«حركة الشباب» المتطرفة تصعد هجماتها الانتحارية في كينيا والصومال

هاجمت فندقًا شمال كينيا وفجرت قاعدة عسكرية لـ«أميصوم» وقتلت ضابط مخابرات بمقديشو

«حركة الشباب» المتطرفة تصعد هجماتها الانتحارية في كينيا والصومال
TT

«حركة الشباب» المتطرفة تصعد هجماتها الانتحارية في كينيا والصومال

«حركة الشباب» المتطرفة تصعد هجماتها الانتحارية في كينيا والصومال

أعلنت حركة الشباب المتطرفة في الصومال مسؤوليتها عن مقتل 12 شخصا بفندق صغير في مانديرا شمال شرقي كينيا، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من شهر، كما تبنت تفجير شاحنة ملغومة في قاعدة عسكرية تابعة لقوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم) في محيط بلدة بلدوين عاصمة ولاية هيران على مسافة 300 كيلومتر شمال العاصمة مقديشو.
وتمثل هذه الهجمات تحديا كبيرا للصومال الذي يستعد للانتخابات المقررة في الأسابيع المقبلة لاختيار برلمان ورئيس جديد لمواصلة جهود الإعمار البطيئة في بلد يشهد صراعات منذ أكثر من 20 عاما.
واستهدفت عناصر الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة فندقا صغيرا في شمال شرقي كينيا، حيث انفجرت «قنبلة يدوية الصنع» في فندق بيشارو الصغير في مانديرا. وقال الحاكم المكلف الأمن في المنطقة الشمالية الشرقية محمود صالح إن «جزءا من المبنى انهار، مما أدى إلى مقتل 12 شخصا على الأقل».
وأضاف أن «رجال أمن في دورية هرعوا فورا إلى المكان وطوقوا المنطقة وبدأوا عمليات الإنقاذ»، موضحا أنه «تم إجلاء كل نزلاء الفندق، وخرج 6 أحياء من تحت الأنقاض حتى الآن».
وقالت الحركة في تبنيها للهجوم إنه أدى إلى مقتل 15 شخصا، مشيرة إلى أنه نفذ بهدف طرد «الكفار» من شمال شرقي كينيا حيث تعيش غالبية من إثنية «صومالي» المسلمة.
ولشمال شرقي كينيا حدود طويلة مع الصومال الذي يشهد منذ نحو ثلاثة أشهر ازديادا في الهجمات التي تنسب إلى «الشباب».
وقالت مصادر أمنية عدة إن التوتر السياسي حاد في منطقة مانديرا قبل انتخاب الحاكم الجديد، حيث عد مسؤول أمني أن «بعض السياسيين قد يعملون على تأزيم الوضع أكثر، للدفع إلى إعلان حال الطوارئ في المنطقة ومنع إجراء الانتخابات فيها عام 2017».
وكشف الحاكم محمود صالح أن «عناصر التحقيق الأولية تحمل على الاعتقاد بتورط مجرمين محليين» في الهجوم، وقال إن «حدودنا مع الصومال مغلقة خلال الليل، ومن المستحيل أن يعبر مهاجمون هذه الحدود من دون أن يتم رصدهم».
وأدان حاكم منطقة مانديرا الذي كان محاطا بعدد كبير من زملائه في المناطق الأخرى: «عمل شنيع قام به عناصر (حركة الشباب) الجبناء»، مشيرا إلى استراتيجية «حركة الشباب» في هذه المنطقة الكينية، موضحا أنها تهدف إلى عزلها عن المناطق الأخرى في البلاد.
وقال إن «هذا الهجوم يستهدف عزل المنطقة اقتصاديا، وفرض عقوبات اقتصادية على سكانها ومحاولة فصلها عن بقية أنحاء البلاد»، وأضاف أن «عددا كبيرا من البرامج المفيدة لسكان مانديرا ألغيت بسبب الفوضى الأمنية»، بما في ذلك برامج المنظمات غير الحكومية.
وبالإضافة إلى تهديد «حركة الشباب»، فمن المتوقع أن تؤجج الانتخابات العامة المقررة في أغسطس (آب) العام المقبل التوتر في كينيا، بما في ذلك في شمال شرقي البلاد.
من جهة أخرى، قال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم العمليات العسكرية لـ«حركة الشباب»: «اقتحم مجاهد يقود شاحنة ملغومة قاعدة جيبوتي في بلدوين» بوسط البلاد، فيما قالت مصادر إن إطلاق نار كثيفا أعقب الانفجار.
وقال مسؤول محلي: «وقع هجوم انتحاري استهدف المعسكر الجيبوتي في غرب بلدوين. المعلومات التي بحوزتنا تفيد بأن انتحاريا استهدف المعسكر بسيارة مملوءة بالمتفجرات».
وروى إسماعيل مهاد، أحد السكان: «رأيت سحابة من الدخان ناجمة عن الانفجار القوي، كان انفجارا هائلا، وجرى تبادل إطلاق نار في المخيم الجيبوتي».
وطبقا لما أعلنته قوة «أميصوم» الأفريقية، فإن مركبة محملة بالمتفجرات انفجرت في القاعدة في هجوم نفذه 10 مسلحين يشتبه بأنهم من «حركة الشباب»
وأضافت على «تويتر»: «الإرهابيون قتلوا جميعا»، موضحة أن «تعزيزات وصلت على وجه السرعة من قاعدة قريبة، وسرعان ما أصبح الوضع تحت السيطرة».
وأخلت القوات الإثيوبية في «أميصوم» في الأسابيع الأخيرة ثلاثة مواقع في منطقة بلدوين من دون إعطاء تبريرات، مما أتاح لمقاتلي «الشباب» تشديد الضغط على المدينة.
لكن المتمردين ما زالوا يسيطرون على مناطق ريفية شاسعة من حيث ينطلقون لشن عمليات انتحارية بعضها في العاصمة أو ضد قواعد لقوة «أميصوم».
وكان مسلحون من «حركة الشباب» المتشددة قد قتلوا أول من أمس بالرصاص ضابطا كبيرا بالمخابرات وهو في طريقه إلى مسجد بمقديشو.
وقال ضابط شرطة يدعى إسماعيل حسين إن العقيد عبد العزيز الراي قتل في حي وابري بالعاصمة، وأضاف: «وصلنا إلى الموقع، لكن المتشددين كانوا قد لاذوا بالفرار بالفعل».
وأعلن عبدي كامل، المتحدث باسم وزارة الداخلية الصومالية، إن «رجالا مسلحين بمسدسات» قتلوا عبد العزيز الراي، المسؤول بوكالة الاستخبارات الوطنية، رميا بالرصاص في منطقة وابري، ثم فروا من موقع الحادث.
ووقع الحادث بعد نحو يوم من انفجار سيارة أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 4 آخرين في مقديشو.
وتسعى «حركة الشباب» التي بايعت تنظيم القاعدة، إلى إسقاط الحكومة الصومالية المدعومة من المجموعة الدولية ومن قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم). ومنذ تدخلها العسكري في جنوب الصومال في 2011 للتصدي لـ«حركة الشباب»، كانت كينيا هدفا لعدد كبير من الاعتداءات الدامية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.