ترامب يرفض سلفًا الاعتراف بنتائج الانتخابات

أثار موجة من الانتقادات الغاضبة داخل الحزب الجمهوري

ترامب يرفض سلفًا الاعتراف بنتائج الانتخابات
TT

ترامب يرفض سلفًا الاعتراف بنتائج الانتخابات

ترامب يرفض سلفًا الاعتراف بنتائج الانتخابات

أثارت تصريحات ترامب ورفضه الاعتراف بنتائج الانتخابات خلال المناظرة الثالثة، أول من أمس، نقاشا ساخنا في الأوساط السياسية الأميركية وسط اعتراضات من دخل كبار قادة الحزب الجمهوري أنفسهم ضد إيحاءات مرشح الحزب للعملية الانتخابية وتشكيكه في نزاهة الانتخابات، ورفضه الإقرار خلال المناظرة بما ستسفر عند الانتخابات من نتائج.
وفي رده على سؤال حول هل سيتقبل نتائج الانتخابات، قال ترامب في المناظرة أول من أمس «ما أقوله سأقوله في ذلك الوقت، سأبقي على حالة التشويق».
وخلال اليومين السابقين للمناظرة تحدث دونالد ترامب بإسهاب حول نظرية المؤامرة وتزوير نتيجة الانتخابات الأميركية على تناقض مع تصريحات المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس مايك بنس، الذي صرح قبل المناظرة بأن المرشح الجمهوري إما أنه سيفوز أو لن يفوز. وقال «أعتقد أنه سيقبل النتيجة في كلتا الحالتين، ونحن سنقبل بالتأكيد نتائج هذه الانتخابات»، وأضاف بنس «إننا نحترم آراء الأميركيين، ونحن ذاهبون للاستمرار في دعوة الإعلام للقيام بتغطية أكثر توازنا والاستمرار في دعوة الناس في جميع أنحاء البلاد للمشاركة باحترام في العملية الانتخابية».
وقد تهربت كيليان كونواي، مدير الحملة الانتخابية لترامب، من إعطاء إجابات واضحة حول تصريحات المرشح الجمهوري، وقالت لشبكة «سي بي إس نيوز» «لن نقبل بنتائج الانتخابات؛ لأننا سنفوز في الانتخابات».
وقد أثارت تلك التصريحات انتقادات لاذعة من كبار قادة الحزب الجمهوري، واتفق الكثير من المحللين والاستراتيجيين من الحزب الجمهوري مع ما قالته المرشحة الديمقراطية المنافسة، على أن تصريحات ترامب «مرعبة»، وقال شون سبايسر مدير الاتصالات باللجنة الوطنية للحزب الجمهوري «إذا فاز ترامب في الانتخابات لن يكون هناك مشكلة، لكن بغض النظر عن النتيجة فإننا في طريقنا إلى قبول النتيجة وقبول إرادة الشعب الأميركي».
وقال تشارلز كروثامر، المحلل السياسي المخضرم لشبكة «فومس نيوز»، إن تصريحات ترامب بعدم قبول نتائج الانتخابات تعد «انتحارا سياسيا»، مشيرا إلى أن أداء ترامب في المناظرة الثالثة كان أفضل من المناظرتين السابقتين، لكنه هدم كل شيء بإعلانه رفض الاعتراف أنه سيحترم نتائج الانتخابات، وقال: «هي تصريحات مثيرة للجل، بل تعد صفعة كبير، والسؤال هنا ما إذا كان هناك شيء سيساعد ترامب قبل 19 يوما من إجراء الانتخابات».
وواجهت تصريحات المرشح الجمهوري دونالد ترامب أمواجا من المعارضة والانتقاد، وقال جون هوستد، السكرتير لولاية أوهايو «لا يجوز لأي مرشح التشكيك في نتائج الانتخابات من غير دليل على ذلك»، مشيرا إلى أنه على عكس الكثير من الدول التي تستخدم النظام الديمقراطي للحكم، تمتاز الولايات المتحدة الأميركية بحجمها الكبير، وبذلك قلة الحكم المركزي؛ مما يؤدي إلى احتمالية منخفضة جدًا لوجود نصب على مستوى هائل. بالإضافة إلى أن الكثير من الولايات التي يتم التنافس على كسب أصواتها، سيتم الاقتراع فيها تحت إشراف مسؤولين من الحزب الجمهوري، فمن غير المحتمل محاولة هؤلاء لدفع النتائج لصالح المرشحة للحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون.
من جانبه، حذر كريس آشبي، محام للانتخابات من الحزب الجمهوري، من أن تعليقات ترامب قد تؤدي إلى إحداث فوضى في يوم الاقتراع. وانتقد آشبي المرشح ترامب لأنه يقوم بتشجيع الداعمين له للعمل مشرفين غير مؤهلين لعملية الاقتراع خارج حدود القانون «سيخلق ذلك اضطرابًا، وإذا حدث ذلك في كل مواقع الاقتراع، سيؤدي إلى زعزعة في استقرار الانتخابات، وهذا شيء خطير جدًا».
وأصدر بول راين، رئيس مجلس النواب، تصريحا للرد على تعليقات ترامب قال فيه «يعتمد النظام الديمقراطي الخاص بنا على الثقة بنتائج الاقتراع، وكرئيس لمجلس النواب فأنا أؤكد أن لدينا الثقة الكاملة بأن الولايات ستقوم بالاقتراع بنزاهة».
في المقابل، ذكرت صحيفة «ذا واشنطن بوست» أن هنالك الكثير من داعمي ترامب الذين يؤمنون باحتمالية حدوث نصب واحتيال في نتائج الانتخابات. يتوقع ديف رادتك، أحد داعمي ترامب، خلال تجمع تشجيعي للمرشح الرئاسي والبالغ من العمر 66 سنة، أن أعضاء الحزب الديمقراطي سيقومون بتحميل أفواج من البشر على حافلات منطلقة من مدينة شيكاغو باتجاه ولاية ويسكونسون للتصويت، حيث الساكنون بشكل قانوني يسمح لهم القانون للتسجيل في يوم الاقتراع. بينما يتوقع جوش إيليرز (داعم آخر لترامب)، البالغ من العمر 22 سنة، أن أعضاء الحزب الديمقراطي سيقومون بدفع مبالغ للمشردين في الشوارع لإقناعهم بالتصويت لهيلاري كلينتون.
تشير سو روزنثال، داعمة أخرى لترامب، بالغة من العمر 74 عامًا، بشكها في العملية الانتخابية في المدن الكبيرة؛ وذلك لوجود أجهزة إلكترونية تسمح بتسجيل الأصوات قبل يوم الاقتراع.
قام جين ويتون، داعم لترامب أيضًا وبالغ من العمر 67 عامًا بالتنويه إلى وجود طرق إلكترونية للعبث بالنتائج «سيقومون بعمل خفي باستخدام طرق إلكترونية لمسح بعض الأصوات، أو تسجيل أصوات بالسر لصالح الطرف الآخر».
يؤمن داعمو المرشح الجمهوري دونالد ترامب بوجود نصب في الانتخابات، وأن وسائل الإعلام تقوم بالتغاضي عنه وعدم الكشف عنه بشكل متعمد. رغم رضا الكثيرين لوجود قانون إظهار الهوية قبل التصويت في ويسكونسون، إلى أنهم ما زالوا يريدون المزيد من طرق الحماية ضد الغش.
وقد تحدث الرئيس باراك أوباما حول اتهام المرشح الجمهوري دونالد ترامب الانتخابات بكونها غير شرعية ويشوبها النصب وقال: «لم أر من قبل في حياتي، أو في التاريخ السياسي الحاضر، أي مرشح رئاسي يحاول التشكيك في عملية الاقتراع من قبل أن تسجل الأصوات». وشدد أوباما على أن تعليقات المرشح دونالد ترامب تشير إلى نقص في القيادة والقوة اللازمة لمنصب الرئاسة.
وتدل كلمات الرئيس أوباما الحادة على القلق المتصاعد بين القادة الديمقراطيين والجمهوريين لتقبل داعمي المرشح الرئاسي دونالد ترامب لتعليقاته بخصوص الاحتيال في الانتخابات. يقلق الكثيرون من وجود احتمالية عدم تقبل المرشح ترامب لنتائج الاقتراع إذا فازت المرشحة هيلاري كلينتون؛ مما قد يؤدي إلى التقليل من سلطتها عند توليها منصب الرئاسة وبث الشكوك في شرعية النظام السياسي.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.