بلير يطمح في العودة إلى المشهد السياسي

بعد تصعيد أوروبا من لهجتها تجاه خروج بريطانيا و«اختطاف اليسار» لحزب العمال

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الطامح بالرجوع للمشهد السياسي البريطاني (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الطامح بالرجوع للمشهد السياسي البريطاني (رويترز)
TT

بلير يطمح في العودة إلى المشهد السياسي

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الطامح بالرجوع للمشهد السياسي البريطاني (رويترز)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الطامح بالرجوع للمشهد السياسي البريطاني (رويترز)

هناك مقولة شهيرة لرئيس الوزراء البريطاني الراحل هارولد ويلسون لخص فيها التقلبات في الحياة السياسية. إذ قال السياسي العمالي «أسبوع واحد في السياسة يعتبر فترة طويلة»، أي لا حدود لما قد يحدث خلال فترة قصيرة.
رئيس الوزراء الأسبق توني بلير جاء ليثبت صحة ما قاله ويلسون، حتى رجوع بلير نفسه إلى الساحة السياسية البريطانية، التي تركها قبل سنوات، منذ أن استقال من منصبه. توني بلير، الذي عبر قبل يومين عن رغبته في الرجوع إلى المشهد السياسي البريطاني، غادر على مضض قيادة حزب العمال، الذي تنصل في مؤتمره السنوي قبل أسبوع من إرث بلير على الصعيدين الداخلي والخارجي، وهذا ما اعتبره بلير اختطافا للحزب من قبل «اليسار الطفولي». زعيم الحزب جيرمي كوربن الجديد اعتذر باسم الحزب على حرب العراق خلال المؤتمر السنوي قبل أسبوع، على ضوء تقرير شيلكوت، الذي صدر في يوليو (تموز) الماضي حول العراق ووجه انتقادات قاسية لبلير على المغامرة في تلك الحرب.
كما أن كوربن دفع حزب العمال بعيدا عن الاتجاه الثالث الوسطي، الذي تجذر خلال سنوات زعامة بلير. هذا أغضب بلير، معتبرا سلوك الحزب اليساري يضعه خارج المؤسسة وبعيدا عن السلطة، ليصبح مجرد مجموعة احتجاجية تتبنى سياسات جديرة بفترة الستينات، وهذا ما عبر عنه بلير في مقابلة أول من أمس مع مجلة «اسكواير» الأميركية، التي أسست في ثلاثينات القرن الماضي، والتي عادة تهتم بقضايا اجتماعية مثل الأزياء والطعام. إلا أن بلير اختارها كمنبر ليعبر عن طموحاته السياسية الجديدة.
هذا على صعيد التطورات داخل حزبه. لكن القضية الأخرى التي جعلت بلير يفكر جديا بالرجوع إلى الساحة السياسية البريطانية هو، كما قال، ينبع من حرصه على مستقبل بلده بعد التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو (حزيران) الماضي، والذي سماه بلير بـ«الخروج الحاد».
بلير قال لمجلة «اسكواير»، والتي جاءت بعد تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ومن قبله المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال اليومين الماضيين والتهديدات التي أطلقها كل منهما بعدم تقديم أي تنازلات لبريطانيا حول عضوية السوق الموحدة. التصريحات الأوروبية أدت إلى تدهور الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته أمام الدولار واليورو منذ 2009. هذا الوضع المربك للأسواق أدخل كبار السياسيين البريطانيين، الذين تركوا الساحة السياسية منذ فترة على الخط، مطالبين باستفتاء آخر أو التصويت على ذلك في البرلمان، الذي سيسقط بالتأكيد الخروج.
بلير عبر عن هذا الخوف والرغبة في آن واحد. وقال في المقابلة إنه قد يعود إلى صدارة المشهد السياسي البريطاني في محاولة لمنع حزب المحافظين الذي تتزعمه رئيسة الوزراء تيريزا ماي من إلحاق الضرر بالبلاد.
وبلير هو أول زعيم لحزب العمال البريطاني يحقق الفوز في ثلاثة انتخابات عامة وكان قد حاز شعبية كاسحة في بداية السنوات العشر التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء لكن تأييده للغزو الأميركي للعراق شوه سمعته بشدة، وهذا ما لخصه تقرير شيلكوت حول مغامرة حرب العراق.
وقال بلير في المقابلة مع مجلة «اسكواير» إنها «مأساة» أن يكون الاختيار المتاح للبريطانيين بين حزب محافظين عازم على خروج حاد وحزب عمال وصفه بأنه «يساري متشدد» ويعمل بعقلية الستينات. وقال: «لا أعرف إن كان هناك دور لي.. هناك حد لما أريد أن أقوله عن وضعي في هذه اللحظة». وأضاف أن ما يحدث يدفعه بقوة للعودة لصدارة العمل السياسي لكن لن يتطرق إلى ذلك الآن. وأثارت اختيارات ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي قلق المستثمرين الذين يعتقدون أن بريطانيا متجهة لخروج حاد من التكتل وهو ما يعني تخليها عن محاولة البقاء ضمن السوق الأوروبية الموحدة بهدف فرض قيود على الهجرة إليها من باقي الدول الأعضاء في الاتحاد وعددها 27 دولة.
وكان قد صعد الأوروبيون بشكل واضح لهجتهم الجمعة تجاه الحكومة البريطانية، محذرين من أنهم سيكونون «حازمين تماما» إزاء «مناورات» المملكة المتحدة.
وأدى هذا التصعيد الكلامي من الجانبين بشأن شروط خروج بريطانيا المعلن من الاتحاد الأوروبي، إلى تراجع خاطف لقيمة العملة البريطانية صباح الجمعة. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في ملتقى بباريس «لا يمكن أن نضع رجلا في الخارج وأخرى في الداخل»، بشأن وجود بريطاني في السوق الموحدة دون أن يكون هناك أي التزام من طرفها بالسماح بحركة الأفراد.
وحذر المسؤول الأوروبي، مدعوما برئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الذي كان إلى جانبه، أنه «بشأن هذه النقطة علينا أن نكون متصلبين، أنا أتابع المناورات». وأضاف يونكر «إذا بدأنا تفكيك السوق المشتركة من خلال الاستجابة (..) لنزوة كل دولة تقرر (الخروج) فنحن ندشن بذلك نهاية أوروبا».
وجاء هذا التحذير الأوروبي إثر امتعاض أبرز دول الاتحاد من التصريحات المتشنجة الأخيرة لرئيسة الحكومة البريطانية. وشددت تيريزا ماي الأربعاء في اختتام مؤتمر حزب المحافظين في برمنغهام وسط إنجلترا: «لن نخرج من الاتحاد الأوروبي... لكي نتخلى مجددا عن التحكم بالهجرة».
وأدت تصريحاتها إلى رد فعل من باريس حيث دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الخميس إلى «الحزم» في المفاوضات المستقبلية مع بريطانيا. وقال هولاند «يجب أن يكون هناك تهديد، يجب أن تكون هناك مخاطر، يجب أن يكون هناك ثمن». وأضاف: «قررت المملكة المتحدة الخروج، بل وأعتقد قررت خروجا قاسيا، إذن يتعين أن نمضي حتى نهاية المطاف مع رغبة البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي».
ومنذ بداية مؤتمر حزب المحافظين الأحد الماضي كثفت ماي وكذلك وزراء حكومتها الوعود لأنصارهم بخروج واضح وتام من الاتحاد الأوروبي مشيرين إلى أفق خروج قاس لا تنازلات فيه. وكشفت وزيرة الداخلية أمبير رود عن خطة لتشجيع المؤسسات على نشر لائحة بموظفيها من غير البريطانيين وتفضيل العمالة الوطنية. والهدف هو تقليص عدد المهاجرين من 330 ألفا سنويا الآن إلى 100 ألف سنويا.
لكن بالنسبة ليونكر «إذا رغبت المملكة المتحدة في دخول حر للسوق الداخلية (الأوروبية)، فإنه (يتعين) أن تحترم بالكامل كافة الحريات التي تواكب السوق الداخلية».
وبوضوح فإنه لا يمكن لبريطانيا أن تقيد حرية حركة وحقوق مواطني دول الاتحاد الأوروبي على أراضيها إذا أرادت الحفاظ على الدخول للسوق المشتركة. من جهتها جددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس التأكيد على هذا الشرط الذي لا غنى عنه. وقالت: «إذا لم نعلن أن الدخول الكامل للسوق الداخلية (الأوروبية) رهن بحرية الحركة الكاملة، فإننا نكون بذلك قد أطلقنا حركة ستنتشر في كل أوروبا حيث سيفعل كل واحد ما يحلو له».
وأقرت أمام أرباب الصناعة الألمان بأنها «لن تكون مفاوضات سهلة» وطلبت دعمهم.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل سيصبح بلير المنقذ لبريطانيا في ساعة الحاجة؟ المحللة السياسية ميلني ماكدونا، التي تكتب في صحيفة «إيفنينغ ستاندرد» اليومية اللندنية تقول: «مهما كانت آراؤك بتوني بلير فلا يجب أن تقلل من طموحه. ولا تتفاجأ بما قد يحققه».



الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)

أطلَّ الإرهاب بوجهه مجدداً في أكثر من قارة وتحت أكثر من سبب، مع اقتراب أعياد نهاية السنة الميلادية؛ ففي وقت كُشف فيه أنَّ الاستخبارات الأسترالية سبق لها أن حقَّقت في ارتباط أحد منفذي هجوم شاطئ بونداي في سيدني بتنظيم «داعش»، أعلن هذا التنظيم المتطرف مسؤوليتَه عن هجوم على قوات الأمن السورية بمعرة النعمان في محافظة إدلب، غداة هجوم آخر تسبب في مقتل 3 أميركيين، ونفذه عضو «متطرف» في الأمن العام السوري.

وأفيد أمس بأنَّ منفذي هجوم سيدني الذي أوقع 15 قتيلاً خلال احتفال يهودي؛ هما ساجد أكرم وابنه نافيد أكرم، في وقت كشفت فيه هيئة الإذاعة الأسترالية أنَّ الاستخبارات حقَّقت قبل 6 سنوات في صلات نافيد بـ«داعش». وتزامناً مع ذلك، وصف والدا أحمد الأحمد، السوري الذي صارع نافيد وانتزع منه سلاحه خلال هجوم سيدني، ابنهما، بأنَّه بطل.

وأعلن «داعش» أمس، مسؤوليته عن قتل 4 عناصر أمن سوريين بهجوم في محافظة إدلب، ما يشير إلى أنَّه يحاول إحياء نشاطه في سوريا.

وفي لوس أنجليس، أعلنت السلطات اعتقال 4 أشخاص يُشتبه في أنَّهم أعضاء في جماعة متطرفة، يُعتقد أنَّهم كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات منسقة في ليلة رأس السنة بكاليفورنيا. وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أنَّ الشكوى الجنائية ضدهم ذكرت أنَّهم أعضاء في فصيل منشق عن جماعة مؤيدة للفلسطينيين. (تفاصيل ص 3)


الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذي هجوم سيدني

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
TT

الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذي هجوم سيدني

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الثلاثاء إن الهجوم على حشد كان يحتفل بعيد حانوكا اليهودي على شاطئ بوندي في سيدني يبدو أنه «مدفوع بأيديولوجية تنظيم داعش».

وقالت الشرطة الأسترالية الثلاثاء إن السيارة التي استخدمها المسلحان اللذان يشتبه في تنفيذهما الهجوم على شاطئ بوندي، وهما رجل وابنه، كانت تحتوي على علمين لتنظيم داعش بالإضافة إلى قنابل. وأوضح مفوض شرطة نيو ساوث ويلز مال لانيون لصحافيين، أن السيارة التي عُثر عليها قرب شاطئ سيدني مسجلة باسم الابن وتحتوي على «علمين محليي الصنع لتنظيم داعش» بالإضافة إلى عبوات ناسفة.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصا في عملية إطلاق نار جماعي استهدفت احتفالا يهوديا بعيد حانوكا على الشاطئ الشهير مساء الأحد. ووصفت السلطات الهجوم بأنه عمل إرهابي معادٍ للسامية، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول الدوافع الأعمق للاعتداء.

من جهتها أكدت إدارة الهجرة في مانيلا الثلاثاء أن الرجل وابنه اللذين كانا وراء واحدة من أكثر عمليات إطلاق النار الجماعي دموية في أستراليا، أمضيا نوفمبر (تشرين الثاني) بأكمله تقريبا في الفلبين حيث دخل الأب البلاد بصفته «مواطنا هنديا». ووصل ساجد أكرم وابنه نافيد في 1 نوفمبر (تشرين الثاني)، وكانت مقاطعة دافاو الجنوبية مدرجة كوجهتهما النهائية.وقالت الناطقة باسم إدارة الهجرة دانا ساندوفال لوكالة الصحافة الفرنسية «وصل ساجد أكرم (50 عاما) وهو مواطن هندي، ونافيد أكرم (24 عاما)، وهو مواطن أسترالي، إلى الفلبين معا في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 من سيدني، أستراليا»، مضيفة أنهما غادرا البلاد في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

إلى ذلك، قدم ألبانيزي الثلاثاء أحد التلميحات الأولى بأن الرجلين جُنّدا قبل ارتكاب «مذبحة جماعية»، وقال «يبدو أن ذلك كان مدفوعا بأيديولوجية تنظيم داعش... الأيديولوجية التي كانت سائدة لأكثر من عقد والتي أدت إلى أيديولوجية الكراهية هذه، وفي هذه الحالة، إلى الاستعداد للانخراط في القتل الجماعي».

وأوضح ألبانيزي أن نافيد أكرم البالغ 24 عاما لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين» لكن لم يُعتبر تهديدا وشيكا وقتها. وأشار إلى أنه «تم توجيه الاتهام إلى اثنين من الأشخاص الذين كان على صلة بهم وأودعا السجن، لكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصا محل اهتمام».

وأطلق الرجل وابنه النار على الحشد عند الشاطئ لمدة 10 دقائق قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد البالغ 50 عاما وتقتله. أما نافيد الذي أصيب برصاص الشرطة فنقل إلى المستشفى حيث يرقد في حالة حرجة.


زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن مسألة الأراضي لا تزال قضية شائكة في محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنه عبّر عن اعتقاده أن الولايات المتحدة ستساعد كييف في التوصل إلى حل وسط.

وأضاف في حديثه للصحافيين في برلين أن أوكرانيا مستعدة للعمل العادل الذي يؤدي إلى اتفاق سلام قوي، وأن مفاوضي كييف سيواصلون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعقدان مؤتمراً صحافياً في المستشارية ببرلين 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«قضايا معقّدة»

وتحدث الرئيس الأوكراني عن موقفين «مختلفين» بين بلاده والولايات المتحدة حول إمكان تنازل كييف عن أراضٍ لموسكو بهدف إنهاء الحرب.

وقال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين «هناك قضايا معقدة، خصوصاً تلك المتصلة بالأراضي... فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة».

وأكد زيلينسكي أن المحادثات بين مفاوضي السلام الأميركيين والأوكرانيين لم تكن سهلة، لكنها كانت مثمرة، وإن روسيا تستخدم هجماتها على أوكرانيا كوسيلة ضغط في تلك المحادثات.
وأضاف زيلينسكي أنه لم تَسلَم محطة طاقة واحدة في أوكرانيا من الضربات الروسية على منظومة الطاقة في البلاد

«إحراز تقدم حقيقي»

من جهته، أعلن كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة حول الخطة الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا، الاثنين «إحراز تقدم حقيقي»، وذلك إثر الاجتماع المغلق في برلين.

وكتب رستم عمروف على منصة «إكس» أن «المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة كانت بناءة ومثمرة، مع إحراز تقدّم حقيقي. نأمل أن نتوصل إلى اتفاق يقرّبنا من السلام بحلول نهاية هذا اليوم».

لكن المكتب الإعلامي لرستم عمروف عاد وأوضح للصحافيين أنه من غير المتوقع التوصل لأي اتفاق، الاثنين، وأن المقصود هو أنه «يأمل في مواءمة مواقفه» مع موقف الوفد الأميركي.

وقال عمروف إن الموفدين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر «يعملان بشكل بنَّاء جداً لمساعدة أوكرانيا في إيجاد طريق نحو اتفاق سلام دائم».

جاريد كوشنر (يمين) صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف (يسار) يغادران فندق أدلون في برلين في 15 ديسمبر 2025 لحضور اجتماع في المستشارية لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

«ضمانات أمنية قوية»

إضافة إلى ذلك، قالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، بينما وصفته واشنطن بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت ساعات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في برلين بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيتصل في وقت لاحق، الاثنين، بكلّ من زيلينسكي والأوروبيين للدفع قُدماً بالاتفاق.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي مع المفاوضين الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال أليكسوس غرينكويتش من القوات الجوية الأميركية... في برلين 14 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو» التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن «أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية» بحجم الجيش الأوكراني.

وأضاف: «تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة».

وسبق أن استبعد ترمب انضمام أوكرانيا رسمياً إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في عام 2022.

خلال المفاوضات الأوكرانية الأميركية بحضور المستشار الألماني فريدريش ميرتس في قاعة مؤتمرات في المستشارية ببرلين 14 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«ثقة» بقبول روسي للاتفاق

وأعرب مسؤول أميركي آخر عن ثقته بقبول روسيا بالاتفاق. وقال هذا المسؤول: «أظن أن الأوكرانيين سيقولون لكم، وكذلك سيقول الأوروبيون، إن حزمة البروتوكولات الأمنية هذه هي الأكثر متانة التي اطلعوا عليها على الإطلاق. إنها حزمة قوية جداً جداً».

وتابع: «أعتقد، ونأمل، أن الروس سينظرون إليها ويقولون في قرارة أنفسهم، لا بأس، لأن لا نية لدينا لانتهاكها»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنه شدّد على أن «أي انتهاكات ستُعالَج من خلال حزمة الضمانات الأمنية».

وأقرّ المسؤول الأول بعدم التوصل لاتفاق بشأن الأراضي. ويتحدّث ترمب عن حتمية تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي تماماً.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن الولايات المتحدة ناقشت مع زيلينسكي طرح «المنطقة الاقتصادية الحرة» في المنطقة المتنازع عليها عسكرياً في الوقت الراهن.

وأضاف: «أمضينا وقتاً طويلاً في محاولة تحديد ما سيعنيه ذلك وكيف سيُطبَّق. وفي نهاية المطاف، إذا تمكّنا من تحديد ذلك، فسيكون الأمر متروكاً للأطراف لحلحلة القضايا النهائية المتّصلة بالسيادة».

وقاد الوفد الأميركي المفاوض في برلين المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر.