قبل سنتين وفي أول جمعة منذ أن سيطر تنظيم «داعش» على مدينة الموصل يوم 10/ 6/ 2014، ظهر أبو بكر البغدادي خطيبًا في جامع الموصل الكبير وهو يرتدي ساعة روليكس ثمينة، وكان حلم «دولة الخلافة» الذي راوده منذ انتمائه إلى تنظيم القاعدة في معتقل بوكا جنوب العراق عام 2006 قد تحقق. دخل البغدادي مع قواته قليلة العدة والعدد من سوريا، وانهزمت أمامها نحو 5 فرق عسكرية عراقية مدججة بأحدث أنواع الأسلحة التي غنمها هذا التنظيم الذي لا يزال يقاتل في غالبيتها حتى اليوم، وأعلن من جامع الموصل في أول وآخر ظهور علني له قيام دولته المزعومة.
وبعد أيام قلائل من احتلالهم مدينة الموصل وكامل محافظة نينوى توجه مقاتلو «داعش» نحو محافظة صلاح الدين، حيث أعلنوا احتلال مدينة تكريت في 12 يونيو (حزيران) 2014 عن طريق «أبواق السيارات ومكبرات الصوت»، لا عن طريق القتال، ثم توجهوا نحو بغداد ووقفوا عند أسوارها، لتتحرك واشنطن بسرعة للحيلولة دون سقوط العاصمة بيد هذا التنظيم.
ورغم أن العد العكسي له بدا بعد فترة قصيرة من هذا التوسع السريع في ظل انهيار شبه تام للمنظومة العسكرية العراقية، فإن التنظيم الذي كان يحتل مدينة الفلوجة (65 كلم غرب بغداد) منذ أوائل عام 2014 تمكن، بالإضافة إلى خوضه معارك تراجعية لا سيما في قاطع محافظة ديالى التي احتل نحو نصفها - تمكن عام 2015 من احتلال مدينة الرمادي ومعظم مساحة محافظة الأنبار، مما جعله يسيطر على نحو 40 في المائة من مساحة العراق الكلية.
لكن التنظيم، بعد تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وتنفيذه ضربات جوية واسعة النطاق منذ 22/ 9/ 2014 وإعادة هيكلة الجيش العراقي وانضمام عشرات الآلاف من المتطوعين الشيعة، تلبية للفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني للقتال ضد «داعش»، بدأ يخسر مزيدًا من المساحات من الأراضي، بما تحتويه من موارد كبيرة تقلصت بموجبها موازنة التنظيم المالية.
ويشرح هشام الهاشمي، الخبير الأمني المتخصص بشؤون الجماعات المسلحة، الخريطة التنظيمية والسياسية والمالية لتنظيم داعش في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن التنظيم «كان حتى قبل سنة يحتل نحو 22 في المائة من مساحة العراق، بينما لم يتبق له اليوم سوى 10 في المائة، وفي حال تم تحرير الموصل فإنه سيفقد ما تبقى له من أرض في العراق، علمًا بأن المساحة المتبقية وأقصد العشرة في المائة منها 5 في المائة آهلة بالسكان و5 في المائة غير آهلة بالسكان».
وردًا على سؤال حول أبرز ما ترتب على فقدان هذه المساحات من خسائر، يقول الهاشمي إن «(داعش) خسر ثلاثة أشياء مهمة جراء ذلك، وهي أنه خسر آبار النفط، حيث كان له في القيارة فقط 89 بئرًا نفطية، كما خسر أهم ثلاثة مصافي نفط في العراق كانت تحت سيطرته، من بينها مصفى القيارة ونفط خانة، كما خسر ثلاثة معسكرات مهمة وهي الصينية والقيارة والغزلاني».
وردًا على سؤال بشأن مستقبل التنظيم في ضوء هذه الخسائر الكبيرة، يقول الهاشمي، إن «تنظيم داعش انهار من الناحية العسكرية، لكن لا يزال هيكله التنظيمي قويًا، كما أن رأسماله باقٍ، لكن من غير المتوقع نموه في ضوء خسارته الموارد التي كان يحصل عليها من الأراضي التي استولى عليها»، مبينًا أن «تنظيم داعش لم يفلس حيث لا تزال أمواله تقدر بما بين مليار إلى مليار ونصف المليار دولار موزعة في كثير من الدول، من بينها إندونيسيا وماليزيا وأوروبا الشرقية وقبرص ولبنان». وبشأن ما يقال عن خسائره المتتالية بين صفوف قادته الكبار، يوضح الهاشمي أن «خسائر (داعش) على هذا الصعيد كبيرة جدًا، إذ إنه خسر من قادة الصف الأول له 42 قائدًا من مجموع 43، كما أنه خسر من بين صفوف قادة الصف الثاني 47 من بين 54، وهي خسائر يمكن تعويضها بالكمية، لكن من الصعب تعويضها بالنوعية».
وحول الطريقة التي سيسلكها التنظيم بعد خسارته الموصل كآخر معقل كبير له في العراق، يقول الهاشمي إن «من المتوقع أن يعمل مثلما عمل أبو عمر البغدادي (قتل بغارة أميركية عام 2010)، وهو تحويل ما يسمى الفضلة الزائدة إلى خلايا نائمة، إذ إنه سيبدأ العمل من تحت الأرض بنحو 15 إلى 20 مما لديه من موارد، بينما البقية يحولهم إلى خلايا نائمة، وسيبقي جزءًا من التنظيم إداريًا، لكنهم لا يمولون ويكون التركيز على علميات التفخيخ والتفجير».
استعادة الموصل ستحطم أحلام البغدادي وتنهي أسطورة «الخلافة»
التنظيم يسيطر على 10 % فقط من الأرض.. وخسر 90 % من قادة الصفين الأول والثاني
استعادة الموصل ستحطم أحلام البغدادي وتنهي أسطورة «الخلافة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة