موسكو ترد على الغارات الأميركية.. وتكشف عن فقرات في نص الاتفاق

وجهت انتقادات غاضبة لقصف مواقع الأسد لكنها تمسكت بالتعاون مع الأميركيين

موسكو ترد على الغارات الأميركية.. وتكشف عن فقرات في نص الاتفاق
TT

موسكو ترد على الغارات الأميركية.. وتكشف عن فقرات في نص الاتفاق

موسكو ترد على الغارات الأميركية.. وتكشف عن فقرات في نص الاتفاق

وجهت الدبلوماسية الروسية، أمس، جملة انتقادات غاضبة للولايات المتحدة الأميركية على خلفية قصف طائرات تابعة للتحالف الدولي مواقع لقوات النظام السوري قرب دير الزور، وبلغ غضب موسكو مستويات غير مسبوقة على ما يبدو؛ الأمر الذي دفع فيتالي تشوركين، مندوب روسيا في الأمم المتحدة، إلى الكشف عن بعض فقرات الاتفاق الأميركي - الروسي حول سوريا، بينما وصفت الخارجية الروسية ما جرى بأنه «يكاد يكون انغماسا أميركيا مع (داعش)»، وسبق ذلك مشادة كلامية عبر التصريحات بين ماريا زاخاروفا، المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، في ردها على سمانثا باور، مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي. وشارك في موجة الانتقادات الروسية الحادة للولايات المتحدة شخصيات برلمانية روسية، إلا أن تلك الانتقادات ترافقت مع تأكيد روسي على التمسك بمواصلة المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن تسوية الأزمة السورية.
وكانت الخارجية الروسية قد أصدرت أمس بيانا رسميا علقت فيه على قصف طائرات تابعة للتحالف الدولي مواقع في دير الزور، أعربت فيه عن بالغ قلقها إزاء الحادثة، ودعت الجانب الأميركي إلى التحقيق بدقة في الحادثة، واتخاذ التدابير الضرورية لعدم تكرار عمليات كتلك لاحقا. وبعد هذه المقدمة «لطيفة اللهجة» انتقل بيان الخارجية تدريجيا إلى انتقادات حادة، حين أشار إلى أن «موسكو تعرب عن أسفها إزاء الموقف الأميركي غير البناء خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن» لمناقشة ما جرى في دير الزور، متهمًا مندوبة الولايات المتحدة بأنها «لم تقدم شرحا منطقيا لما جرى، بل وحاولت كعادتها قلب الحقائق رأسا على عقب». وأضافت الخارجية الروسية في بيانها، أنها «تنظر إلى ما جرى على أنه نتيجة طبيعية للرفض الأميركي بتعنت لإطلاق تعاون تام مع روسيا في التصدي لـ(داعش) و(جبهة النصرة) وغيرهما من مجموعات تابعة لهم»، واصفة ما قام به الطيارون بأنه «عمل يقف على حدود الإهمال الذي يصل حد الإجرام و(على حدود) الانغماس (التشجيع) مع إرهابيي (داعش)»، معربة عن أملها بأن «هذا الأمر جرى ليس بأوامر مباشرة من واشنطن». وختمت الخارجية الروسية بيانها مكررة الدعوة للولايات المتحدة بأن تمارس الضغط على المعارضة السورية للالتزام التام غير المشروط باتفاق وقف إطلاق النار، محذرة من أنه «في أسوأ الأحوال فإن (عدم قيام واشنطن بذلك) يشكل تهديدا لتنفيذ مجمل حزم الاتفاق الأميركي –الروسي، وهو ما يتعارض مع مصالح المجتمع الدولي بأسره»، حسب الخارجية الروسية.
في السياق ذاته، انتقد فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن الدولي، الغارات الأميركية قرب دير الزور، وقرر الكشف عن بعض تفاصيل الاتفاق الأميركي ـ الروسي، ليربط بين ما نصت عليه تلك الفقرات وحادثة دير الزور، كي يضع الجميع أمام استنتاج بأن الولايات المتحدة ربما تعمدت شن تلك الغارات كي تعطل تنفيذ بعض فقرات الاتفاق. وبعد أن أبدى استغرابه مجددا للأسباب التي تجعل الأميركيين يصرون على رفضهم نشر نص الاتفاق، كشف تشوركين عن أن مقدمة الاتفاق تنص على أن «روسيا والولايات المتحدة تنويان القيام بجهود مشتركة لاستقرار الوضع في سوريا، والتي تتضمن تدابير خاصة لمنطقة حلب. إن تحديد المناطق الخاضعة لسيطرة (داعش) و(جبهة النصرة) ومناطق المعارضة المعتدلة، يبقى أولوية رئيسية تماما كما هي مهمة الفصل بين تشكيلات المعارضة وتشكيلات (النصرة)». وبعد قراءته هذا المقطع أشار تشوركين إلى وثيقة أخرى تم الاتفاق عليها مع الأميركيين حول لجنة العمل المشتركة، كاشفا عن أن الاتفاق ينص على أن اللجنة يجب أن تبدأ عملها يوم 19 سبتمبر (أيلول)، مردفا أنه «لو أرادت الولايات المتحدة توجيه ضربة موجعة لـ(جبهة النصرة) في دير الزور أو أي مكان آخر، كان بوسعها أن تنتظر يومين فقط لتبدأ التنسيق مع العسكريين الروس، والتأكد من أنهم يضربون من يجب ضربهم. عوضًا عن ذلك قرروا تنفيذ تلك العملية المتهورة» حسب وصفه، إلا أنه ورغم كل تلك الانتقادات لم يوافق مع فكرة أنه آن الأوان لوضع شاهدة على نعش الاتفاق الأميركي ـ الروسي.
في الشأن ذاته، انتقد عدد من كبار المسؤولين في البرلمان الروسي الغارات الأميركية قرب دير زور، إلا أنهم رفضوا أيضا الحديث عن نهاية التعاون مع الولايات المتحدة في سوريا. إذ وصفت فالنتينا ماتفيينكو تلك الغارات بأنها «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا»، مشددة في الوقت ذاته على أن «روسيا لديها قدر كبير من الصبر، وسنواصل المحادثات (مع الولايات المتحدة حول سوريا)، وسنظهر إصرارا؛ نظرا لأنه لا يوجد درب آخر سوى المفاوضات لتحقيق السلام على الأرض السورية المعذبة» حسب قولها، معربة عن أملها في أن «يبذل الجانب الآخر (أي الولايات المتحدة) جهودا مماثلة». من جانبه وصف قسطنطين كوساتشيوف، رئيس لجنة مجلس الدوما للشؤون الدولية، الغارات التي شنتها طائرات التحالف في دير الزور بأنها «ضربة للاتفاق الأميركي - الروسي»، مردفا أن «الولايات المتحدة بذلك تشكل تهديدا جديا لتنفيذ العملية المعقدة بتوحيد الجهود للتصدي للإرهابيين وللفصل بين المعتدلين والإرهابيين»، إلا أنه، وفق ما يرى البرلماني الروسي «من المهم جدا ألا يتم إحباط تلك الجهود»، داعيا للعمل على مستوى مجلس الأمن الدولي «كي لا نسمح للولايات المتحدة بالتنصل من تنفيذ الاتفاق».
ولعل المؤشر الأكثر وضوحا لمدى الغضب الروسي مما ترى موسكو أنها محاولات أميركية للتنصل من التزاماتها بالاتفاق حول التسوية السورية هو تصريحات ماريا زاخاروفا، التي ردت فيها على سمانثا باور، مندوبة الولايات المتحدة الدائمة في مجلس الأمن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.