إدلب تضيق بالمهجّرين والنازحين.. والمعارضة تحذّر من أن تتحول إلى «هولوكست سورية»

ناشطون يشبهون وضعها بـ«غزة».. وتخوف من تفاقم الأزمة بعد إفراغ حلب

إدلب تضيق بالمهجّرين والنازحين.. والمعارضة تحذّر من أن تتحول إلى «هولوكست سورية»
TT

إدلب تضيق بالمهجّرين والنازحين.. والمعارضة تحذّر من أن تتحول إلى «هولوكست سورية»

إدلب تضيق بالمهجّرين والنازحين.. والمعارضة تحذّر من أن تتحول إلى «هولوكست سورية»

في غمرة الخطة التهجيرية التي يتبعها النظام السوري بحق عدد من المناطق السورية وتحويل محافظة إدلب، التي بدأت تعاني من أزمة إنسانية خانقة، إلى مقرّ للمعارضين، يبدي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تخوفه من أن تتحول هذه المنطقة التي يشبهها الناشطون بـ«غزة» إلى «هولوكست سوريا» وذلك بعدما غدا المهجرون والنازحون هدفا لقصف النظام وروسيا.
هذا ما أشار إليه نائب رئيس الائتلاف السوري السابق هشام مروة لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «الخطة التي يقوم النظام السوري، ومن خلفه موسكو، بتنفيذها اليوم في سوريا عبر إفراغ المناطق من المعارضين وتجميعهم في منطقة واحدة هي للقول في ما بعد إنها باتت موطن الإرهابيين، ومن ثم تحويل هؤلاء إلى هدف مشروع للقصف». وأضاف مروة: «وفي ظل الحديث عن إفراغ حلب أيضا يبدو واضحا أن الخطة المقبلة بعد فرز المعارضين هي محاصرة إدلب، كما حصل قبل ذلك مع حمص وحماه ودمشق، ومن ثم تنفيذ مذابح بحقهم بحجة أن المحافظة (وعاصمتها الإدارية) مقر للفصائل الإرهابية، وبالتالي تكرار مشهد (الهولوكست) في سوريا».
وحقا، صارت إدلب، وهي المحافظة الوحيدة الخاضعة لسيطرة المعارضة، وجهة للمهجرين من المناطق التي تخضع لسيناريو التهجير القسري إضافة إلى تلك التي تتعرض لحملات عسكرية. ووفق التقديرات، يقدّر عدد سكانها اليوم بأكثر من مليوني نسمة يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة، بحسب ما يقول ناشط في مدينة إدلب لـ«الشرق الأوسط»، في حين يحذّر المتحدث الإعلامي للحكومة المؤقتة شادي الجندي في حديث لـ«الشرق الأوسط» من تفاقم الأزمة في إدلب التي تتحمل العبء الأكبر في ظل أيضا الحديث عن وصول أكثر من مليون شخص إليها خلال الأسبوع المقبل، وخاصة من محافظتي حلب وحماه، مضيفا: «نحاول قدر الإمكان في إدلب، كما في مناطق أخرى، وضع خطّة طوارئ مدروسة لاستيعاب هذه الأزمة والتخفيف من نتائجها قدر الإمكان ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن أن ما لا يقل عن مليون سوري قد يفرون إلى تركيا إذا بدأ النزوح من مدينة حلب.
ويقول الناشط من إدلب إن «إدلب باتت تعاني من أزمة إنسانية في ظل وصول المئات من المهجرين والنازحين من المناطق المجاورة إليها، وأيضا تحت وطأة القصف العشوائي الذي تتعرض له والذي أدى يوم أمس إلى استهداف مركزين للدفاع المدني أحدهما في معرة النعمان توقّف عن العمل». ويشير الناشط إلى أن هناك نقصا في أماكن الإيواء بعدما امتلأت مخيمات المنطقة وتوزع عدد كبير من العائلات على المنازل، إذ بات هؤلاء يفترشون الطرقات والأرصفة. وأردف: «كذلك فإن أطفال إدلب يفتقدون التعليم، بعدما تحوّلت معظم المدارس إلى مراكز لإيواء العائلات الهاربة من الحرب إليها». ويؤكد «الهروب إلى إدلب لا يعني الوصول إلى برّ الأمان. الناس هنا تعيش في قلق ليس فقط من المستقبل، إنما من اليوم التالي في ظل الاستهداف المستمر للمنطقة وبالتالي خوفهم من مجازر جماعية تنفذ بحقهم».
بدوره يقول عبيدة العمر، الناشط في «تجمع ثوار سوريا» في إدلب، شارحا: «إدلب باتت أشبه ما يكون بقطاع غزة في فلسطين، فالروس والنظام يعملون على إفراغ محيط دمشق من السنّة وإرسالهم إلى إدلب، حيث سيكون هناك من السهل توجيه ضربات ضدهم والقضاء عليهم»، واعتبر أن المجتمع الدولي شريك في «تحويل إدلب وتجهيزها لتكون عاصمة للسنّة في سوريا، حيث سيضطر الأهالي للقبول بحل سياسي يفرضه عليهم على وقع القصف». وأكد العمر أن الوضع على الأرض «لا يبشر بالخير أبدا بعدما أدت خلافات الفصائل وكثرة عددها وتنوع راياتها إلى إضعاف اليد العسكرية للثوار، ونجح الروس والنظام في تحقيق تقدم بري في عدة مناطق محيطة بإدلب، كما أن الخلايا النائمة لتنظيم داعش أدت إلى زعزعة الوضع في المحافظة عبر قيامها بتفجيرات استهدفت قيادات في الفصائل».
من جهة أخرى، أدت زيادة عدد اللاجئين إلى إدلب، حسب العمر، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وبالتالي عجز الناس عن شرائها، خصوصا في ظل غياب الرقابة عليها. وأشارت «شبكة شام المعارضة» إلى أن عمليات التهجير القسرية من المناطق السورية إلى إدلب، إضافة لحركة النزوح اليومية من محافظات الجوار، تشكل أزمة سكن خانقة في المحافظة.
هذا، وتحدثت مصادر عدة للشبكة عن ازدياد الأعباء المترتبة على المحافظة في ظل انعدام أي تنسيق مسبق أو مهلة تعطى لتجهيز مأوى للعائلات الوافدة، حيث غصت القرى المجهزة لإيواء النازحين في الشمال على الحدود التركية بأعداد كبيرة من الوافدين، ليصار إلى استيعاب المهجرين الجدد في المدارس والمجمعات السكنية في مدينة إدلب وفي البلدات والقرى القريبة منها بشكل عشوائي وغير منظم.
وأمام هذه الأزمة باتت الجمعيات الخيرية المحلية والمنظمات العاملة في المحافظة تواجه صعوبات، لاستيعاب هذا الكم الكبير من العائلات، وتلبية متطلباتها من مسكن ومأكل ومصدر للحياة، الأمر الذي زاد الأعباء بشكل كبير وبدأت المنظمات والجمعيات تقف عاجزة عن تلبية جميع العائلات.
وعمل الأهالي في المحافظة من مختلف المناطق على إيواء العائلات المهجرة في منازلهم، إلا أن قلة الإمكانيات وعدم وجود منازل فارغة وعدم قدرة الأهالي في غالبية المناطق على تقديم الدعم اللازم، زاد من المعضلة التي باتت تواجه المحافظة والمجالس المحلية فيها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.