* يتميّـز الكاتب بشيء خاص ما يجعل القارئ يلحظه أولاً ثم يتابعه في كل مرة. هذا يحدث مع كل الكتاب في كل أنواع الكتابة. في الرواية وفي العمود اليومي ومع كتّـاب التحقيقات أو محللي الأحداث، كذلك النقاد ونقاد السينما على وجه الخصوص.
* الشيء الخاص قد يكون سعة اطلاع أو أسلوب طرح أو قدرة على كشف ما لا يثير اهتمام سواه. وهذا أيضًا ينطبق على الناقد السينمائي الذي قد تميّـزه سعة معلوماته أو الطريقة التي يتناول فيها ما يكتبه أو قدرته على تحليل الفيلم والذهاب إلى حيث لم يذهب سواه. إذا ما اجتمعت هذه الصفات في ناقد واحد زاد تميّـزه. وجد فيه القراء شيئا يشبه المدرسة في حد ذاتها. يتعرّف منها إلى خصائص السينما وخصائص الكتابة عنها في وقت واحد.
* غني عن القول، بالتالي، أن من لا يتميّـز يمر في سماء الكتابة مثل طائرة على ارتفاع عال. حتى ولو كتب في مجلة أو صحيفة مشهورة. وتاريخ نقد الأفلام والكتابة عن السينما في العالم العربي حفل بهم ولا يزال. معظم هؤلاء سارعوا في كتاباتهم لتأكيد الذات عبر إطلاق الرأي، بدءًا من العناوين وانتهاء بالكلمة الأخيرة في المقال.
* في الاعتبار هنا، أن النقد هو رأي الناقد، وهذا ليس صحيحًا. والبعض يعتقد أن على النقد أن يكون بناءً، لكن الناقد ليس «معمرجيًا» ليبني. حسبه أنه يشير إلى حيث توجب الإشارة بحسنات العمل وسيئاته، وطريقته في ذلك أن يكون مثقفًا، ويملك دراية في كل جوانب العمل ويوردها لكي يوسع أفق القارئ، وليس لكي يظهر بمظهر العارف.
* ومن حسن الحظ، أن النقد السينمائي في العالم العربي حفل، ولا يزال، بمن تميّـز في جوانب النقد المختلفة وأصبح نجمًا في مجاله. بما أن النقد ليس مجرد رأي في العمل، وبما أن الكتابة النقدية هي السعي لإشراك القارئ في المعرفة؛ فإن ثراء المادة يصبح مضمونًا كذلك نسبة المتابعين لها.
* من يكتب في السينما منذ سنوات بعيدة استمر لأنه تميّـز بما أثار له معجبين ومتابعين. من كتب وانصرف، انصرف لأنه لم يجد الصلة الصحيحة بينه وبين القراء الذين هم ليسوا مجرد عدد يقرأ كل شيء، بل يمحص (اليوم أكثر من أي وقت مضى) فيما يقرأه. يقارن بين النقاد ويختار من يداوم قراءته وحده أو أكثر من سواه.
* بما أن القراء يعكسون بدورهم تبدّل الأجيال، فإن الناقد الأكثر نجاحًا هو من لا يزال مصدر متابعة القراء الذين صاحبوه في شبابه، إضافة إلى الجيل الجديد الذي يريد التهام المعرفة السينمائية متجاوزًا مبدأ المشاهدة لذاتها. هؤلاء لم يعاصروا العهد الذهبي للمخرجين، لكنهم تواقون للمعرفة. وهم يعيشون عصر السينما السائدة وعلى الناقد تأمينها لهم أيضًا.
المشهد: أي ناقد؟ أي قارئ؟
المشهد: أي ناقد؟ أي قارئ؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة