بدا عمار الحكيم، الرئيس الجديد للتحالف الوطني، سعيدًا وهو يعلن عودة التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، إلى أحضان التحالف الشيعي، ويعقد في منزله أول من أمس، أول اجتماع شامل في منزله لكل أطراف التحالف الوطني.
هذا الاجتماع حضره رئيس الوزراء حيدر العبادي، وغاب عنه زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي لم يحضر شخصيًا أيًا من اجتماعات الهيئة القيادية للتحالف الوطني بزعامة الحكيم، رغم أن الصفقة التي أبرمت لتزعم الحكيم التحالف الوطني كان الطرف الآخر فيها، وربما الأقوى، هو المالكي، لكنه حقق بالنسبة للحكيم ما كان خطط له، وهو عودة التيار الصدري حتى يكون هو المنجز الأول له في رئاسته الدورية، التي تستمر لمدة سنة.
ورغم أن إعادة التماسك للتحالف الوطني بدت بالنسبة لسياسيين عراقيين شيعيين بارزين، وهما عزت الشابندر ونديم الجابري، تتويجًا لرغبة «الأخ الأكبر»، في إشارة إلى إيران، فإن استمرار التقاطع بين الصدر والمالكي الذي لا يزال يعد نفسه الطرف الأقوى في هذا التحالف، يراه المراقبون السياسيون في بغداد تعبيرًا عن استمرار الخلافات البينية بين أطراف التحالف، بصرف النظر عن مدى تأثير إيران على هذا الطرف أو ذاك.
وفد التيار الصدري وفي إطار المؤتمر الصحافي الذي عقده الحكيم مع قادة التحالف، أعلن من جانبه عودة الكتلة إلى التحالف بشكل دائم. وقال رئيس الوفد جعفر الموسوي، إن وفده التفاوضي «قدّم ورقة إصلاحية تتضمن 14 نقطة لمعظم رؤساء الكتل السياسية، وفي مقدمتهم رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم»، مبينًا أن «الحكيم أبدى رعاية لمطالب التيار الصدري بغية عودته إلى خيمة التحالف من جديد». وأضاف الموسوي، أن «الاجتماع الذي عقدته الهيئة السياسية للتحالف الوطني مع الوفد التفاوضي للتيار الصدري، توصل إلى توافق تام على عودة كتلة الأحرار النيابية إلى اجتماعات التحالف بشكل دائم»، مشيرًا إلى أن «مضامين الورقة الإصلاحية التي قدمها الصدريون ستعرض على وسائل الإعلام من قبل ناطق رسمي للتحالف سيتم تعيينه لاحقًا».
وفي وقت تستمر فيه المعارك الكلامية بين الصدر والمالكي، سواء بشكل مباشر حينًا، أو غير مباشر في غالب الأحيان، فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي قدم خلال المؤتمر الصحافي شكره لزعيم التيار الصدري «لعودة كتلته وممثليه إلى خيمة التحالف الوطني وعلى مواقفه الإصلاحية».
لكن السياسي العراقي المستقل وعضو البرلمان السابق عزت الشابندر يتساءل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن مبررات عودة زعيم التيار الصدري إلى التحالف الوطني، قائلاً: «هل هناك ما يدل على أن هذا التحالف سيكون كتلة وطنية عابرة للطائفية وداعمًا للمشروع الوطني الذي طالما دعا الصدر له؟»، مشيرًا إلى أن «كل المؤشرات تدل على أن مهندس هذا التحالف الوطني بصيغته الجديدة (في إشارة إلى زعامة عمار الحكيم له وعودة الصدر إليه) هو عراقي الجنسية والهوى والإرادة والتفكير (في إشارة أخرى إلى الدور الإيراني في إعادة ترميم التحالف بعد الانشقاقات واسعة النطاق التي حصلت في داخله)، فضلاً عن أن أطراف هذا التحالف سواء بصيغتها القديمة أو الآن الجديدة ليس بوسعها الإقلاع عما تعده استحقاقات لها في الحقائب الوزارية». وأوضح الشابندر أن «كل شيء على حاله على صعيد اختيار الوزراء حتى عند الحديث عن التكنوقراط، إذ إنهم يرشحون من قبل نفس الكتل». وفي حين أكد الشابندر أنه «يسعد بالانشقاقات الطائفية والعرقية داخل البيوت الشيعية والسنية والكردية، لأن هذه الانشقاقات هي وحدها التي تؤسس لخريطة وطنية جديدة»، فإنه اختتم حديثه بتساؤل لم يجب عنه وهو: «ما دلالة الدعوة التي أطلقها الصدر بالالتزام بمرجعية آية الله علي السيستاني بعد أن أغلقت المرجعية أبوابها بوجههم؟».
لكن الأستاذ في الحوزة العلمية حيدر الغرابي يجيب بالنيابة عن الشابندر وقادة التحالف الوطني عن هذا السؤال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن «طلب العودة لمرجعية السيستاني من قبل مقتدى الصدر تستند إلى قراءة سليمة من قبله، كون السيستاني أثبت وفي كل الظروف والمواقف أنه أب للجميع، وبالتالي لا يوجد خلاف على هذا الأمر، سواء داخل مكونات التحالف الوطني التي تقول كلها إنها تأتمر بأوامر المرجعية، أو حتى تلك التي تقلد مراجع آخرين، منهم مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي». ويضيف الغرابي قائلاً إن «الرؤية العراقية السياسية للأحزاب الحاكمة أثبتت فشلها وباتت جزءًا من تحالفات، بل وأجندات خارجية، سواء كانت سنية أم شيعية، وبالتالي فإن مقتدى الصدر يطبق مقولة والده في العودة إلى المرجعية من منظور كونها تمثل الخيمة الوطنية»، مبينًا أن «السيستاني وفي كل طروحاته يدعو إلى عراق واحد موحد يضم الجميع ويشارك الجميع في بنائه، مع الإشارة إلى نقطة مهمة هنا، وهي أنهم طالما عادوا إلى مرجعية السيستاني، فإن عليهم الالتزام بما تطلبه منهم، بما يضمن عدم الخلاف على المناصب والمواقع، وكل ما يعنيه ذلك من تجاوز للمحاصصة والبحث عن التكنوقراط».
لكن السياسي المعروف نديم الجابري، الأمين العام السابق لحزب الفضيلة، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «العودة لمرجعية السيستاني بالنسبة لأطراف التحالف الوطني سوف تكون عودة براغماتية تمليها مصالحهم السياسية الخاصة، إذ إنهم ومثلما أثبتت الأحداث يحتاجون المرجعية عندما تتطلب مصالحهم ذلك، لا سيما في أوقات الانتخابات وغيرها، وحين تتعارض مصالحهم مع رؤى المرجعية فإنهم سرعان ما يتنكرون لذلك تحت هذه الذريعة أو تلك». ويضيف الجابري الذي كان مرشحًا لرئاسة الوزراء أن «عودة التيار الصدري للتحالف الوطني ليست إضافة نوعية بقدر ما هي عودة لنقطة الصفر، إذ إن العمل على تكريس تحالف من لون اجتماعي واحد لم يعد مدخلاً صالحًا لعملية إصلاحية حقيقية». ويتابع الجابري تصوراته قائلاً إن «هذه العودة وما تعنيه من ترصين الصف الشيعي ليست قضية إيجابية على المستوى الوطني، لأنها في الواقع هي التي جذرت الانقسام المذهبي، وبالتالي فإنها اليوم رسالة خاطئة للآخرين».
عودة الصدر المفاجئة إلى أحضان التحالف الشيعي تثير التساؤلات
تأكيده التزام مرجعية السيستاني فسرت كشرط على مقلدي خامنئي
عودة الصدر المفاجئة إلى أحضان التحالف الشيعي تثير التساؤلات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة