عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل.. الجزائر تفرض ضريبة على التونسيين

بعد إجبار سياح وتجار جزائريين على دفع 14 دولارًا بالحدود الشرقية

جانب من الحدود التونسية ــ الجزائرية (أ.ف.ب)
جانب من الحدود التونسية ــ الجزائرية (أ.ف.ب)
TT

عملاً بمبدأ المعاملة بالمثل.. الجزائر تفرض ضريبة على التونسيين

جانب من الحدود التونسية ــ الجزائرية (أ.ف.ب)
جانب من الحدود التونسية ــ الجزائرية (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الجزائرية فرض ضريبة على دخول مركبات المواطنين التونسيين عبر الحدود. وجاء هذا الإجراء بعد استياء عدد كبير من الجزائريين من إجبارهم على دفع 30 دينارًا تونسيًا (نحو 14 دولارًا أميركيًا)، بالحدود البرية خلال الصيف المنقضي. وكتب وزير الخارجية رمضان لعمامرة في مراسلة لبرلماني إسلامي، تملك «الشرق الأوسط» نسخة منها، استفسره عن الضريبة التي يدفعها الجزائريون بالحدود التونسية، بأن «الأمر يتعلق ببلد مجاور تجمعنا به علاقات مميزة، وقد قررنا بدء الإجراءات المتعلقة بتطبيق المعاملة بالمثل، مع إبقاء الباب مفتوحا لمواصلة المشاورات مع السلطات التونسية الشقيقة قصد إلغاء هذه الضريبة».
وأوضح لعمامرة أن الضريبة المعتمدة بالجمارك التونسية بالحدود «تم استحداثها بموجب قانون المالية التكميلي التونسي لسنة 2014، الذي تمت المصادقة عليه بتاريخ 7 مارس (آذار) 2015»، مشيرا إلى أن الضريبة التونسية «تطبق على جميع الرعايا الأجانب الوافدين إلى تونس، عبر المنافذ البرية أو البحرية، وبالتالي فهي غير تمييزية».
وذكر برلماني «جبهة العدالة والتنمية» الأخضر بن خلاف، في سؤال كتابي لوزير الخارجية، أن «السائح التونسي يتلقى كل التسهيلات أثناء دخوله إلى التراب الجزائري، ويصول ويجول دون أي قيود، فيما يتعرض السائح الجزائري بالمعبرين الحدوديين بتبسة وأم الطبول (أقصى الشرق)، إلى ابتزاز حقيقي من الجانب التونسي، يتمثل في تسديد ضريبة مقدرة بـ30 دينارا تونسيا، أي ما يعادل 11 يورو، أو 2100 دينار جزائري، في كل مرة يدخل فيها التراب التونسي بسيارته، حتى لو كان من الناقلين الخواص العاملين على خط عنابة (شرق الجزائر) – تونس العاصمة، الذين في كثير من الأحيان يدخلون مرتين في اليوم الواحد، وهو ما يكلفهم مصاريف إضافية، زيادة على سوء المعاملة التي يتعرضون لها من طرف بعض الأعوان التونسيين».
ونظم مزارعون جزائريون، يدخلون يوميا إلى تونس لبيع منتجاتهم، احتجاجا بالمعبر الحدودي تبسة، في شهر أغسطس (آب) الماضي، مطالبين بإلغاء الضريبة بحجة أنها تثقل كاهلهم.
يشار إلى أن نحو مليون و200 ألف جزائري قضوا عطلة الصيف بتونس هذا العام، ويحلو للجزائريين القول بأنهم «أنقذوا السياحة التونسية من الانهيار»، وبخاصة بعد الاعتداءين الإرهابيين على متحف «باردو» بالعاصمة، وسوسة الساحلية العام الماضي.
إلى ذلك، قال رئيس الحكومة الأسبق ورئيس الحزب المعارض «طلائع الحريات»، علي بن فليس، في بيان، عقب اجتماعه بكوادر الحزب أمس، إنه «يستغرب الضبابية التامة التي لا يزال النظام السياسي القائم يحيط بها النموذج الجديد للنمو الاقتصادي، الذي أعلن عنه دون الإفصاح عن مضمونه الدقيق، الذي يظهر وكأنه قد تم تصنيفه من بين أسرار الدولة الأكثر حماية وكتمانا»، في إشارة إلى حديث رئيس الوزراء عبد المالك سلال في شهر يونيو (حزيران) الماضي، بأن الحكومة أعدت «نموذجا اقتصاديا جديدا» بديلا لاقتصاد المحروقات، لمواجهة أزمة أسعار النفط.
غير أن سلال لم يشرح الخطة الاقتصادية الجديدة، ما أثار شكوك المعارضة في كون السلطات «بصدد ربح الوقت لتفادي غضب الشارع» الذي تنتظره ضرائب ورسوم جديد مطلع العام المقبل.
وأوضح بن فليس أن السلطات العمومية «تتمادى في تفضيل مقاربة حسابية بحتة للأزمة الاقتصادية، دون مرافقتها بمعالجة هيكلية للاختلالات العميقة التي تعاني منها المنظومة الاقتصادية الوطنية، والتي تضرب جذورها في الطبيعة الريعية والزبائنية والمحاباتية، والتسيير غير الناجع وغير الأمين للثروة الوطنية»، مضيفا أن «الانسداد السياسي الراهن واستفحال الأزمة الاقتصادية الخانقة، ما هما إلا وجهان لعملة واحدة تعكس أزمة منظومة سياسية بلغت مداها، ولم يعد في استطاعتها التكفل على الوجه المطلوب بالرهانات المطروحة على البلد، وباتت تمنعه هي بنفسها من الوقوف قصد كسب ذات الرهانات، عبر استفاقة وطنية جامعة وتعبئة وطنية شاملة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».