31 عرضا من 15 دولة عربية وأجنبية تتمرد على المألوف

القاهرة تستعيد مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي

من العرض اللبناني «أقنعة بيضاء»
من العرض اللبناني «أقنعة بيضاء»
TT

31 عرضا من 15 دولة عربية وأجنبية تتمرد على المألوف

من العرض اللبناني «أقنعة بيضاء»
من العرض اللبناني «أقنعة بيضاء»

أسدل الستار بداية الأسبوع الجاري على فعاليات الدورة الـ23 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي بالوقوف دقيقة حداد على روح الصحافي الأردني ناهض حتر، بحضور وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، ورئيس المهرجان د. سامح مهران وعدد كبير من المسرحيين من 15 دولة.
عقد المهرجان في الفترة من 20 إلى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بعد غياب 5 سنوات على مدار 10 أيام وقدم خلالها 31 عرضا أنعشت عشرة من مسارح القاهرة؛ حيث أقيمت العروض بالتزامن. ناقشت العروض موضوعات اجتماعية وسياسية طغت عليها الصراعات التي يعاني منها العالم العربي اجتماعيا وسياسيا، حيث تناولت الموضوعات قهر المرأة والصراع الديني وعلاقة العرب بالآخر فضلا عن تجسيد روائع الأدب العالمي برؤية حداثية.
«نجحنا في التصدي لقبح الوسائط الفنية وجذب جمهور المسرح مرة أخرى» هكذا عبر رئيس المهرجان د.سامح مهران، عن سعادته بالإقبال الجماهيري الكبير على عروض المهرجان، مؤكدا: «استعدنا مهرجاننا العريق واستعدنا أهمية الفعل الثقافي من خلال تلاقي المشاركين وتحاورهم حول أهم قضايا المسرح، واستطاعت العروض التعبير عن الأزمات السياسية بالفن والحوار». بينما قال وزير الثقافة المصري، في كلمته الختامية: «عودة المهرجان هي صفعة على وجه أعداء الحياة لأننا نعاني من التطرف في مجتمعاتنا العربية وتعاني أوروبا والولايات المتحدة من العنصرية، فكل منا لديه أطراف متشددة، واليوم نؤكد أن الفن خير رسول».
صاحب المهرجان حالة من الزخم على المستوى الفني والجماهيري ومستوى الفعاليات، فقد وقعت على هامش فعاليات المهرجان اتفاقية تعاون مع الهيئة الدولية للمسرح «يونيسكو ITI»، وقعها د.سامح مهران رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي مع د.محمد سيف الأفخم، رئيس الهيئة. وقال الأفخم «هناك تجاهل من الغرب تجاه العالم العربي، لذا فإنه بات من الضروري مد الدور الريادي لمصر للأخذ بيد المسرح العربي للظهور على مائدة الغرب»، كما أقيم معرض فوتوغرافي مميز هو المعرض الثالث لمصممي السينوغرافيا المسرحية بمركز الهناجر للفنون، وتضمن المعرض لقطات تمثل التنوع في فنون الديكور والأزياء والإضاءة المسرحية. أصدر المهرجان 600 كتيب ومطبوعة، وعقدت على هامشه ست ورش عمل متخصصة في الفنون المسرحية الأدائية؛ ما بين تمثيل وإخراج والسينوغرافيا، وثقافة الجسد، كما عقدت 4 ندوات تندرج تحت عنوان «الإبداع المسرحي والحركة النقدية.. فضاءات الحوار والتفاعل الخلاق».
كان أول عروض المهرجان عرض مسرحي صيني «thunder storm» الذي وقع عليه الاختيار ليكون عرض الافتتاح، بمناسبة الاحتفال بالعام الثقافي المصري الصيني في 2016. قدم العرض فرقة «Fujian People's Art Theatre» وأخرجه المخرج تشين داليان. وجاء العرض الذي كتبه كاو يو، احتفاء بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده، وهو يناقش مشكلة الصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء من خلال قصة حب بين ثري وخادمته، وكان ثريا بالمؤثرات الصوتية والضوئية وتميزت السينوغرافيا الخاصة به بالبساطة والعمق في الآن ذاته، تلاشى معها عائق اللغة الصينية.
من بين العروض المميزة كان عرض «ينبغي ألا تقتل عمدا» لفرقة مسرح «بيرلوك» الروسية تأليف وإخراج لوري زايتسيف. عالج العرض ثلاثة نصوص من كلاسيكيات الأدب الروسي ودمجهما في نص واحد وهي روايات «موزارت وساليري» لبوشكين، و«الجريمة والعقاب» لدوستوفسكي، و«يهوذا الإسخريوطي» لليوند أدنريف. كانت مدة العرض نحو 90 دقيقة، وضم فريق عمله ثلاثة مؤلفين موسيقيين هم أنطونيو ساليري، وميشال نيمان، وبجورك، وليوند فيدورف. يقول زايتسيف مخرج العرض: «إن العرض نوع من أنواع الدراما النفسية تدور فكرتها حول استكشاف سيكولوجية القتل. والسؤال الرئيسي الذي يتردد دائما هو: هل هناك مواقف يقتل فيها الفرد شخصا آخر بريئا من الإثم؟ يتقاسم كل من شخصيات المسرحية الرغبة في تصحيح الخطأ ويحاولون بين السماء والأرض فهم ما إذا كانت أفعالهم صوابا أو غير ذلك».
وفي ندوة أعقبت العرض، قال الكاتب المسرحي حازم حسين «إن العرض تقليدي وذو بنية كلاسيكية واعتمد على آلية حكي كولاجية في إطار ربط متعسف بشخصية من خارج الحدث مع الحفاظ على بنية درامية خطية وأداء تمثيلي كلاسيكي وعلاقة نمطية بين الجمهور ومنصة العرض، وتداخل فريق العمل معه في حوار حول مفهوم التجريب إجرائيا ووعي المسرحيين الروس المعاصرين به والمدى الذي يمكن حمل عرضهم (لا تقتل) من خلاله على فكرة التجريب».
وحول موضوع الموت والبعث والخلود، قدمت فرقة «زقاق» اللبنانية، العرض المسرحي «هو الذي رأى» وهو مستلهم من ملحمة جلجامش ويدمجها مع أعمال أنطونين آرتو وهوارد باركر، ومحمود درويش، ومارغريت دوراس، وكريستا وولف، وفراس السياح إلى جانب موادّ أخرى. وقال جنيد سري، أحد أبطال المسرحية، إن «العرض يقدم مقاربة النماذج التي تحدد علاقة البشر بالموت، والقيم المتعلقة بالجسد في زمن يتم فيه استخدام الموت الجماعي كأداة ضغط في وسائل الإعلام».
وأضاف: «إن الأعمال التي نقدمها، لا تدر الكثير من المال، لأننا لا نقدم أعمالا تجارية، ولكن نقدم فنا نخبويا، يعكس هويتنا وأهدافنا كفريق معا».
وكان أيضا عرض «نساء شكسبير» من العروض اللافتة والتي لقيت إقبالا جماهيريا كبيرا. كان العرض مبتكرا من حيث جمعه لشخصيات شكسبير النسائية في عرض واحد ما بين الملكة والفارسة والقاتلة والملاك والشيطان والنرجسية والحبيبة.
ورغم الجدل الذي صاحب العرض العراقي السويدي «ركائز الدم» وموضوعية اختياره من دون الأعمال العراقية الأخرى المقدمة للمشاركة في المهرجان، حاز العرض على إعجاب الوفود العربية والأجنبية. قدم العرض فرقة «أجساد عراقية» من السويد لمؤسسها المخرج العراقي أنمار طه. وقال المسرحي الأميركي جورج بارتينف: «يمكنني القول بأن عرض (ركائز الدم) ذو لغة عالمية، فتستطيع رؤية هذه الحالة في أي دولة في العالم، رغم أن رسالته صغيرة لكن المضمون كبير والعلاقة بين الممثلين بسيطة وكبيرة».
ومن بين ورش العمل التي عقدت على هامش المهرجان، ورشة للمخرج المسرحي الباكستاني شاييد نديم، التي كان عنوانها لافتا: «كيف تقول ما تريد دون أن تقتل؟ How to get out without murder ?» يقول نديم: «إننا بهذا العمل نبعد عن الطرح التقليدي بالإضافة إلى استخدام موسيقى مغايرة».
تجدر الإشارة إلى أن الدورة الأولى لهذا المهرجان قد أطلقت عام 1988 في عهد الوزير الفنان فاروق حسني، وصاحبها صخب وجدل واسع، حيث كان في حينها يمثل فنا أدائيا جديدا على المتلقي المصري والعربي أيضا. ولكن المهرجان ساهم في إنعاش الفنون المسرحية وظهور المسرح المستقل الذي يعتبر الآن الدينامو المحرك لهذا الفن الذي تلاشى وهجه عربيا.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.