أنقرة تتمسك بالمنطقة الآمنة.. وإردوغان يبحث مع بوتين هدنة حلب

«الناتو» يعلن تعزيز دعمه لتركيا في حربها ضد الإرهاب في سوريا والعراق

أنقرة تتمسك بالمنطقة الآمنة.. وإردوغان يبحث مع بوتين هدنة حلب
TT

أنقرة تتمسك بالمنطقة الآمنة.. وإردوغان يبحث مع بوتين هدنة حلب

أنقرة تتمسك بالمنطقة الآمنة.. وإردوغان يبحث مع بوتين هدنة حلب

جددت أنقرة تأكيداتها على الاستمرار في جهودها لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا إلى جانب مساعيها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في مدينة حلب خلال عيد الأضحى المبارك. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، في تصريحات للصحافيين، أمس الجمعة، إن «جهودنا لإقامة منطقة آمنة في سوريا ستستمر لحين تأمين الحدود التركية والقضاء على التهديدات التي تواجهها بلادنا». وذلك في إشارة إلى أن عملية «درع الفرات» التي تدعم فيها تركيا عناصر من «الجيش السوري الحر» التي نجحت خلالها في تأمين الربط الحدودي بين مدينتي جرابلس وأعزاز من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، إضافة إلى استهداف ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأضاف يلدريم أن هناك معلومات غير مؤكدة بأن دبابة تركية أصيبت في هجوم داخل سوريا.
في هذه الأثناء بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، آخر التطورات في سوريا، بحسب مصادر الرئاسة التركية. وأكد إردوغان، خلال الاتصال الذي جاء بعد ساعات من انتقاد مبطن من الرئيس التركي لروسيا، بسبب تصريحات حادة حول عملية «درع الفرات»، أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في مدينة حلب في أقرب وقت ممكن.
وقالت المصادر إن إردوغان وبوتين اتفقا خلال الاتصال على تكثيف الجهود من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في حلب بمناسبة عيد الأضحى الذي يبدأ الاثنين المقبل. كذلك بحثا عملية «درع الفرات» في سوريا، مؤكدين أهمية تطهير المنطقة الحدودية لتركيا مع سوريا من المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش، بحسب المصادر. ولفت إردوغان إلى أن السكان الأصليين لمدينتي جرابلس والراعي السوريتين بدأوا في العودة إلى بلداتهم من تركيا.
على صعيد آخر، اجتمع إردوغان بأمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس شتولتنبرغ، الذي وصل إلى تركيا آتيًا من جورجيا، واستغرق الاجتماع ساعة بحضور وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة. وقال شتولتنبرغ، قبيل لقائه إردوغان، إن بقاء تركيا دولة قوية وديمقراطية أساسي لاستقرار المنطقة وشدد على أهمية تركيا بوصفها حليفا في الحلف: «لكونها قائدة في منطقة البحر الأسود، ومجاورة لمناطق الأزمات الراهنة كسوريا والعراق».
ورحب أمين عام «الناتو» بتصدي الشعب التركي للمحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد في منتصف يوليو (تموز) الماضي، قائلا إن «أي هجوم على الديمقراطية، في أي بلد كان، هو هجوم على الركيزة الأساسية لحلفنا». كذلك التقى شتولتنبرغ كلا من رئيس الوزراء بن علي يلديريم ووزيري الخارجية والدفاع مولود جاويش أوغلو وفكري إيشيك وجرى بحث ما يمكن أن يفعله «الناتو» بشكل إضافي من أجل تركيا.
وأكد شتولتنبرغ ضرورة تدريب القوات المحلية للدول التي ينشط فيها تنظيم داعش. وقال في حديث لقناة «إن تي في» التركية، إننا ندعم جهود تركيا في محاربة تنظيم داعش، مشيرا إلى «ضرورة تجهيز وتدريب القوات المحلية للعراق وأفغانستان وسوريا»، معتبرا ذلك «الحل الأهم والصواب على المدى البعيد».
وأضاف: «من المهم أن تكون القوات المحلية إلى جانب القوات التي يرسلها الناتو، قادرة على فرض النظام في بلادها ومحاربة الإرهاب، نحن نعمل على رفع درجة سلامة القوات المحلية في كل من العراق وأفغانستان وسوريا». ثم أعلن أن الحلف يعزز التعاون مع تركيا في مجال ضمان الأمن بمنطقة البحر الأسود ومحاربة الإرهاب في سوريا والعراق. وقال: «قمنا بتعزيز وجودنا العسكري في تركيا، وعلى سبيل المثال، تراقب طائرات تابعة للناتو ومزودة بنظام أواكس المجال الجوي التركي، كما أوصلنا إلى تركيا منظومات إضافية للدفاع الصاروخي».
وأردف شتولتنبرغ أنه يسعى «لتأكيد دعم الناتو الحازم لتركيا» عبر هذه الزيارة.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في وقت سابق، إن تركيا تبحث عن خيارات جديدة للتعاون الدولي في مجال الدفاع، بسبب عجز «الناتو» عن حماية أراضيها كافة.
إلى ذلك، أعلنت رئاسة هيئة الأركان التركية، أمس الجمعة، أن سلاح الجو التركي دمر 4 أهداف لتنظيم داعش الإرهابي في قرى بشمال شرقي محافظة حلب. وأفاد بيان لرئاسة الأركان أن سلاح الجو دمر 4 أهداف لـ«داعش»، في قرى تل علي وتل الهوى والوقف شمال شرقي حلب، في إطار عملية درع الفرات بجرابلس. وأفادت مصادر عسكرية تركية أن خمسة أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 12 آخرون في هجوم لتنظيم داعش في جرابلس، الخميس، بعد يوم واحد من بدء عودة المدنيين إلى ديارهم في المدينة.
وذكرت مصادر طبية أن المصابين نقلوا إلى مستشفيات في إقليم غازي عنتاب في جنوب تركيا على الجانب الآخر من الحدود مع جرابلس. وكان الجيش التركي أعلن الخميس أنه سيطر على أربع مناطق سكنية في شمال سوريا مع مواصلته هجوما يرمي لطرد تنظيم داعش من قطاع حدودي ومنع المقاتلين الأكراد من توسيع سيطرتهم بعد ذلك.
وسقطت قذيفة صاروخية، صباح أمس الجمعة، مصدرها الأراضي السورية على ولاية كيليس التركية المتاخمة للحدود. وذكرت مصادر أمنية أن القذيفة سقطت في منطقة خالية بالقرب من الحدود دون أن تسبب خسائر في الأرواح أو الممتلكات. وأشارت المصادر إلى أن قوات الأمن فرضت طوقًا على مكان سقوط القذائف، واتخذت التدابير اللازمة، موضحة أن فريقًا مختصًا جمع الشظايا الناجمة عن القذيفة بهدف فحصها. وردت الوحدات التركية المنتشرة على الحدود بالمثل على مصدر إطلاق القذيفة بسلاح المدفعية وراجمات الصواريخ.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.