وجهت الدول الغربية، أمس، اتهامات عنيفة إلى روسيا خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول سوريا، في حين يتواصل قصف الطيارين الروس والسوريين على حلب بشكل عنيف.
وبعد أسبوع من المحادثات غير المجدية بدأ اجتماع لمجلس الأمن، بناء على طلب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
وتسعى الدول الثلاث إلى وقف القصف الجوي الذي باشره النظام وروسيا الجمعة الماضي للسيطرة على الأحياء الشرقية لحلب الواقعة تحت سيطرة فصائل معارضة مسلحة.
ووجهت سفيرة الولايات المتحدة سامنثا باور انتقادات قاسية جدا لروسيا التي تتقاسم مع الولايات المتحدة مهمة الإشراف على المحادثات الخاصة بالملف السوري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عنها قولها إن موسكو «تدعم نظاما قاتلا وتتمادى في الاستفادة» من كونها تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن، قبل أن تضيف: «إن التاريخ لن يرحم روسيا». وقالت أيضا: «نعم هناك مجموعات إرهابية في سوريا إلا أن ما تفعله روسيا (في حلب) ليس مكافحة للإرهاب بل هو وحشية».
وندد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر الأحد بما اعتبره «جرائم حرب ترتكب في حلب»، داعيا إلى ألا «تبقى من دون عقاب».
واتهم دمشق وموسكو بالمضي في الحل العسكري في سوريا واستخدام المفاوضات «للتمويه». وقال دولاتر إن «فرنسا تطالب بالتطبيق الفوري» للاتفاق بين موسكو وواشنطن «ابتداء من حلب». وشبه حلب بسراييفو خلال الحرب في البوسنة قبل نحو عشرين عاما، وبغيرنيكا في إسبانيا خلال الحرب الأهلية في هذا البلد في ثلاثينات القرن الماضي. وشدد السفير الفرنسي على أن «جرائم حرب ترتكب في حلب»، مشيرا إلى «استخدام قنابل حارقة وذخائر متطورة».
كما ندد السفير البريطاني ماتيو رايكروفت بـ«الخروق الفاضحة للقوانين الدولية» في حلب وتطرق إلى احتمال اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت المحاولة الأخيرة لمجلس الأمن للجوء إلى هذه المحكمة تعرقلت بسبب فيتو روسي.
من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأحد الدول الكبرى إلى «بذل جهد أكبر لوضع حد للكابوس» في سوريا. وتساءل بان أمام الصحافيين: «إلى متى سيسمح جميع من لهم تأثير (في النزاع السوري) باستمرار هذه الوحشية؟».
وكان مجلس الأمن، قد عقد جلسة طارئة استمع فيها، أولا، إلى إحاطة من المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا بشأن تدهور الأوضاع في حلب في ظل القصف وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.
وطلب دي ميستورا من المجلس الضغط من أجل وقف العنف وحماية المدنيين وبنيتهم الأساسية، ووقف القتال لمدة 48 ساعة أسبوعيا، لضمان قدرة الأمم المتحدة وشركائها على الوصول إلى شرق حلب دون شروط مسبقة من الحكومة أو المعارضة بالإضافة إلى الضغط من أجل الإجلاء الطبي للحالات الطارئة في شرق حلب».
وتحدث دي ميستورا عن معلومات واردة من مصادر على الأرض، تفيد بمقتل مئات الأشخاص في محافظة حلب من بينهم عشرات النساء والأطفال، مضيفا: «لقد سمعنا كلمة (غير مسبوق) تستخدم لوصف عدد ونطاق ونوعية القصف. شاهدنا صورا ومقاطع فيديو تفيد باستخدام قنابل حارقة، ونسمع الآن عن استخدام قنابل خارقة للتحصينات. إذا تم ثبوت الاستخدام الممنهج والعشوائي لمثل تلك الأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، فقد يكون ذلك جرائم حرب».
وأضاف المبعوث الدولي أن 275 ألف شخص «لا يمكن أن يكونوا جميعهم إرهابيين، يعيشون تحت شكل من أشكال الحصار الفعلي في شرق حلب»، مؤكدا، استحالة تحقيق انتصار عسكري في الصراع في سوريا، بما في ذلك في حلب.
وأكد دي ميستورا أنه لن يستقيل من منصبه، وقال إن ذلك يعطي انطباعا بأن المجتمع الدولي يتخلى عن سوريا، مضيفا أن «الأمم المتحدة لن تتخلى أبدا عن السوريين».
وأجاب السفير الروسي في مجلس الأمن فيتالي تشوركين، بالمطالبة، بالانتظار كي يتم التحقيق بالغارة على القافلة الإنسانية، مشككا بالرواية الأميركية والغربية، وأبلغ المجلس، بأن السلام في سوريا أصبح «مهمة شبه مستحيلة الآن».
أما السفير الصيني فطالب بالعمل لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوري، معربا عن أسفه للغارة على القافلة الإنسانية والأخرى (الأميركية) على القوات السورية في دير الزور. وكان وزير خارجية فرنسا جان مارك آيرولت، قد شن هجوما عنيفا، أمس، بقوله إن روسيا وإيران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا.
وطالب آيرولت البلدين اللذين وصفهما بأنهما داعمان للرئيس السوري بشار الأسد «بالاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال التخلي عن هذه الاستراتيجية التي تقود إلى طريق مسدود». وقال الوزير في بيان بثته «رويترز»: «.. وإلا فسوف تصبح روسيا وإيران شريكتين في جرائم الحرب التي ترتكب في حلب»، في إشارة إلى القصف الذي تتعرض له المدينة السورية والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص.
من جهته، قال وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون في مقابلة، أمس، إن روسيا مسؤولة عن إطالة أمد الحرب في سوريا وربما ارتكبت جرائم حرب باستهدافها قافلة مساعدات.
وتعرضت قافلة مساعدات تضم 31 شاحنة لهجوم مساء يوم الاثنين الماضي مما أسفر عن مقتل نحو 20 مدنيا. ويعتقد مسؤولون أميركيون أن طائرات روسية نفذت الهجوم لكن موسكو تنفي أي تورط فيه. وقال جونسون في برنامج «أندرو مار شو» الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) صباح كل أحد: «روسيا مسؤولة عن إطالة أمد هذه الحرب وزيادة بشاعتها».
في السياق، قالت مجموعة من وزراء الخارجية بعد اجتماعهم في الولايات المتحدة، إن روسيا يجب عليها أن تثبت أنها راغبة في إنقاذ وقف إطلاق النار في سوريا.
وقال وزراء خارجية كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة ومنسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن «الأحداث المدمرة في سوريا هذا الأسبوع تؤكد ما كنا نقوله منذ بعض الوقت: العبء يقع على روسيا في إثبات أنها راغبة وقادرة على اتخاذ خطوات استثنائية لإنقاذ الجهود الدبلوماسية من أجل إعادة وقف الأعمال العدائية، والسماح بالمساعدات الإنسانية دون قيود، وتهيئة الظروف الضرورية لاستئناف المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة حول عملية الانتقال السياسي».
وقال الوزراء في بيان صدر عقب اجتماعهم في بوسطن، نقلته وكالة الصحافة الألمانية، إن تفجير قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة، وورود تقارير عن استخدام الأسلحة الكيماوية وهجوم النظام السوري المتواصل على حلب «يتناقض بشكل صارخ مع ادعاء روسيا بأنها تؤيد حلا دبلوماسيا».
هجوم عنيف على روسيا في مجلس الأمن.. ومسؤول فرنسي يتهمها وطهران بـ«جرائم حرب»
سفيرها في المنظمة الدولية يقول إن السلام في سوريا «مهمة شبه مستحيلة»
هجوم عنيف على روسيا في مجلس الأمن.. ومسؤول فرنسي يتهمها وطهران بـ«جرائم حرب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة