علامة استفهام تطرح حول رفض حلفاء سوريا ترشيح عون

نائب عوني: البوصلة باتت لبنانية.. والنظام السوري انتهى تأثيره على الملف اللبناني

علامة استفهام تطرح حول رفض حلفاء سوريا ترشيح عون
TT

علامة استفهام تطرح حول رفض حلفاء سوريا ترشيح عون

علامة استفهام تطرح حول رفض حلفاء سوريا ترشيح عون

في موازاة تأييد «الحليف الأكبر» للنظام السوري؛ أي ما يسمى «حزب الله»، لترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، يبدو لافتا اعتراض حلفاء النظام الآخرين على هذا الترشيح وذهابهم إلى الاقتراع ضدّه في جلسة الانتخاب المحددة في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لصالح رئيس تيار لمردة النائب سليمان فرنجية.
هذا الانقسام الذي شرذم فريق «8 آذار»، ويضعه البعض في «خانة توزيع الأدوار» بين حلفاء النظام أو رفض من الأخير لعون، يطرح علامة استفهام لا تغيب عن الفريق المعني، أي «التيار الوطني الحر»، معتبرا في الوقت نفسه أنها إذا كانت رسالة من النظام أو أي طرف آخر، فستظهر مفاعيلها خلال هذا الأسبوع عبر تعطيل التوافق الوطني، بحسب ما يقول النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» وليد خوري.
وإضافة إلى فرنجية المرشّح لرئاسة الجمهورية، أعلن نائبا «حزب البعث»، تأييدهما لفرنجية، وهو الخيار الذي سيتّجه إليه «الحزب القومي السوري» بحسب ما كشفت مصادر مطلعة على موقفه لـ«الشرق الأوسط»، في وقت يقود فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف «حزب الله»، وأحد أركان الثنائي الشيعي، المعارضة ضدّ عون.
وفي حين لا ينفي خوري أن هناك علامة استفهام تطرح حول اعتراض حلفاء النظام السوري على انتخاب عون، يؤكد في الوقت نفسه أن البوصلة اليوم لبنانية محلية وليست إقليمية، وأن النظام لم يعد له تأثير على الملف اللبناني كالسابق.
وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «كل الأمور ستتضّح هذا الأسبوع، وتحديدا إذا كان الأمر لا يعدو موقفا اعتراضيا أو رسالة قد تتبعها إجراءات عملية تعرقل التوافق الوطني الذي تجسد في ترشيح عون»، مستبعدا أن «يكون موقف بعض الأفرقاء مبنيا على تحالفهم مع النظام السوري، لا سيّما أن أكبر حليف للنظام، وهو (حزب الله)، الداعم الأساسي لعون».
في المقابل، يؤكّد الأمين القطري لـ«حزب البعث» في لبنان النائب عاصم قانصوه: «عون لا يستطيع أن يفرض نفسه على الجميع، وسنتوجه لانتخاب فرنجية من دون تردّد إذا استمر في ترشحه»، معتبرا أنه ليس هناك أي تحالف من الأساس اسمه «فريق 8». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم نبحث موضوع انتخاب عون مع النظام السوري، والحرية نفسها معطاة للحلفاء لينتخبوا من يرونه مناسبا».
وأضاف: «علاقتنا مع عون تختلف عن علاقتنا مع فرنجية، وما يجمعنا مع الأخير تاريخ ووحدة صف وعلاقة سياسية وقومية». وفي حين رفض وصف ما يحصل بـ«توزيع الأدوار بين فريق (8) أو حلفاء النظام السوري»، قال: «لا أعرف ماذا يعني تحالف (8) الذي يحسبوننا عليهم»، وأضاف: «المشترك الوحيد بين أطراف هذا الفريق هي تظاهرة (شكرا سوريا) بعد خروج النظام السوري من لبنان وبعد ذلك اجتماع وحيد دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، لتتحوّل في ما بعد إلى اتفاقات ثنائية أبرزها ورقة التفاهم التي وقعها كل من عون و(حزب الله)».
كذلك، وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى توجّه لدى رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» للتصويت لصالح فرنجية، أكدت مصادره أنه لغاية الآن لم يتم اتخاذ الموقف النهائي بهذا الشأن، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «رئيس الحزب يجري مشاورات مفتوحة مع مختلف الأطراف للعمل على أن يصل مرشح يحصل على إجماع وطني لتأمين ضمانات نجاح مسيرة العهد»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «ما يهمّنا هو سدّ الفراغ الرئاسي ووصول الشخص الذي يخدم المشروع الوطني والقومي الذي نعمل لأجله، ونعتبر أن فرنجية؛ الصديق والحليف، يمثّل هذا المشروع كما يمثله أيضا عون».
هذا الانقسام والتباين في مواقف أحزاب الفريق الواحد، يثبت، بحسب عضو المكتب السياسي في «تيار المستقبل» راشد فايد، أن «تحالف (8) لم يكن حلفا حقيقيا، وأن النظام السوري تراجع عما كان يدّعيه بأنه يترك القرار بهذا الشأن لأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله، وعاد ليتفرد في قراره عن طريق حلفائه في لبنان»، مستبعدا في الوقت عينه أن يكون قرارهم منفصلا عن الحزب الذي أوصل التحالف معه نوابهم إلى البرلمان.
واعتبر فايد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ما يسمى «حزب الله» لا يضغط على حلفائه في فريق «8»، «لأنه فوجئ بموقف الحريري بعدما كان يراهن على تمسكه بترشيح فرنجية».
ويرى أن رفض حلفاء عون انتخابه يكذّب ادعاءات الحزب منذ لحظة توقيع ورقة التفاهم مع عون، وصولا إلى ترشيح الحريري له بأن تحالف «8» مجتمعا يؤيد ترشيح عون.
وهذا الموقف يطرح تساؤلات عدة؛ أهمها مدى جدية هذا الدعم، ومدى جدية تماسك تحالف «8»، وفي الوقت عينه مدى حرية اتخاذ قرار لا يرضى عنه ما يسمى «حزب الله»، وبالتالي: «لا أعتقد أن قرارهم منفصل عن (حزب الله) الذي لم تكن كتلهم النيابية لتتشكل ويصل نوابهم إلى البرلمان، لولا التحالف مع الحزب».
من هنا، يقول: «لا يمكن الجزم بأن هذه الأطراف، أي حلفاء النظام، تعمل بالاستقلال عن الحزب والنظام السوري الذي سبق له أن قال إنه يفوّض نصر الله بملف الرئاسة في لبنان، ويبدو اليوم أنه عاد وتراجع عن قراره».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.