«هواجس النفوذ» تطارد الكيانات الصينية في أستراليا

كانبيرا تحظر استثمارات لـ«دواعٍ أمنية».. وبكين تدين وتحذر

شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
TT

«هواجس النفوذ» تطارد الكيانات الصينية في أستراليا

شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)
شركة «أوسغريد» التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في أستراليا محل الخلاف مع الصين (رويترز)

يبدو أن العلاقة التجارية بين كل من أستراليا والصين بدأ يشوبها نوع من الغموض، فرغم ارتفاع الاستثمارات الصينية في أستراليا خلال الفترة الماضية، بدأت الأخيرة في انتهاج أسلوب من شأنه أن يحد من النفوذ الصيني داخل أراضيها. فالاستثمارات الصينية في البنية التحتية الحيوية في أستراليا لم يعد مُرحب بها مع ارتفاع المخاوف الأمنية من سيطرة الكيانات الصينية على قطاعات حيوية في أستراليا، خاصًة في ظل سمعة الصين السيئة في الهجمات الإلكترونية والتجسس الإلكتروني.
وقررت أستراليا مؤخرًا منع بيع أكبر شبكة كهرباء في البلاد إلى مشترين صينيين مقابل عشرة مليارات دولار أسترالي (7.7 مليار دولار أميركي). وكان وزير الخزانة الأسترالي سكوت موريسون، قال إن صاحبي أفضل عرض لشراء شبكة كهرباء البلاد وهما مؤسسة شبكة الكهرباء الصينية وتشونغ كونغ للبنية التحتية القابضة في هونغ كونغ، سيمنعان من شراء شبكة الكهرباء بسبب مخاوف متعلقة بالأمن القومي.
وصرح موريسون - في بيان رسمي له - قائلاً إن «شركتا (ستيت جريد) الصينية و(شيونغ كونغ إنفرستراكشر) الكائنة في هونغ كونغ قدمتا عرضا مشتركا لتأجير 50.4 في المائة من شبكة (أوسغريد) التي تدير شبكة توزيع الكهرباء في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية لمدة 99 عامًا، وتضم هذه الولاية مدينة سيدني، العاصمة الاقتصادية لأستراليا».
وأضاف أنه خلال مراجعة جوانب الأمن القومي في هذه الصفقة اتضحت خطورة خدمات الاتصالات والطاقة التي توفرها شركة «أوسغريد» للشركات والحكومات في أستراليا، ومراعاة اعتبارات الأمن القومي من شأن الحكومة الاتحادية، مشيرًا إلى أن الحكومة ستواصل جهود بيع شبكة توزيع الكهرباء في الولاية.
وتخشى أستراليا من فكرة أن تمثل سيطرة الصين على شبكة الكهرباء شكلا من أشكال النفوذ في الدولة، فامتلاك الصين للشبكة يوفر لها نفوذا اقتصاديا على أستراليا ونفوذا اجتماعيا أيضًا على السكان. على سبيل المثال، يمكن للصين السيطرة على الاقتصاد الأسترالي من خلال تنظيم أسعار الكهرباء، وكذلك تحديد الكميات المستهلكة من قبل المواطنين والهيئات العاملة في الدولة، علمًا بأن الشبكة تخدم 1.6 مليون منزل وشركة في مدينة سيدني وخارجها. كذلك هناك تخوفات على الشبكة من سيطرة الكيانات الصينية عليها مما يزيد من خطر الهجمات الإلكترونية والتجسس الإلكتروني.
وليست أستراليا وحدها من تتخذ مثل ذلك الإجراء، فكل بلد يفعل هذا الإجراء باختلاف طرق التنفيذ، فالولايات المتحدة لديها قانون «جونز» الذي يصر على أن السفن التي تبحر في الموانئ الأميركية (مع استثناء بعض شحنات النفط في ألاسكا) يجب أن تكون أميركية الصنع، ويتكون طاقمها من قبل الأميركيين. وذلك للمساعدة في الحفاظ على السفن التجارية في حالة وقوع حرب واسعة النطاق.
وردًا من الصين على القرار الأسترالي، قال المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية سون جيه وين - في تصريح يوم الجمعة الماضي - إن الإجراءات التي اتبعتها الشركتان الصينيتان هي أنشطة تجارية عادية جاءت وفقًا لمبادئ السوق، مؤكدًا أنهما اتبعتا إجراءات العطاءات الدولية وتعاونتا في كل مراحل الفحص الأمني في أستراليا. وترى بكين أن مثل هذا القرار يعتبر بمثابة حماية تجارية، ويؤثر تأثيرًا كبيرًا على استعداد الشركات الصينية للاستثمار في أستراليا، خاصة أن هذا هو القرار الثاني خلال عام 2016 الذي ترفض فيه أستراليا عروضًا لشراء أصول محلية مهمة من أطراف صينية؛ رغم أن الصين تعد أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية المقترحة في أستراليا، وفقًا لتقرير مجلس مراجعة الاستثمار الأجنبي الصادر في أبريل (نيسان) الماضي.
* خطوات من التضييق
ويأتي قرار منع الصين من صفقة شراء شبكة الكهرباء في أستراليا بعد ثمانية أشهر فقط من دخول اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ. وحث التقرير الاقتصادي المشترك بين أستراليا والصين - الصادر الأسبوع الماضي - كلا البلدين على التفاوض حول اتفاقية الاستثمار الثنائي مع تحديد «القائمة السلبية» التي سيتم استبعاد القطاعات المدرجة بها من الاستثمار الأجنبي لدى أي من الجانبين، وذلك في جزء منه لتجنب تكرار الاحتكاك الدبلوماسي الذي يحدث في الوقت الراهن.
وسبق أن أفشلت الحكومة الأسترالية عرضًا من كونسورتيوم بقيادة شركات صينية لشراء شركة المواشي «كيدمان آند كو» التي تعد أكبر مالك للأراضي الزراعية في أستراليا. وقال وزير الخزانة سكوت موريسون - في أبريل (نيسان) الماضي - إنه تصدى لبيع المزرعة البالغ مساحتها 101 ألف كيلومتر مربع إلى مجموعة شركات بقيادة صينية، ورفض موريسون في وقت سابق بيع المزرعة نفسها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى مؤسسة صينية أخرى.
وأوضح موريسون أن تلك المزرعة - وهي ضعف مساحة بلجيكا - كانت ستشكل أكبر عملية بيع لأرض خاصة في التاريخ، حيث تمثل 2 في المائة من مساحة الأرض الزراعية في أستراليا. وكان من المتوقع أن تباع المزرعة - المكونة من 10 مزارع منفصلة للماشية بنحو 284 مليون دولار أميركي، وكان البيع المقترح لتلك المزرعة إلى الصين قد أثار مخاوف بين الساسة الليبراليين والمحافظين على حد سواء.
وتعتبر الصين من كبار المستثمرين في أستراليا، حيث نمت الاستثمارات الصينية في أستراليا 60 في المائة إلى 15 مليار دولار، وبلغ الاستثمار في عام 2015 ثاني أعلى مستوى له، بعد عام الذروة في 2008. وواصلت الصين في السيطرة على شراء العقارات في أستراليا، وهو ما يمثل 6.85 مليار دولار بما يمثل 45 في المائة من إجمالي الاستثمارات الصينية في أستراليا، وفقًا لتقرير مشترك لجامعتي «كي بي إم جي» و«سيدني».
وبعد القطاع العقاري، تعتبر القطاعات الأكثر تفضيلا من قبل المستثمرين الصينيين في أستراليا هي الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، والتعدين، والبنية التحتية، والنفط والغاز، والصناعات الزراعية. وتعد أستراليا ثاني بلد أجنبي من حيث الأكثر تفضيلا للمستثمرين الصينيين، بعد الولايات المتحدة، حيث استثمرت الصين في الولايات المتحدة نحو 118 مليار دولار في عام 2015. بزيادة 14.7 في المائة عن العام الأسبق.
* أستراليا ليست وحدها
وتأتي هذه الخطوة الأسترالية المتعلقة بتحجيم النفوذ الصيني داخل اقتصادها، بعد أصدرت السلطات الأميركية اتهامات التجسس ضد أفراد لهم صلة بالصين، بارتكاب جرائم تتراوح بين سرقة تكنولوجيا المفاعلات النووية الأميركية وتهريب ألياف الكربون الخاصة بجهات عسكرية، في محاولة لتصدير تصاميم مركبات تحت الماء بطريقة غير مشروعة. وهؤلاء الأفراد يعملون بمجموعة الطاقة النووية بالصين (CGN)، وهي الشركة الحكومية التي من شأنها أن يكون لها حصة الثلث في مشروع «هينكلي» للطاقة النووية بإنجلترا.
وكذلك أعلنت الحكومة البريطانية - في بداية أغسطس (آب) الحالي - تأجيل إنشاء محطة للطاقة النووية في «هينكلي» غرب إنجلترا - والمتوقع أن تسهم الصين بثلث التمويل المقدر بنحو 18 مليار جنيه إسترليني (23.47 مليار دولار) - وذلك لاعتبار أن مشاركة الصين يمكن أن يهدد الأمن القومي البريطاني.
وكانت بريطانيا قد أعلنت التوصل إلى اتفاق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمتلك بموجبه مجموعة الشركات الصينية بقيادة مؤسسة الطاقة النووية العامة الحكومية حصة بنسبة 33.5 في المائة من المشروع بينما تملك إلكتريك دو فرانس الفرنسية حصة تبلغ نسبتها 0.66 في المائة، وكان من المفترض أن توقع الحكومة البريطانية والشركة الفرنسية والمؤسسة الصينية الاتفاق يوم 29 يوليو (تموز) الماضي.
وفي حين أن المملكة المتحدة ليست واحدة من أكبر ثلاث وجهات استثمارية تفضيلاً في الصين، تعتبر بريطانيا الأكثر جذبًا للاستثمارات الصينية في أوروبا، والتي تجذب استثمارات صينية أكثر من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا مجتمعة. وقد أدخل المستثمرون الصينيون 38 مليار دولار (29 مليار جنيه إسترليني) في كل شيء؛ بدءًا من العقارات إلى البنوك وأندية كرة القدم في بريطانيا منذ عام 2005، وفقا للأرقام الصادرة عن معهد أميركان إنتربرايز، ومؤسسة التراث.



الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
TT

الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)

شهد عام 2025 منعطفاً مفصلياً في مسار أسواق الأصول الرقمية؛ إذ انتقل القطاع من مرحلة «النمو العشوائي» إلى مرحلة «النضج المؤسسي والتنظيمي». وجاء هذا التحول نتيجة تفاعلٍ معقّد بين تسارع الابتكار التكنولوجي، وتوسع مشاركة المؤسسات المالية الكبرى، وصعود الأطر التنظيمية الفيدرالية التي أعادت رسم حدود العلاقة بين العملات الرقمية والنظام المالي التقليدي.

وفي المقابل، لم تخلُ هذه المرحلة الانتقالية من اضطرابات؛ إذ تعرضت الأسواق لهزات مضاربية وأحداث أمنية كشفت هشاشة بعض الشرائح، ولا سيما عملات «الميم» والعملات المستقرة مرتفعة المخاطر، ما عزّز القناعة بأن مرحلة «إعادة التوازن الهيكلي» باتت جزءاً لا يتجزأ من رحلة تحوّل القطاع نحو نموذج أكثر انضباطاً واستدامة.

جاء اسم «عملات الميم» (Meme Coins) من نكت أو ميمات الإنترنت، وهي عملات مشفرة تعتمد بشكل أساسي على الضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية لجذب المستثمرين، أشهرها «دوجكوين» (Dogecoin) و«شيبا إينو» (Shiba Inu). وتتميز بتقلبات سعرية عالية جداً لقلة قيمتها الأساسية وغياب المنفعة الملموسة أحياناً، مما يجعلها استثماراً مضارباً عالي المخاطر.

الربع الأول: الانطلاقة وأولويات السيادة الرقمية

افتُتح عام 2025 بإطلاق عملة «ترمب» في 17 يناير (كانون الثاني)، والتي مثلت أكثر من مجرد أداة مضاربية؛ فقد عكست التغلغل الثقافي والسياسي للعملات الرقمية، وأظهرت كيف يمكن للأحداث السياسية أن تخلق ديناميات سعرية مؤثرة. اعتبر البعض أن الإطلاق سحب سيولة من النظام البيئي، في حين رأى آخرون أنه يمثل علامة على تقبل العملات الرقمية على نطاق واسع. وبعد ثلاثة أيام، مع تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت الأسواق تشهد تحولاً استراتيجياً في موقف المؤسسات تجاه العملات الرقمية؛ إذ تزايد اعتمادها تدريجياً، مما ساهم في تقليل التقلبات السعريّة وتعزيز النضج السلوكي للأسواق.

وفي 23 يناير من العام، وقع ترمب أمراً تنفيذياً لإنشاء استراتيجية وطنية للأصول الرقمية واحتياطي «بتكوين» استراتيجي، مؤكداً وضع الأصول الرقمية ضمن الاستراتيجية المالية والسيادية الأميركية. تضمن الأمر تعزيز الحفظ الذاتي للأصول الرقمية، ودعم العملات المستقرة المدعومة بالدولار، ورفض العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، وهو ما عزز الشفافية التنظيمية، وأرسى مفهوم «الاحتياطي الوطني الرقمي» لأول مرة على المستوى المؤسسي والدولي.

الاضطرابات الأمنية وانهيارات السوق

مع هذا الانطلاق، لم يكن الطريق مفروشاً بالاستقرار. ففي 14 فبراير (شباط)، شهدت الأسواق انهيار عملة الميم «ليبرا» المدعومة سياسياً؛ إذ فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها السوقية في ساعات قليلة بعد إعلان الرئيس الأرجنتيني دعمها. أظهرت الحادثة هشاشة سوق عملات «الميم» أمام المضاربة والسيولة المرتبطة بالمبادرات السياسية المفاجئة؛ إذ تكبد 86 في المائة من المستثمرين خسائر تجاوزت 250 مليون دولار. وفي 21 فبراير، واجهت منصة «بايبت» أكبر اختراق أمني في تاريخها؛ إذ سرق قراصنة مرتبطون بكوريا الشمالية نحو 1.5 مليار دولار من الأصول الرقمية. على الرغم من ضخامة الرقم، ساعدت الاستجابة المؤسسية الشفافة في الحد من عدوى مالية واسعة، مؤكدة أهمية إدارة الأزمات في الأسواق اللامركزية.

النصف الأول من العام: تحديثات تقنية واكتتابات عامة

شهد مايو (أيار) 2025 ترقية «بيترا» لشبكة «إيثيريوم»، والتي حسنت من كفاءة تنفيذ المعاملات واستقرار البروتوكول، مؤكدة مكانة «إيثيريوم» كبنية تحتية مؤسسية قابلة للاعتماد. في 5 يونيو (حزيران)، أكملت شركة «سيركل» اكتتابها العام في بورصة نيويورك، محققة طلباً مؤسسياً قوياً مع ارتفاع أسعار السهم أكثر من 150 في المائة في يوم التداول الأول، وهو ما يعكس رغبة المستثمرين المؤسساتيين في الدخول إلى السوق الرقمي ضمن أطر منظمة وواضحة.

وفي 17 يونيو، أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانون «جينيوس»، ليصبح الإطار الفيدرالي الشامل الأول للأصول الرقمية في الولايات المتحدة. قدم القانون قواعد واضحة لإصدار العملات المستقرة والإشراف عليها، ووضع معايير للبنية السوقية للوسطاء، ما قلل بشكل كبير من عدم اليقين القانوني وعزز الثقة المؤسسية في الأسواق الرقمية.

نهاية يونيو شهدت إطلاق منصة «إكس ستوكس» للأصول المرمّزة، والتي أتاحت تداول أكثر من 60 سهماً أميركياً على «البلوكشين» بشكل مباشر، مما وفر للمستثمرين أداة جديدة للوصول إلى الأسهم التقليدية في بيئة رقمية، مع ضمان التغطية الكاملة للأصل الأساسي. وسرعان ما ارتفعت القيمة الإجمالية للأصول على الشبكة من 35 مليون دولار إلى أكثر من 100 مليون دولار خلال أسبوعين، ما أبرز الاهتمام المبكر بالأسهم المرمّزة.

الربع الثالث: المنافسة والتوسع المؤسسي

في 18 يوليو (تموز)، وقع ترمب قانون «جينيوس» ليصبح نافذاً، مؤكداً تحويل الأطر التنظيمية من غموض إنفاذ القوانين إلى تنظيم واضح وقائم على القواعد، ما عزز دمج الأسواق الرقمية ضمن النظام المالي الأميركي التقليدي.

وشهد شهر سبتمبر (أيلول) إطلاق منصة «أستر» على شبكة «بي إن بي تشاين»، بدعم علني من «سي زد»، مع ارتفاع رموز «أستر» عشرة أضعاف خلال أسبوعها الأول. جذب هذا النشاط الكبير انتباه المحللين، الذين أشاروا إلى ضرورة مراجعة مصداقية البيانات المتعلقة بأحجام التداول وتركيز توزيع الرموز.

الربع الرابع: تسجيل الأرقام القياسية واختبارات السيولة

في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، بلغت «بتكوين» أعلى مستوى تاريخي عند 126,038 دولاراً، مدفوعة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة وضعف الدولار خلال فترة عدم اليقين السياسي. ومع إعلان تعريفات على الصين، عادت العملات الرقمية إلى مرحلة تصحيح؛ إذ شهدت عمليات تصفية كبيرة في الأسواق المركزية واللامركزية، مؤكدة الترابط بين الأسواق الرقمية والاقتصاد العالمي.

وفي 7 أكتوبر، جمعت منصة «بولي ماركت» تمويلاً بقيمة مليارَي دولار عند تقييم 9 مليارات دولار، ليصبح إجمالي التمويل 2.28 مليار دولار، مما يعكس الطلب المؤسسي المتزايد على أدوات التنبؤ الرقمية. وفي 11 أكتوبر، شهدت الأسواق أكبر انهيار منذ «إف تي إكس»، مع موجة بيع حادة تضمنت الأسهم والعملات الرقمية والسلع، ما أبرز أهمية إدارة المخاطر والسيولة في البيئات عالية التقلب.

في 28 أكتوبر، أُطلق أول منتجات «سول إي تي إف»، لتوفير وصول منظم للمستثمرين المؤسساتيين إلى نظام «سولانا» البيئي. وسجلت التدفقات الصافية في اليوم الأول نحو 69.5 مليون دولار، وتراكمت حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو 750 مليون دولار، ما يعكس الطلب المستمر على الأصول الرقمية ضمن أطر منظمة.

تحديات العملات المستقرة

شهدت أسواق «ديفاي» في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) صدمة كبيرة عندما انفصلت العملة المستقرة «إكس يو إس دي» عن قيمتها المرجعية بنسبة تجاوزت 43 في المائة بعد الكشف عن خسارة بقيمة 93 مليون دولار مرتبطة بمدير أصول خارجية. أدى ذلك إلى تجميد السحوبات والاستردادات مؤقتاً، مع انعكاسات على أصول مرتبطة مثل «دي يو إس دي» و«إس دي دي يو إس دي»، مؤكداً أهمية الأطر التنظيمية واستقرار السيولة للحفاظ على ثقة المستثمرين.

اتجاهات 2026

مع نهاية عام 2025، بات جلياً أن أسواق الأصول الرقمية تجاوزت مرحلة المضاربة البحتة، لتتحول إلى مكوّن محوري في البنية المالية العالمية، مدعومةً بتوسع الحضور المؤسسي وتبلور الأطر التنظيمية. ومع دخول عام 2026، يُرجَّح أن يتمحور مسار النمو حول ترسيخ الصلة بين قيمة الرموز الرقمية والتدفقات النقدية الحقيقية التي تولدها البروتوكولات، إلى جانب تطوير آليات الحوكمة، وتعزيز الشفافية، وترسيخ استدامة نماذج التمويل اللامركزي.

وفي هذا السياق، تتشكل ملامح مرحلة جديدة تجمع بين مرونة ابتكارات «البلوكشين» وانضباط الأسواق التقليدية، بما يعيد تعريف دور الأصول الرقمية كأدوات مالية ناضجة، لا مجرد رهانات عالية المخاطر.


حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
TT

حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، أن الليرة الجديدة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل رمز لنجاح الثورة السورية، والانتماء، والثقة بالقدرة على النهوض.

وقال الحصرية في منشور عبر صفحته على «فيسبوك»: «مع إطلاق العملة الجديدة، لا نحتفل بورقة نقدية فحسب، بل نحتفل بسيادتنا وهويتنا الوطنية»، موضحاً أن هناك تجارب دولية كثيرة تؤكد أن العملة الوطنية تصبح قوية عندما يلتفّ الناس حولها. حسبما ذكرت «وكالة الأنباء السورية».

ولفت الحصرية إلى تجربة ألمانيا، التي شكّل فيها إطلاق المارك بعد الحرب نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية، وتجربة فرنسا، حيث كان الفرنك الفرنسي الجديد الرمز المالي للجمهورية الجديدة التي عرفت بالجمهورية الخامسة.

وأضاف الحصرية: «نحن في المصرف المركزي سنقوم بدورنا الذي نفهمه جيداً، مدركين حجم التحديات والفرص، وملتزمين بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني، ويبقى الأساس في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها».

ودعا الحصرية إلى جعل هذه المناسبة حالة وطنية راقية، يعبّر السوريون فيها عن وعيهم، وثقتهم، وتمسّكهم بالليرة كرمز لسيادتهم، وخيارهم الوطني.

وختم الحصرية قائلاً: «دعم الليرة هو دعم للوطن، والاعتزاز بها اعتزاز بالمستقبل لنا ولأولادنا، إنها فرصة لنجاح جديد بعد نجاح الثورة بالتحرير، ونجاحنا في رفع العقوبات الاقتصادية التي كبلت اقتصادنا لنحو خمسين عاماً».

وكان حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أعلن مؤخراً أن الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، موعد إطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، وأن الاستبدال سيكون عبر 66 شركة وألف منفذ مخصص لذلك.


روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
TT

روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)

مددت روسيا الحظر المؤقت على صادرات البنزين حتى 28 ⁠فبراير (شباط) المقبل لجميع ‌المصدرين، بمن في ‍ذلك المنتجون. حسبما ذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، السبت، نقلاً ‌عن ‌خدمة ‌صحافية ⁠حكومية.

كما ‍مددت روسيا الحظر على صادرات الديزل، ​وكذلك الوقود البحري حتى 28 ⁠فبراير، لكنه لن ينطبق على المنتجين المباشرين للمنتجات النفطية.