الاجتماع الثلاثي في موسكو يركز في محادثاته على «سبل تفعيل التسوية السياسية»

لافروف قدم رسائل طمأنة للنظام السوري ودافع عنه بعد اتهامات له بارتكاب جرائم

الاجتماع الثلاثي في موسكو يركز في محادثاته على «سبل تفعيل التسوية السياسية»
TT

الاجتماع الثلاثي في موسكو يركز في محادثاته على «سبل تفعيل التسوية السياسية»

الاجتماع الثلاثي في موسكو يركز في محادثاته على «سبل تفعيل التسوية السياسية»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مجموعات المعارضة المسلحة في شرق مدينة حلب السورية من استهدافها إلى جانب «فتح الشام»، مستندا في ذلك على عبارة قالها كيري خلال اجتماع للمجموعة الدولية لدعم سوريا، وأشار فيها إلى أن مجموعات المعارضة التي لن تنفصل عن «فتح الشام» ستصبح أهدافا مشروعة حالها حال «داعش» و«النصرة».
ورغم تلويح الوزير الروسي أكثر من مرة بخطوات وتدابير عسكرية خلال مؤتمر صحافي يوم أمس عقب محادثات مع نظيره الإيراني جواد ظريف، ووزير خارجية النظام وليد المعلم، فإنه ركز في حديثه بصورة خاصة على الجانب السياسي، وأشار إلى توافق بين الأطراف الثلاثة على «عدم وجود بديل عن حل النزاع في روسيا بالوسائل السياسية الدبلوماسية، على أساس قرارات المجموعة الدولية لدعم سوريا وقرار مجلس الأمن الدولي 2254». وفي عبارة بدت وكأنها «دفع» للنظام كي يقبل بحوار وفق تلك الأسس، أعرب لافروف عن ترحيبه بما قال إنه «استعداد دمشق للذهاب ولو يوم الغد إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات برعاية الأمم المتحدة».
ومع تأكيد لافروف على مواصلة الحرب بلا هوادة ضد الإرهاب، فإنه عاد وقال إن «جدول أعمالنا المكثف خلال المحادثات الثلاثية في موسكو سمح لنا بأن نبحث مسائل العلاقات الثنائية، والقضايا الملحة المتصلة بتسوية الوضع في سوريا ومن حولها». من ثم توقف عند الوضع في حلب وحمل الولايات المتحدة والمعارضة السورية مسؤولية فشل اتفاق وقف إطلاق النار، وكذلك المسؤولية عن فشل ما تطلق عليه روسيا «هدنة إنسانية»، ودافع عن موقف بلاده الداعي إلى خروج المدنيين من حلب، مشيرا بهذا الصدد إلى انتقادات وجهتها منظمات لروسيا بأنها تريد إخراج المدنيين من منازلهم، وفي رده على تلك الاتهامات ذهب لافروف إلى مقارنة الوضع في حلب بالوضع في الموصل، معربا عن قناعته بأن القوات العسكرية في كلتا الحالتين تسبب أزمة للمدنيين، وأن «تلك المشاكل التي يواجهها المدنيون ستظهر خلال تحرير الموصل، وضرورة كهذه موجودة في حلب أيضا»، حسب قوله.
وكان لافتا أن لافروف خصص مساحة لا بأس بها من حديثه خلال المؤتمر الصحافي للوضع الاقتصادي في سوريا، وإعادة إعمارها، وذلك بالتزامن مع تفعيل طهران لمشاريعها في منطقة داريا بذريعة إعادة الإعمار وفق الخطة التنظيمية. وبعد أن حمل لافروف المسؤولية للإرهابيين ومعهم تلك الدول التي تتبنى عقوبات أحادية الجانب عن سوء الوضع الاقتصادي في سوريا ومعاناة المدنيين اقتصاديا، أشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد دعا خلال مشاركته في منتدى «فالداي» الحواري إلى التفكير بإعداد شيء ما شبيه بخطة «مارشال» لإعادة إعمار سوريا ودعم اقتصادها. وقد رحب وزير خارجية النظام بهذا الأمر وباستعداد حلفاء النظام روسيا وإيران لرفع مستوى الدعم الاقتصادي للنظام السوري إلى مستوى العلاقات السياسية والعسكرية بين دمشق وكل من موسكو وطهران، حسب قول المعلم.
ويرى المراقبون في حديث لافروف عن «ضرورة مواصلة التصدي للإرهاب» واستعداد موسكو لرفع مستوى التعاون الاقتصادي مع دمشق رسائل طمأنة روسية للنظام السوري، إضافة إلى رسالة رئيسية أخرى تؤكد موسكو من خلالها استعداداها للدفاع عن النظام السوري بوجه المؤسسات الدولية، ربما بغية دفعه لخطوات معينة. إذ أصر لافروف على تكرار موقف موسكو بأن القصف الجوي الذي تعرضت له مدرسة في ريف إدلب ليس أكثر من عملية مفبركة، مؤكدا في الوقت ذاته صحة المعلومات حول قصف يزعم النظام والإعلام الروسي أن مدرسة في غرب حلب تعرضت له من مناطق سيطرة مجموعات المعارضة السورية شرق المدينة.
في شأن متصل دعت وزارة الدفاع الروسية المنظمات الدولية إلى إجراء تحقيق في القصف الذي تعرضت له للتأكد مما إذا كانت روسيا مسؤولة عن ذلك أم لا، وقال الفريق سيرغي رودسكوي، مدير العمليات في هيئة الأركان الروسية في حديث صحافي يوم أمس إنه «في الوقت الذي لم تحلق فيه الطائرات الروسية والسورية منذ عشرة أيام في أجواء حلب، يقوم البعض بمحاولات فبركة قصف في مناطق أخرى من سوريا، ومثال على ذلك المأساة في مدرسة في إدلب» حسب قوله، ليعرب عن اعتقاده بأن «هذا كله يجري بهدف واحد وهو إبعاد الأنظار عن جرائم الحرب التي ترتكبها قوات التحالف بزعامة الولايات المتحدة». وكانت وزارة الدفاع الروسية قد زعمت يوم أول من أمس أن أحدا لم يقصف أي مدرسة في إدلب وأن المقاطع التي تتداولها وسائل الإعلام حول قصف مدرسة في إدلب ليست سوى فبركات إعلامية.
وكان دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين قد أكد في تصريحات صحافية يوم أمس أن «الرئيس الروسي يرى ضرورة بتمديد العمل بالهدنة الإنسانية لخروج المدنيين وللفصل بين المعارضة والإرهابيين»، مؤكدا أن تبادل المعلومات يجري بصورة مستمرة بين العسكريين الروس والأميركيين، إلا أنه لم يتمكن من الإجابة على سؤال حول ما إذا كانت موسكو قد أبلغت واشنطن بنيتها تمديد العمل بالهدنة في حلب.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».