نزاع الصحراء والاقتصاد.. يهيمنان على زيارة الملك محمد السادس لرواندا

وزيرة الخارجية الرواندية: حان الوقت لعودة الرباط إلى المنظمة الأفريقية

العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الرئيس الرواندي بول كاغامي في كيغالي أثناء حضورهما مراسم توقيع اتفاقيات للتعاون المشترك («الشرق الأوسط»)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الرئيس الرواندي بول كاغامي في كيغالي أثناء حضورهما مراسم توقيع اتفاقيات للتعاون المشترك («الشرق الأوسط»)
TT

نزاع الصحراء والاقتصاد.. يهيمنان على زيارة الملك محمد السادس لرواندا

العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الرئيس الرواندي بول كاغامي في كيغالي أثناء حضورهما مراسم توقيع اتفاقيات للتعاون المشترك («الشرق الأوسط»)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مع الرئيس الرواندي بول كاغامي في كيغالي أثناء حضورهما مراسم توقيع اتفاقيات للتعاون المشترك («الشرق الأوسط»)

وقف العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، أمام النصب التذكاري للمذابح العرقية والإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا منذ عقود، ووضع العاهل المغربي باقة من الزهور أمام النصب الذي يؤرخ لواحدة من أبشع الإبادات الجماعية في أفريقيا، وذلك خلال اليوم الثاني من زيارته رواندا ضمن جولته في شرق أفريقيا.
وهيمنت الملفات السياسية والاقتصادية على زيارة ملك المغرب إلى رواندا، خصوصا أنها تأتي بعد أشهر من مطالبة المغرب باستعادة مقعده الشاغر في منظمة الاتحاد الأفريقي منذ 1984. كما أن الزيارة تأتي في ظل توجه المستثمرين المغاربة إلى منطقة شرق أفريقيا، بحثًا عن فرص استثمارية واعدة في واحدة من أكثر مناطق أفريقيا نموًا.
في سياق ذلك، قال وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، إن زيارة العاهل المغربي إلى رواندا «تجسيد لنهضة القارة الأفريقية»، وأضاف في حديثه مع الصحافيين على هامش الزيارة أن «قائدا البلدين يتقاسمان الرؤى والقناعات نفسها من أجل تحقيق نهضة أفريقيا، فهما زعيمان أفريقيان ينتميان للجيل الجديد، التقيا وتبادلا التقدير وقررا السير قدما سويا».
وأوضح الوزير المغربي أن زيارة الملك محمد السادس لرواندا، برفقة وفد حكومي رفيع المستوى وعدد كبير من رجال الأعمال والقطاع الخاص «تأتي لتبرهن اليوم على أن الشراكة جنوب - جنوب لها معنى يتجسد في الأفعال»، مشيرًا إلى أن «اتفاقيات التعاون التي وقعها البلدان في كيغالي تعكس الإرادة والرؤية اللتين يتقاسمانها».
وأشار مزوار إلى أن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي ستعزز من إرادته في النهوض بالقارة، قبل أن يضيف أن «عودة المغرب إلى أسرته المؤسسية هي مسعى طبيعي»، مشيرًا إلى أن هذه العودة تحظى بدعم من رواندا والأغلبية الساحقة من بلدان القارة الأفريقية.
من جهتها، قالت وزيرة خارجية رواندا، لويز موشيكيوابو، إن الوقت قد حان ليعود المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وأضافت في تصريح للصحافيين، على هامش لقاء جمع العاهل المغربي بالرئيس الرواندي: «نحن في رواندا استقبلنا باستحسان كبير طلب المغرب العودة إلى أحضان الأسرة الأفريقية».
وأوضحت الوزيرة الرواندية موقف بلادها تجاه المغرب قائلة: «بالنسبة لرواندا فإن المغرب ينتمي إلى أفريقيا، إنه بلد أفريقي. والمملكة دولة مؤسسة لـ(منظمة الوحدة الأفريقية).. ولهذا استقبلنا باستحسان طلب المغرب بالعودة رسميا إلى الأسرة الأفريقية، البقية إجرائية»، وأضافت في السياق ذاته أن دولاً أفريقية كثيرة «مسرورة بعودة المغرب إلى المنظمة الأفريقية».
وكان المغرب قد طلب رسميًا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي العودة إلى هيئات الاتحاد الأفريقي، وذلك بعد 32 سنة من مغادرتها بعد موافقة الاتحاد على عضوية «الجمهورية العربية الصحراوية»، وهي الجمهورية التي أسستها «جبهة البوليساريو»، ويصفها المغرب بأنه «كيان وهمي».
وكان الملف الاقتصادي حاضرًا بقوة في زيارة العاهل المغربي لرواندا، إذ عقد رجال أعمال روانديون اجتماعا مع نظرائهم من المغرب، ناقشوا فيه سبل التعاون بين القطاعين الخاص والعام في البلدين، بهدف تعزيز علاقات الأعمال وتشجيع الاستثمار المتبادل بين المغرب ورواندا.
في سياق ذلك، قال رئيس مجلس التنمية الرواندي فرانسيس غاتار، على هامش الاجتماع، إن «التعاون بين البلدين بدأ يدخل مرحلة واعدة، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا»، مشيرا إلى أن «البلدين يتمتعان بقدرات هائلة ينبغي استغلالها لرفع مستوى تبادلاتهما الاقتصادية والتجارية».
من جانبها، قالت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الكونفدرالية العامة للمؤسسات المغربية، إن «اللقاء بين القطاعات الخاصة الرواندية والمغربية يترجم إرادة قادة البلدين في إرساء شراكة».
وكان بنك «التجاري وفا بانك»، وهو واحد من أكبر المؤسسات البنكية في المغرب، قد تمكن منذ أيام قليلة من إنهاء إجراءات شراء أحد البنوك الرواندية «كوجبانك»، وفق ما أكده المجلس الاقتصادي الرواندي والوكالة الوطنية للاستثمار والسياحة في المغرب.
يذكر أن البلدين وقعا، أول من أمس، على أكثر من 20 اتفاقية للتعاون المشترك، من ضمنها اتفاق لبناء 5 آلاف سكن اقتصادي في العاصمة الرواندية كيغالي، سينفذ من طرف مجموعة «بالموري ديفلوبمنت» و«بنك تنمية رواندا»، و«بنك أوف أفريكا»، وفق ما أعلن عنه هشام برادة السني، الرئيس المدير العام لمجموعة «بالموري ديفلوبمنت».
وأوضح برادة السني أن المشروع السكني سينجز على مساحة إجمالية تقدر بـ20 هكتارا، تقع بمنطقة نديرا في كيغالي، ويطمح إلى أن يشكل نموذجا للشراكة بين المغرب ورواندا، وسيتم إنجازه عبر شطرين، حيث سيشتمل الشطر الأول على نحو ألفي سكن اقتصادي بموازنة إجمالية تناهز 700 مليون درهم (70 مليون دولار)، يتكون من عمارات من ثلاثة طوابق؛ في حين تصل موازنة المشروع إلى نحو 1.5 مليار درهم مغربي (150 مليون دولار). كما تضمنت الاتفاقيات الجديدة الموقعة بين المغرب ورواندا إلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين بالنسبة لجوازات سفر رجال الأعمال والدبلوماسيين والمسؤولين الكبار، وتم التوقيع على الاتفاق من طرف وزيري خارجية البلدين، بحضور العاهل المغربي والرئيس الرواندي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.