اتفاق واشنطن وبغداد وأربيل يكرس كردستان منطلقًا لعملية تحرير الموصل

أوباما: مع انتهاء المهمة ستبدأ مرحلة إعادة إعمار المدينة

جانب من لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

اتفاق واشنطن وبغداد وأربيل يكرس كردستان منطلقًا لعملية تحرير الموصل

جانب من لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)
جانب من لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في نيويورك الليلة قبل الماضية (رويترز)

كشف مسؤول كردي، أمس، عن أن الاتفاق العسكري الذي توصلت إليه أربيل مع بغداد وواشنطن بشأن عملية تحرير الموصل يُركز على توزيع المهام على القوات المشاركة في العملية المرتقبة وكيفية تجمعها في إقليم كردستان وانطلاقها باتجاه الموصل، مبينا أن اتفاقا سياسيا عقد بين هذه الأطراف بشأن كيفية إدارة الموصل في مرحلة ما بعد تنظيم داعش.
وقال المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع العسكري السياسي الذي عقد أول من أمس بإشراف رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، في أربيل، بين إقليم كردستان والجيش العراقي والولايات المتحدة «وما تمخض عنه من اتفاق حول عملية تحرير الموصل، تطرق إلى عدة فقرات مهمة في هذا الإطار، منها توزيع المهام على كل القطعات العسكرية ودخولها وتجمعها في الإقليم ومن ثم انطلاقها من بعض المحاور إلى الموصل، وبتنسيق دقيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي والتحالف الدولي».
وبحسب الملامح الأولية للاتفاق، يتبين أن أربيل وبغداد توصلتا إليه بإشراف وتنسيق وتمهيد من قبل واشنطن التي كثفت في الآونة الأخيرة من خلال مسؤوليها السياسيين والعسكريين اجتماعاتها مع المسؤولين في بغداد وإقليم كردستان للخروج بصيغة توافقية للبدء بعملية تحرير المدينة.
وأضاف محمود: «سبق هذا الاتفاق العسكري بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بغداد والتقى فيها رئيس الحكومة الاتحادية وأقطاب الكتل السياسية الرئيسية في البلاد، ثم جاء إلى عاصمة إقليم كردستان ليلتقي رئيس الإقليم مسعود بارزاني، ورئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني، وفعلا كانت الأجواء إيجابية جدا، ويبدو أن المسألة الأساسية في هذه اللقاءات كانت مسألة الموصل ما بعد التحرير، ومسألة النازحين وكيفية التعامل معهم، وتهيئة الظروف الملائمة لهم، وتخفيف العبء عن الإقليم، خصوصا أن الخبراء العسكريين يتوقعون نزوح مئات الآلاف من الموصليين أثناء بدء عملية تحرير مدينتهم».
وعما إذا كان هذا الاتفاق هو الاتفاق الذي أصر عليه رئيس الإقليم لإدارة الموصل في مرحلة ما بعد «داعش»، بين محمود بالقول: «الرئيس بارزاني أكد أن مرحلة ما بعد (داعش) هي الأهم خصوصا من ناحية إدارة الموصل، وهناك توافق واضح جدا مبين الأطراف الأساسية بهذا الشأن وتفعيل دور مجلس المحافظة الذي يضم أغلبية كردية». وتابع: «أعتقد أن هناك اتفاقا سياسيا ربما لم تُعلن تفاصيله، لكن توصلت الأطراف الثلاثة (إقليم كردستان والحكومة العراقية والولايات المتحدة الأميركية) إلى توافق سياسي بشأن إدارة الموصل ومحافظة نينوى».
وأكد المستشار الإعلامي لرئيس الإقليم أن إقليم كردستان سيكون المنطلق لعملية تحرير الموصل، مضيفا: «لا يمكن الهجوم على الموصل في بعض المناطق إلا باستخدام أراضي إقليم كردستان». وقال: «ضمن خريطة الاتفاق بين الجانبين، كان هناك توافق بين الأطراف الرئيسية على عبور الجيش العراقي إلى الموصل من خلال الإقليم، وأن تقدم قوات البيشمركة خدماتها اللوجستية للقوات الداخلة إلى الموصل، وبحسب البيان الصادر عن الاجتماع العسكري والسياسي بين إقليم كردستان وبغداد والتحالف الدولي، أجروا مباحثات معمقة حول عملية تحرير الموصل، وهذا يعني أن قوات البيشمركة سيكون لها دور رئيسي في عملية الموصل حالها حال قوات الحكومة الاتحادية».
في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن تسريبات بشأن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة الموصل، مبينة أن قوات البيشمركة وميليشيات الحشد الشعبي ستكون خلال عملية تحرير الموصل متواجدة على مشارف المدينة، بينما يدخل الجيش العراقي وقوات الشرطة المحلية إلى وسط المدينة، وفيما إذا احتاجوا إلى تدخل قوات البيشمركة وميليشيات الحشد الشعبي في معالجة بعض المفاصل المهمة حينها ستدخل هاتين القوتين إلى المدينة ضمن خطة متفقة عليها.
إلى ذلك، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن إدارته ستطلب من الكونغرس ودول أخرى «تكثيف» الدعم للعراق للمساعدة في إعادة بناء الموصل بعد عملية تحريرها، المتوقعة أن تبدأ الشهر المقبل. وكان أوباما يتحدث بعد اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الليلة قبل الماضية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وحسب وكالة «رويترز»، قال أوباما أيضا إنه يتطلع إلى إحراز تقدم بحلول نهاية العام في معركة الموصل. وأضاف: «ستكون هذه معركة صعبة. الموصل مدينة كبيرة و(داعش) رسخ نفسه بقوة داخل تلك المدينة». وأشار أوباما إلى أنه بفضل التعاون بين قوات الأمن العراقية وقوات التحالف وكذلك تعاون قوات البيشمركة الكردية «نحن على ثقة في أننا في موقف يمكننا من التقدم سريعا بشكل جيد»، مضيفا أنه بمجرد انتهاء عملية الموصل يتعين إعادة بناء المدينة لمنع المتشددين من العودة إليها وقال إنه سيطلب من الكونغرس ودول أخرى تقديم الدعم لتلك الجهود. واستطرد قائلا: «نأمل بحلول نهاية هذا العام في أن نشهد مزيدا من التقدم فيما يتعلق بالموصل.. ومزيدا من التقدم فيما يتعلق بالاستقرار الاقتصادي والسياسي في العراق».
وردد العبادي تصريحات أوباما بشأن الإطار الزمني لعملية الموصل. ويشير القادة العسكريون في العراق إلى أن العملية التي تهدف إلى طرد التنظيم من المدينة قد تبدأ بحلول أواخر الشهر المقبل.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.