مصدر عراقي: ضبط عناصر من ميليشيات لبنانية وإيرانية ضمن حجاج بغداد

طهران تقود حملة لتضليل الرأي العام بعد فشل مساعيها لفرض أجندتها في الحج

مصدر عراقي: ضبط عناصر من ميليشيات لبنانية وإيرانية ضمن حجاج بغداد
TT
20

مصدر عراقي: ضبط عناصر من ميليشيات لبنانية وإيرانية ضمن حجاج بغداد

مصدر عراقي: ضبط عناصر من ميليشيات لبنانية وإيرانية ضمن حجاج بغداد

كشف مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجهات الأمنية في بغداد منعت عددًا من أعضاء الميليشيات الشيعية المسلحة الذين كانوا ينوون التوجه للسعودية بحجة أداء فريضة الحج بأسماء وجوازات سفر مزورة، مشيرًا إلى أن من بين هؤلاء وعددهم يتجاوز المائة لبناني عناصر ما يسمى «حزب الله»، وإيرانيين من الحرس الثوري يعملون في الأجهزة الاستخبارية الإيرانية داخل العراق.
وأضاف المسؤول الأمني العراقي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، أن «هنالك معلومات دقيقة توصلنا إليها عن وجود عناصر من ميليشيات (حزب الله) اللبناني و(حزب الله) العراقي، وسرايا الخراساني، وكتائب العباس التابعة لإيران مباشرة بين قوائم الحجاج العراقيين، ولكن بأسماء وجوازات سفر مزيفة، وتم منع خروجهم من العراق». وأضاف: «لدى التحقيق مع بعض العناصر من العراقيين أكدوا أنهم مكلفون من قبل إيران بإثارة المشاكل والقلاقل في موسم الحج، وأن ذلك سيكون مردوده سلبيا تجاه العراق والحجاج العراقيين، كونه يأتي ليسيء لعلاقاتنا مع السعودية وهو ما تبحث عنه إيران».
وفي ظل فشل إيران في تمرير أجندتها خلال موسم الحج، أطلقت حملة إعلامية ودعائية لتضليل الرأي العام والتنصل من مسؤوليتها في منع مواطنيها من الحج هذا العام، محاولة لتجييش العالم الإسلامي، ضد السعودية وهو الأمر الذي دأبت عليه إيران منذ سنين طويلة، واستخدمت خلاله كثيرا من الوسائل والتي بلغت حد زرع المتفجرات وإرسالها إلى المشاعر المقدسة عام 1989 وقبلها إثارة القلاقل عام 1987 في الحرمين الشريفين في محاولة لضرب السياسية السعودية التي تقود العالم الإسلامي باعتدالها وتحملها تقديم كل التسهيلات لملايين المسلمين لأداء فريضة الحج بكل يسر وسهولة وطمأنينة، إلا أن يقظة الأمن السعودي حال دون تلك الكارثة.
وبهذا الخصوص أوضح الدكتور علي العنزي رئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود أن إيران تقود حملة إعلامية دعائية لتضليل الرأي العام الإيراني والإسلامي، عبر الترويج لادعاءات كاذبة بأن السعودية منعت الحجاج الإيرانيين من أداء شعيرة الحج هذا العام.
وأضاف أن ما حدث مخالف تمامًا لما تدعيه إيران، فالمسؤولون الإيرانيون هم من منعوا حجاجهم من السفر إلى السعودية، لأغراض سياسية دنيئة حاولوا من خلالها زعزعة أمن واستقرار العالم الإسلامي بأكمله وليس السعودية فقط كونهم يسعون إلى عدم استقراره. ولفت إلى أن طهران اختارت توقيت الحج، وفرضت شروطًا غير مقبولة أمنيًا ودينيًا على السعودية بهدف التشويش على جهود السعودية البناءة في خدمة حجاج بيت الله الحرام وتشويهها، وتحقيق هدف داخلي وخارجي لزعزعة الاستقرار والأمن في السعودية.
إلى ذلك، ذكر الدكتور عادل المكينزي أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الملك سعود في الرياض، أن لدى الدول والأمم أدوات متعددة في الصراع ومنها استخدام أداة الإعلام خصوصًا أنها أداة تواصل قوية لها دور وتأثير في الرأي العام وتوجيهه خصوصًا مع تطور التقنية وانتشار وسائل التواصل الإعلامي وما يعرف بالإعلام الجديد.
وأشار إلى أن إيران استخدمت هذه الأداة لزعزعة استقرار المنطقة العربية، ولأغراض استعمارية وبناء إمبراطورية للسيطرة على المنطقة وهو ما يسمى في علم الإعلام بحملات الدعاية السوداء والرمادية.
وقال إن «حملات الدعاية السوداء والرمادية هي ما تستخدمه إيران بشكل مكشوف لتحقيق الاستراتيجية التي تسعى إليها في زعزعة الاستقرار وهز الثقة في دول الجوار المستقرة، ومنها السعودية التي تخدم حجاج بيت الله الحرام منذ التأسيس، عبر التشكيك في قدرتها وعدالتها في التعامل مع الحجاج». وأضاف أن إيران تعمل جاهدة على تصدير الثورة من خلال استخدامها أدوات عدة منها الخشن كما حدث في حربها مع العراق، ومنها الناعم كاستخدامها الطائفية والدعوات المضللة والتشويش كوقود لزعزعة الاستقرار وتفتيت الدول وتدميرها، ثم التغلغل فيها من خلال الأذرع الدعوية والدينية والإعلامية عبر عمل طويل وممنهج بغرس مؤسسات إعلامية ينضم إليها إعلاميون يوالون منهج ملالي طهران.
وأكد أن إيران تعمل بشكل دائم منذ انطلاق ثورتها للتأثير السلبي على قوة السعودية باعتبارها رائدة العالم الإسلامي والمحتضنة للحرمين الشريفين وهو ما أثار ضغينة ملالي طهران ومحاولتهم الاستحواذ على هذه الريادة، والعمل على إظهار السعودية بأنها غير قادرة على إدارة الحج وتقديم الخدمة بالشكل المطلوب، من خلال إقامة مؤتمرات لنشر المذهبية ومظاهرات سياسية لإثارة الفتن وحقن مؤيدها بالضغينة.
ويعرف عن إيران كثرة مشاكلها في العالم العربي، إذ تمتد ألسنة لهب نيرانها التخريبية إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، فضلاً عن التورط في تأجيج نار الفتنة في البحرين، في حين يئن المواطن الإيراني تحت خط الفقر، ويعاني التفرقة العنصرية وفق الأعراق والأقاليم التي يتكون منها النسيج الإيراني.



رسائل سياسية وثقافية في استقبال ماكرون بالقاهرة

ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)
ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)
TT
20

رسائل سياسية وثقافية في استقبال ماكرون بالقاهرة

ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)
ماكرون يحمل طفلة مصرية أثناء تجوله في «خان الخليلي» (رويترز)

جاء استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في القاهرة، وفق بروتوكول دبلوماسي غير اعتيادي، تضمن سلسلة من المزارات والجولات المدروسة، حملت في طياتها رسائل متعددة الأبعاد، بحسب مراقبين.

ومع وصول ماكرون إلى العاصمة المصرية، مساء الأحد، نشر الرئيس الفرنسي مقطع فيديو من طائرته الرئاسية، أظهر مرافقة مقاتلات مصرية من طراز «رافال» فرنسية الصنع، وكتب قائلاً عبر حسابه: «وصلنا إلى مصر... طائرات رافال المصرية، رمز قوي لتعاوننا الاستراتيجي».

وعاد ماكرون ليوضح خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بقصر «الاتحادية»، أن مصر «هي أول دولة وثقت في طائرات الرافال خارج فرنسا وتبعتها عدة دول».

وأبرمت مصر عام 2015 صفقة لشراء 24 مقاتلة من طراز «رافال»، كأول مشترٍ للمقاتلات الفرنسية، ثم عادت عام 2021 لتبرم عقد جديد لشراء 30 مقاتلة.

ومن سماء مصر إلى أزقتها؛ اصطحب الرئيس المصري نظيره الفرنسي في جولة لمنطقة الحسين، وسوق خان الخليلي بالقاهرة التاريخية، حيث تجولا وسط الحشود التي استقبلتهما بحرارة، والتقطت الصور التذكارية معهما، كما تناول الرئيسان العشاء في مطعم شهير يحمل اسم أديب نوبل «نجيب محفوظ»، وهي الجولة التي اعتبرها كثيرون لها مدلول عميق، وأبعاد سياسية، وثقافية.

ويوضح خبير العلاقات الدولية الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الجولة وتناول العشاء يحملان رسائل غير سياسية تعكس خصوصية العلاقة المصرية الفرنسية، ويعكس اختيار هذه المواقع كيف أن الجانب الفرنسي مولع بالثقافة المصرية، والحضارة المصرية، منذ عهد القائد الفرنسي نابليون بونابرت حتى ماكرون.

مصريون يرحبون بالرئيسين المصري والفرنسي في سوق خان الخليلي بالقاهرة (رويترز)
مصريون يرحبون بالرئيسين المصري والفرنسي في سوق خان الخليلي بالقاهرة (رويترز)

كما أن اختيار هذه الأماكن له دلالات عميقة، فهي تضم مسقط رأس الرئيس السيسي، وحرص الرئيس على إظهار أنه تربى ونشأ، فهو تأصيل تاريخي أن من يحكم لديه أصول ثقافية وتاريخية كبيرة ضاربة في عمق الدولة المصرية، بحسب فهمي.

وفيما لفت بعض النشطاء إلى ابتعاد ماكرون عن زيارة أي مدن أو منشآت حديثة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، يلفت الخبير السياسي المصري إلى أن اختيار موقع الجولة هو نوع من «الذكاء المصري الكبير» يتناسب مع الولع الفرنسي الكبير بالثقافة المصرية، في ظل تنوع الموقع بين التجاري، والصناعي، والثقافي، والحضاري.

ويبيّن فهمي أن استعراض مقاتلات الرافال يعكس أن ماكرون يريد توصيل رسالة مهمة أن هناك تعاوناً عسكرياً واستراتيجياً بين البلدين، كما أنه يسوق للصناعة العسكرية الفرنسية، وكأنه يوصل دلالات رمزية لأميركا أنه رغم وجود تسليحها، لكن يوجد أيضاً تسليح فرنسي متميز.

وأشاد عدد من الأحزاب والبرلمانيين بالجولة إلى منطقتي خان الخليلي والحسين، مؤكدين أنها تحمل رسائل بالغة الأهمية عن أن مصر ستظل دائماً بلد الأمن والأمان، وقادرة على استضافة كبار زعماء العالم في أجواء مستقرة، وآمنة.

السيسي وماكرون في «خان الخليلي» (أ.ف.ب)
السيسي وماكرون في «خان الخليلي» (أ.ف.ب)

وقال طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، إن اختيار موقع الزيارة يحمل إشارات للتمازج الحضاري، كونه يضم في محيطه مساجد، وأضرحة، وكنائس.

وتداول متابعون لقطات جولة السيسي وماكرون على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها الكثيرون رسالة تأكيد على تمتع مصر بالأمن والأمان، والاستقرار. كما تداول كثيرون «تغريدة» للرئيس الفرنسي يشكر فيها الرئيس السيسي والشعب المصري على «الاستقبال الحار».

البرلماني والإعلامي مصطفى بكري أعاد نشر لقطات الرئيسين، مبرزاً الاستقبال الشعبي الحافل لهما في شوارع القاهرة القديمة.

وحول ما أثارته الجولة من تفاعل «سوشيالي»، قال المتخصص في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، معتز نادي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الزيارة، التي وثّقتها وسائل الإعلام ومنصات التواصل، تؤكد أن الدبلوماسية الحديثة لا تُمارس فقط في القاعات الرسمية، بل تُصنع أيضاً في الشارع، وبالمواقف الإنسانية التي تبني الجسور بين الشعوب والقادة والحكومات، وتعزز الفهم المتبادل فيما بينهم على أرضية التعايش والسلام».

وتابع: «جاءت الجولة لتحظى بمتابعة كبيرة، وهي رسالة تعكس أهمية هذا المكان التاريخي للقاهرة، وتذكر بعراقتها، وتعايشها مع مختلف الجنسيات والأديان من خلال إشارة الرئيس المصري لكونه ابناً لهذه المنطقة، وأنه عاصر اليهود، والأرمن، والإنجليز، كما تجلى في الفيديوهات التي رصدت حواره مع ماكرون».

ودافع البرلماني محمود بدر عن اختيار موقع الزيارة، وعدم توجيهها الزيارة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، واصفاً إياهم بجماعة «أعداء الرخام».

فيما اعتبر الإعلامي عمرو أديب أن هذه الجولة وما شهدتها من التقاط المصريين للصور مع الرئيسين هي رسالة تعني استقرار مصر.