تونس: انتخاب أعضاء أعلى سلطة قضائية لأول مرة

وسط منافسة بين الأحزاب السياسية الكبرى والنقابات العمالية

تونس: انتخاب أعضاء أعلى سلطة قضائية لأول مرة
TT

تونس: انتخاب أعضاء أعلى سلطة قضائية لأول مرة

تونس: انتخاب أعضاء أعلى سلطة قضائية لأول مرة

شارك نحو 14 ألف شخص ينتمون لمختلف مكونات المنظومة القضائية التونسية يوم أمس، في انتخاب ممثليهم في هياكل المجلس الأعلى للقضاء، الهيئة الدستورية التي ستشرف على تنظيم السلطة القضائية في تونس. ويقتصر الاقتراع على المنتمين للمنظومة القضائية كالقضاة والمحامين والعدول المنفذين وأساتذة جامعيين مختصين في القانون.
وشهدت الانتخابات منافسة حادة لكنها غير معلنة بين كبرى الأحزاب السياسية بينها «حزب النداء» و«حركة النهضة»، والمنظمات الحقوقية والنقابات العمالية، لضمان تمثيلية داخل هذا الهيكل الدستوري المهم. ولم تتلق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى حدود الساعات الأولى من بداية الاقتراع شكاوى بشأن الخروقات الممكنة على مستوى التصويت في مراكز التصويت.
ويعتبر المجلس الأعلى للقضاء أعلى هيئة قضائية يتم استحداثها بموجب الدستور الجديد الذي أقر إثر أحداث 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.
وكان الرئيس السابق بن علي، يواجه اتهامات بالتدخل في تعيين معظم أعضاء المجلس الموالين لنظام الحكم الذي يخضع لرئاسته المباشرة، ومن ثم استعماله في تأديب القضاة وسيطرة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.
وسيعهد للمجلس الأعلى للقضاء المنتخب لأول مرة في تونس، مهمة الحفاظ على استقلالية القضاء وحسن سيره في إطار الدستور التونسي ومقتضيات الاتفاقيات الدولية التي عليها الدولة التونسية. ويتولى كذلك على المستوى العملي تنظيم القطاع، سواء من الناحية المهنية (مزاولة النشاط والخروج من القضاء)، أو تنظيم النقل من محكمة إلى أخرى، واتخاذ القرارات التأديبية بحق المخالفين لميثاق الشرف.
ويتشكل المجلس الأعلى للقضاء من أربعة هياكل هي: مجلس القضاء العدلي، ومجلس القضاء الإداري، ومجلس القضاء المالي، والجلسة العامة التي تجمع الهياكل الثلاثة. ويضم المجلس 45 عضوًا موزعين بين القضاة والمحامين والباحثين وخبراء القانون والشخصيات المستقلة. ويضم مجلس القضاء العدلي 15 عضوًا وهو العدد نفسه بالنسبة لمجلس القضاء الإداري ومجلس القضاء المالي.
وبشأن الوضع القانوني للمجلس الجديد، قال قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري في تصريح إعلامي، إن القانون الأساسي المنظم لعمل المجلس الأعلى للقضاء ينص على أن المجلس يتمتع باستقلالية مالية وإدارية، ويتم تسييره بصفة ذاتية، وهو ما يجعله يعمل بعيدا عن ضغوط السلطة التنفيذية لكن في نطاق التوازن بين السلطات الثلاث.
وفي السياق ذاته، قال شفيق صرصار، رئيس الهيئة العليا المستقلة للقضاء التي تشرف على العملية الانتخابية، «إن الانتخابات تجري بحضور ما يقارب عن 1550 ملاحظا و25 ممثلا عن المرشحين و16 دائرة إعلامية». وأضاف أن عدد مراكز الاقتراع يبلغ 13 مركزا بالولايات (المحافظات) التي توجد بها دوائر الاستئناف، وأكد أن أغلب مراكز الاقتراع في العاصمة التونسية على اعتبار أن الجسم الانتخابي مركز في هذه المدينة. وتتوزع عمليات التصويت على 106 مكاتب اقتراع تابعة لتلك المراكز.
وفي ما يتعلق بهذه الانتخابات وتأثيرها في عمل القضاء في تونس، قال المحامي التونسي سمير بن عمر القيادي في «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية» لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الانتخابات ستكرس بشكل فعلي استقلالية القضاء التونسي عن السلطة التنفيذية (ممثلة في رئاستي الحكومة والجمهورية).



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.