تتويج جيرمي كوربن زعيمًا للمرة الثانية لحزب العمال.. قاب قوسين

الاعتقاد السائد أن هذه بداية مشاكله وليست نهايتها.. وقد تؤدي إلى شقه

جيرمي كوربن (وسط) مع أعضاء فرقة «يو بي فورتي» الموسيقية المعروفة بميولها اليسارية تعلن دعمها حملته لزعامة الحزب (أ.ف.ب)
جيرمي كوربن (وسط) مع أعضاء فرقة «يو بي فورتي» الموسيقية المعروفة بميولها اليسارية تعلن دعمها حملته لزعامة الحزب (أ.ف.ب)
TT

تتويج جيرمي كوربن زعيمًا للمرة الثانية لحزب العمال.. قاب قوسين

جيرمي كوربن (وسط) مع أعضاء فرقة «يو بي فورتي» الموسيقية المعروفة بميولها اليسارية تعلن دعمها حملته لزعامة الحزب (أ.ف.ب)
جيرمي كوربن (وسط) مع أعضاء فرقة «يو بي فورتي» الموسيقية المعروفة بميولها اليسارية تعلن دعمها حملته لزعامة الحزب (أ.ف.ب)

قبل أن تغلق صناديق الاقتراع في المنافسة على زعامة حزب العمال المعارض اصطف عدد من السياسيين المخضرمين والمحللين في الشؤون البريطانية لينعوا مستقبل الحزب، الذي قيل إنه بدأ منذ عام الابتعاد عن الوسطية، أي موقعه الطبيعي في المؤسسة البريطانية، مع انتخاب اليساري جيرمي كوربن زعيما له. وكان من أوائل من المتنبئين أحد مهندسي حرب العراق رئيس الوزراء السابق توني بلير، الذي اعتبر توجهات الحزب الأخيرة ستكون كارثية على المشهد السياسي البريطاني؛ لأنه لن يتمكن أبدا من الوصول إلى السلطة، وأنه أصبح «غير قبل للانتخاب». أما الزعيم الأسبق نيل كينوك، الذي قاد الحزب في نهاية الثمانينات، ولم يتمكن نفسه من الوصول للسلطة، فقال «إذا لم يتغير الوضع سريعا وبصورة جذرية، فلن أرى بالتأكيد حكومة عمالية في حياتي».
وكرر كينوك (74 عاما) ما قاله آخرون في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، إن «إعادة انتخاب كوربن، الذي يخوض منافسة أجبره عليها إيان سميث وستعلن نتيجتها غدا (السبت)، يعني أن الحزب سيبقى بعيدا عن السلطة لسنوات طويلة».
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال تيم بايل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كوين ماري في لندن «شهدنا كثيرا من الأمور التافهة في 2016»، ملمحا بذلك إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «لكن خسارة جيريمي كوربن ستكون مفاجأة كبيرة أيضا»، فيما يعطي الاستطلاع الوحيد المتوافر للرأي داعية السلام 68 في المائة من الأصوات. واعتبر تيم بايل أنه «إذا ما أعيد انتخاب كوربن، فلن يعود حزب العمال إلى الحكم قبل 2030 على الأقل».
ويقول المحللون إن هذه العودة إلى نقطة البداية، ستؤدي بالتأكيد إلى تمديد الأزمة التي يتخبط فيها حزب العمال منذ هزيمته أمام المحافظين في الانتخابات التشريعية في 2015، وحتى إلى تهديد وجود الحزب نفسه.
وقال تيم بايل «لا يمكن أن نستبعد حصول انشقاق».
الانشقاق قد يسببه الشرخ القائم بين قواعد الحزب وبين الأعضاء المنتخبين الممثلين للحزب في البرلمان. ومنذ انتخابه قبل عام لزعامة الحزب يواجه كوربن معارضة من قبل الأغلبية الساحقة لنواب مجلس العموم. ووافق هؤلاء على مذكرة لحجب الثقة عن كوربن بأكثرية ساحقة بلغت 172 صوتا من أصل 230، واستقال أيضا عشرون عضوا من حكومة الظل التي يترأسها.
صناديق الاقتراع أغلقت أول من أمس (الأربعاء)، وسيعرف الحزب الذي انتقل إلى المعارضة منذ 2010 ويعقد مؤتمرا في ليفربول، من سيتولى قيادته في أوج الأزمة التي تهزه: هل هو كوربن المناضل الراديكالي (67 عاما) أم اوين سميث (46 عاما) النائب عن ويلز الذي لا يتمتع بشهرة كبيرة؟ ويتوقع فوز كوربن بهامش جيد عند إعلان النتائج السبت، إلا أن خبراء يحذرون من أن الانقسام في صفوف الحزب يمكن أن تؤدي إلى بقائه في صفوف المعارضة لسنوات كثيرة.
ويتوقع هؤلاء ألا ينصاع نواب الحزب في البرلمان إلى قيادة كوربن، وسيعملون بصفتهم قوة برلمانية بعيدا عن سياساته. وبذهب البعض إلى أن هذه القوة قد تقرر بعد تثبيت كوربن يوم السبت إلى الانشقاق عن الحزب وتشكيل حزبا جديدا، كما حدث في الثمانينات من القرن الماضي، عندما خرجت مجموعة أطلقت على نفسها اسم «الديمقراطيون الاجتماعيون»، والتي انضمت لاحقا إلى حزب الأحرار، الذي أصبح اسمه «الديمقراطيون الأحرار».
ويعتقد المحللون، أن أكثرية النواب ستقوم في البداية بكل ما في وسعها لتجنب هذا الاحتمال، في المرحلة الأولى على الأقل، لكنهم لا يستبعدونه.
وفي اجتماع استمر ثماني ساعات لقادة الحزب يوم الثلاثاء الماضي، رفض كوربن خطة وضعها نائبه توم واتسون للسماح لنواب الحزب في البرلمان بالتصويت على من سيكون في «حكومة الظل»، أي فريق القيادة للحزب في البرلمان.
كما اقترح واتسون كذلك منح نواب الحزب والنقابات المهنية المزيد من السلطة بشأن اختيار قادة حزب العمال المستقبليين في أعقاب انتقادات معارضي كوربن للعملية الحالية، التي قال أعضاء وأنصار الحزب من القاعدة الشعبية إن «هؤلاء القادة يتمتعون بكثير من النفوذ».
ورفض كوربن وأنصاره هذه الاقتراحات ووصفوها بأنها محاولات لتقويض سلطته، وطالبوا بأن يكون لأعضاء الحزب رأي أكبر في إدارة الحزب، بما في ذلك القدرة على حكومة الظل.
وقال كوربن، الذي يصر أن تبقى سياسات الحزب في أيدي قواعده، قال في مقابلة مع «بي بي سي» إن صوت كل من أعضاء الحزب الـ600 ألف الذين يتاح لهم حتى الأربعاء الإدلاء بأصواتهم، لا يقل أهمية عن صوت أي نائب. وبالتالي، يتمتع بطل التصدي لسياسة التقشف، بدعم من النقابات العمالية. وأضاف كوربن أنه سيحتكم دائما لقواعد الحزب في قراراته، وأن الحزب تحت قيادته أصبح أكبر حزب ديمقراطي في أوروبا.
وحزب العمال أسسته النقابات في بداية القرن الماضي، وتحت قيادة توني بلير (1997 و2010) الذي فاز في الانتخابات ثلاث مرات متتالية، انحنى الحزب أكثر إلى اليمن الوسط بدلا من اليسار الوسط. ومنذ أن عاد المحافظون إلى السلطة في 2010، يبحث الحزب عن هويته بين هذا الخط الوسطي، وتيار يميل إلى اليسار. ويبدو عمليا أن من المتعذر إيجاد حل للمشكلة. ففي حين يحصل جيريمي كوربن على تأييد الناشطين، يعرب معظم النواب عن كراهيتهم له. وتؤكد ذلك استطلاعات الرأي، فهم يعتبرون أن سياسته اليسارية المتطرفة لا تساعد في عودة حزب العمال إلى تولي زمام الحكم.
وقال ستيفن فيلدينغ، المتخصص في شؤون حزب العمال في جامعة نوتينغهام، في تصريحات للوكالة الفرنسية إن «انقلابا بهذا الحجم كان يفترض أن يحمل معظم القادة على الاستقالة»، باستثناء جيريمي كوربن الذي يقول: إنه لا يريد «خيانة ثقة الناشطين». وقال: إن ماركسيين قدامى وعناصر من أنصار حماية البيئة قد التقوا في حركة «مومنتوم» التي تلتهم مثل «الطفيليات» حزب العمال من الداخل من أجل تحويله «شيئا جديدا».
وتبدو مسألة لملمة ما تبقى صعبة؛ لأن الصيف كان عنيفا، من خلال ما تضمنه من شتائم واتهامات بقصد الترهيب. حتى أن جيريمي كوربن هدد بإحالة حزبه إلى القضاء إذا ما حرم من حقه الطبيعي بالترشح.
وخلص ستيفن فيلدينغ إلى القول «إننا نتجه نحو المعادل السياسي لمعركة (صوم) التي لم تنته ولم تسفر عن منتصر حقيقي، باستثناء المحافظين الذين يسيرون نحو الانتخابات التشريعية في 2020 وهم يضحكون ملء أشداقهم».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».