خبراء قانون أميركيون: إبطال مبدأ الحصانة السيادية «سابقة» سيكون له تداعيات وخيمة

مستشار سابق لدى «الخارجية»: أتوقع أن تتدخل إدارة أوباما لتجميد الدعاوى مؤقتًا

السناتور الديمقراطي تشاك شومر (يسار) والسناتور الجمهوري جون كورنين (يمين) يعلقان على مصادقة مجلس الشيوخ على قانون «جاستا» أول من أمس (إ.ب.أ)
السناتور الديمقراطي تشاك شومر (يسار) والسناتور الجمهوري جون كورنين (يمين) يعلقان على مصادقة مجلس الشيوخ على قانون «جاستا» أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

خبراء قانون أميركيون: إبطال مبدأ الحصانة السيادية «سابقة» سيكون له تداعيات وخيمة

السناتور الديمقراطي تشاك شومر (يسار) والسناتور الجمهوري جون كورنين (يمين) يعلقان على مصادقة مجلس الشيوخ على قانون «جاستا» أول من أمس (إ.ب.أ)
السناتور الديمقراطي تشاك شومر (يسار) والسناتور الجمهوري جون كورنين (يمين) يعلقان على مصادقة مجلس الشيوخ على قانون «جاستا» أول من أمس (إ.ب.أ)

بعد الضربة التي تلقاها الرئيس الأميركي باراك أوباما في آخر أسابيع فترته الرئاسية من قبل الكونغرس، عاد ليشرح موقفه من قانون «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» أمس على قناة «سي إن إن»، ويذكّر بتداعياته على سلامة المسؤولين الأميركيين المتواجدين في مناطق الصراع، الذين قد يواجهون دعوى قضائية تورطهم في قتل مدنيين.
وأعرب خبراء قانون أميركيون مخاوفهم من تداعيات سابقة تجاوز عرف الحصانة السيادية الدولية، كما حذّروا من تأثير قانون «جاستا» على علاقات الولايات المتحدة الدبلوماسية مع حلفائها.
بهذا الصدد، أوضح كورتيس برادلي، مستشار القانون الدولي السابق في مكتب الاستشارات القانونية لدى وزارة الخارجية الأميركية عام 2004، والمحاضر في كلية الحقوق في جامعة «دوك» حاليا، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن القانون لم يذكر السعودية على وجه الخصوص، فإنه من الجلي أنها تستهدف هذا البلد، لكن القانون لا يقتصر على السعودية، ويتيح للمحامين رفع دعاوى قضائية ضد دول أخرى».
وقال برادلي إن القانون يتيح للسلطة التنفيذية التدخل لدى المحاكم، عن طريق المدعي العام، لتجميد الدعوى لفترة 180 يوما قابلة للتجديد باستمرار، «مقابل تأكيد وزارة الخارجية دخولها في محادثات بنية حسنة مع الدولة الأجنبية المدعى عليها، بغية التوصل إلى حلول». ويتوقع برادلي أن «إدارة أوباما ستسعى إلى استخدام هذا البند، وأن تقبل المحاكم هذا البند إن انطلقت أي محاكمة في هذا الاتجاه قبل انتهاء فترة أوباما الرئاسية. وذلك يعني أن قرار تجديد هذا التجميد المؤقت سيكون بيد الرئيس الأميركي المقبل».
إلى ذلك، أشار برادلي إلى أن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ عبروا عن مخاوفهم من تداعيات القانون على الأمن القومي الأميركي، رغم تصويتهم لصالح إقرار «جاستا» ورفض الفيتو الرئاسي أول من أمس.
وأضاف برادلي أن «الولايات المتحدة تستفيد إلى حد كبير من الحصانة الدولية، خصوصا في إطار العمليات العسكرية التي تقودها عبر العالم»، ضاربا المثال بالطائرات دون طيار، أو «الدرون»، التي حصدت أرواح مدنيين كثيرين وعسكريين تابعين لدول حليفة للولايات المتحدة.
من جهته، قال فيليب بوبيت، محاضر قانون في جامعة كولومبيا ورئيس مركز الأمن الوطني التابع لها، في تصريحات صحافية، إن مخاوف الرئيس أوباما مبنية على احتمالات واقعية. وقال إن الولايات المتحدة طالما تفادت السماح لمواطنيها بمحاسبة حكومات دول أجنبية لحماية مصالحها القومية، مضيفا أن «الولايات المتحدة معرضة أكثر من غيرها للأضرار التي قد تترتب عن «جاستا»، باعتبار أن «لدينا علاقات اقتصادية وقواعد عسكرية في كثير من الدول عبر العالم، كما أن لدينا مصالح مشتركة مع دول العالم أكثر من أي دولة أخرى».
وبعد ساعات من تصويت مجلس الشيوخ لصالح تجاوز الفيتو الرئاسي ضد القانون المعروف اختصارا بـ«جاستا»، أصدر مسؤولون سياسيون وأمنيون بيانات يشرحون من خلالها مخاوفهم من التداعيات المحتملة لهذا القانون على مهمات بعثاتهم في الخارج. وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، أول من أعلن معارضته الشديدة للقانون، قائلا: «ستكون له تداعيات خطيرة على الأمن القومي للولايات المتحدة، وتبعات على الموظفين الحكوميين الذين يعملون من أجل بلادهم في الخارج». وأوضح مدير وكالة الاستخبارات الأميركية أن مبدأ الحصانة يحمي المسؤولين الأميركيين كل يوم، «وإذا فشلت أميركا في دعم تلك الحصانة، فهي تضع مسؤوليها في خطر كبير». وتابع أن مبدأ الحصانة السيادية يحمي المسؤولين الأميركيين، وهو مبدأ قائم على أساس المعاملة بالمثل، «وإن فشلنا في دعمه البلدان الأخرى فسنضع مسؤولي أمتنا في خطر، إذ إنه لا يوجد بلد قد يخسر من تقويض هذا المبدأ أكثر من الولايات المتحدة الأميركية». واختتم برينان تصريحه بقوله: «أي تشريع يؤثر في الحصانة السيادية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المخاطر المصاحبة لأمننا القومي».
من جانبه، انتقد البيت الأبيض قرار مجلس الشيوخ بتجاوز الفيتو الرئاسي على قانون «جاستا» بشبه إجماع. وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحافيين تعليقًا على قرار الشيوخ، إنه «القرار الأكثر إحراجا الذي قام به مجلس الشيوخ منذ عام 1983»، أي عندما تجاوز الكونغرس فيتو رئاسيا للرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان.
وقال إرنست للصحافيين على متن طائرة الرئاسة «إير فورس وان» أمس: «أن يكون هناك تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية 97 إلى اعتراض واحد لتجاوز فيتو أوباما، وقد أبلغناهم في الآونة الأخيرة الأثر السلبي في جنودنا ودبلوماسيتنا، هو في حد ذاته أمر محرج وتنازل من المشرعين عن مسؤولياتهم الأساسية بصفتهم ممثلين منتخبين من الشعب الأميركي». وأضاف إرنست: «في نهاية المطاف، سيكون على أعضاء مجلس الشيوخ أن يجيبوا على ضمائرهم وناخبيهم حول مسؤوليات وتبعات ما حدث اليوم».
وعن سبب تبني الأكثرية الساحقة في كل من مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركيين لـ«قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب» رغم تحذيرات البيت الأبيض وأجهزة الاستخبارات، قال حسين إبيش، الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن أحد أبرز الأسباب وراء التصويت انتخابية. ويقول: «عدد كبير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب مقبلون على انتخابات، ويسعون إلى تجديد فتراتهم، ». ويضيف إبيش أن «عددا من أعضاء الكونغرس الذين صوتوا أول من أمس لصالح القانون يتعاطفون فعلا مع الضحايا، وبعضهم رفض التضحية بعدد من الأصوات لصالح الوطن وفضلوا كسب نقاط انتخابية وإقرار القانون».
إلى ذلك، أوضح إبيش، في مقال نشره حول تداعيات القانون، أن مبدأ الحصانة السيادية يحمي الولايات المتحدة ومسؤوليها وضباطها العسكريين، كما تحمي أي دولة أخرى في العالم. «وبالفعل، يصعب التخيل أن ثمة دولة أخرى أكثر تعرضًا لحلقة مفرغة من التحديات القانونية والقضايا والدعاوى القضائية والمحاكمات من القوة العظمى الوحيدة المتبقية في العالم. وقد يكون جزء كبير من هذه التحديات غير جدي، لكن بعضها قد يتخذ صفة قانونية في ظل القانون الداخلي الذي قد يكون نافذًا في دولة محددة»، على حد قوله.
من جهتها، أوضحت لاورا دونهو، محاضرة القانون الدولي والأمن القومي في جامعة جورج تاون، لـ«الشرق الأوسط»، أن قانون «جاستا» يعد خطرا على الولايات المتحدة الأميركية أكثر من غيرها بسبب وجود القوات العسكرية في أنحاء متفرقة من العالم، وقالت إن هذا الوجود من الصعب المحافظة عليه إذا لم يكن محميًا بالحصانة الدولية. وحول تداعيات هذا القانون على العلاقات الدبلوماسية الأميركية، قالت دونهو: «لو أرادت الولايات المتحدة الدخول في مفاوضات دبلوماسية مع بلد ما في الوقت نفسه الذي تسمح فيه أميركا لمواطنيها برفع دعاوى على هذا البلد، فهذا سيشكل عائقا للرئيس الأميركي وجهازه التنفيذي في إتمام مثل هذه المفاوضات».
وأضافت أن «هذا القانون يحد من الفعالية والقدرة على إتمام مثل هذه المفاوضات الدبلوماسية»، وتابعت: «المثير للسخرية هو أن هذا القانون قد يعطل أيضا جهود الولايات المتحدة في التعاون مع دول أخرى لمكافحة الإرهاب.. سيكون من الصعب التعاون مع دولة لمواجهة الإرهاب في الوقت نفسه الذي تتهمهم محاكمنا بالإرهاب».



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».