لعبة الكراسي الموسيقية للأحزاب الألمانية

ائتلافات من 3 أحزاب بدلاً من نموذج حكومة الحزبين

صومالية في أحد مراكز اللاجئين غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
صومالية في أحد مراكز اللاجئين غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

لعبة الكراسي الموسيقية للأحزاب الألمانية

صومالية في أحد مراكز اللاجئين غرب ألمانيا (أ.ف.ب)
صومالية في أحد مراكز اللاجئين غرب ألمانيا (أ.ف.ب)

بعد الخسارات الفادحة في ولايتي بادن فورتمبيرغ وميكلنبورغ فوربومرن، تشير نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة إلى خسارة من النوع الثقيل لحزب المستشارة أنجيلا ميركل في ولاية برلين أيضًا، وكله بسبب قضية اللاجئين.
استقبال اللاجئين وتوفير الإقامة لهم في برلين يعد محل خلاف منذ فترة طويلة مثلما هي الحال في ولايات ألمانية أخرى. وأصبح العمل الذي يقوم به المكتب الإقليمي للصحة والشؤون الاجتماعية المعروف اختصارا باسم «لاجيسو» مرادفا لفشل إداري في التعامل مع أزمة اللجوء.
واتهمت ميركل عمدة برلين، ميشائيل مولر، بأنه يتهرب من المسؤولية في ما يتعلق بسياسة اللجوء، وذلك قبل وقت قصير من إجراء انتخابات مجلس النواب المحلية ببرلين. وقالت ميركل التي ترأس «الاتحاد المسيحي» المكون من حزبها «المسيحي الديمقراطي» و«الحزب المسيحي الاجتماعي»، بولاية بافاريا، في تصريحات خاصة لصحيفة «تاجس شبيغل» الألمانية في عددها الصادر أمس الثلاثاء، إن مولر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي «يتنصل من مسؤوليته». وتابعت المستشارة قائلة: «ولكنني أعلم من واقع تجربتي الخاصة أن رؤساء الحكومات يتحملون المسؤولية دائما، ويتم تحميلهم المسؤولية دائما عند إجراء الانتخابات».
وقبل انتخاب مجلس النواب الجديد في برلين يوم الأحد المقبل، ظهرت الاضطرابات داخل الائتلاف الحاكم بألمانيا مجددا بشكل أوضح. ونوهت ميركل بأن حزبها المسيحي أحرز أوجه تقدم في مجالات سياسية مهمة ببرلين، وقالت إنه منذ مشاركة حزبها في حكومة برلين، أصبحت الأوضاع أفضل في العاصمة. وذكرت أمثلة على ذلك ببناء مساكن جديدة، واتخاذ إجراءات جديدة في البنية التحتية، والقيام بمساع أكثر وضوحا بهدف تحسين الأمن الداخلي تحت قيادة وزير الداخلية المحلي لبرلين المنتمي لحزب ميركل المسيحي فرنك هنكل.
وإذ حقق الحزب الديمقراطي المسيحي نسبة تقل عن النسبة التي حققها حزب «البديل لألمانيا» اليمني الشعبوي في ميكلنبورغ فوربومرن، ينتظر أن يحقق نتائج أقل من حزب الخضر في برلين، وأن يصبح القوة الثالثة فقط في العاصمة.
يذكر أن الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل والحزب الاشتراكي يكونان الائتلاف الحاكم في ألمانيا.
وفي الانتخابات المحلية لبرلين يوم الأحد المقبل 18 سبتمبر (أيلول) ستؤدي خسارة الحزب الديمقراطي الكبيرة إلى نشوء حكومة من ثلاثة أحزاب بدلاً من نموذج حكومة الحزبين التي حكمت برلين طوال عقود. ويرجح المراقبون السياسيون أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر وحزب اليسار، أو من الحزب الديمقراطي الاشتراكي والحزب الديمقراطي المسيحي والخضر، وكلا الاحتمالين مر بالنسبة للمحافظين.
وهناك احتمال صغير جدًا بأن يعود البلد إلى نموذج الحكم السابق بين الحزبين الكبيرين والحزب الليبرالي (الديمقراطي الحر) في حال صعود الحزب بنسبة جيدة إلى البرلمان.
في الاستطلاع الذي أجراه معهد «سيفي» بتكليف من صحيفة «تاغيس شبيغل» البرلينية، احتفظ الحزب الاشتراكي بموقعه بوصفه أكبر قوة سياسية برلينية، محققًا 21.4 في المائة، أي بخسارة 7 في المائة مقارنة بانتخابات عام 2011. وحقق الحزب الديمقراطي المسيحي 17.4 في المائة (23.3 في المائة قبل 5 سنوات)، وحل ثالثًا بعد حزب الخضر الذي حقق 18.8 في المائة (17.6 في المائة سابقًا). ثم حزب اليسار بنسبة أقل تبلغ 16 في المائة هذا العام مقارنة بنسبة 11.7 في المائة قبل 5 سنوات.
ولا يبدو أن حزب «البديل لألمانيا» يملك حظوظًا كبيرة في برلين، لأنه سيحقق نسبة 13 في المائة، لكنها تبقى عالية مقارنة بما سيحققه حزب عريق مثل الحزب الليبرالي، الذي سيعود إلى برلمان العاصمة بنسبة 5.9 بعد أن فشل في عام 2011 في تخطي حاجز 5 في المائة اللازم لدخول البرلمان.
على أي حال، ستتمثل 6 أحزاب في برلمان برلين، بعد خروج حزب «القراصنة» الذي سيخسر ناخبيه لمصلحة حزب «البديل لألمانيا» هذه المرة. وهو ما يعقد إمكانية تشكيل الحكومة المقبلة من حزبين، ويفرض بالتالي نموذج الأحزاب الثلاثة.
الأدهى من ذلك، أن الحزب الديمقراطي المسيحي، وحتى في حال تحالفه مع الاشتراكيين والخضر، ليس له حظ كبير في تسلم منصب رئيس الوزراء أو الوزارات المهمة، بحكم موقعه قوة ثالثة. ويظهر الاستطلاع أن البرلينيين يفضلون المرشح الاشتراكي ميشائيل مولر (30.8 في المائة) على منافسه من الحزب الديمقراطي المسيحي فرنك فينكل (12.3 في المائة)، رئيسا للحكومة المحلية.
مع ذلك، تبقى للحزب الديمقراطي فسحة للسلوان، لأنه لم يكن الخاسر الوحيد، وخسارة غريمه الاشتراكي في العاصمة لا تقل عن خسارته، لكن «الشرق» يتسرب بالتدريج من بين أصابع يديه كالرمل، وهذا بعد أن كسب الحزب أعلى أصواته في الولايات الشرقية بعد الوحدة الألمانية؛ فالأحياء الشرقية من العاصمة منحته 13 في المائة فقط من أصواتها (22 في المائة في الغرب) في حين منحت حزب «البديل لألمانيا» نسبة 18 في المائة.
ويقول مرشح الحزب الديمقراطي المسيحي ببرلين فرنك فينكل، إن نتائج «مونديال برلين» لم تحسب بعد، ويعول على الناخبين «المترددين» في كسب المشجعين لفريقه قبل بدء المباراة بقليل. ويبني فينكل، وهو وزير داخلية برلين الحالي، سياسة التقرب من الناخبين على أساس تحقيق الأمن الداخلي بالضد من الإرهاب، لكن المحللين السياسيين يرون أن حزب «البديل لألمانيا» يحقق في هذه النقطة بالذات شعبيته، بسبب ربطه بين الأجانب والإسلام والإرهاب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».