البشير يعلن تمديد وقف النار إلى نهاية العام.. وآلية لدستور دائم

رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا يؤكدون خلال أشغال الجمعية العمومية للحوار الوطني دعمهم للسودان في تحقيق الوفاق الوطني

الرئيس السوداني عمر البشير مع رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا خلال انتهاء فعاليات الجمعية العمومية للحوار الوطني في الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير مع رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا خلال انتهاء فعاليات الجمعية العمومية للحوار الوطني في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

البشير يعلن تمديد وقف النار إلى نهاية العام.. وآلية لدستور دائم

الرئيس السوداني عمر البشير مع رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا خلال انتهاء فعاليات الجمعية العمومية للحوار الوطني في الخرطوم أمس (رويترز)
الرئيس السوداني عمر البشير مع رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا خلال انتهاء فعاليات الجمعية العمومية للحوار الوطني في الخرطوم أمس (رويترز)

أعلن الرئيس السوداني عمر البشير تمديد وقف إطلاق النار حتى نهاية العام الحالي في مناطق دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، وتشكيل آلية قومية جامعة لإعداد الدستور الدائم للبلاد، مجددًا دعوته للمعارضة، التي رفضت حوار «الوثبة» الذي انطلقت فعالياته العام الماضي، للالتحاق بالوثيقة الوطنية التي تم التوقيع عليها من قبل أطراف الحوار الوطني، فيما أكد رؤساء مصر وموريتانيا وتشاد وأوغندا، إلى جانب الأمين العام للجامعة العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، دعمهم للسودان حتى يتحقق الاستقرار والأمن والتوافق بين مكوناته.
وقال البشير أمام الجمعية العمومية للحوار الوطني بعد تسلمه أمس الوثيقة الوطنية التي تمخض عنها الحوار، الذي استمر لعام كامل، إنه يدعو القوى السياسية التي امتنعت عن المشاركة في «حوار الوثبة» إلى «ألا يفوتوا هذه الفرصة التاريخية وشرف الالتحاق بالإجماع»، مضيفًا أن هذا الإجماع الذي تحقق لم يشهده تاريخ السودان، وتابع موضحا: «ندعو الممانعين إلى الانضمام للوثيقة الوطنية، وأن نضع نصب أعيننا السودان»، كما أعلن عن تمديد وقف إطلاق النار حتى نهاية هذا العام.
وكان البشير قد كشف عن تلقيه مكالمة هاتفية من زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي، الذي يقيم في العاصمة المصرية القاهرة، وقال بهذا الخصوص: «لقد قلت له إن مكانك الطبيعي في الحوار».
وكان البشير قد أعلن عن وقف إطلاق النار في مناطق دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، في 17 يونيو (حزيران) الماضي لأربعة أشهر تنتهي في هذا الشهر.
وكانت «الجبهة الثورية» التي تضم فصائل المعارضة المسلحة من الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال)، وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان - قيادة مني أركو مناوي، قد استبقت إعلان البشير بأن قررت وقف إطلاق النار من جانب واحد في أبريل (نيسان) الماضي، ومع ذلك فشلت الأطراف المتحاربة في توقيع اتفاق وقف العدائيات تمهيدًا لوقف إطلاق نار دائم.
وجدد البشير التزامه الكامل بتنفيذ الوثيقة الوطنية بقوله إنه «لا مجال بعد إقرارها لأي شكل من أشكال توظيف العنف في الممارسة السياسية»، مؤكدًا أن الوثيقة الوطنية ستظل متاحة لكل من أراد التوقيع عليها من الأحزاب والمعارضة والحركات المسلحة، التي لا تزال تمانع من الانضمام للحوار، وعد البشير أنه بختام فعاليات الحوار تكون البلاد قد أكملت فصلاً مهمًا وأساسيًا من مشروع «الوثبة» في مسارها المتصل بإصلاح البيئة السياسية، وقال عنه إنه «إصلاح يهدف إلى تحقيق توافق سياسي بين القوى السياسية ومكونات المجتمع».
وأعلن البشير عن تشكيل آلية للمتابعة بعد إجراء المشاورات اللازمة، والتوافق مع كل القوى، لتأكيد تنفيذ توصيات الحوار الوطني العام بشقيه السياسي والمجتمعي، وتكوين آلية قومية جامعة من أجل إعداد الدستور الدائم للبلاد، والشروع في بناء استراتيجية قومية على ضوء المخرجات التي تم التوافق عليها في الحوار الوطني لبدء برنامج إصلاح أجهزة الدولة، وما تستلزمه من مراجعة وتعديل للسياسات والتشريعات، مشددًا على أن مشروع «حوار الوثبة» أفلح في عقد حوار سوداني - سوداني خالص، اتسم بالموضوعية والعلمية والشمولية في موضوعاته واتساع حرياته، وأنه لم يتم الحجر على رأي أي أحد من المشاركين في إبداء الرأي وطرح الأفكار والخيارات والبدائل.
وكان وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان قال لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس إن الوثيقة الوطنية خرجت باتفاق جميع الأطراف المشاركة، وكشف عن خلافات كانت بين هذه الأطراف حول 13 نقطة من جملة 981 توصية، لكن تم تجاوزها بعد سلسلة اجتماعات قادتها آلية «7+7» وبموجبها خرجت الوثيقة، مشيرًا إلى أن الخلافات كانت حول الجهة التي ستعين رئيس الوزراء؛ من البرلمان أو رئاسة الجمهورية، إلى جانب قضايا الحريات السياسية والصحافية، مؤكدًا أن هناك تعديلات دستورية وقانونية، وأوامر رئاسية، لتتحول إلى سياسات، ولتصبح ميثاقا وطنيا وعقدا سياسيا بين كل الأطراف السودانية، مشددًا على أن الباب ما زال مفتوحًا أمام قوى المعارضة التي رفضت الحوار ولم تعترف به.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.