سياسي شيعي ينتقد ازدواجية إيران حيال الجنوب العراقي

معركة «سحب الثقة» من العبيدي تنتقل إلى طهران.. والجبوري يشيد بالدعم الإيراني

عناصر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي «الفرقة الذهبية» يتدربون تحت إشراف مدربين دوليين في مطار بغداد أمس (أ.ف.ب)
عناصر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي «الفرقة الذهبية» يتدربون تحت إشراف مدربين دوليين في مطار بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

سياسي شيعي ينتقد ازدواجية إيران حيال الجنوب العراقي

عناصر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي «الفرقة الذهبية» يتدربون تحت إشراف مدربين دوليين في مطار بغداد أمس (أ.ف.ب)
عناصر في جهاز مكافحة الإرهاب العراقي «الفرقة الذهبية» يتدربون تحت إشراف مدربين دوليين في مطار بغداد أمس (أ.ف.ب)

في وقت أشاد فيه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بما أسماه «الدور الفاعل الذي أدته إيران في العراق لجهة محاربة داعش»، فقد هاجم السياسي العراقي المستقل والمفكر المعروف حسن العلوي، إيران، على خلفية ما تدعيه من حماية لأبناء الجنوب الشيعي، بينما تبذر مئات ملايين الدولارات في قارة أميركا اللاتينية.
وقال الجبوري الذي يخوض معركة صعبة مع وزير الدفاع خالد العبيدي، في مؤتمر صحافي مشترك، عقده أمس في طهران مع نظيره الإيراني، علي لاريجاني، إن «أصحاب القرار والمؤسسات الحكومية في العراق، كلهم يؤمنون بأنه علينا إرساء علاقات أقوى وأفضل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن تكون هذه العلاقات مستمرة، لنتمكن من بناء جسور التعاون مع إيران في جميع المجالات، وخصوصًا في المجالات الاقتصادية والبرلمانية، ونرى أن علاقات وتعاونًا مثل ذلك يصب في مصلحة البلدين». وأضاف الجبوري قائلاً: «إننا نواجه أزمة أمنية في المنطقة، هذه الأزمة التي نشهدها يجسدها (داعش) والجماعات الإرهابية، لذلك كنا بحاجة إلى أن تقف دول المنطقة إلى جانبنا»، مشيدًا بما وصفه بـ«الدور الفاعل» لإيران في هذا المجال. وأكد حاجة العراق إلى بناء «علاقات مع مختلف الدول ونستفيد منها في التصدي للأزمات، ونعتقد أن علينا أن نجعل مواجهة الإرهاب في المرتبة الأولى من اهتماماتنا».
وحول الأزمات السياسية في العراق، قال الجبوري إن «أصحاب القرار العسكري والسياسي في العراق حريصون على مصلحة البلاد، وإن أي قرار يتخذونه يأتي في إطار مصلحة العراق».
إلى ذلك، وقبل نحو يومين من التصويت على سحب الثقة منه أو عدمه، خلال جلسة البرلمان المقررة الثلاثاء المقبل، اتهم وزير الدفاع خالد العبيدي رئيس البرلمان بالإيعاز بتسريب استجوابه الأول الذي حصل قبل نحو سنة. وقال العبيدي خلال مؤتمر صحافي عقد بمبنى الوزارة أمس، إن «صراعي مع الفاسدين لن يتحول إلى معركة بين السنة». وأضاف العبيدي أن «تسريب استجوابه الأول كان بإيعاز من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري»، مبينًا أن «الاستجواب تضمن معلومات وأسماء ضباط قد يعرضهم تسريبها للخطر».
وفي السياق نفسه، وصف العبيدي محاولة سحب الثقة منه بـ«المؤامرة»، مؤكدًا أن «تلك المحاولة ستفشل بدعم العراقيين لنا». ونفى العبيدي، أن «يكون قد أساء لمجلس النواب»، مشيرًا إلى أن «أغلبية النواب داعمون لنا». كما عد استجوابه داخل قبة البرلمان بأنه «سيناريو أعد له من قبل الفاسدين الذين أوصدنا الأبواب عليهم»، مشيرًا إلى أن «معركتي مع الفساد كانت أشرس وأخطر من الإرهاب».
وفي وقت تتباين فيه المواقف من عملية سحب الثقة من وزير الدفاع داخل الكتل السياسية، بما فيها الكتلة السنية التي ينتمي إليها الوزير «تحالف القوى العراقية»، فإن كتلة «متحدون» التي يتزعمها أسامة النجيفي هي الكتلة الوحيدة التي يبدو موقفها موحدًا لجهة عدم الموافقة على سحب الثقة من العبيدي. وقالت الكتلة في بيان لها أمس، إن «الاستجواب الذي تعرض له الوزير كان استهدافًا سياسيًا ولا تجوز الموافقة على إجرائه، بدليل وجود قضايا كثيرة بين المستجوِب والمستجوَب (في إشارة إلى النائبة عالية نصيف التي تولت استجواب العبيدي) ويفتقد إلى شرطه القانوني». وأضاف البيان أن «ما تضمنته الجلسة من اتهامات طالت رئيس مجلس النواب وعددًا من النواب، جاءت وفق إلحاح عدد كبير من النواب بكشف جميع الحقائق بالأسماء، كما أن أسئلة الاستجواب لم تكن ترقى إلى توجيه اتهام حقيقي للوزير، وكانت أجوبته كافية لدحض الأساس الذي اعتمدته كونه قائمًا على استهداف واضح».
وبشأن ما يثار عن جلسة البرلمان المقبلة حول إمكانية سحب الثقة وزير الدفاع، قالت «متحدون»، إن «ذلك يحتاج إلى وقفة وطنية صادقة تحدد وتميز مصلحة العراق في ظرف معقد يقود فيه الوزير معارك التحرير ضد تنظيم داعش الإرهابي، خصوصًا أن معركة الموصل على الأبواب، وبالتالي فإن أي محاولة لسحب الثقة تبعث برسالة بالغة السوء لمواطني نينوى وللمقاتلين، مفادها عدم الاهتمام بمصير محافظة مركزية مهمة من محافظات العراق».
وبينما يراهن وزير الدفاع على موقف الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، كتلة «التحالف الوطني» الشيعي، بناء على تعهدات حصل عليها من عدد من زعامات هذه الكتلة، فإن رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والقيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، أبلغ «الشرق الأوسط» بأنه «لا يوجد موقف موحد داخل كتلة التحالف الوطني بجميع مكوناتها بشأن سحب الثقة أو عدمه من وزير الدفاع»، مبينًا أن «مسألة التصويت ستكون شخصية بمحض إرادة النواب».
في سياق ذلك، هاجم النائب السابق في البرلمان العراقي والمفكر العراقي حسن العلوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ازدواجية التعامل الإيراني بين ادعاء حماية الشيعة وبين تبذير الأموال في دول أميركا اللاتينية، ومنها فنزويلا، قائلاً إن «الأذرع الإيرانية تمتد إلى فنزويلا التي تفصلها عنها آلاف الأميال، وهي نظام يحتضر في أميركا اللاتينية، حيث تقيم هناك مؤسسات إعلامية باللغة الفارسية ومراكز أبحاث وغيرها من المؤسسات»، متسائلاً: «لماذا لا تخصص إيران جزءًا بسيطًا جدًا من هذه الأموال إلى مدينة العمارة العراقية التي تبعد عنها بضعة أمتار، وهي مدينة متخلفة وتحتاج استثمارات في كل الميادين، وقد هاجر ساكنوها إلى بغداد، حيث يمثلون اليوم غالبية سكان مدينتي الصدر والشعلة؟». وأضاف: «لماذا تستثمر إيران أموالها في قارة بعيدة تحتاج الطائرات والناقلات للوصول إليها ولا تلتفت إلى مدينة عراقية محاددة لها وكل سكانها شيعة ويحتاجون إلى مياه صالحة للشرب، حيث يشربون من مياه الأهوار الملوثة وترفع من دخلهم الشهري أو اليومي، في حين يتم الاكتفاء بإرسال أبناء هذه المدينة إلى القتال بحجة الدفاع عن المذهب، بينما هي لا تنفع المؤمنين بالمذهب، بل تعبر إيران المحيطات ولا تلتفت إلى هور الحمار المجاور لها الذي يمكن التنقل فيه من وإلى إيران من خلال المشحوف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.