«الأغنياء» نقطة الفصل في التشريعات الضريبية لكلينتون وترامب

تداعيات أجندتهما الانتخابية قد تحسم الجدل

المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في إحدى جولاتها الانتخابية (رويترز)
المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في إحدى جولاتها الانتخابية (رويترز)
TT

«الأغنياء» نقطة الفصل في التشريعات الضريبية لكلينتون وترامب

المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في إحدى جولاتها الانتخابية (رويترز)
المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في إحدى جولاتها الانتخابية (رويترز)

إذا ما فاز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة ونجح في إقناع الكونغرس بتمرير أجندته الضريبية، فإن ذلك سيعني تقليصا ضئيلا في الضرائب المفروضة على الأميركيين من أبناء الطبقة الوسطى، في الوقت الذي سيحظى الأميركيون الأثرياء والشركات التجارية بتقليص ضخم، ما يؤدي بدوره إلى عجز بالموازنة سيتسع على نحو بالغ إلا إذا تحقق الازدهار الاقتصادي الذي وعد به في خضم إجراءات تقليص الضرائب وتشديد الإجراءات.
أما إذا فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة ونجحت في إقناع الكونغرس بتمرير أجندتها، فإن الأميركيين الأثرياء سيدفعون ضرائب أعلى، وستواجه الشركات قواعد ضريبية تجعل من غير المجدي الانتقال إلى الخارج، وسيجري توجيه المال الذي تثمره هذه الإجراءات إلى تمويل باقي سياسات أجندتها، بدءًا من الرعاية الصحية وصولاً إلى الطرق والجسور وعناصر البنية التحتية الأخرى.
بوجه عام، يمثل ما سبق خيارات السياسات الضريبية المطروحة على الأميركيين عندما يتوافدون على صناديق الاقتراع في نوفمبر (تشرين الثاني)، بناءً على الخطط التي أعلن عنها المرشحان وناقشاها خلال الخطابات الكبرى التي ألقياها، هذا الأسبوع.
والمعروف أن المقترحات التي تطرح خلال الحملات الانتخابية لا ينتهي بها الحال بالطبع بذات الصورة التي تحدث عنها المرشحون. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن السياسات الضريبية المطروحة تطرح بعض الأرقام الواضحة على الخطاب الانتخابي الذي عادة ما يغلفه الغموض. وتكشف السياسات الضريبية المقترحة ترتيب الأولويات بالنسبة للمرشح ومجمل رؤيته الاقتصادية.
المؤكد أن لأي انتخابات نتائجها، وفيما يلي سنستعرض النتائج الاقتصادية المحتملة حال طلب الرئيسة كلينتون أو الرئيس ترامب من الكونغرس إعادة صياغة السياسات الضريبية على النحو الذي يتفق مع رؤيتها/ رؤيته.
* الضرائب على الأسر مرتفعة الدخل
الوضع الراهن: يبلغ معدل الضريبة الفيدرالية على الدخل فوق مستوى 467 ألف دولار عن الزوجين، في الوقت الراهن 39.6 في المائة. والملاحظ أن الكثير من الأسر مرتفعة الدخل تستفيد من خصومات ضخمة على أشياء مثل فوائد الرهن العقاري وضرائب الدخل حسب الولاية. كما تحظى الكثير من هذه الأسر بحصة كبيرة من دخلها عبر مكاسب طويلة الأجل على رأس المال، والتي عادة ما تخضع لضرائب بنسبة 23.8 في المائة.
ما ينوي ترامب فعله: سيقلص معدل ضريبة الدخل بالنسبة للهامش الأعلى إلى 33 في المائة. وقد خلص تحليل أجرته «ذي تاكس فاونديشن أوف ذي هاوس ريببليكانز» (المؤسسة الضريبية التابعة للأعضاء الجمهوريين بمجلس النواب)، إلى أن المعدل سيزيد بعد ضريبة الدخل بالنسبة لـ1 في المائة الأكثر ثراءً من الأميركيين بنسبة 5.3 في المائة.
أيضًا، يدعو ترامب إلى تقليص المعدل الضريبي على دخول جميع الشركات إلى 15 في المائة ـ ودعا لتطبيق هذا المعدل على جميع أنواع الشركات، بما في ذلك الشراكات والشركات الخاضعة لملكية فردية. ومن شأن ذلك فتح الباب أمام أفراد لتحويل ما يخضع الآن للضرائب باعتباره دخلا فرديا إلى دخل من نشاط تجاري يخضع لهذا المعدل المنخفض البالغ 15 في المائة، خاصة من يملكون القدرة على الاستعانة بمحامين متخصصين بالمجال الضريبي لمساعدتهم على صياغة التفاصيل بصورة مقبولة.
ما تنوي هيلاري فعله: تقترح فرض ضريبة إضافية بنسبة 4 في المائة على الدخول التي تتجاوز 5 ملايين دولار، ما يعني أن أعلى الأفراد دخلاً سيخضعون فعليًا لمعدل يبلغ قرابة 44 في المائة، كما تقترح تطبيق قاعدة يدفع بمقتضاها أصحاب الدخول التي تفوق مليون دولار، 30 في المائة على الأقل كضرائب، وذلك بهدف الحيلولة دون دفع أصحاب الدخول الأعلى معدلات ضريبية إجمالية منخفضة بفضل ضرائب الأرباح الرأسمالية الأقل. كما أنها ستحد من قيمة التخفيضات الضريبية، وتفرض فترات احتفاظ أطول للحصول على معدل ضريبي أقل فيما يتعلق بمكاسب رأس المال طويلة الأجل، علاوة على خطوات أخرى تهدف لجعل قانون الضرائب أقل ميلاً لصالح الأثرياء.
*الضرائب على الأسر متوسطة ومنخفضة الدخل
الوضع الراهن: بالنسبة للزوجين اللذين يجنيان ما بين 18.551 دولار و75.300 دولار، يبلغ المعدل الضريبي الهامشي الرسمي 15 في المائة. بيد أنه على الصعيد العملي، فإن نحو 45 في المائة من دافعي الضرائب الأميركيين لا يدفعون ضريبة دخل فردية (وإن كانوا يدفعون ضرائب رواتب فيدرالية)، وذلك بسبب الاعتمادات الضريبية المتنوعة التي تميل بشكل خاص لصالح الأسر التي لديها أطفال.
ما ينوي ترامب فعله: ينوي تقليص الضرائب عبر مختلف الفئات على نحو يتفق مع مقترح طرح في وقت سابق من العام من قبل الجمهوريين بمجلس النواب، والذي يحد معدل الضرائب على الدخل من 15 في المائة إلى 12 في المائة. من جانبها، قدرت «ذي تاكس فاونديشن» أن الخطة المقترحة من شأنها زيادة دخل ما بعد استقطاع الضرائب بالنسبة للأسر في شريحة ما بين 20 في المائة و40 في المائة، بنسبة 0.5 في المائة، وبالنسبة لدافعي الضرائب من الطبقة الوسطى بمعدل 0.2 في المائة.
كما يرغب ترامب في جعل الرعاية الصحية للأطفال باعتبارها ضريبة قابلة للخصم. وحال تطبيق هذه السياسة كخصم فعلي بالصورة المعتادة، فإن هذا لن يعود بفائدة تذكر على الـ45 في المائة من الأفراد الذين لا يدفعون ضرائب وسيعود بالنفع الأكبر على الأفراد المنتمين للشرائح الأعلى من حيث ضريبة الدخل. وقد لمح مسؤولون بحملته إلى أن إدارة ترامب ستجد سبلاً لجعل مزايا هذه السياسة متاحة على مساحة أوسع، رغم عدم كشفهم عن تفاصيل.
ما تنوي كلينتون فعله: في ظل الخطة المطروحة من كلينتون، فإن المنتمين إلى الـ95 في المائة الأقل من حيث الدخول لن يعاينوا تغييرًا يذكر في الضرائب المفروضة عليهم في ظل الخطة المطروحة من كلينتون، تبعًا لما أوضحه تحليل صادر عن «تاكس بوليسي سنتر» (مركز السياسات الضريبية).
وترغب كلينتون في إقرار اعتمادات ضريبية لرعاية طفل كجزء من جهود أوسع لتيسير مسألة رعاية الأطفال من الناحية المالية. ورغم أن كلينتون لم تكشف النقاب عن جميع تفاصيل ما تنوى تطبيقه على هذا الصعيد، فإن إقرار اعتمادات يمكن استردادها من شأنه تجنب الضرائب الناجمة حاليًا عن طرح خصومات ضريبية، وسيعود بالنفع على الأسر ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة حتى ولو كانت لا تدفع ضرائب دخل فيدرالية.
* ضريبة التركات
الوضع الراهن: عندما يتوفى شخص، تكون أول 5.45 مليون دولار من التركة معفاة من الضرائب، وأول 10.9 مليون دولار بالنسبة للزوجين. أما الأصول المنتمية لمستويات أعلى من ذلك فإنه عادة ما يفرض عليها ضرائب بنسبة 40 في المائة قبل تمريرها إلى الورثة.
ما ينوي ترامب فعله: ينوي إلغاء ضريبة التركات، أو ما يطلق عليه «ضريبة الوفاة» حسبما يطلق عليها هو وجمهوريون آخرون، للسماح حتى بأشد الناس ثراءً بتمرير ملكية أصولهم إلى ورثتهم من دون ضرائب.
ما تنوي كلينتون فعله: ستقلص مستويات الإعفاء إلى 3.5 مليون دولار بالنسبة للأفراد و7 ملايين دولار للزوجين. وعليه، فإن المزيد من الأسر سيتعين عليها سداد ضرائب إرث، وستدفع الأسر الأكثر ثراءً ضرائب عن نسبة أكبر من أصولها. وستزيد كلينتون معدلات الضرائب على الملكيات الخاضعة للضرائب إلى 45 في المائة.
* ضرائب الشركات
الوضع الراهن: معقد. ويبلغ المعدل الرسمي للضرائب على الشركات 35 في المائة، أعلى من الحال داخل غالبية الدول المتقدمة. إلا أنه في الوقت ذاته، توفر الولايات المتحدة مجموعة معقدة من الخصومات تؤدي إلى أن يصبح المعدل الفعلي للضرائب ـ بمعني ما تجمعه الحكومة بالفعل ـ أقل بكثير. وقد يرى الكثيرون أن هذا المزيج من المعدلات الضريبية المرتفعة والتحصيلات الضريبية الفعلية الضئيلة ليس بالأمر الجيد ـ فكرة يتفق معها خبراء الضرائب بكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ما ينوي ترامب فعله: سيقلص بدرجة بالغة من المعدل الضريبي الأعلى على أرباح الشركات إلى 15 في المائة. وسيطبق هذا المعدل على الشراكات والأنماط الأخرى من الكيانات التجارية التي تمرر أرباحها حاليًا إلى أفراد، ثم يجري إخضاعهم لضريبة الدخل الفردي والتي تصل في أقصى معدلاتها إلى 39.6 في المائة. كما أنه سيلغي في الوقت ذاته على عدد كبير من الخصومات المتاحة أمام الشركات.
وتبعًا للمعدل الجديد المنخفض، فإن الشركات التي تربح أموالاً من خارج البلاد وتبقيها حاليًا خارج الولايات المتحدة ستتوافر أمامها حوافز أقل للقيام بذلك. وعليه، فإنها قد تعيد الأموال إلى الداخل الأميركي، وتسدد ضرائب أقل وتستثمر المال بالداخل. ومن شأن المقترح الحد بصورة بالغة من العبء الضريبي على الشركات، وتقليص العائد الحكومي بمقدار 1.9 تريليون دولار على مدار العقد القادم، تبعًا لتقديرات «ذي تاكس فاونديشن».
ما تنوي كلينتون فعله: تسعى لإدخال سلسلة من التعديلات على قانون ضرائب الشركات، في محاولة لتثبيط الشركات عن نقل نشاطاتها إلى الخارج للتوفير في الضرائب.
ومن شأن واحدة من التعديلات المقترحة من كلينتون تغيير قاعدة جوهرية بهدف زيادة صعوبة أسلوب التحايل الضريبي الذي تبعًا له تندمج شركة أميركية بأخرى أجنبية منافسة وتنقل مقرها الرئيسي إلى الخارج بهدف الخضوع إلى ضرائب أقل ببلد الشريك الأجنبي. ومن شأن مقترح آخر فرض «ضريبة خروج» على الشركات الساعية لنقل نشاطاتها إلى خارج الولايات المتحدة من دون استعادة أولاً الأرباح المحتفظ بها في الخارج.
وتقترح كلينتون كذلك توفير اعتمادات ضريبية للشركات للاستعانة بعمال من كيانات تدريبية أو التشارك في الأرباح مع العمال. وأشارت إلى أنها ستعمل على تقليص الروتين أمام الشركات الصغيرة في إطار محاولاتها سداد الضرائب المفروضة عليها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
TT

الأسواق الناشئة تسجل عوائد قوية في 2025 وتستعد لمواصلة الصعود

موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)
موظفون يعملون في بورصة المكسيك (رويترز)

تحدّت الأسواق الناشئة الرسوم الجمركية والحروب التجارية واضطرابات الاقتصاد العالمي، محققةً عوائد مزدوجة الرقم في 2025، ما عزّز آمال المستثمرين بتكرار الأداء القوي في العام المقبل.

فبعد سنوات من الخيارات المالية الصعبة، وسياسات نقدية دقيقة اتخذها صانعو القرار في البنوك المركزية، باتت دول كانت تُعدّ عالية المخاطر تبدو اليوم أكثر متانة في مواجهة الغيوم السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد التشرذم الجيوسياسي، وفق «رويترز».

وقالت المديرة التنفيذية في «مانولايف لإدارة الاستثمارات»، إلينا ثيودوراكوبولو: «هناك رياح مواتية كثيرة انتقلت من هذا العام إلى العام المقبل، لا سيما في ظل الأداء اللافت والمميز»، مشيرةً إلى «مزيج من السياسات السليمة والحظ الجيد».

تحرّر الأسواق الناشئة

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض مناخاً من عدم اليقين، يدفع عادةً المستثمرين إلى الملاذات الآمنة مثل السندات الأميركية أو الدولار. غير أن السياسات الجمركية المتقلبة وهجمات ترمب على «الاحتياطي الفيدرالي» قلبت المعادلة، لتجعل الأسواق الناشئة تبدو أكثر استقراراً نسبياً.

وبينما لا تزال تداعيات السياسات الأميركية تتصدّر قائمة المخاطر المحتملة على موجة الصعود المتوقعة في 2026، استغل بعض المستثمرين التراجعات التي أحدثتها إعلانات «يوم التحرير» الجمركية في أبريل (نيسان)، لزيادة انكشافهم على أصول الأسواق الناشئة.

وقال مدير المحافظ في «جانوس هندرسون»، توماس هوغارد: «نرى توجهاً متزايداً لتنويع الاستثمارات بعيداً عن الولايات المتحدة أو السعي إلى تنويع عالمي أوسع». وأضاف أن ديون الأسواق الناشئة كانت دون الملكية لفترة طويلة بعد سنوات من تدفقات الخروج.

وشهدت دول عدة تحولات جذرية؛ إذ تحولت تركيا إلى سياسات اقتصادية تقليدية منتصف 2023، وألغت نيجيريا الدعم وخفّضت قيمة النايرا، وواصلت مصر إصلاحات مدعومة من صندوق النقد الدولي، فيما اجتازت غانا وزامبيا وسريلانكا فترات تعثّر تلتها تحسينات في التصنيفات الائتمانية.

وساعد هذا الصعود في عكس سنوات من نزوح رؤوس الأموال، مؤكداً -حسب المستثمرين- أن الخيارات الصعبة التي اتخذتها الحكومات تُؤتي ثمارها، وتمهّد لقوة إضافية في 2026.

وقالت جوليا بيليغريني، من «أليانز غلوبال إنفستورز»: «باتت هذه الاقتصادات قادرة على امتصاص الصدمات الكبرى؛ إذ تقف على أسس أقوى».

كما أشار محللون إلى عام آخر من صافي الترقيات الائتمانية بوصفه دليلاً إضافياً على استمرار المتانة. وقال استراتيجي «مورغان ستانلي»، جيمس لورد: «الأساسيات تتحسن في هذه الفئة من الأصول، خصوصاً من منظور الجدارة الائتمانية السيادية»، لافتاً إلى «زخم متنامٍ في الترقيات عاماً بعد عام».

ملاذات جديدة؟

في وقت تعرّض فيه «الاحتياطي الفيدرالي» لانتقادات، أظهرت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة استقلالية ومصداقية في صنع السياسات، حسب المستثمرين.

وقال رئيس ديون الأسواق الناشئة في «إم أند جي»، شارل دو كينسوناس: «مصداقية السياسة النقدية في الأسواق الناشئة ربما بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق». وأضاف: «خفّضت الفائدة، بل سبقت (الفيدرالي)، لكنها لم تُفرط في الخفض، مما ساعد العملات على الصمود».

وأسهم الانضباط النقدي في تفوق عملات الأسواق الناشئة، بالتزامن مع تراجع الدولار، ما غذّى الإقبال على ديون العملات المحلية التي حقّقت عوائد بنحو 18 في المائة هذا العام، مع توقعات بإمكان تكرار عوائد مزدوجة الرقم في 2026.

وحتى عدم اليقين الانتخابي -من المجر إلى البرازيل وكولومبيا- الذي كان يُقلق المستثمرين عادة، بات لدى البعض مصدر فرص. وقالت جوليا بيليغريني: «التغييرات السياسية المحدودة التي قد تلي الانتخابات يمكن أن تخلق تحركات سوقية تولّد فرصاً استثمارية».

أميركا تبقى الخطر الأكبر على آفاق الأسواق الناشئة

ويبقى الخطر الأكبر مرتبطاً بالولايات المتحدة، فدخولها في ركود قد يطلق موجة سحب رؤوس أموال تضر بالأسواق الناشئة. كما أن رفع «الفيدرالي» الفائدة قد يعزّز الدولار ويضغط على عملات هذه الأسواق. ويزيد الغموض مع احتمال تعيين رئيس جديد لـ«الفيدرالي» في 2026.

لكن حتى هذه المخاطر لم تعد بالحدة السابقة ذاتها. وقال دو كينسوناس: «من الناحية الأساسية، أصبحت الأسواق الناشئة أقل حساسية بكثير للاقتصاد الأميركي مما كانت عليه».

ومع ذلك، يثير التفاؤل المفرط بعض التحفظ، فقد أظهر استطلاع «إتش إس بي سي» لمعنويات الأسواق الناشئة، الصادر في ديسمبر (كانون الأول)، اختفاء النظرة السلبية بالكامل وتسجيل صافي معنويات قياسي هو الأعلى في تاريخ الاستطلاع.

وقال رئيس استراتيجية الدخل الثابت للأسواق الناشئة في «بنك أوف أميركا»، ديفيد هاونر: «لم أصادف عميلاً واحداً متشائماً رغم حديثي مع أكثر من 100 عميل خلال الأسابيع الأخيرة». وأضاف محذراً: «عندما يتفق الجميع على اتجاه السوق، يعلّمنا التاريخ ضرورة توخي الحذر».


صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

صناع السياسة في «المركزي الأوروبي» يدعون لـ«توجيه حذر» للسياسة النقدية

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

حذَّر صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي، يوم الجمعة، من المخاطر الكبيرة التي تحيط بتوقعاتهم الاقتصادية الأخيرة، داعين إلى توخي الحذر في إدارة السياسة النقدية، وعدم استبعاد خيار خفض أسعار الفائدة مجدداً في الوقت الراهن.

وأبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة ثابتة، يوم الخميس، ورفع بعض توقعاته للنمو والتضخم، وهي خطوة عدّها المستثمرون إشارةً إلى عدم وجود تخفيضات وشيكة لتكاليف الاقتراض، وفق «رويترز».

ورغم أن الأسواق استبعدت أي خفض محتمل لأسعار الفائدة، وتتوقَّع رفعها في 2027، فإن عددًا من صناع السياسات، بمَن فيهم فرانسوا فيليروي دي غالهو من فرنسا، وأولاف سليغبن من هولندا، ومارتن كوخر من النمسا، وخوسيه لويس إسكريفا من إسبانيا، وأولي رين من فنلندا، حذَّروا من التسرع في استخلاص النتائج.

وقال كوخر للصحافيين في فيينا: «لسنا في وضع مريح فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي العام، لأن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة. وهذا يعني وجود احتمال لخفض إضافي إذا لزم الأمر، واحتمال لرفع الفائدة إذا اقتضت الظروف ذلك». ووافقه إسكريفا، مؤكداً أن الخطوة التالية قد تكون في أي من الاتجاهين.

وأفادت مصادر مطلعة بأن صناع السياسات كانوا عموماً مرتاحين لتوقعات السوق باستقرار أسعار الفائدة خلال العام المقبل، لكنهم حرصوا على عدم إرسال أي إشارات تستبعد إمكانية التيسير النقدي الإضافي.

وأشار معظم الخبراء إلى أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة، رغم أنها كبيرة ومعرَّضة لتقلبات مفاجئة نتيجة التطورات الجيوسياسية. وقال سليغبن: «أعتقد أن مخاطر النمو والتضخم متوازنة إلى حد كبير، رغم أنها كبيرة. ما زلنا في وضع جيد، فالتضخم في أوروبا يقترب من 2 في المائة، ويمكن القول إنه أشبه بجنة بالنسبة لمحافظي البنوك المركزية، لكن في الوقت نفسه ندرك أن المخاطر لا تزال كبيرة».

وفي حديثه لصحيفة «لو فيغارو»، تبنى فيليروي وجهة نظر أكثر تساهلاً، داعياً إلى «أقصى قدر من المرونة»، مؤكداً: «هناك مخاطر في كلا الاتجاهين بالنسبة للتضخم، خصوصاً على الجانب السلبي، لذلك سنكون على قدر عالٍ من المرونة في كل اجتماع من اجتماعاتنا المقبلة».

وقد رفع البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، توقعاته للتضخم لعام 2026؛ نتيجة تسارع نمو الأجور والخدمات، لكنه لا يزال يتوقع أن يكون نمو الأسعار الإجمالي أقل من الهدف خلال العامين المقبلين.

وأوضح البنك أن انخفاض التضخم الحالي يعود في معظمه إلى تأثيرات استثنائية في قطاع الطاقة، بينما يظل نمو الأسعار الأساسي أعلى من الهدف، ما يستدعي توخي الحذر. ومع استمرار انخفاض أسعار الطاقة منذ تاريخ انتهاء التوقعات، هناك خطر من أن تبدأ توقعات الأسعار بالانخفاض تدريجياً مع انخفاض قراءات التضخم الشهرية، مما يطيل أمد ضعف نمو الأسعار.

وقال رين: «على الرغم من المفاجآت الإيجابية الأخيرة في النمو، فإن الوضع الجيوسياسي والحرب التجارية المستمرة قد يؤديان إلى مفاجآت سلبية لمنطقة اليورو. وتجعل هذه التطورات توقعات التضخم أكثر غموضاً من المعتاد بسبب المواجهات الجيوسياسية والنزاعات التجارية العالمية».


«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
TT

«أدنوك» توقّع تمويلاً أخضر بمليارَي دولار مع «كي - شور» الكورية

الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)
الدكتور سلطان الجابر العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ويونغجين جانغ الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور» (الشرق الأوسط)

أعلنت «أدنوك» توقيع اتفاقية تمويل أخضر بقيمة 7.34 مليار درهم (نحو مليارَي دولار) مع «شركة التأمين التجاري الكورية» (كي - شور)؛ لتمويل مشروعات منخفضة الكربون عبر عملياتها المختلفة، في خطوة قالت إنها تعكس التزامها بإدماج مبادئ التمويل المستدام ضمن خطط النمو والتوسع.

وأوضحت «أدنوك» أن التسهيل الائتماني المدعوم من «كي - شور» جرت هيكلته ضمن «إطار عمل التمويل المستدام» الخاص بالشركة، بما يتيح تمويل المشروعات المؤهلة والمتوافقة مع المعايير الدولية المعتمدة للتمويل المستدام.

وأضافت أن «فيتش المستدامة» أصدرت رأياً مستقلاً بصفتها «طرفاً ثانياً» يؤكد توافق إطار عمل «أدنوك» مع تلك المعايير.

وجرى الإعلان عن الاتفاقية خلال زيارة الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«أدنوك» ومجموعة شركاتها، إلى جمهورية كوريا، حيث التقى يونغجين جانغ، الرئيس ورئيس مجلس إدارة «كي - شور».

وقال خالد الزعابي، رئيس الشؤون المالية لمجموعة «أدنوك»، إن التسهيل الائتماني «يؤكد التزام (أدنوك) بتمويل النقلة النوعية في أنظمة الطاقة بالتزامن مع الحفاظ على نهج قوي ومنضبط في إدارة رأس المال». وأضاف أن الشراكة مع «كي - شور» توسِّع نطاق الوصول إلى التمويل الأخضر، وتعزِّز العلاقات الاقتصادية مع كوريا، إلى جانب دعم مساعي الشركة لترسيخ مكانتها ضمن الشركات الرائدة في مجال الطاقة منخفضة الكربون عالمياً.

وبيّنت «أدنوك» أن هذا التسهيل يمثل أول تمويل ائتماني أخضر للشركة، يأتي مدعوماً من وكالة ائتمان صادرات كورية، وذلك بعد صفقة مماثلة بقيمة 11 مليار درهم (3 مليارات دولار) أبرمتها مع «بنك اليابان للتعاون الدولي» في عام 2024. وبذلك ترتفع القيمة الإجمالية للتمويلات الخضراء التي حصلت عليها «أدنوك» إلى 18.35 مليار درهم (5 مليارات دولار) خلال 18 شهراً، وفق البيان.

وفي سياق أهداف خفض الانبعاثات، أشارت الشركة إلى أنها تُعد من بين منتجي النفط والغاز الأقل كثافة في مستويات الانبعاثات الكربونية، وتعمل على خفض كثافة انبعاثات عملياتها التشغيلية بنسبة 25 في المائة بحلول عام 2030.

كما لفتت إلى أنها تستثمر 84.4 مليار درهم (23 مليار دولار) في مشروعات خفض الانبعاثات من عملياتها، إلى جانب تسريع نمو مصادر الطاقة الجديدة، بما في ذلك الهيدروجين والطاقة الحرارية الجوفية والطاقة المتجددة.

وأضافت «أدنوك» أنها عضو مؤسس في «ميثاق خفض انبعاثات قطاع النفط والغاز»، وهو ائتلاف يضم شركات وطنية ودولية تعهدت بتحقيق صافي انبعاثات من الميثان قريبة من الصفر بحلول عام 2030، وصافي انبعاثات صفري بحلول أو قبل عام 2050.

وذكرت الشركة أن «بنك أبوظبي الأول» تولى دور المنسق لجزء «التمويل الأخضر»، بينما قام بنك «سانتاندير» بدور المنسق لجزء «وكالة ائتمان الصادرات» ضمن الاتفاقية.