بوتين لا يستبعد التوصل قريبا لاتفاق أميركي ـ روسي حول سوريا

وصف «جهل» الأميركيين كيفية الفصل بين الإرهابيين والمعارضة بـ«العقدة الجذرية»

بوتين لا يستبعد التوصل قريبا لاتفاق أميركي ـ روسي حول سوريا
TT

بوتين لا يستبعد التوصل قريبا لاتفاق أميركي ـ روسي حول سوريا

بوتين لا يستبعد التوصل قريبا لاتفاق أميركي ـ روسي حول سوريا

لم يستبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتوصل الجانبان الأميركي والروسي في القريب العاجل إلى اتفاق تسوية الأزمة السورية الذي يجري خبراء أميركيون وروس محادثات في جنيف «للاتفاق على بعض تفاصيله» منذ الخامس عشر من شهر يوليو (تموز) الماضي.
في حديث صحافي موسع أجرته معه وكالة «بلومبيرغ» قال بوتين يوم أمس إن «المحادثات (الأميركية - الروسية في جنيف) تجري بصعوبة بالغة»، مكتفيًا بتسليط الضوء على «عقدة جذرية» واحدة فقط هي الفصل بين «جبهة النصرة» ومجموعات المعارضة المسلحة. ولفت إلى أن «روسيا تصرّ، والولايات المتحدة لا تعترض على ذلك، بأنه على ما يسمّى المعارضة السليمة أن تنفصل عن المجموعات الراديكالية والإرهابية مثل جبهة النصرة»، موضحًا أن «هذه المجموعات ليست عنصرًا من عناصر المواجهة الداخلية، وهم غرباء (وافدون من الخارج)». أما بقاء مسألة الفصل عقدة خلال المحادثات فهذا يعود إلى أن «الشركاء الأميركيين يتفقون معنا في هذا الشأن، لكنهم لا يعرفون كيف يقومون بعملية الفصل»، حسب قول بوتين.
ولكن، ورغم تلك العقبات فإن المحادثات الأميركية - الروسية تسير على الطريق الصحيح، وفق ما يؤكد بوتين، الذي استطرد قائلا: «إننا نتحرك تدريجيًا بالاتجاه الصحيح، ومن غير المستبعد أن نتمكن خلال وقت قريب من الاتفاق على شيء ما، وأن نقدم للمجتمع الدولي ما اتفقنا عليه» وأردف قائلا: إنه «ما زال من المبكر الحديث عن ذلك الاتفاق حتى الآن»، قاصدًا بذلك كشف تفاصيل ما يحاول الجانبان الاتفاق عليه.
وفي شأن متصل، يبدو أن مسألة مصير النظام السوري ورأسه ما زالت واحدة من النقاط الخلافية العالقة إن كان بين موسكو وواشنطن، أو بين موسكو وأنقرة. وهذا ما يمكن استنتاجه من كلام قاله بوتين في سياق إجابته على سؤال حول موقف بلاده من دخول قوات تركية إلى الأراضي السورية. إذ حرص الرئيس الروسي على عرض مقدّمة مكثفة حول التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي، ولم يوجه أي انتقاد مباشر للعملية التركية في سوريا، بل أشار إلى «وجود سعي مشترك (روسي - تركي) للوصول إلى اتفاقات حول مشاكل المنطقة، بما في ذلك المشكلة السورية». وانتقل مباشرة بعد تلك العبارة ليؤكد على موقفه الرافض لتغيير أنظمة الحكم من الخارج، متجاهلاً أن إسقاط النظام مطلب أطلقه ويتمسّك به السوريون قبل غيرهم.
وقال بوتين بهذا الصدد: «عندما أسمع أنه على رئيس ما الرحيل ولا أسمع هذا من داخل البلاد، بل من طرف جهات ما خارجية، فإن هذا الأمر يثير لدي الكثير من التساؤلات». وتابع أن «الأمر ذاته بالنسبة لسوريا عندما نسمع أنه على الأسد الرحيل (لأن أحدا ما من الخارج يعتقد بضرورة رحيله)، فيظهر لدي سؤال كبير: ما الذي سيؤدي إليه ذلك؟». وعليه، يرى بوتين أنه «من الأفضل أن نتحلى بالصبر وأن نساهم في تغيير بنية المجتمع ذاته، وبعد أن نتحلى بالصبر ونساهم بتغيير البنية السياسة للمجتمع، ننتظر إلى أن تجري التغيرات الطبيعية من الداخل».
وفي شأن آخر على صلة بالأزمة السورية تواصل روسيا الاستفادة من عمليتها العسكرية هناك. وبعدما اختبرت أنواعًا حديثة من أسلحتها «لأول مرة في ظروف حرب حقيقية»، تسخّر وزارة الدفاع الروسية نتائج عمليتها السورية للاستفادة منها في المجال الأكاديمي - العسكري وفق ما أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. فلقد قال شويغو خلال اجتماع يوم أمس مع كبار ضباط الجيش الروسي، إنه «من المهم الإشارة إلى أن برنامج المدارس العسكرية العليا هذا العام جرى تعديله مع الأخذ بالحسبان نتائج الاختبارات المفاجئة للجاهزية القتالية للقوات، وتجربة استخدام سلاح الجو والأسطول البحري في سوريا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.