد في مشروعنا الإصلاحي الذي يتطلب تضافر كل الجهود».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.