لبنان: تحذيرات من انعكاسات وضع المسيحيين في مواجهة المسلمين على العلاقات بين الطائفتين

فرعون لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله» طالب بضمانات رئاسية على طاولة الحوار

لبنان: تحذيرات من انعكاسات وضع المسيحيين في مواجهة المسلمين على العلاقات بين الطائفتين
TT

لبنان: تحذيرات من انعكاسات وضع المسيحيين في مواجهة المسلمين على العلاقات بين الطائفتين

لبنان: تحذيرات من انعكاسات وضع المسيحيين في مواجهة المسلمين على العلاقات بين الطائفتين

حذر وزير الاتصالات بطرس حرب، أمس، من أن «وضع المسيحيين في مواجهة المسلمين في سبيل تمرير مصالح سياسية لا غير، سينعكس ضررًا على العلاقات المسيحية الإسلامية»، وذلك بموازاة إصرار رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، على التمسّك بما يصفه بـ«الميثاقية» وحصر التمثيل المسيحي بانتخابه رئيسًا للجمهورية.
وإذا كان إصرار عون على المضي بخيار المواجهة مع كل المكوّنات الأخرى الرافضة وصوله إلى قصر بعبدا، يعتمد على دعم ما يسمّى «حزب الله» السياسي (والعسكري) له، فإن هذا الدعم بدأ ينذر بالأسوأ، لا سيما، أن الحزب أعطى عون جرعة دعم إضافية تشجعه على المضي في تصعيده. إذ اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب، الشيخ نبيل قاووق، أن «شعور مكون أساسي في لبنان بالإقصاء والتهميش والاستهداف، يعتبر وصفة مثالية لخراب البلد»، في إشارة إلى تيار عون الذي يكرّر أنه يدافع عن حقوق المسيحيين في وجه التهميش والإقصاء.
ويبدو أن التطورات التي تشهدها المنطقة، ضاعفت الهواجس لدى كلّ المكونات، بحسب وزير السياحة، ميشال فرعون، الذي أوضح أن «هواجس التغيرات التي تشهدها المنطقة باتت تسكن كل الطوائف اللبنانية». وكشف فرعون لـ«الشرق الأوسط» أن «(حزب الله) وبما يمثّل داخل الطائفة الشيعية طالب في جلسات الحوار الأخيرة بضمانات بمسألة رئاسة الجمهورية، وتطمينات تعطيه الحدّ الأدنى من الثقة تجاه المرحلة المقبلة»، معتبرًا أن «هواجس الشيعة تنسحب أيضًا على المسيحيين الذين يريدون تمثيلاً فاعلاً لهم في الدولة، كما تنسحب على السنة الذين لديهم قلق من وجود السلاح بيد فريق من اللبنانيين». وشدد فرعون على أن «ما تسمّى ميثاقية هي مطالب سياسية، وتحقيقها يحتاج إلى صراحة وحوار للوصل إلى حل»، لافتًا في الوقت نفسه إلى أن «الحل لن يأتي إلا على قاعدة التسوية».
غير أن حملة الضغط العونية وما لها من انعكاسات على واقع المسيحيين، رفضها منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد، الذي قال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الرأي العام المسيحي «بدأ يستشعر خطورة خطاب ميشال عون وتياره، الذي يضع جميع المسيحيين في دائرة الخطر». وتابع سعيد: «لا يمكن وضع مستقبل المسيحيين على قاعدة موازين القوة، فهم أساس قيام دولة لبنان الكبير، القائمة على قوّة التوازن وليس على ميزان القوّة».
وأضاف منسق الأمانة العامة لـ«14 آذار» في تصريحه: «في العام 1988 قال عون أريد أن أكون رئيسًا للجمهورية، وعندما رفض حافظ الأسد الذي كان يحكم لبنان أن يعطيه هذا المنصب، أعلن حرب التحرير على السوريين، واليوم يقول عون إذا لم أكن رئيسًا ستكون معركتي مع المسلمين، وهذا أمر يُشعر المسيحيين بالخطر، ويدخلهم في المجهول، في ظلّ وضع إقليمي معقّد للغاية». وتساءل سعيد: «ماذا يعني كلام عون اليومي عن حقوق المسيحيين؟ ألا يستدعي ذلك كلامًا في المقابل يطالب بحقوق المسلمين؟ وماذا يعني تهديده لاتفاق الطائف؟». وشدد على أن «(حزب الله) يريد استخدام المسيحيين عصًا لضرب السنة في لبنان». وختم سعيد تصريحه بالقول: «المسيحيون يخيفهم ميشال عون ولا يخيفهم المسلمون».
من جهته، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح، أن «لا تغيير في موقف كتلة المستقبل الرافض وصول عون إلى الرئاسة، لكونه لا يشكل رئيسًا استقلاليًا وليست لديه أجندة وطنية ولا يعبر عن الرأي العام المسيحي»، مستبعدًا انتخاب عون رئيسا للجمهورية في جلسة الثامن والعشرين من سبتمبر (أيلول) الحالي.
وقال الجراح إن عون «منخرط في المشروع الإيراني انطلاقا من تحالفه مع (حزب الله) ودعمه سلاحه وتدخله في الحرب السورية، ورئيس (التيار الوطني الحر) الوزير جبران باسيل، أساء إلى العلاقات اللبنانية مع الدول العربية من خلال مواقفه وانضوائه في المشروع الفارسي». وعمّا إذا كان تيار «المستقبل» ماضٍ في ترشيح النائب سليمان فرنجية إلى الرئاسة، قال الجراح: «طموحنا كان إيصال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية، ولكن في ظل تعذر ذلك، يأتي دعم الرئيس سعد الحريري لوصول النائب سليمان فرنجية إلى الرئاسة في إطار التنازلات لإنهاء الفراغ وليس لإطالة أمده»، مشددًا على أن «إيران هي التي تسعى إلى استمرار الشغور الرئاسي للوصول إلى تسويات على حساب لبنان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.