قوات أميركية لدعم تركيا في سوريا.. وموالون لأنقرة يطردونها من {الراعي}

الأطراف المتحاربة تستفيد من الهدنة لشن عمليات ضد «داعش» في دير الزور وريف حلب

شاحنات تركية محملة بالمساعدات الإنسانية في طريقها إلى الأراضي السورية (رويترز)
شاحنات تركية محملة بالمساعدات الإنسانية في طريقها إلى الأراضي السورية (رويترز)
TT

قوات أميركية لدعم تركيا في سوريا.. وموالون لأنقرة يطردونها من {الراعي}

شاحنات تركية محملة بالمساعدات الإنسانية في طريقها إلى الأراضي السورية (رويترز)
شاحنات تركية محملة بالمساعدات الإنسانية في طريقها إلى الأراضي السورية (رويترز)

وجهت الهدنة الأميركية – الروسية في سوريا، الجهود الحربية لمعظم الأطراف المتحاربة، باتجاه تنظيم داعش، حيث تعد القوات التركية مدعومة بحلفائها في «الجيش السوري الحر» للانطلاق في معركة السيطرة على مدينة الباب، في حين واصلت الميليشيات الكردية ومن يدعمها معاركها ضد التنظيم المتطرف جنوبي بلدة مارع، وحققت قوات النظام السوري تقدمًا ملموسًا في مدينة دير الزور.
بموازاة التحضيرات الجارية في شمال محافظة حلب للتقدم باتجاه الباب، سجلت فصائل المعارضة المدعومة من تركيا موقفًا ملتبسًا، تمثل في طرد قوات ومستشارين أميركيين من بلدة الراعي الحدودية مع تركيا، بعد وقت قصير من دخولهم إلى البلدة، علما بأن طائرات التحالف الدولي تدعم القوات المدعومة من تركيا في حربها ضد التنظيم، ولقد سجلت غارات جوية خلال اليومين الماضيين استهدفت تمركزات التنظيم في الباب وريفها.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر من المعارضة السورية قوله إن عددا صغيرا من القوات الأميركية «دخل بلدة الراعي قرب الحدود مع تركيا في إطار تنسيق الضربات الجوية على (داعش)»، وذلك قبل إعلانه أن العسكريين الأميركيين الذين تراوح عددهم بين خمسة وستة اضطروا إلى الانسحاب صوب الحدود التركية بعدما احتج مقاتلون سوريون على وجودهم في البلدة.
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الواقعة، وقال إن العسكريين الأميركيين «غادروا بلدة الراعي، لكنهم ما زالوا داخل سوريا». وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن مقاتلين معارضين يتبعون جماعة «أحرار الشرقية» التي تتحدّر من مدينة دير الزور «احتجوا على دخول القوات الأميركية وطردوا المستشارين الأميركيين من البلدة»، مشيرًا إلى أن العسكريين الأميركيين «كانوا بصدد تنسيق العمليات ضد (داعش) في مدينة الباب»، وأنهم «تراجعوا إلى الشريط الحدودي مع تركيا».
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون، انسحاب آليات عسكرية ادعوا أن جنودا أميركيين كانوا في داخلها. وبحسب ناشطين، فإن من وصفوها بـ«الفصائل الإسلامية نددت بالتدخل الأميركي واعتبرته احتلالاً صليبيًا»، كما طالب المقاتلون «بعبارات متطرفة» «درع الفرات» بخروج الأميركيين. وحسب التقارير، حدث خلاف حاد بين الفصائل الإسلامية والفصائل المدعومة من تركيا على ضوء المطالب بمغادرة الأميركيين. وتحدث ناشطون عن «إعلان بعض الفصائل الإسلامية تعليق العمل العسكري في جرابلس والراعي» احتجاجًا على دخول الأميركيين.
تأتي هذه الحادثة في ظل الترتيبات العسكرية الأميركية والتركية مع الفصائل الحليفة لأنقرة، بالدخول إلى مدينة الباب، لتكون المرحلة الثالثة من عملية «درع الفرات». وأكد مصدر عسكري معارض في شمال محافظة حلب لـ«الشرق الأوسط» أن العملية «باتت قريبة جدًا ويتوقع أن تبدأ السبت»، مشيرًا إلى أن الطائرات التركية وطائرات التحالف «أنجزت مهمات قصف تمركزات التنظيم تمهيدًا لانطلاق العملية». وفي المقابل، أفاد المصدر بأن «المقاتلين الأجانب في تنظيم داعش، بدأوا بمغادرة مدينة الباب»، لافتًا إلى أن التنظيم «استبق العملية» بقصف مواقع للجيش الحر في بلدة الراعي بمدافع الميدان. وتفصل قوات المعارضة السورية المدعومة من أنقرة عن مدينة الباب نحو 20 كيلومترًا؛ إذ تتواجد في بلدة الراعي وريفها، وتعد للاتجاه جنوبًا نحو الباب.
وفي السياق نفسه، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات وآليات تركية عبرت الحدود السورية – التركية، في مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من قبلها؛ بهدف الاستمرار في مساندة الفصائل المقاتلة والإسلامية، بغية توسيع نطاق سيطرتها في مثلث جرابلس – الراعي – الباب، بعد تمكن هذه الفصائل من طرد تنظيم داعش مما تبقى من القرى التي يتمركز فيها مسلحو التنظيم على الشريط الحدودي مع تركيا. وأفاد «المرصد» بأن طائرات حربية نفذت ما لا يقل عن 4 غارات، على مناطق في قرية طعانة بريف حلب الشرقي، والخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، كما سقطت قذائف على مناطق في قريتي براغيدة وكفرغان بريف حلب الشمالي والخاضعة لسيطرة التنظيم.
من جهة ثانية، يبدو أن جميع الأطراف، تستفيد من الهدنة لتكثيف معاركها ضد تنظيم داعش؛ إذ تواصل قوات «مجلس الباب العسكري» التي تتألف من مقاتلين عرب وأكراد، معاركها ضد التنظيم جنوبي مارع بريف حلب الشمالي، بينما يواصل النظام معاركه ضد «داعش» في دير الزور، حيث حقق تقدمًا عسكريًا في التلال الغربية للمدينة، وصد هجمات للتنظيم على حويجة صكر أول من أمس، كما شنت عمليات في ريف محافظة حمص الشرقي ضد التنظيم. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» بمقتل 7 مدنيين وإصابة 12 آخرين، مساء الخميس - الجمعة، جراء استهداف التنظيم بقذائف الهاون ومدافع محلية الصنع أحياء الجورة والقصور والموظفين الخاضعة لسيطرة النظام بمدينة دير الزور، مشيرًا إلى أن أكثر من 17 قذيفة توزعت على الأحياء الثلاثة. بالتزامن، برز قصف مجهول المصدر لمدينة الميادين في محافظة دير الزور أول من أمس، أسفر عن سقوط قتلى مدنيين أيضًا. ووثق ناشطون مقتل 27 مدنيًا في تلك الغارات الجوية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.