مسعود أحمد: خطوات الإصلاح الاقتصادي السعودي مبهرة.. ونبحث تداعيات «جاستا» اقتصاديًا

مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد قال لـ «الشرق الأوسط» إن انخفاض أسعار النفط سيستمر سنوات وتداعياته لن تكون سهلة

مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي («الشرق الأوسط»)
مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

مسعود أحمد: خطوات الإصلاح الاقتصادي السعودي مبهرة.. ونبحث تداعيات «جاستا» اقتصاديًا

مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي («الشرق الأوسط»)
مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي («الشرق الأوسط»)

مع انعقاد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يبقى على المائدة الاقتصادية عدد كبير من القضايا الملحة المرتبطة بالصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط وتأثيراتها الاقتصادية، والخطط التي تعدها المنظمات الدولية لما بعد انتهاء الصراع، وخطط أخرى للمساعدة الاقتصادية أثناء الصراع.
وفي هذا الحوار الخاص مع مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، يشرح فيه القضايا الأساسية التي ستتم مناقشتها خلال الاجتماعات السنوية، ويقدم نتائج أحدث تقارير صندوق النقد عن تكلفة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وتكلفة إعادة الإعمار، كما يتطرق إلى أوضاع أسعار النفط المنخفضة، وتأثير قرار منظمة «أوبك» بخفض سقف الإنتاج.
ويؤكد أحمد أن قانون «جاستا» ستكون له تداعيات اقتصادية يقوم الصندوق حاليا بدراستها، ويقوم مجموعة من الخبراء بزيارة الرياض للتباحث مع المسؤولين السعوديين حول تداعيات القانون اقتصاديا. وأشاد أحمد بالإصلاحات التي قامت بها السعودية، ووصفها بالمبهرة، وأنها تسير في الاتجاه الصحيح. كما ألقى الضوء على تفاصيل مناقشات الصندوق مع مصر حول قرض بقيمة 12 مليار دولار، وصرح أن الإعلان عن الموافقة على القرض ستكون بنهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، محذرا من تراخي الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات وفق الجدول الزمني المتفق عليه.
وإلى نص الحوار:

* في البداية، ما تقييمك للتداعيات الاقتصادية لتمرير قانون «جاستا»؟
- لقد قرانا مشروع القانون، وأقوم أنا وزملائي بالنظر إلى ما سيحمله القانون من تداعيات، وقد يكون من المبكر تحليل ما سيكون لهذا القانون من تأثيرات اقتصادية. بالطبع هناك تأثيرات اقتصادية وتداعيات، لكن ما هذه التداعيات وتحت أي ظروف؟ وحجم هذه التداعيات هو أمر نبحثه في صندوق النقد الدولي، ويتعين علينا القيام به. وهناك بالفعل فريق من صندوق النقد يقوم بزيارة المملكة حاليا للتباحث مع المسؤولين السعوديين، وعند عودته سوف نحصل على مزيد من المعلومات.
* تنعقد هذه الأيام الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي يشارك فيها محافظو البنوك المركزية والقادة الماليون من عدد كبير من الدول.. ما القضايا الرئيسية التي ستركز عليها الاجتماعات؟
- هناك ثلاث أو أربع قضايا ستكون في ذهن صناع القرار المشاركين في الاجتماعات، أولها انخفاض مستويات النمو وبطء التعافي في الدول المتقدمة؛ ليس فقط على المستوى القريب، لكنها ستمتد إلى عدة سنوات. وستدور النقاشات حول سبل رفع معدلات النمو.
ويدفع صندوق النقد الدولي إلى نهج ثلاثي الأبعاد يعنى بالسياسة النقدية التي لا تزال لديها القدرة على التأثير في معدلات النمو. ونشعر أن الدول التي لديها مساحة مالية يجب أن تستخدمها لتقديم دفعة قوية للسوق لتحسين كفاءة البنية التحتية التي تؤدي إلى تحسين الإنتاجية في الدول؛ لأن أحد الأسباب وراء عدم زيادة الإنتاجية هو ضعف كفاءة البنية التحتية في دول كثيرة، وبالتالي نشجع الدول أيضا على القيام بإصلاحات تحسن من أوضاع سوق العمل، والتخلص من العراقيل الموضوعة أمام القيام بالأعمال. ونطالب الدول بالإسراع في هذه الإصلاحات. وهناك مخاوف في أوساط صناع القرار من أن استمرار معدلات النمو المنخفضة سيزيد من الشعور لدى الناس بعدم وجود مستقبل اقتصادي مشرق كما كانوا يأملون، وهذا يؤدي إلى رد فعل عنيف ضد التجارة والعولمة.
قضية أخرى ستأخذ جانبا من النقاشات في الاجتماعات السنوية، وهي كيفية التعايش مع أسعار فائدة منخفضة للغاية وتأثيرات ذلك، وما تعنيه فيما يتعلق بربحية النظام المصرفي، وكيفية إدارة القطاع المالي في ظل انخفاض أسعار الفائدة. والقضية الثالثة، وهي الأهم لدول منطقة الشرق الأوسط، هي كيفية مساعدة البلدان على التكيف مع واقع جديد من انخفاض أسعار السلع الأساسية، وبصفة خاصة أسعار النفط. وهناك تأثيرات كبيرة لانخفاضات سعر النفط على الدول بمنطقة الشرق الأوسط، وكثير من تلك الدول بدأ في أخذ خطوات للتصدي لهذا الأمر، لكن الانخفاضات في الأسعار ستستمر لسنوات ولن تكون أمرا سهلا.
* في قضية انخفاضات أسعار النفط، أصدرت منظمة «أوبك» قرارا بخفض إنتاج النفط إلى 32.5 مليون برميل يوميا، وهي المرة الأولي خلال الـ8 سنوات الماضية التي يتم فيها اتخاذ مثل هذا القرار، ما تأثير هذا القرار في رأيك؟
- أولا، حقيقة إن مجموعة دول «أوبك» كانت قادرة على التوصل إلى قرار واضح، هو في حد ذاته أمر مميز، واستقبلته الأسواق بوصفه خطوة مميزة، وارتفعت أسعار النفط قليلا ثم عادت للهبوط، لكن احتفظت بالارتفاع ببضعة دولارات. وإذا نظرنا إلى توقعات المدى المتوسط لأسعار النفط على مدى 3 أو 4 سنوات، سنجد أنه كان لهذا الاجتماع تأثيرات، لكنها أقل مما كان مأمولا. وأعتقد أن ذلك يشير إلى أن التوقعات حول تأثير هذا القرار كانت غير مؤكدة، بسبب أنه يجب علينا أولا معرفة كيف ستتم ترجمة هذا القرار إلى اتفاقيات إنتاج حقيقية في كل دولة.
وثانيا، ننتظر أن نرى تأثير القرار على المنتجين الآخرين في السوق، وأيضا النظر إلى تقييم السوق على المدى المتوسط سيكون له تأثير صغير، لكن الحقيقة إنه لن يتغير الوضع الأساسي في سوق النفط خلال الـ5 أو الـ6 سنوات المقبلة، حيث ستكون أسعار النفط أقل بكثير من الأسعار التي شهدناها قبل عام 2014.
* هل هذا يعني أن هناك حاجة لمزيد من قرارات خفض الإنتاج؟
- تخميني أن هذه حقيقة علينا أن نراها؛ لأنه إذا ارتفعت الأسعار كثيرا فوق هذا المستوى، فإن موردين جددا سيدخلون إلى السوق، ومن الصعب على أي شخص أن يحدد كيف سيكون سعر النفط، لكن مستويات الأسعار المعقولة عمليا ستكون بين 50 إلى 60 دولارا؛ لأن سقف السعر يتم تحديده وفقا لتكلفة الإنتاج.
* هذه الاجتماعات تنعقد في وقت لا تزال منطقة الشرق الأوسط تعاني الصراعات والإرهاب، وهناك اهتمام دولي كبير بالتأثيرات والتداعيات الإنسانية. لكن من منطلق اقتصادي ما العواقب الاقتصادية للصراعات والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط وتأثيراتها على معدلات النمو؟ وهل ينتظر صندوق النقد الدولي انتهاء الصراعات حتى يبدأ بخطط الإعمار؟
- هذا ما يقدمه صندوق النقد في أحدث تقاريره عن تأثير الصراعات في الشرق الأوسط، وهناك بالطبع التكلفة الإنسانية؛ لكن هناك أيضا تكلفة اقتصادية لهذه الصراعات، ومن المهم أن نركز عليها. وإذا نظرنا إلى سوريا، فسنجد أن نصف الأطفال السوريين لا يتلقون التعليم، واقتصاد سوريا انخفض إلى نصف ما كان عليه قبل الأزمة.
وفي اليمن، تراجع الدخل بمقدار الثلث بسبب الصراع، وتدهورت المؤشرات الاجتماعية في بلد يشهد بالفعل من قبل الصراع ارتفاعا في معدلات الفقر، وارتفاعا في معدلات سوء التغذية، وهذا يتطلب الإعداد لخطط إعادة إعمار ستستغرق سنوات، ومئات المليارات من الدولارات.
وتقديراتنا تشير إلى أن إعادة إعمار سوريا ستتكلف من 150 إلى 200 مليار دولار، وتستغرق 20 عاما؛ أي جيلاً بأكمله، للوصول إلى مستويات الدخل التي كان عليها الاقتصاد السوري في عام 2010 قبل اندلاع الصراع، أي لنعود فقط إلى ما كانت عليه سوريا. فحتى إذا انتهت الحرب، فإن هناك طريق طويل لإعادة بناء الاقتصاد.
ولن يقتصر ذلك على الدول التي تشهد صراعا، بل أيضا على الدول المجاورة. وتستضيف كل من الأردن وتركيا ولبنان اللاجئين السوريين، وهو ما يشكل ضغطا على الاقتصاد وأيضا على ثقة المستثمرين وعلى معدلات السياحة.
وهناك نوعان من الأشياء التي يمكن القيام بها أثناء الصراع دون انتظار انتهاء الأزمة، وهما مساعدة الدولة على إدارة أمور الاقتصاد اليومية، وهناك فريق يعمل مع البنك المركزي في اليمن، وفي ليبيا، لإعطائهم المشورة في منع التأثيرات الاقتصادية من التفاقم، ونضع الخطط لإعادة الإعمار للتحرك بسرعة عند انتهاء الصراع.
* قدم صندوق النقد الدولي توصيات كثيرة للسعودية للمضي قدما في السيطرة على فاتورة الرواتب وأخذ خطوات لتقليص الدعم المقدم للطاقة والكهرباء، وقد أعلنت المملكة مؤخرا إلغاء بعض الحوافز في القطاع العام، وتقليص رواتب الوزراء بنسبة 20 في المائة. كيف ترون هذه الخطوات وما الخطوات الأخرى المرغوب فيها؟
- أعتقد أنه من السهل على منظمات خارجية أن تقول: «عليهم أن يفعلوا هذا أو ذاك».. لكن لا بد أن نشير إلى أننا طلبنا من كثير من الدول أن تقوم بتغييرات وإصلاحات بعد انخفاض عوائد النفط، وهو أمر ليس سهلا، لكن ما قامت به المملكة من إصلاحات وإصدار «رؤية 2030» الطموحة، كان مثيرا للإعجاب ومبهرا، وكل الإجراءات الشجاعة التي تقوم بها المملكة هي أمر جيد للمضي قدما للأمام، والسيطرة على الإنفاق العام.
وقد انخفض الإنفاق العام ما بين 12 إلى 15 في المائة أقل من العام الماضي، ونرى خطوات لزيادة عوائد الضرائب وسن قانون القيمة المضافة خلال عام 2018. وستنجح المملكة في أخذ خطوات هادئة لتحقيق التوازن في الميزانية. وليس على المسؤولين السعوديين القيام بخطوات الإصلاح كافة في يوم واحد؛ لأن لديهم كثيرا من الموارد ولديهم القدرة على الاقتراض. والخطوات التي أقدمت عليها السعودية لتقليل فاتورة الأجور، هي أمر جيد للغاية، وتعني أن المملكة تسير علي الطريق الصحيح للوصول إلى ضبط الإنفاق، وهو أكبر تحد لتأثير ضبط الإنفاق على النمو، وعلى تشجيع الشباب على العمل في القطاع الخاص. وأعلم أن تنفيذ بعض القرارات الصعبة لن يكون سهلا، لكن أعتقد أن المملكة تقوم بالإصلاحات بشكل جيد وتسير على الطريق الصحيح.
* بعد عزل وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، هل هناك قلق من أن تتراجع خطط الإصلاح الاقتصادي في العراق مقابل قرض الصندوق بقيمة 3.4 مليار دولار لمدة 3 سنوات؟
- عملت مع وزير المالية هوشيار زيباري، وكانت تجربة جيدة. وأتطلع للعمل مع الوزير الجديد ومواصلة شراكاتنا في هذا البرنامج، وأتطلع لمناقشة كيف سنمضي قدما في هذه الخطط الإصلاحية.
* متى يعلن صندوق النقد الدولي موافقته على القرض المصري بقيمة 12 مليون دولار؟ وهل شروط الحصول على قرض مالي تكون واحدة لكل الدول، أم تختلف الشروط باختلاف الظروف الاقتصادية لكل دولة؟
- كانت لدينا اتفاقية على مستوى الموظفين في أغسطس (آب) الماضي، والآن نقوم بالتأكد من حصول مصر على التمويل الكافي للبدء في رفع البرنامج إلى مجلس المحافظين بالصندوق وإعلان البدء في إعطاء القرض للسنة الأولى. وسنعقد لقاءات مع المسؤولين المصريين على هامش اجتماعات الصندوق والبنك الدولي، لمعرفة مدى التقدم الذي حققته الحكومة المصرية في تنفيذ الإصلاحات، وأعتقد أن إعلان إبرام اتفاق القرض سيكون بنهاية شهر أكتوبر الجاري.
أما بالنسبة لشروط القرض، فالنقطة الأساسية في هذا البرنامج أن الصندوق يدعم ما ستقدمه الحكومة من خطط اقتصادية لتحسين أوضاع الاقتصاد المصري. فمصر دولة قوية، لكنها تعاني عددا من المشكلات الملحة، مثل الانخفاضات الكبيرة في معدلات النمو وعجز الموازنة الكبير الذي يقوض القدرة على الاقتراض، ويراكم من الدين العام، إضافة إلى مشكلات سوق الصرف الأجنبي التي تزداد بشكل كبير. ويحتاج سوق الصرف نوعا من المرونة ليكون الاقتصاد أكثر تنافسية. هناك أيضا مشكلات في مصر تتعلق بالبيروقراطية.
وتقول الحكومة المصرية إنها ستعالج هذه المشكلات، وستتخذ خطوات للحد من العجز في الموازنة على مدى السنوات الثلاث القادمة، وستجد طرقا لزيادة الإيرادات، وخفض الإنفاق عن طريق خفض الدعم المقدم على الطاقة، وتحسين بيئة القيام بالأعمال، وتشجيع القطاع الخاص على زيادة معدلات النمو، وجعل السوق أكثر مرونة. وهذا ما تحتاجه مصر، ونحن ندعم هذا الجهد، وأعتقد أنهم على وشك الانتهاء من اللمسات الأخيرة للبرنامج المصري.
ومن الضروري تنفيذ هذه الإصلاحات مع مراعاة الطبقات الأكثر تعرضا لتأثيرات هذه الإصلاحات، فعند تقليص الإنفاق وإلغاء الدعم لا بد من القيام بذلك بطريقة يمكن التأكد فيها من أن عبء هذه الإصلاحات يقع على الفئات التي تستطيع أن تتحملها؛ وليس على الفئات الفقيرة والمواطن العادي الذي يصارع من أجل لقمة العيش بشكل يومي.
فعند زيادة الضرائب، لا بد من التأكد أنها لن تؤثر على الطبقات الفقيرة، مع توفير شبكات الأمان للأسر الضعيفة والفقيرة، وهذا ما نركز عليه. نعم الإصلاحات مهمة جدا، لكن لا بد من أن يتم تنفيذها بطريقة تحمي الضعفاء والفقراء وتخلق فرصا متكافئة للجميع في القطاع الخاص.
والشروط التي يضعها الصندوق للدول الراغبة في الحصول على قرض مالي هي نفسها الشروط المطبقة على الجميع. ويحصل الصندوق على نسبة صغيرة من الفائدة؛ لأننا في النهاية منظمة اقتصادية، فالشروط والأحكام واحدة، لكن الاختلاف هو نوعية الشروط؛ لأن صندوق النقد يعطي الأموال لتحقيق أهداف وضعتها الحكومة. وقدمت الحكومة المصرية طلبا لقرض على 3 سنوات وبرنامجا يستهدف خفض العجز في الموازنة وسن قوانين لزيادة الضرائب، وتحسين بيئة الأعمال. وما نقوم به في الصندوق هو طلب جدول زمني من الحكومة المصرية لتنفيذ هذه الأهداف. وبعض النقاشات قد تدور حول أولوية تنفيذ خطوة إصلاحية قبل الأخرى، وهي نقاشات تقنية.
وبالفعل ستحصل مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار، لكن لن يتم صرف القرض في دفعة واحدة، وإنما ستحصل على جزء وبعد 6 أشهر تحصل على جزء آخر، بشرط الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات وفقا للجدول الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين الصندوق والحكومة. لكن إذا لم تلتزم الحكومة المصرية بتنفيذ الإصلاحات وفق هذا الجدول الزمني، فإننا سنوقف إعطاء بقية الدفعات من القرض لمصر.
والاستثناء هو أن تقدم الحكومة المصرية تفسيرا منطقيا للتأخر في تنفيذ خطة الإصلاح، وتقدم سببا معقولا، ووقتها يتم تقييم مدى وجاهة هذا السبب وتوصيل الأمر لمجلس المحافظين بالصندوق للحصول على استثناء أو تصريح بالاستمرار في تقديم القرض، ويتم إجراء تعديل على الجدول الزمني. لكن إذا وجد الصندوق أنه لا يوجد سبب منطقي للتأخر في الإصلاحات وعدم الالتزام بالجدول الزمني المتفق عليه، فإن الصندوق سيوقف القرض.
* في رأيك كيف يمكن للحكومة المصرية تحقيق الاستقرار وتنفيذ إصلاحات اقتصادية دون تأجيج التوتر الاجتماعي، وبخاصة أن كثيرا من الحكومات المصرية المتعاقبة تجنبت القيام بإصلاحات لا تحظى بشعبية، خوفا من إثارة الاضطرابات الاجتماعية. فكيف تتم حماية الفئات الفقيرة وفي الوقت نفسه تنفيذ تلك الإصلاحات ذات التأثيرات القاسية؟
- إنه أمر ليس سهلا، وأنا أعترف بذلك. لكن إذا كانت الحكومة تقوم بتقديم دعم الطاقة للفقراء والأغنياء على السواء، وتقديم أسعار منخفضة للبنزين، فيحصل أصحاب السيارات الفارهة على هذا الدعم، فلا بد من إجراء تغييرات في هذا الأمر.
ولا بد أيضا من شرح الموقف والأسباب وراء اتخاذ خطوات قاسية لتحقيق إصلاحات مطلوبة ومهمة، وما المنطق وراءها، وما الذي ستحققه، حتى يكون الجميع على علم ويشارك في تحمل المسؤولية. والناس تشعر بالغضب عندما تشعر أنها تتحمل عبء الإصلاحات وحدها من دون أن يتشارك الجميع في تحمل هذا العبء، أغنياء وفقراء، حكومة ومنظمات.
الأمر الثالث، هو أهمية أن تتم خطوات الإصلاح بشكل تدريجي، فلا يمكن معالجة مشكلات 30 عاما في يوم واحد. عليك أن تشرح للناس ما تقوم به الحكومة، وأن تفعل ذلك بشكل تدريجي. ومن المهم أيضا أن تكون على استعداد للتعامل مع ردود الفعل، وأن يكون لديك خطة وبدائل للتكيف حسب الحاجة.



المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
TT

المعادن... مستويات قياسية شبه يومية

سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)
سبائك ذهبية وفضية مكدسة في غرفة صناديق الودائع في متجر للذهب في ميونيخ (رويترز)

لفتت المعادن أنظار المتعاملين في الأسواق بشكل جعلها تسجل بشكل شبه يومي مستويات قياسية جديدة، قبل نهاية العام الحالي، نتيجة النمو القوي في الاقتصادات الكبرى، وزيادة الطلب الناتج عن مرحلة عدم يقين تسيطر على معظم المستثمرين قبل بداية عام جديد، ربما يحمل كثيراً من المفاجآت للأسواق.

فمع استمرار مشتريات البنوك المركزية للذهب، ‍وتراجع الدولار، زاد أيضاً الطلب على الملاذ الآمن من قبل الأفراد بشكل ملحوظ في أسواق محددة، حتى إن بعض محافظ المستثمرين رفعت نسبة المعادن النفيسة في محافظهم المالية إلى نسبة مسيطرة، حتى تتضح الأمور مع بداية 2026.

وتجاوز الذهب مستوى 4500 دولار للأوقية (الأونصة)، الأربعاء، للمرة الأولى، وارتفعت الفضة والبلاتين والنحاس إلى مستويات قياسية أيضاً، إذ عززت زيادة الطلب ​على أصول الملاذ الآمن والتوقعات بمواصلة خفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل شهية المضاربين تجاه المعادن النفيسة.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.1 في المائة إلى 4493.76 للأوقية بحلول الساعة 10:23 بتوقيت غرينيتش، بعد أن سجّل مستوى قياسياً مرتفعاً عند 4525.19 دولار في وقت سابق. وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم فبراير (شباط) 0.3 في المائة إلى مستوى قياسي بلغ 4520 دولاراً.

وزادت الفضة ‌في المعاملات ‌الفورية 0.9 في المائة إلى 72.‌09 ⁠دولار للأوقية. ​وسجّلت الفضة ‌أعلى مستوى على الإطلاق عند 72.70 دولار.

وارتفع البلاتين 0.3 في المائة عند 2282.70 دولار، وبلغ ذروته عند 2377.50 دولار قبل أن يتخلى عن مكاسبه.

وارتفع سعر النحاس للجلسة السادسة على التوالي، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق قرب 12300 دولار للطن المتري، يوم الأربعاء، مدعوماً بنمو اقتصادي أميركي قوي عزّز توقعات الطلب، وضعف الدولار الذي دعم الأسعار.

وانخفض البلاديوم 2.5 في المائة إلى 1815.25 دولار، متراجعاً بعد أن لامس أعلى مستوى في 3 سنوات.

وقال فؤاد رزاق زاده، محلل الأسواق لدى «سيتي إندكس وفوركس»، وفقاً لـ«رويترز»، إن ⁠الذهب تلقى دعماً «بسبب عدم وجود أي عوامل سلبية وزخم قوي، وكل ذلك مدعوم ‌بأساسيات متينة، تشمل استمرار مشتريات البنوك المركزية ‍وتراجع الدولار وقدر من الطلب ‍على الملاذ الآمن».

وأضاف: «ارتفعت معادن أساسية أخرى، مثل النحاس، ما ‍وفّر دعماً لسوق المعادن كله».

وارتفع الذهب بأكثر من 70 في المائة هذا العام، مسجلاً أكبر مكاسبه السنوية منذ عام 1979، مع إقبال المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، وسط التوتر الجيوسياسي وتوقعات باستمرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) ​في تيسير السياسة النقدية.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إنه يريد من رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي القادم ⁠خفض أسعار الفائدة إذا كانت الأسواق في حالة جيدة.

وغالباً ما ترتفع قيمة الأصول، التي لا تدر عائداً، مثل الذهب عند انخفاض أسعار الفائدة. وتشير أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي» إلى أن المتعاملين يتوقعون حالياً خفضين محتملين لأسعار الفائدة العام المقبل.

وارتفعت الفضة بأكثر من 150 في المائة منذ بداية العام متجاوزة الذهب بفضل الطلب الاستثماري القوي وإدراج الفضة في قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة وتزايد استخدامها في الصناعة.

وارتفع سعر البلاتين نحو 160 في المائة، والبلاديوم أكثر من 100 في المائة منذ بداية العام، وهما معدنان يستخدمان بشكل أساسي في المحولات الحفزية للسيارات ‌لتقليل الانبعاثات، وذلك بسبب محدودية إمدادات المناجم وضبابية الرسوم الجمركية والتحول من الطلب الاستثماري على الذهب.


«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«وول ستريت» تحوم قرب مستويات قياسية قبل عطلة الميلاد

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

سادت حالة من الهدوء النسبي على «وول ستريت»، في مستهل تعاملات يوم الأربعاء، حيث استقرت المؤشرات الرئيسية بالقرب من مستويات قياسية في جلسة تداول قصيرة تسبق عطلة عيد الميلاد.

وبحلول الساعة 9:45 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 0.1 في المائة، فيما صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة طفيفة تقل عن 0.1 في المائة، بينما تراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

ومن المقرر أن تُغلق الأسواق أبوابها عند الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي عشية عيد الميلاد، على أن تظل مغلقة طوال عطلة العيد. وتُستأنف التداولات بجلسة كاملة يوم الجمعة، وسط توقعات باستمرار ضعف أحجام التداول هذا الأسبوع، في ظل موسم العطلات، وإغلاق معظم المستثمرين مراكزهم مع اقتراب نهاية العام.

ولا يزال اهتمام المستثمرين منصباً بشكل أساسي على أداء الاقتصاد الأميركي، وتوجهات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن السياسة النقدية؛ إذ تتزايد التوقعات بإبقاء البنك المركزي أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماعه المرتقب في يناير (كانون الثاني).

وتشير أحدث البيانات الاقتصادية إلى استمرار الضغوط التضخمية وتراجع ثقة المستهلكين القلقين من ارتفاع الأسعار، إلى جانب مؤشرات على تباطؤ سوق العمل وتراجع مبيعات التجزئة.

وفي هذا السياق، أفادت وزارة العمل الأميركية، الأربعاء بأن عدد المتقدمين بطلبات إعانات البطالة انخفض خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر (كانون الأول) بمقدار 10 آلاف طلب، ليصل إلى 214 ألف طلب، مقارنة بـ224 ألفاً في الأسبوع السابق. وجاء هذا الرقم دون توقعات المحللين الذين استطلعت آراءهم شركة «فاكت سيت»، والبالغة 232 ألف طلب، ما يشير إلى استمرار متانة سوق العمل نسبياً، رغم بعض إشارات الضعف.

وعلى صعيد الشركات، قفزت أسهم شركة «داينافاكس تكنولوجيز» بنسبة 38 في المائة عقب إعلان شركة «سانوفي» الفرنسية للأدوية استحواذها على شركة اللقاحات الأميركية، ومقرها كاليفورنيا، في صفقة بلغت قيمتها 2.2 مليار دولار.

وستضيف «سانوفي» لقاحات «داينافاكس» المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (ب) إلى محفظتها، إلى جانب لقاح قيد التطوير ضد الهربس النطاقي، في حين لم تسجل أسهم «سانوفي» تغيراً يُذكر في تعاملات ما قبل الافتتاح.

أما في الأسواق العالمية فقد تباين أداء الأسهم الأوروبية بين ارتفاعات محدودة وتراجعات طفيفة، بينما سادت حالة من الهدوء في الأسواق الآسيوية؛ إذ ارتفع مؤشر «هونغ كونغ» بنسبة 0.2 في المائة، في مقابل تراجع مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 0.1 في المائة.


«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)
مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

وقّعت شركة «أكوا باور» اتفاقية شراء أسهم «إس بي إيه» للاستحواذ على كامل حصة شركة المياه والكهرباء القابضة «بديل» – التابعة لصندوق الاستثمارات العامة – في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء، والبالغة 32 في المائة من رأس المال.

وأفادت «أكوا باور»، في بيان على «تداول السعودية»، بأن أصول شركة الشعيبة تضم قدرات لتوليد الكهرباء تبلغ 900 ميغاواط، وطاقة لتحلية المياه تصل إلى 880 ألف متر مكعب يومياً.

وقالت الشركة إنها تعد حالياً مساهماً غير مباشر في «الشعيبة للمياه والكهرباء»، مشيرة إلى أن الصفقة سترفع ملكيتها من 30 في المائة إلى 62 في المائة.

وذكرت أن المشروع ينطوي على مخاطر تشغيلية محدودة، ويتمتع بتدفقات نقدية متعاقد عليها حتى عام 2030، ما يُتوقع أن ينعكس بمساهمة إضافية في أرباح «أكوا باور» وتدفقاتها النقدية.

وبحسب البيان، يتم تنفيذ الاستحواذ عبر شركة «الواحة للمشروعات» المملوكة بالكامل لـ«أكوا باور»، على أن تبلغ قيمة الصفقة 843.32 مليون ريال (224.8 مليون دولار) قبل أي تعديلات متفق عليها لسعر الشراء.

وأوضحت «أكوا باور» أن إتمام الصفقة يظل مشروطاً باستيفاء الشروط المسبقة الواردة في اتفاقية شراء الأسهم، بما في ذلك الحصول على جميع الموافقات التنظيمية اللازمة.

ولفتت الشركة إلى أن «الشعيبة للمياه والكهرباء» تُعد أول مشروع مستقل لإنتاج المياه والكهرباء في السعودية، وبدأ تشغيله عام 2010 بالقدرات نفسها المعلنة حالياً: 900 ميغاواط للكهرباء و880 ألف متر مكعب يومياً للتحلية.

وأكدت أن الصفقة ستسهم في زيادة صافي الدخل المتكرر والتدفقات النقدية الحرة لحملة الأسهم، مبينة أن الطرف البائع هو «بديل» التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، التي تُعد كذلك أكبر مساهم في «أكوا باور».

وتعد هذه الصفقة جزءاً من استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة في سياق التزامه بتمكين القطاع الخاص بوصفه ركيزة أساسية لدعم تنويع الاقتصاد الوطني، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030».

كما تنسجم هذه الصفقة مع استراتيجية الصندوق الهادفة إلى استقطاب استثمارات القطاع الخاص محلياً وعالمياً إلى شركات محفظته، بما يسهم في تعظيم قيمتها وإطلاق كامل قدراتها، إلى جانب مواصلة دوره في دفع جهود التحول الاقتصادي للسعودية وتحقيق عوائد مستدامة على المدى الطويل.