شدد قانونيون ونشطاء وإعلاميون عراقيون على أهمية السعي نحو تشريع قانون يضمن حقوق المكونات العراقية، الدينية والعرقية، التي طالها كثير من الظلم والعنف والتهجير خلال السنوات الماضية. كما طالبوا بنشر ثقافة التنوع، ومناهضة التمييز بكل أشكاله، وذلك خلال ورشة عمل عقدتها في العاصمة العراقية بغداد مؤسسة «مسارات» المتخصصة بالأقليات.
يذكر أن الأقليات والمكونات الدينية من المسيحيين والإيزيديين والشبك والكاكائية والصابئة المندائيين، عانت خلال السنوات العشر الماضية، وتضاعفت معاناتها خلال السنتين الماضيتين، بعد أن سيطر تنظيم داعش على مدينة الموصل، في العاشر من يونيو (حزيران) عام 2014.
وقال وزير الثقافة العراقي الأسبق، رئيس تحرير جريدة «طريق الشعب» الناطقة بلسان الحزب الشيوعي العراقي، مفيد الجزائري، خلال مداخلته بالورشة، إن «تشريع القانون مهم جدا، وجوهري وأساسي أيضًا، خصوصا في بلد مثل العراق يضم مكونات عرقية ودينية كثيرة تعرضت لأبشع تجربة من العنف والتهجير والتهميش والتمييز، وما زالت تتعرض لها، في ظل غياب وضعف المنظومة الأمنية في البلد بشكل عام، والتركيز على تلك الطوائف بشكل خاص، كونها مستضعفة».
وأضاف الجزائري أن «العنف المسلط على تلك المكونات تسبب بخسارتنا لأصدقاء تعايشنا معهم لسنوات طويلة، وفقدان خبرات وكفاءات أسهمت في بناء البلد، لذلك لا بد من إقرار قانون يؤمن الحقوق الأساسية للقوميات الأقل عددًا، ومنع أي تمييز ضدهم، وتعويضهم عما لحق بهم من ضرر»، لافتا إلى الحاجة إلى «حملة تثقيف وتوعية مجتمعية للتعريف بتاريخ هذه القوميات، وكل ما يتعلق بعاداتهم وتقاليدهم، لأجل تقريبهم مع القوميات الأساسية في البلد».
بدوره، قال الباحث سعد سلوم، رئيس مؤسسة «مسارات»: «لقد عملنا على قانون حقوق الأقليات منذ عام 2011، مع اليونامي والبرلمان وجهات سياسية أخرى، وهو مشروع يضمن الحفاظ على التنوع في العراق، كونه بلدا تعدديا يضم جماعات إثنية مختلفة ضمن إطار حدوده السياسية، لذلك ينبغي تأسيس نموذج دولة حاضنة للثقافات، عن طريق بناء مؤسسات سياسية واجتماعية تستطيع من خلالها مختلف الجماعات الإثنية حل خلافاتها بوسائل ديمقراطية، من دون إلغاء الآخر».
وأضاف سلوم أن «المطالبة بالقانون جاءت بعد معرفة طلبات ومقترحات جميع رؤساء وممثلي تلك المكونات، وبما يؤمن لهم استقرارا وحماية أكبر في العراق»، مبينا أن «أهمية القانون تأتي لأجل حماية التنوع الذي يعد ثروة حقيقة، ويسهم في وحدة البلد تجاه محاولات التقسيم التي يروج لها بين الحين والآخر». وأوضح أن «القانون يضمن كذلك الدعوة إلى تشكيل مجلس أقليات عراقي يتولى مراقبة تطبيق النصوص التي تمنع التمييز بين المواطنين، ومراقبة تطبيق النصوص الخاصة بالأقليات، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق والتشريعات النافذة فيها».
وتتضمن مسودة القانون المزمع تشريعه التعريف بشكل واضح بكل من المكون والأقلية، وتشمل المسيحيين والإيزيدين والمندائيين والشبك والبهائيين وذوي البشرة السوداء والكاكائيين، وأية أقلية أخرى ينطبق عليها تعريف الأقلية، التي حددت بالجماعة الأقل عددا عن بقية السكان، وفي وضع غير مسيطر، ويملك أفرادها سمات إثنية أو دينية أو لغوية تختلف عن تلك التي يملكها بقية السكان، ويسعون لحماية ثقافتهم وتقاليدهم ولغتهم.
كان تقرير جديد نشرته مجموعه مختصة بمراقبة حقوق الإنسان والمنظمات المناصرة، قد أكد أن الأقليات في العراق مهددة، وعلى وشك الزوال كليا، بعد أن تعرض المسيحيون والإيزيديون والكاكائيون والتركمان والشبك في العراق للقتل والخطف والزواج القسري والإبادة الجماعية والاغتصاب والتعذيب والتشويه والمعاملة القاسية والتجنيد الإلزامي للأطفال، والأسلحة الكيماوية وتدمير الممتلكات والتراث الثقافي والديني والتشريد والنهب.
ويقول مارك لاتيمر، المدير التنفيذي لمجموعه حقوق الأقليات، وأحد معدي التقرير، إن ثلاث عشرة سنة من الحرب في العراق كانت لها عواقب وخيمة على المجتمع العراقي على المدى البعيد، وقد كان أثر ذلك على الأقليات كارثيا.
ناشطون ومختصون يطلقون حملة كبرى لتشريع قانون يضمن حقوق المكونات العراقية
دعمًا لثقافة التنوع.. ولمناهضة التمييز ضد الأقليات الإثنية والدينية
ناشطون ومختصون يطلقون حملة كبرى لتشريع قانون يضمن حقوق المكونات العراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة