وزير خارجية ليبيا لـ «الشرق الأوسط»: يصعب علينا فرض الرقابة على حدودنا المترامية وحدنا

محمد عبد العزيز أوضح أن بلاده تبدأ من الصفر بعد انتهاء «نظام اللانظام»

وزير خارجية ليبيا لـ «الشرق الأوسط»: يصعب علينا فرض الرقابة على حدودنا المترامية وحدنا
TT

وزير خارجية ليبيا لـ «الشرق الأوسط»: يصعب علينا فرض الرقابة على حدودنا المترامية وحدنا

وزير خارجية ليبيا لـ «الشرق الأوسط»: يصعب علينا فرض الرقابة على حدودنا المترامية وحدنا

يشكل الوضع الأمني الداخلي في ليبيا وموضوع غياب الرقابة الفاعلة على الحدود وانتشار السلاح وانتقاله إلى بلدان الجوار، أحد المشاغل الرئيسة لدول الجوار الليبي، ولكنه يظل كذلك أيضا للبلدان المغاربية والمتوسطية والغربية بشكل عام، وطرح الموضوع في اجتماع «5 زائد 5» في برشلونة، الذي شارك فيه وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، والذي التقته «الشرق الأوسط» وحاورته بشأن هذه الملفات وأخرى غيرها.
ولا يخفي الوزير الليبي حجم الصعوبات التي تواجهها بلاده التي خرجت مما يسميه «نظام اللانظام» ودولة «اللامؤسسات»، وبالتالي فإن الصعوبة الكبرى تكمن في بناء كل شيء من الصفر، وفي وضعية البلد الخارج من الحرب، كما أنه يشدد على حاجة طرابلس للمساعدة والدعم، سواء الإقليمي أو الدولي.

ويراهن عبد العزيز، لخروج ليبيا من تخبطاتها الراهنة، على انتخاب لجنة الستين وكتابة الدستور وإقراره وقيام انتخابات برلمانية جديدة، وأيضا بعملية دمج الميليشيات المسلحة، ولكن في إطار خطة تنموية واسعة، كذلك يعول على المساعدة التي تتلقاها بلاده لجهة تدريب العناصر الأمنية والحصول على التكنولوجيا المتقدمة، التي ستسمح لها بفرض رقابتها على الحدود التي تستخدم ممرا لآلاف المهاجرين الأفارقة الراغبين بالوصول إلى أوروبا.. إلا أن الوزير يحرص على تلطيف الصورة التي تنقلها الوسائل الإعلامية عن ليبيا، وهي الدولة التي تستضيف - كما يؤكد - 90 بعثة دبلوماسية، ولا تزال الحياة فيها مستمرة. وفيما يلي نص الحوار..

* بعد عامين على سقوط نظام العقيد القذافي، هناك قلق غربي بشكل عام إزاء الوضع في ليبيا لجهة غياب الأمن وفلتان الحدود واستمرار تحكم الميليشيات وغياب الدولة.. وهناك مؤتمر الشهر المقبل في الرباط سيركز على كيفية توفير الرقابة والسيطرة على الحدود الليبية.. كيف ستتعاملون مع هذا الوضع، وما خطة الحكومة الليبية إعادة تثبيت الأمن وفرض هيبة الدولة والسيطرة على الحدود وخلافه؟

- في أي ثورة في العالم لا يمكن أن تكون هناك عصا سحرية تجعل الأمور تترتب في وقت زمني محدد. الفرق ما بين الثورة في ليبيا والثورة في مصر أو في تونس، أن الجانب المؤسسي في هذين البلدين ما زال موجودا، بمعنى أن مؤسسات الجيش والشرطة والإدارة ما زالت قائمة.. أما عندما فإن نظام الماضي ينطبق عليه اسم «نظام اللانظام»، لأننا نحن لم نبن مؤسسات.. وبالتالي فنحن بدأنا عملنا من الصفر. ولذا كيف يمكن أن نتكلم عن حماية الحدود وأمن البلاد، وكيف يمكن أن نتكلم عن الأمن بشكل عام والاستقرار الداخلي، في غياب الإدارة والعدالة الجنائية العادلة والفعالة.

نحن اليوم في طور التأسيس.. المؤتمر الوطني العام اعتمد قانون «العدالة الانتقالية» التي ستكون أساس الحوار الوطني والمصالحة الوطنية، كما أن لدينا قانونا خاصا بانتخابات لجنة الستين لكتابة الدستور، ونحن الآن نأمل إنجازها مع نهاية العام الحالي. لو انتخبنا لجنة الستين وتوصلنا إلى دستور ثم أجرينا بعدها الانتخابات البرلمانية، نكون قد قطعنا شوطا كبيرا على الطريق الصحيح. صحيح أننا كليبيين يتعين علينا أن نقرر مصيرنا بأنفسنا؛ ولكننا نحتاج للدعم الذي يمكن أن يقدمه الأشقاء والشركاء الدوليون، سواء كان ذلك على المستوى الثنائي أو على المستوى الإقليمي أو الدولي.

* وموضوع فلتان الحدود وكيفية توفير الرقابة الفاعلة عليها؟

- لليبيا ما لا يقل عن أربعة آلاف كيلومتر من الحدود البرية، وألفي كيلومتر من الحدود البحرية. والمشكلة بالنسبة إلينا - وبسبب امتداد هذه الحدود - أننا نحتاج لأمرين أساسيين. الأول هو التدريب المتخصص للعناصر الليبية، سواء في المجال الدفاعي، أو بالنسبة للعناصر الأمنية والشرطة. والجانب الثاني هو التجهيزات التكنولوجية المتقدمة، لأنه لا يمكن للتدريب المطلوب أن يكون فاعلا من غير توافر هذه التكنولوجيا.

* لكن هذا الكلام قيل في فبراير (شباط) الماضي عندما جرى في باريس مؤتمر دولي كبير لمساعدة ليبيا على ضبط حدودها والمحافظة على أمنها الداخلي.. فهل ما زلنا عند هذه النقطة؟ هل وفت البلدان التي وعدت بالمساعدة بالتزاماتها؟

- تتوفر لدينا في الوقت الحاضر، وفي إطار مجموعة الثماني المعنية بهذه المواضيع وبمناسبة آخر اجتماع لها في نيويورك، رؤية واضحة لالتزامات كل طرف (دولي) لجهة التدريب المنتظر، والذي نحتاج إليه إن كان من الولايات المتحدة الأميركية أو إيطاليا أو فرنسا. ونعمل في موضوع الدفاع على خطوط متوازية مع أربع أو خمس دول حتى نتوصل إلى أكبر عدد ممكن من العناصر المدربة تدريبا جيدا.. هذا من ناحية. أما من ناحية أخرى، فلدينا مشروع مهم مع الاتحاد الأوروبي حول التدريب المتخصص وتحديدا مراقبة الحدود وأمنها. والبعثة الأوروبية موجودة عندنا الآن وهي تعجل في برنامج التأهيل الذي باشرت به في ليبيا. ثم علينا أن نضيف إلى ذلك النشاط الذي نقوم به على المستوى الوطني الخاص في المجالات عينها. ولكن أريد الإشارة إلى أنه لا يمكن خلال فترة زمنية قصيرة - لا تتجاوز بضعة أشهر - أن تتوافر لنا وزارة دفاع متكاملة ووزارة داخلية متكاملة وكل منها تؤدي مهماتها على أكمل وجه.

* ماذا ستفعلون بالميليشيات التي لديكم، والتي ينظر إليها على أنها تضرب هيبة الدولة وبنائها. هل سيستمر الوضع على ما هو عليه اليوم، حيث تفرض الميليشيات قوانينها وإراداتها، وحتى إنها لا تتورع عن خطف رئيس الحكومة؟

- بالنسبة للمجموعات المسلحة، الجانب السلبي فيها أن السلاح في أيدي مجموعات غير الدولة يسبب المشكلات. ولكن هناك جانبا إيجابيا ومفاده أن من يمسك الأمن في ليبيا اليوم ليس الشرطة وحدها أو الجيش وحده، بل معهم هذه المجموعات التي قاتلت من أجل الحرية. وأود في هذا السياق أن أصحح الصورة التي تنقل علن الوضع الأمني في ليبيا. ففي طرابلس مثلا، هناك تسعون دولة لها ممثليات دبلوماسية والحياة تسير بشكل طبيعي. ولكن للأسف هناك بعض المشكلات الأمنية نتيجة لوجود السلاح في أيدي الناس. ثم علينا ألا ننسى أن السنة الماضية خرج من السجون ما لا يقل عن 16 ألف مجرم، وهؤلاء لبسوا ثياب الثوار وأخذوا يعدون أنفسهم من الثوار.. وبالتالي لا يتعين التغاضي عن البعد الإجرامي في العملية. بالإضافة إلى كل ما سبق، نحن لا يمكننا أن نتخلى عن هذه المجموعات إلا إذا وفرنا جيشا قويا له مكانته وأتممنا بناء أجهزة الشرطة والأمن بحيث نستطيع استيعاب هؤلاء الثوار. وأود أن أضيف أن هناك مدرستين في ليبيا؛ الأولى تصر على أن المقاتلين من أجل الحرية أو الثوار يتعين دمجهم (هكذا) في أجهزة الشرطة أو الجيش، بينما الثانية تدعو إلى توفير إطار تنموي متكامل، بمعنى العمل على توفير التعليم والتعليم المتخصص لهؤلاء، وفتح المجال أمامهم لمتابعة دروسهم في ليبيا أو في الخارج بحيث يعمل بخطة تنموية لاستيعاب هؤلاء الثوار وحملهم على الاندماج في صفوف الجيش أو الشرطة.

* أين أصبحتم في عملية استعادة الأصول المجمدة في الخارج من عهد القذافي؟

- لدينا لجنة خاصة باسترداد الأموال. نحن لا نتحدث عن استرداد الأموال المجمدة التي لدينا بشأنها معلومات من الدول الموجودة لديها، ولكن نحن مشكلتنا مع الأموال التي ليست لدينا معلومات عنها، لأن أعوان النظام في السابق وظفوا أو أودعوا أموالا كثيرة تحت أسماء مستعارة.. ولذا فإن اللجنة عملت على تكليف بعض المكاتب المتخصصة التي لديها خبرات واسعة في هذا الحقل ووقعت اتفاقيات معها لهذا الغرض. والآن يتوفر للجنة فريق عمل متخصص باسترداد الأموال. ومن جانبنا، بدأنا اتصالات ثنائية على المستوى السياسي، واستطيع أن أؤكد أن الدول الشقيقة أو الدول الصديقة أبدت كامل الاستعداد للتعاون معنا وتوفير المعلومات المتعلقة بالأموال العائدة لليبيا.

* ما سيكون عليه شكل مؤتمر الرباط حول الحدود الليبية والإشراف عليها؟

- هو المؤتمر الثاني من نوعه بشأن الحدود. للتذكير، فإن ليبيا أطلقت مبادرة في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، حيث عقدنا مؤتمرا إقليميا حول أمن الحدود في طرابلس بمشاركة تسع دول مجاورة عربية وأفريقية، وبحضور ممثلين من وزارات الدفاع والعدل والخارجية والداخلية وأجهزة المخابرات.

وفي رأينا، فإن عملية الأمن لا تنحصر بالشرطة وحدها، أو الدفاع أو المخابرات وحدهما، إذ لا بد أن تكون هذه الأجهزة الثلاثة ممثلة في ما يتعلق بأداء الاستراتيجية الأمنية المتكاملة. واجتماع طرابلس أسفر عن تبني «خطة عمل طرابلس» حول التعاون العملياتي والميداني. وقد اقترحت المملكة المغربية وقتها استضافة المؤتمر الثاني في الرباط، ونحن رحبنا بذلك لأن المبادرة جاءت من دولة شقيقة ولأن المغرب يعطي البعد الأمني أهمية خاصة. ونحن نترقب أن يكون الاجتماع في التاريخ المقترح له في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بحضور وزراء الدفاع والداخلية ورؤساء الهيئات الأمنية للدول التي شاركت في اجتماع طرابلس. بيد أن الحكومة المغربية تقترح فتح الباب أمام مشاركات إضافية من دول غربية. من جهتنا لا نرى مانعا في ذلك، خصوصا أن بعض الشركاء الدوليين لليبيا، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، يعملون معنا ويهمهم الموضوع الأمني. وبأي حال نحن نعد الأمن عندنا جزءا من الأمن الإقليمي والدولي؛ وبالتالي لا نرى غضاضة بذلك.

* أنت في برشلونة من أجل المشاركة في اجتماع «5 زائد 5». هل تنوون الانضمام كلية إلى الاتحاد من أجل المتوسط، حيث تشغلون حاليا كرسي دولة مراقب؟

- نحن منفتحون.. لقد أصبحنا عضوا في المنظمة الأوروبية للتعاون الأمني، وسنكون عضوا في المنظمة الأوروبية للتنمية، ونسعى لأن نكون فاعلين في إطار الاتحاد من أجل المتوسط. عقدة الماضي انتهت، ونحن لا نؤمن بسياسة الكرسي الفارغ، بل الحضور والمشاركة.

* ما تقييمك للعلاقات الفرنسية - الليبية؟

- العلاقات الفرنسية - الليبية تبقى علاقات مميزة. أولا في القطاع الاقتصادي، تربطنا علاقات وثيقة ومهمة مع فرنسا. وثانيا في القطاع الدفاعي، حيث أبدت فرنسا كل الاستعداد لتدريب جزء من القوات المسلحة والشرطة. وكانت فرنسا سباقة بالقيام بما نسميه التدريب المتخصص بالنسبة لليبيين، خصوصا أننا في مرحلة إنشاء وزارة الدفاع والداخلية. حقيقة على المستوى الأمني، نتعاون كثيرا مع فرنسا بحكم أن فرنسا كانت سباقة في الدور الذي لعبته لمساعدة الثورة الليبية، وبالتالي بناء على هذه الخلفية، التي ننظر إليها على أنها جد إيجابية، نتمنى أن تتعزز علاقاتنا الثنائية مع باريس، وخصوصا بالنسبة لتبادل المعلومات في الجانب المخابراتي وتبادل المعلومات في ميدان التعاون الأمني، خاصة بعد الأحداث في مالي والتدخل الفرنسي والأميركي والدولي هناك. نحن نفكر بالدرجة الأولى أننا وصلنا إلى مرحلة علينا أن نركز فيها على الدبلوماسية الوقائية لأن المسائل التي تنشب بعد مرحلة الصراع في الدولة تتطلب استراتيجية وقائية. مالي خرجت من حرب، والحكومة المالية ضعيفة ولا بد أن نقدم لها كل الدعم لبناء مؤسساتها، فضلا عن ذلك، فإن كيفية ضمان العملية السياسية بعد الانتخابات لا يمكن أن تجري إلا عبر تعزيز التعاون والدعم على المستوى الإقليمي والدولي، لأن الجريمة المنظمة تحولت إلى جريمة عابرة للحدود في منطقة الساحل، وشمال أفريقيا أصبح مهددا خاصة فيما يتعلق بعملية نمو وتزايد الاتجاه التطرفي.. ولذا علينا العمل بالدبلوماسية الوقائية حتى نحد من هذه الحركات التي تسبب قلقا وتحد من عملية استتباب الأمن أو خلق بيئة مواتية لعملية الاستثمار والعملية السياسية بكاملها.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».