تبدو مؤسسة «فيريلي» البحثية، التابعة لـ«ألفابيت» مثل مصنع «بابا نويل» صغير قبل شهر من أعياد الميلاد، فالمعامل الموجودة بها زاخرة بالأفكار الواعدة التي لم تنضج بعد. ومن بين تلك الأفكار الجديدة عدسة لاصقة لقياس الغلوكوز، ورباط رسغ قادر على الكشف عن السرطان، وبحث مهم عن معنى التمتع بالصحة الجيدة. مع ذلك، فإن نموذجًا لساعة تتابع المؤشرات الصحية تبدو واعدة للشركة التي يقع مقرها في «ماونت فيو». الساعة ليست حقيقية فحسب، بل إن «فيريلي» Verily صنعت بالفعل «المئات» منها، وذلك بحسب براين أوتيس، كبير المسؤولين الفنيين في الشركة، والخبير في الإلكترونيات منخفضة الاستهلاك للطاقة من جامعة واشنطن. وتعد مؤسسة «فيريلي»، جزءا من القسم التجريبي المسمى X لشركة «غوغل» العملاقة، التي غيرت اسمها لـ«ألفابيت» منذ عام تعبيرًا عن طموحاتها المتزايدة، التي تشمل حاليًا بيع بعض الأجهزة المنزلية، وكذلك تطوير سيارات ذاتية القيادة، ومجموعة متنوعة من الأجهزة الطبية.
* ساعة طبية
قد تكون الساعة صفقة كبيرة بالنسبة إلى «فيريلي»، التي تعد بالجمع بين المستشعرات، والبرمجيات، والعلم، للتوصل إلى طرق جديدة لقياس المرض، والمساعدة في السيطرة عليه.
في يونيو (حزيران) 2015، كانت وكالة أنباء «بلومبيرغ» أول من ينشر خبر إصدار المؤسسة التابعة لـ«غوغل»، المتخصصة في علوم الحياة، لرباط رسغ يتابع الصحة ليستخدمه الباحثون في مجال الطب للحصول على بيانات دقيقة بدقيقة عن حالة المرضى، وقياس النبض، وإيقاع القلب، ودرجة حرارة البشرة، والضوء، والضوضاء.
ويقول مراسل مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية إن النموذج الذي رآه بنفسه كان داخل ساعة نحاسية اللون عادية لم يظهر عليها أي أزرار. وأطلق أوتيس عليه اسم «مراقب القلب والنشاط»، وقال إنه الجيل الثاني على الأقل من هذا الجهاز.
وهنا ظهر ابتكاران جديدان. كان الأول شاشة عرض ذات وجه دائري مع قراءة رقمية بسيطة للوقت. وتستخدم حبرًا إلكترونيًا، وتستهلك كهرباء أقل. وقال أوتيس، الذي كان يرتدي ساعة ذات رباط زهري اللون مصنوع من المطاط المرن: «إذا ارتدى الناس هذا الجهاز، فإنهم لن يحتاجوا إلى شحنه كل يوم. التقنية الحديثة حاليًا هي استهلاك قدر أقل من الطاقة».
شاشة العرض البيضاء من المؤشرات الدالة على وجود هذا الجهاز من أجل جمع البيانات، لا إظهارها للمستخدمين. وصرحت مؤسسة «فيريلي» بأن هذا الجهاز ليس مخصصا للمستهلك إطلاقا، بل من المفترض استخدامه في البحث الطبي مثل الدراسة التي أجريت عنه، وهو مشروع كبير سوف يقيس، ويتتبع، آلاف الأفراد بحثًا عن مؤشرات في الدم، أو على أجهزة مراقبة قابلة للارتداء، يمكنها التنبؤ بالمرض.
في مقرّ مؤسسة «فيريلي»، كان يتم تجميع ساعات غير مكتملة على منضدة العمل، مما يشير إلى الجهود التي تبذلها الشركة من أجل تصنيع أجهزة جديدة من الصفر بما في ذلك تصميم رقائق يتم تركيبها داخلها. وقال أوتيس: «نحن مستمرون في العمل على هذه الأشياء». وأكدت «فيريلي» أن هناك حلقة خارجية على النموذج تقوم بعمل مخطط كهربائي لقلب الشخص، أو قياس الإيقاع الكهربائي لقلبه. ونظرًا لأن مثل هذا القياس يحتاج عادة إلى إقامة اتصال بين مصدر كهرباء ونقطتين متباعدتين على الجسم، فقد يمسك المستخدمون الحلقة بيدهم الأخرى. مع ذلك لم تؤكد «فيريلي» في أي مرة من المرات على دقة تلك القياسات. في الواقع لقد رفض متحدث باسم المؤسسة الحديث عن أي من مواصفات الساعة بالتفصيل مشيرًا إلى أنها ما زالت قيد البحث والتطوير.
* مواصفات التصميم
مع ذلك إذا نظرنا في الجزء الخلفي من الساعة، فسنرى المستشعرات الطبية الأخرى بها. وبدا أن هناك أربعة عناصر بصرية تضم صمامين ثنائيين باعثين للضوء الأخضر. ويعد إصدار هذه الأضواء على الجلد وسيلة لقياس معدل ضربات القلب (كما هو الحال في ساعة «أبل ووتش») يُطلق عليها «التصوير البصري لحجم أعضاء الجسم». ويعتمد ذلك على فكرة امتصاص الدم للضوء الأخضر، وعلى أنه كلما امتص كمية أكبر كان معدل خفقان القلب أكبر.
كذلك يوجد في الجانب السفلي من هذه الساعة أربعة أربطة معدنية بارزة يتم ارتداؤها بإحكام على الرسغ. وقد يكون لها عدة استخدامات، منها الاتصال من أجل شحن الساعة، أو توفير قطب كهربائي آخر لإتمام قياس الإيقاع الكهربائي للقلب.
وقال ديفيد ألبرت، مؤسس «ألايف كور»، الشركة التي تقوم بتسويق جهاز محمول لمراقبة الإيقاع الكهربائي للقلب يعمل مع «آيفون»، التي صنعت ساعة على شكل رباط لقياس الإيقاع الكهربائي للقلب، إن هذه العناصر قد تكون هي أيضًا أقطابا كهربائية لقياس كمية الأنسجة التي تقاوم تيارًا كهربائيًا ضعيفًا. وتعد هذه طريقة أخرى لقياس معدل ضربات القلب باستخدام رباط رسغ «جوبون أب»، قليل الاستهلاك للطاقة.
وأوضح ألبرت أن من بين الاستخدامات الأخرى لهذا الإعداد قياس رد فعل البشرة تجاه التيار الكهربائي، أو كمية العرق التي سيتم إفرازها، وكذلك قياس الجهد. كذلك تحتوي الساعة على مقياس سرعة، وبوصلة كهربائية لقياس الحركة، وهي خواص تتوافر في كثير من أجهزة اللياقة البدنية القابلة للارتداء الموجودة اليوم.
من المرجح أن تسعى «فيريلي» إلى إجادة قياسات جديدة مثل قياس ضغط الدم، رغم أنه من المحتمل عدم استخدام النموذج الذي رأيته لتحقيق ذلك. وقامت «ألفابيت» أخيرًا بتعيين ديفيد هي، مبتكر الأجهزة القابلة للارتداء، والذي حاول اختراع ساعة للضغط المرتفع لدى «ستارت أب كوانتوس» في مدينة كمبردج، بولاية ماساتشوستس قبل أن يواجه ذلك المشروع صعوبات. وقال دينيس أزيلو، الطبيب البارز في مستشفى ماساتشوستس العام، وأندرو كونراد، المستشار العلمي للرئيس التنفيذي لـ«فيريلي»: «لا يوجد سحر في أي ساعة» باستثناء أنه يتم ارتداؤها أحيانا. يمكن استخدام الساعة، أو ما شابهها من أجهزة تكنولوجية، في إطار دراسة أساسية يقول أزيلو إنه سيشارك بها ما يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف شخص.
* رصد مؤشرات الأمراض
وصرحت مؤسسة «فيريلي» بأنها تعتزم الحديث عن تلك الدراسة بمزيد من التفصيل في وقت لاحق من العام الحالي، لكن يبدو أنها دراسة كبيرة تقوم على المقارنة، مما يعني أنها ستحاول التمييز بين أنماط جديدة، بما في ذلك اكتشاف مؤشرات حيوية قادرة على توقع من سيصيبه المرض. وقال أزيلو إنه من الأهداف الرئيسية استخدام أدوات قياس «تتضمن أقل قدر من التدخل العنيف»، لجمع قدر كبير من المعلومات من المتطوعين بشكل مستمر.
وأضاف قائلا: «تعد الساعة واحدة من بين عدة أنشطة ذات هدف مشترك يتمثل في التعامل بشكل أفضل من حالة البشر، وفحص حالة العضو البشري في الصحة والمرض». وصرحت «فيريلي» بأنها لم تحدد بعد المستشعرات، أو الأدوات التي سيتم استخدامها في تلك الدراسة. لم يكن اختراع ساعة طبية بالأمر السهل، فقد تخلت شركة «أبل» عن عدة وسائل لقياس الحالة الصحية قبل تدشين ساعة «أبل ووتش»، وذلك لعدم دقة تلك النماذج. وقال ألبرت إن هناك مشكلة في دمج وسائل القياس الأكثر تطورًا في ساعة أو رباط، وهي أن «عليك ارتداؤها بإحكام حول الرسغ، وكثير من الناس لا يحبون ذلك. إذا تركتها على منضدة التزيين أو المكتب، فلن تعمل إطلاقا».
ساعة طبية مطورة.. من «ألفابيت»
«مراقب القلب والنشاط» يصمم ببرمجيات ومستشعرات طبية
ساعة طبية مطورة.. من «ألفابيت»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة





