هجوم عنيف على روسيا في مجلس الأمن.. ومسؤول فرنسي يتهمها وطهران بـ«جرائم حرب»

سفيرها في المنظمة الدولية يقول إن السلام في سوريا «مهمة شبه مستحيلة»

تراكتور يزيل ركام الدمار عن حي طريق الباب في حلب الذي تعرض ضمن مناطق اخرى شرق المدينة لقصف الطيران الروسي والاسدي امس (إ ب)
تراكتور يزيل ركام الدمار عن حي طريق الباب في حلب الذي تعرض ضمن مناطق اخرى شرق المدينة لقصف الطيران الروسي والاسدي امس (إ ب)
TT

هجوم عنيف على روسيا في مجلس الأمن.. ومسؤول فرنسي يتهمها وطهران بـ«جرائم حرب»

تراكتور يزيل ركام الدمار عن حي طريق الباب في حلب الذي تعرض ضمن مناطق اخرى شرق المدينة لقصف الطيران الروسي والاسدي امس (إ ب)
تراكتور يزيل ركام الدمار عن حي طريق الباب في حلب الذي تعرض ضمن مناطق اخرى شرق المدينة لقصف الطيران الروسي والاسدي امس (إ ب)

وجهت الدول الغربية، أمس، اتهامات عنيفة إلى روسيا خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول سوريا، في حين يتواصل قصف الطيارين الروس والسوريين على حلب بشكل عنيف.
وبعد أسبوع من المحادثات غير المجدية بدأ اجتماع لمجلس الأمن، بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وتسعى الدول الثلاث إلى وقف القصف الجوي الذي باشره النظام وروسيا الجمعة الماضي للسيطرة على الأحياء الشرقية لحلب الواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة مسلحة.
ووجهت سفيرة الولايات المتحدة سامنثا باور انتقادات قاسية جدا لروسيا التي تتقاسم مع الولايات المتحدة مهمة الإشراف على المحادثات الخاصة بالملف السوري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عنها قولها إن موسكو «تدعم نظاما قاتلا وتتمادى في الاستفادة» من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن، قبل أن تضيف: «إن التاريخ لن يرحم روسيا». وقالت أيضا: «نعم هناك مجموعات إرهابية في سوريا إلا أن ما تفعله روسيا (في حلب) ليس مكافحة للإرهاب بل هو وحشية».
وندد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر الأحد بما اعتبره «جرائم حرب ترتكب في حلب»، داعيا إلى ألا «تبقى من دون عقاب».
واتهم دمشق وموسكو بالمضي في الحل العسكري في سوريا واستخدام المفاوضات «للتمويه». وقال دولاتر إن «فرنسا تطالب بالتطبيق الفوري» للاتفاق بين موسكو وواشنطن «ابتداء من حلب». وشبه حلب بسراييفو خلال الحرب في البوسنة قبل نحو عشرين عاما، وبغيرنيكا في إسبانيا خلال الحرب الأهلية في هذا البلد في ثلاثينات القرن الماضي. وشدد السفير الفرنسي على أن «جرائم حرب ترتكب في حلب»، مشيرا إلى «استخدام قنابل حارقة وذخائر متطورة».
كما ندد السفير البريطاني ماتيو رايكروفت بـ«الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب وتطرق إلى احتمال اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت المحاولة الأخيرة لمجلس الأمن للجوء إلى هذه المحكمة تعرقلت بسبب فيتو روسي.
من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأحد الدول الكبرى إلى «بذل جهد أكبر لوضع حد للكابوس» في سوريا. وتساءل بان أمام الصحافيين: «إلى متى سيسمح جميع من لهم تأثير (في النزاع السوري) باستمرار هذه الوحشية؟».
وكان مجلس الأمن، قد عقد جلسة طارئة استمع فيها، أولا، إلى إحاطة من المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا بشأن تدهور الأوضاع في حلب في ظل القصف وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
وطلب دي ميستورا من المجلس الضغط من أجل وقف العنف وحماية المدنيين وبنيتهم الأساسية، ووقف القتال لمدة 48 ساعة أسبوعيا، لضمان قدرة الأمم المتحدة وشركائها على الوصول إلى شرق حلب دون شروط مسبقة من الحكومة أو المعارضة بالإضافة إلى الضغط من أجل الإجلاء الطبي للحالات الطارئة في شرق حلب».
وتحدث دي ميستورا عن معلومات واردة من مصادر على الأرض، تفيد بمقتل مئات الأشخاص في محافظة حلب من بينهم عشرات النساء والأطفال، مضيفا: «لقد سمعنا كلمة (غير مسبوق) تستخدم لوصف عدد ونطاق ونوعية القصف. شاهدنا صورا ومقاطع فيديو تفيد باستخدام قنابل حارقة، ونسمع الآن عن استخدام قنابل خارقة للتحصينات. إذا تم ثبوت الاستخدام الممنهج والعشوائي لمثل تلك الأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، فقد يكون ذلك جرائم حرب».
وأضاف المبعوث الدولي أن 275 ألف شخص «لا يمكن أن يكونوا جميعهم إرهابيين، يعيشون تحت شكل من أشكال الحصار الفعلي في شرق حلب»، مؤكدا، استحالة تحقيق انتصار عسكري في الصراع في سوريا، بما في ذلك في حلب.
وأكد دي ميستورا أنه لن يستقيل من منصبه، وقال إن ذلك يعطي انطباعا بأن المجتمع الدولي يتخلى عن سوريا، مضيفا أن «الأمم المتحدة لن تتخلى أبدا عن السوريين».
وأجاب السفير الروسي في مجلس الأمن فيتالي تشوركين، بالمطالبة، بالانتظار كي يتم التحقيق بالغارة على القافلة الإنسانية، مشككا بالرواية الأميركية والغربية، وأبلغ المجلس، بأن السلام في سوريا أصبح «مهمة شبه مستحيلة الآن».
أما السفير الصيني فطالب بالعمل لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوري، معربا عن أسفه للغارة على القافلة الإنسانية والأخرى (الأميركية) على القوات السورية في دير الزور. وكان وزير خارجية فرنسا جان مارك آيرولت، قد شن هجوما عنيفا، أمس، بقوله إن روسيا وإيران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا.
وطالب آيرولت البلدين اللذين وصفهما بأنهما داعمان للرئيس السوري بشار الأسد «بالاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال التخلي عن هذه الاستراتيجية التي تقود إلى طريق مسدود». وقال الوزير في بيان بثته «رويترز»: «.. وإلا فسوف تصبح روسيا وإيران شريكتين في جرائم الحرب التي ترتكب في حلب»، في إشارة إلى القصف الذي تتعرض له المدينة السورية والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص.
من جهته، قال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون في مقابلة، أمس، إن روسيا مسؤولة عن إطالة أمد الحرب في سوريا وربما ارتكبت جرائم حرب باستهدافها قافلة مساعدات.
وتعرضت قافلة مساعدات تضم 31 شاحنة لهجوم مساء يوم الاثنين الماضي مما أسفر عن مقتل نحو 20 مدنيا. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن طائرات روسية نفذت الهجوم لكن موسكو تنفي أي تورط فيه. وقال جونسون في برنامج «أندرو مار شو» الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) صباح كل أحد: «روسيا مسؤولة عن إطالة أمد هذه الحرب وزيادة بشاعتها».
في السياق، قالت مجموعة من وزراء الخارجية بعد اجتماعهم في الولايات المتحدة، إن روسيا يجب عليها أن تثبت أنها راغبة في إنقاذ وقف إطلاق النار في سوريا.
وقال وزراء خارجية كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن «الأحداث المدمرة في سوريا هذا الأسبوع تؤكد ما كنا نقوله منذ بعض الوقت: العبء يقع على روسيا في إثبات أنها راغبة وقادرة على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الدبلوماسية من أجل إعادة وقف الأعمال العدائية، والسماح بالمساعدات الإنسانية دون قيود، وتهيئة الظروف الضرورية لاستئناف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة حول عملية الانتقال السياسي».
وقال الوزراء في بيان صدر عقب اجتماعهم في بوسطن، نقلته وكالة الصحافة الألمانية، إن تفجير قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة، وورود تقارير عن استخدام الأسلحة الكيماوية وهجوم النظام السوري المتواصل على حلب «يتناقض بشكل صارخ مع ادعاء روسيا بأنها تؤيد حلا دبلوماسيا».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.