بغداد تستبق معركة الموصل الفاصلة برفض تصريحات إردوغان حول «درع الفرات» العراقية

خبير استراتيجي: «داعش» ثالث اهتمامات تركيا بعد حزب العمال والأكراد

رتل من الشاحنات تقل نازحين عائدين إلى الفلوجة أول من أمس (رويترز)
رتل من الشاحنات تقل نازحين عائدين إلى الفلوجة أول من أمس (رويترز)
TT

بغداد تستبق معركة الموصل الفاصلة برفض تصريحات إردوغان حول «درع الفرات» العراقية

رتل من الشاحنات تقل نازحين عائدين إلى الفلوجة أول من أمس (رويترز)
رتل من الشاحنات تقل نازحين عائدين إلى الفلوجة أول من أمس (رويترز)

في وقت تؤكد فيه عدة مصادر عراقية متطابقة أن ساعة الصفر لمعركة الموصل باتت وشيكة وأن موعد انطلاقها شبه المؤكد مطلع الشهر المقبل، بلغ العراق تركيا أمس رفضه التصريحات التركية حول القيام بعملية عسكرية تركيّة في العراق مماثلة للعمليّة التي حصلت في سوريا خلال الفترة الماضية، التي عرفت بعملية «درع الفرات».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد أكد، الأربعاء الماضي، أن الموصل تحتاج إلى عملية شبيهة بـ«درع الفرات» التي نفذتها القوات التركية مع عناصر الجيش الحر والتحالف الدولي في شمال سوريا، وحررت خلالها جرابلس والراعي من تنظيم داعش.
وقال بيان للخارجية العراقية إن وزير الخارجية العراقي، إبراهيم الجعفري «التقى على هامش اجتماعات قِمَّة حركة عدم الانحياز السابعة عشرة في فنزويلا بوزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو». وأضاف البيان نقلاً عن الجعفري أن «العراق سجل موقفًا إيجابيًا مع تركيا خلال فترة الانقلاب الذي حصل في يوليو (تموز) الماضي ويؤكد تعزيز علاقاته مع تركيا»، مشيرًا إلى أن «التصريحات الأخيرة الصادرة عن الجانب التركي الخاصة بالقيام بعملية عسكرية تركيَّة في العراق مماثلة للعمليّة التي حصلت في سوريا خلال الفترة الماضية، تبعث على الاستغراب». وشدد الجعفري بحسب البيان: «إننا نرفض رفضًا قاطعًا أي عمليّة عسكرية تتمّ على الحدود المشتركة من دون علم وتنسيق مع الحكومة الاتحادية ببغداد»، مجددًا تأكيده على «رفض العراق المستمر لوجود القوات التركية قرب مدينة بعشيقة وضرورة سحبها من داخل الأراضي العراقيّة وإنهاء هذا الملف من سجل العلاقات العراقية - التركية».
وفي هذا السياق، أكدت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، أنها سبقت السلطة التنفيذية في مواقفها الرافضة للتدخل الخارجي، ومنها دخول قوات تركية إلى الأراضي العراقية دون مشاورة مع الحكومة العراقية. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، عبد الباري زيباري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف البرلمان العراقي ومن خلال لجنة العلاقات الخارجية واضح من هذا الموضوع، حيث سبق لنا من عدة شهور أن ثبتنا موقفنا من هذه التطورات على صعيد التحرك التركي، وقد حولناه إلى قرار تم التصويت عليه داخل قبة البرلمان، وبذلك فإننا سبقنا السلطة التنفيذية في توضيح مثل هذه الأمور». وأضاف: «إننا في ضوء هذه التطورات نؤكد مجددًا رفضنا لأي وجود للقوات التركية داخل الأراضي العراقية، سواء تلك القوات الموجودة في معسكر بعشيقة قرب الموصل أو القواعد التركية الموجودة داخل إقليم كردستان، وبالذات في محافظة دهوك ومناطق أخرى التي تبلغ بين 7 و9 قواعد»، مبينًا أن «هذه القواعد التي وجدت لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني ضمن اتفاق كان شفويًا مع النظام السابق، بينما يقول الأتراك إنه ضمن اتفاق مكتوب، لكننا حين تابعنا الأمر لم نعثر على أي وثيقة في الخارجية وفي غيرها من المؤسسات المعنية تشير إلى وجود مثل هذا الاتفاق، وبالتالي فإن وجود القوات التركية وقواعدها ليس شرعيًا».
وحول التصريحات الخاصة بإمكانية قيام عملية عسكرية في العراق على غرار درع الفرات في سوريا، قال زيباري: «لا أعتقد أن الأتراك يمكن أن يقوموا بمثل هذه العملية، لكنهم يبدو بحاجة إلى قراءة المواقف ومعرفة ردود الفعل». ودعا زيباري تركيا «بوصفها تقول إنها تحارب تنظيم داعش أن تنسق مع الحكومة العراقية بشأن كل ما يتعلق بالحرب ضد (داعش)، إذ إن الحرب تتطلب تنسيقًا مسبقًا، وهو ما يعني دخولها في مفاوضات صريحة لترتيب مثل هذه الأمور».
بدوره، يرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، الدكتور واثق الهاشمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأولويات التركية في الحقيقة ليست (داعش)، بل حزب العمال الكردستاني ومنع إقامة دولة كردية، وبالتالي فإن هذه المعادلة شديدة الاختلال يبدو من الصعب التعامل معها عراقيًا، لأن أولوية العراق هي الخلاص من (داعش)، كما أنه في الوقت نفسه يسعى من أجل إقامة علاقة جيدة مع تركيا». وأضاف أن «تركيا كان يجب أن تأخذ الموقف العراقي الإيجابي من الانقلاب الفاشل ضد الرئيس رجب طيب إردوغان، حيث وقفت مع الشرعية، بينما تركيا تقابل العراق بمواقف تثير المخاوف، منها ما أعلنه إردوغان قبل فترة من أنهم لن ينسحبوا من بعشيقة، وهو ما يعني أن لديهم ترتيبات إلى ما بعد تحرير الموصل». وكشف الهاشمي أن «بغداد رفضت طلبًا لرئيس الوزراء التركي الجديد بن علي يلديرم لزيارة بغداد، حيث ربطته بانسحاب القوات التركية من الأراضي العراقية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.