رؤيا الصالح دخلت منازل متابعيها من خلال «سناب شات».. وأسرت قلوبهم بأطباقها

من عالم المال إلى مالكة «فيلا ماماز» في ربوع البحرين

من أطباق رؤيا المميزة  -  أطباق تقليدية ولكنها مبتكرة على طريقة رؤيا الصالح  -  الشيف رؤيا الصالح في مكانها المفضل (تصوير: جيمس حنا)
من أطباق رؤيا المميزة - أطباق تقليدية ولكنها مبتكرة على طريقة رؤيا الصالح - الشيف رؤيا الصالح في مكانها المفضل (تصوير: جيمس حنا)
TT

رؤيا الصالح دخلت منازل متابعيها من خلال «سناب شات».. وأسرت قلوبهم بأطباقها

من أطباق رؤيا المميزة  -  أطباق تقليدية ولكنها مبتكرة على طريقة رؤيا الصالح  -  الشيف رؤيا الصالح في مكانها المفضل (تصوير: جيمس حنا)
من أطباق رؤيا المميزة - أطباق تقليدية ولكنها مبتكرة على طريقة رؤيا الصالح - الشيف رؤيا الصالح في مكانها المفضل (تصوير: جيمس حنا)

من ديناميكية القطاع البنكي والمصرفي إلى سخونة عالم الطهي. مواكبة لشبكات التواصل الاجتماعية بأكثر من 60 ألف متابع ليومياتها على «سناب شات» ونحو 111 مترقبًا لنشاطاتها على «إنستغرام». منطلقة في عملها ولا حدود لطموحها واندفاعها. تعشق الطهي منذ نعومة أظافرها بعد ساعات أمضتها في المطبخ مع والدتها. شغفها إشباع كافة حواس كل من تذوق أطباقها.
هي أول طاهية بحرينية تترجم المطبخ العربي والأطباق الشعبية إلى قوالب لا تشبه غير شخصيتها؛ مبتكرة ومميزة. توثق نهارها منذ ساعات الصباح الباكر وعلى مدار اليوم من داخل مطعمها «فيلا ماماز» Villa Mamas لمتابعيها ومحبيها على «سناب شات» الذين ينتظرون بفارغ الصبر نصائحها لتحضير أكثر الأطباق تميزًا، وتسجيلات الفيديو الحية وهي تستقبل الزبائن بنفسها.
وبهذه الطاقة الإيجابية وهذا الشغف جمعنا لقاء بالشيف البحرينية رؤيا الصالح في لندن بعد تلبية دعوة السفارة البحرينية لدى بريطانيا لحضور عشاء من صنع يديها في مطعم «تروك فير» الواقع بحي مايفير غرب العاصمة. فبعد طلب ملح من متابعي رؤيا لإحضار أطباقها المميزة إلى لندن، قامت باستعارة مطعم «تروك فير» Truc Vert لمدة أربعة أيام. رحبت بنا بحرارة فور وصولنا، وعندما طلبنا استراق نظرة داخل عالمها، قادتنا وبكل حماس إلى المطبخ حيث حضرت وبنفسها جميع الأطباق.
تغزلت بالطعام وهي تضيف عليه اللمسات الأخيرة من الكزبرة والشبت والجوز، بينما فاحت رائحة لا تقاوم في المطبخ زادت من حماسنا لتذوق الطعام الذي ابتكرته بمطبخ طغى عليه جو العائلة، والحب.
وبالفعل، قامت رؤيا بابتسامة لا تفارق وجهها بتقديم الطعام للضيوف بنفسها. بزة الطهي تزينت بشعار مطعمها، وبأعلام دول الخليج. اعتزت بمسقط رأسها، وافتخرت بنقل سحر الخليج إلى مطعم فرنسي في عقر دار لندن.
تنوعت الأطباق التي اختارت أن تعدها الشيف من قائمة مطعم «فيلا ماماز» الطويلة. فتذوقنا الباذنجان مع الجوز واللبن إلى جانب تبولة «الكينوا» بدبس الرمان كالمقبلات. وتلتها الأطباق الرئيسية من لحم الخروف والأرز مع الشعيرية والصنوبر والمجبوس بالروبيان. وأما الحلويات تضمنت المهلبية المشبعة بماء الورد والمخطاة بالرمان والمكسرات إلى جانب «أم علي» التي اختارت رؤيا استبدال الخبز بقطع الكروسان فيها. أطباق لذيذة عربية بقالب جديد ومميز أشبعت الحواس في كل لقمة وحققت هدف الشيف البحرينية. رؤيا حرصت على أن تتجول بين الطاولات لتتأكد أن الأطباق نالت الإعجاب ووثقت تجربتنا على «سناب شات».
وبعد عشاء مميز، جلسنا مع الشيف في القسم الخارجي للمطعم لاستكشاف بدايات نجاحها ولنكشف سر الإيجابية والطاقة الرهيبة والاندفاع الذي تمتلكه. المقابلة لم تكن كأية مقابلة سابقة، بل اتخذت طابع الحديث اللطيف والمداخلات العفوي في ليلة دافئة لندنية، قاطعنا خلالها أكثر من مرة المارة الذين وقفوا ليعبروا للشيف عن مدى إعجابهم بشخصها وأطباقها وحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وردت عليهم رؤيا في كل مرة بتواضع تام.
وعن بداياتها وتحولها المفاجئ إلى عالم الطهي تقول رؤيا لـ«الشرق الأوسط»: «والدتي من إيران ووالدي من البحرين لذا ترعرعت في مزارع إيرانية أتناول الطعام الإيراني والبحريني أيضًا. وأمضيت ساعات طوال أستكشف مع والدتي فن الطبخ، ووقعت في حبه منذ نعومة أظافري». وتضيف: «عند تخرجي من المدرسة اضطررت أن أعمل في شركة تكنولوجيا براتب متواضع لاستكمل دراستي الجامعية، ومن هناك خضت تجربة مهنية طويلة، إذ افتتحت متجر ملابس ومن ثم عملت سكرتيرة في بنك وبالتدريج ترقيت في البنك وعالم المصارف إلى أن وصلت لمراكز عليا، ولكن لم يقارني في طريقي شغفي للطبخ».
ولطالما عرفت رؤيا أن افتتاح مطعم خاص بها سيكون هدفها الأكبر. وأمضت الفترة ما بين عام 2008 إلى عام 2010 وهي تدرس السوق بالتفصيل. ولتجربة المشروع في بادئ الأمر، أطلقت موقعًا إلكترونيًا تحت اسم «مطبخ رؤيا» يوفر خدمة توصيل مأكولات المناسبات من أنواع مختلفة من الحلويات وأطباق تشتهر بتحضيرها. وأثبت الموقع نجاحًا كبيرًا في وقت قصير تلقت الشيف من خلاله الكثير من الطلبات من البنوك والشركات الكبرى خاصة.
إلى ذلك تقول رؤيا: «عندما نال المشروع إعجاب الناس، تأكدت أن خطوة افتتاح المطعم اقتربت، ولطالما حلمت بافتتاح مطعم في (فيلا) مع حديقة لزراعة النباتات والأعشاب التي أريد استخدامها في أطباقي وأردت تقديم الأطباق البحرينية الشعبية في طابع رومانسي ورونق مميز، أطبخها وأقدمها بنفسي». وتضيف: «ووجدت فيلا أردت تسميتها (مطبخ رؤيا)، ولكن الاسم كان مسجلا في البحرين في وزارة الاستثمار وقررت تسميته (فيلا ماماز) أي منزل والدتي، ليقدم الطعام المطهو بمكونات مليئة بالحب».
وفي آخر عام 2011، قررت رؤيا افتتاح أبواب الفيلا التي لم تمدد لها أسلاك كهرباء، واعتمدت على مولد كهرباء. المطعم اليوم هو الأبرز في البحرين، لا تخلو طاولاته من الزوار لتذوق الأطباق الطازجة التي تحضرها رؤيا وطاقمها المكون من 65 موظفًا (بعدما بدأت بـ9 موظفين فقط) بحرص من مكونات عضوية وطازجة. تستعين رؤيا بالإنتاج المحلي، وهي الداعم الأكبر للمزارعين البحرينيين. وتسافر للدول المجاورة لشراء المكونات الشعبية من مكانها المحدد، كالجميد الكركي من الأردن لتحضير طبق المنسف.
وتختلف أطباق الطاهية البحرينية عن أية أطباق عربية تقدم في المطاعم، إذ تدمج الأطباق الشعبية مع مذاقات جديدة ونكهات خاصة بها تحت ما يسمى «Fusion food». وتقول رؤيا: «كل طبق من مطعمي يعطيك تجربة مختلفة بمذاقات مميزة وغنية». وتضيف: «لا أتكل على التوابل في خلق المذاقات المميزة، بل أركز على الأعشاب الطازجة كالشبت والكزبرة والمكسرات كالصنوبر والجوز وكلها ذات جودة عالية».
ومن المقرر أن يتوسع مطعم «فيلا ماماز» في البحرين إذ سيتم افتتاح فرع متصل بالفيلا الرئيسية آخر العام الحالي تحت اسم «ماما غورميت» لبيع الخلطات والصلصات المميزة التي ابتكرتها رؤيا. كما تشمل المشاريع المستقبلية باص «ماما إكسبرس»، الحافلة المدرسية المجهزة بمطبخ ومقاعد للجلوس وستكون عبارة عن مطعم متحرك يوفر الطعام الصحي والطازج لطلبة المدارس. كما تدرس الشيف حاليا فكرة افتتاح «فيلا ماماز» في لندن. وعن التوسع تؤكد رؤيا أنها ضد فكرة تحويل «فيلا ماماز» إلى علامة تجارية «فرانشايز» لأنها لا تريد خسارة خصوصية الأطباق وتميز فكرة المكان.
وتدعو رؤيا جميع الشباب الطموح بالمواظبة على تحقيق أحلامه وتقول: «ليس هنالك سطح للأحلام والطموح، ومن جد وجد» وتضيف: «هذا كان حلمي، مطعمي الخاص واليوم أصبح معروفا ومميزا ويقدم تجربة مختلفة لمحبي الأكل العربي والمطبخ البحريني بالأخص».
يذكر أن المطعم المميز نال عدة جوائز من مجلة توزيع جوائز السفر والسياحة و«فيلا ماماز» مرشح لغيرها حاليًا.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».