«درع الفرات» تواصل تقدمها شمال حلب.. والهجوم على «الباب» ينتظر القرار السياسي

40 ألف جندي تركي على الحدود.. وخبير يؤكد اكتمال معالم المنطقة الآمنة

مقاتلو الجيش الحر يفتشون الهاربين من مناطق سيطرة «داعش» عند وصولهم إلى قرية الراعي المحررة شمال ريف حلب (أ.ف.ب)
مقاتلو الجيش الحر يفتشون الهاربين من مناطق سيطرة «داعش» عند وصولهم إلى قرية الراعي المحررة شمال ريف حلب (أ.ف.ب)
TT

«درع الفرات» تواصل تقدمها شمال حلب.. والهجوم على «الباب» ينتظر القرار السياسي

مقاتلو الجيش الحر يفتشون الهاربين من مناطق سيطرة «داعش» عند وصولهم إلى قرية الراعي المحررة شمال ريف حلب (أ.ف.ب)
مقاتلو الجيش الحر يفتشون الهاربين من مناطق سيطرة «داعش» عند وصولهم إلى قرية الراعي المحررة شمال ريف حلب (أ.ف.ب)

حققت فصائل المعارضة السورية المنضوية ضمن قوات «درع الفرات»، مزيدًا من التقدم في ريف حلب الشمالي بدعم من الجيش التركي، حيث سيطرت أمس على بلدات جديدة من تنظيم «داعش»، في وقت كشف فيه مصدر عسكري في المعارضة السورية عن «حشود كبيرة للقوات التركية على الحدود مع سوريا، استعدادًا لتدخل أوسع، هدفه مساعدة الجيش الحر لإحكام قبضته على المناطق التي يسيطر عليها».
فقد أفاد ناشطون معارضون بأن «مقاتلي الجيش السوري الحرّ، وبدعم من الجيش التركي، سيطروا على بلدتي قبتان ومزرعة العلا الواقعتين في ريف حلب الشمالي الشرقي، بعد اشتباكات مع تنظيم (داعش)، ضمن معركة (درع الفرات)». وأعلن «مكتب أخبار سوريا» المعارض أن فصائل المعارضة و«بدعم من المدفعية والطيران التركيين، سيطرت أيضًا على بلدات تركمان بارح والعويلين وكعيبة ومزارعها، وذلك ضمن معركة (درع الفرات) التي أطلقتها الفصائل أواخر آب (أغسطس) الفائت».
وقال إن «المواجهات أسفرت عن مقتل أكثر من 15 عنصرًا من التنظيم وأسر عنصر واحد، في حين لقي 5 مقاتلين من المعارضة مصرعهم، وأصيب آخرون، جرى إسعافهم ونقلهم للمستشفيات الميدانية القريبة من معبر باب السلامة الحدودي لتلقي العلاج»، مؤكدًا أن «7 مدنيين بينهم طفل قتلوا، وأصيب أكثر من 10 آخرين، جراء استهداف طيران التحالف الدولي قرية تلتانة القريبة من بلدة أخترين والخاضعة لسيطرة التنظيم بريف حلب الشمالي».
أما مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، فأكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن «19 مدنيا على الأقل قتلوا بينهم 3 أطفال جراء غارات على قرية تلتانة التي يسيطر عليها تنظيم (داعش) في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى إصابة أكثر من 40 مدنيا بجروح». وقال عبد الرحمن: «لم يعرف ما إذا كانت الطائرات التي نفذت الغارات، تابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أم إنها طائرات تركية تدعم هجوما تشنه فصائل سورية معارضة في ريف حلب الشمالي ضد (الجهاديين)».
وأمام المستجدات المتسارعة في الشمال السوري، قال قيادي في الجيش الحرّ لـ«الشرق الأوسط»، إن «نحو 40 ألف جندي تركي باتوا موجودين على الحدود مع سوريا، في مؤشر على إمكانية تدخل برّي واسع عند الاقتضاء». وكشف أن «نحو ألف جندي وضابط تركي دخلوا الأراضي السورية مع دبابات وتعزيزات في إطار مواكبة العمليات التي ينفذها نحو 5 آلاف مقاتل من الجيش السوري الحرّ». وعزا القيادي العسكري التقدم السريع للمعارضة في مناطق سيطرة «داعش» إلى «تشتت قوات هذا التنظيم على جبهات عدّة، خصوصًا أن الضربات الجوية التي ينفذها الطيران التركي وطائرات التحالف الدولي، تدفعه إلى الانسحاب من معارك يعتبرها خاسرة سلفًا».
إلى ذلك، أعلن الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحّال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأنظار تتجه الآن إلى مدينة الباب التي يحشد لها الجيش الحر لخوض معركة تحريرها». ولمح إلى أن «الهجوم على الباب رغم كل الاستعدادات له، يحتاج إلى قرار سياسي وضوء أخضر أميركي لم تحصل عليه تركيا بعد»، معتبرًا أن «أهمية السيطرة على الباب تجعل تنظيم (داعش) يخسر كل شيء». وقال إن «المحاذير الأميركية للهجوم على مدينة الباب لا تتوقف على طرد (داعش) منها، بقدر ما تجعل الجيش الحرّ على تماس مع قوات النظام السوري، وهذا يجعل أيضًا الأتراك على تماس مع الروس في شمال حلب».
وحول المعلومات التي تتحدث عن حشود تركية على الحدود مع سوريا، عدّ العميد رحال، أن أنقرة «تقدم نفسها على أنها مستعدة لأن تكون الذراع العسكرية القادرة على محاربة الإرهاب الموجود في سوريا، لكن أي تدخل بهذه القوة، يحتاج إلى ضوء أخضر إما من (الناتو) أو من واشنطن». وتوقف عند مفارقة مهمة، وهي أن «الاتفاق التركي - الأميركي كان يفضي للسماح بتدخل تركي بعمق 15 أو 20 كيلومترًا في شمال سوريا، أما الآن فيتحدث الأتراك عن سيطرة بعمق 50 كيلومترًا وبعرض مائة كيلومتر». وقال رحال إن «هذا التطور يؤشر إلى 3 أمور أساسية؛ الأول يعني أن الأمن القومي التركي قد تحقق، بتنظيف كل هذه المنطقة من الإرهابيين، والثاني أنه قضى على أي حلم بإنشاء كيان كردي مستقل، والثالث، وهو الأهم، أن تركيا تمكنت من فرض المنطقة الآمنة».
وأكد رحال أن تثبيت المنطقة الآمنة يعني أن تركيا ستعيد «عشرات آلاف النازحين السوريين الموجودين على أراضيها إلى هذه المنطقة»، مؤكدًا أن «هذا الإنجاز يدغدغ مشاعر أوروبا التي تعيش هاجس اللجوء غير الشرعي إلى دولها، وستكون مشجعة للخيار التركي وداعمة له».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».