قصف حوثي «انتقامي» في تعز واشتباكات عنيفة في الضباب

قتلى وجرحى في صفوف المتمردين وإحباط محاولات تسلل إلى مناطق سكنية

قصف حوثي «انتقامي» في تعز واشتباكات عنيفة في الضباب
TT

قصف حوثي «انتقامي» في تعز واشتباكات عنيفة في الضباب

قصف حوثي «انتقامي» في تعز واشتباكات عنيفة في الضباب

منذ إطلاقها عملية «الحسم العسكري» في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، في منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي، حققت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدمًا واسعًا وتمكنت من استعادة الكثير من القرى والبلدات التي كانت خاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في الجبهات الشرقية والغربية والشمالية، علاوة على فك الحصار بشكل جزئي عن المدينة من خط الضباب، المنفذ الغربي، الأمر الذي جعل الميليشيات تصعد من هجماتها وترتكب مجازر يومية ضد أهالي مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة.
ولم تستثن الميليشيات الانقلابية حتى أيام العيد من عملياتها هذه، إذ نفذت يوم أمس، (ثاني أيام العيد) عملية قصف عنيفة ضد الأحياء السكنية وقرى وأرياف المحافظة، مخلفة وراءها قتلى وجرحى من المدنيين. وفي أول أيام العيد، كانت الميليشيات الانقلابية قد أقدمت أيضًا على ارتكاب جريمة إنسانية في مديرية الصلو، إحدى قرى المحافظة جنوب تعز.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري بمحافظة تعز، إن الميليشيات الانقلابية ارتكبت في أول أيام عيد الأضحى مجزرة في مديرية الصلو، بقصفها صاروخ كاتيوشا على منزل المواطن محمد عبد الله العمدة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة نساء وطفلين، مضيفًا أن بقية أعضاء الأسرة سقطوا جرحى.
وأكد العقيد الحساني لـ«الشرق الأوسط» أن «ميليشيات الحوثي وصالح، ما زالت تنفذ حرب إبادة في تعز ضد المدنيين العزل وتتعمد قتل الأطفال والنساء وضرب المناطق السكانية بالأسلحة الثقيلة، مما يدل علي إصابتها بحالة من الانهيار والإفلاس الأخلاقي». ورأى أن ما يفعله المتمردون هو «أسلوب المنهزم المنكسر الذي يلجأ إلى تعويض هزائمه بقتل المدنيين العزل».
في غضون ذلك، شهدت الجبهة الغربية في تعز، مواجهات عنيفة استخدمت فيها مختلف الأسلحة، واحتدمت بشكل أعنف في منطقة الجبالي ـ جبهة الضباب ومحيط جبل (هان) الاستراتيجي، على إثر محاولة الميليشيات الانقلابية التقدم إلى مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني في المنطقة، والتي رافقها قصف عنيف على مواقع هذه الأخيرة وعلى خط الضباب، في الوقت الذي أصبح الخط مفتوحا جزئيا بين مدينة تعز وقرى الحجرية مرورا إلى التربة ومن ثم مدينة عدن الجنوبية.
وتواصلت المواجهات في جبهات حمير مقبنة في محيط جبال النبيع وعشملة، غرب المدينة، والاحكوم وحيفان والصلو (جنوبا)، سقط فيها قتلى وجرحى من الجانبين، ورافقها قصف من قبل الميليشيات من مواقع تمركزها على مواقع المقاومة والجيش والقرى، علاوة على مواجهات أخرى شهدتها جبهات الزنوج وعصيفرة، الجبهة الشمالية، على إثر محاولات تسلل قامت بها الميليشيات لمواقع المقاومة الشعبية.
وقالت مصادر ميدانية في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن «منطقة الجبالي في الضباب، شهدت مواجهات عنيفة منذ الصباح الباكر، ثاني أيام العيد، في محاولة من الميليشيات الانقلابية التقدم إلى الخط السيطرة عليه، وشنت قصفًا على خط الضباب، الطريق العام، لتمنع المواطنين من دخول مدينة تعز أو الخروج منها، وسقط في المواجهات قتلى وجرحى من الميليشيات الانقلابية، ومنهم من كان يرتدي ملابس نسائية، واستشهد أحد عناصر المقاومة الشعبية وأصيب اثنان آخران». وأضافت المصادر أن قوات الجيش الوطني والمقاومة تصدت لمحاولات الميليشيات التسلل إلى منازل المواطنين في منطقة الجبالي، وجرى حصار الميليشيات التي تمكنت من دخول المنطقة، وتم أسر أربعة من المتمردين بينما تمت محاصرة الآخرين. وأكدت المصادر أن خط الضباب ما زال مؤمنا بالإضافة إلى إفشال محاولة المتمردين التسلل إلى السجن المركزي. وذكرت المصادر نفسها أن عناصر الجيش الوطني والمقاومة أفشلت محاولة تسلل لقوات الحوثيين وصالح إلى عمارة السعودي قرب السجن المركزي على خط الضباب جنوب مدينة تعز.
وأكدت المصادر ذاتها أن «المعارك اشتدت أيضا، في الجبهة الشمالية، وتمكنت عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني التصدي لمحاولات الميليشيات الانقلابية التسلل إلى مواقعهم في أطراف جبل الوعش وجبل جرة».
في السياق ذاته، واصل طيران التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الذي تقوده السعودية، شن غاراته المكثفة والمركزة على مواقع وتجمعات الميليشيات الانقلابية في مناطق مفرقة من محافظة تعز، وكبدهم خسائر معتبرة في الأرواح والعتاد. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف ما زال يحلق في سماء تعز، واستهدف بغاراته مواقع للميليشيات في منطقة الغبيب بالقرب من مدرسة الاكبوش وتبة الخزان والمصلى في منطقة الاكبوش التابعة لعزلة الاحكوم في مديرية حيفان، جنوب تعز، ومواقع في منطقة الكحل في الخمسين، شمال المدينة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.