ترامب وكلينتون والصوت الأسود

خطابه «ماذا لديكم لتخسروه؟» يذكر بشعارات اشتراكية قديمة

صورة أرشيفية تبين شرطيًا أميركيًا خلال مظاهرة دعمًا للأقلية السوداء في نيويورك (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تبين شرطيًا أميركيًا خلال مظاهرة دعمًا للأقلية السوداء في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

ترامب وكلينتون والصوت الأسود

صورة أرشيفية تبين شرطيًا أميركيًا خلال مظاهرة دعمًا للأقلية السوداء في نيويورك (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تبين شرطيًا أميركيًا خلال مظاهرة دعمًا للأقلية السوداء في نيويورك (أ.ف.ب)

الرئيس الأميركي السادس عشر الجمهوري أبراهام لينكن خاض حربًا شرسة ضد العبودية في القرن التاسع عشر، وسن التشريعات في الكونغرس من أجل تحرير السود في اتحاد يجمع الولايات الأميركية، الشمالية والجنوبية. ربما هذه المفارقة التاريخية التي جعلت المرشح الجمهوري دونالد ترامب يوجه خطاباته خلال الأيام الأخيرة إلى جمهور الناخبين السود، قائلا لهم: «ماذا لديكم لتخسروه؟!». الجملة تذكر بشعار «لن تخسروا سوى الأغلال» الشيوعي الذي يطالب أبناء الطبقة العاملة بأن يثوروا ضد الرأسمالية.
لكن جرى تعريف الأفريقيين الأميركيين بأنهم ديمقراطيون منذ خمسينات القرن الماضي. وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت منذ مؤتمرات الحزب خلال الشهر الماضي حصوله على دعم بنسبة 1 في المائة أو 2 في المائة بين السود. ولا يستطيع الكثيرون نسيان إصرار ترامب خلال انتخابات عام 2012 على أن الرئيس باراك أوباما، أول رئيس أسود للولايات المتحدة، ولد في الخارج ومن ثم غير مؤهل للبيت الأبيض. وفي ظل استطلاعات الرأي بالكاد يحصل على دعم الناخبين السود، إلا أنه مُصر على الحصول على أصواتهم وإقناعهم بدعمه، قائلا: «ماذا لديكم لتسخروه، بحق الجحيم؟». الغريب في الأمر أنه اختار حشدًا كله من البيض تقريبًا، في مؤتمر في ديمونديل بولاية ميشجن. وردد عباراته قائلا: «انظروا كم تعاني المجتمعات الأفريقية الأميركية في ظل سيطرة الديمقراطيين. ولهؤلاء أقول التالي: ما الذي لديكم لتخسروه بتجربة شيء جديد مثل ترامب؟»، مضيفًا: «أنتم تعيشون في فقر. ومدارسكم ليست جيدة، وليس لديكم وظائف، و58 في المائة من شبابكم عاطل عن العمل»، مؤكدًا أن حزب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما تخلى عن ناخبيه السود. وقال ترامب: «ليس هناك في أميركا مجموعة عانت من سياسات هيلاري كلينتون مثل السود» مضيفا: «لو كان هدف هيلاري كلينتون أن تلحق أكبر أذى ممكن بمجموعة السود، لما كانت نجحت في ذلك أكثر مما فعلت». وقال: «هذا المساء، أطلب من كل مواطن أسود في هذا البلد الذي يتمنى مستقبلاً أفضل أن يصوت لي».
وفي انتخابات 2012، شكل السود 13 في المائة من الناخبين، وصوتوا بنسبة 93 في المائة لباراك أوباما. وأثبتت هيلاري كلينتون عن شعبية واسعة لدى هذه المجموعة بحصولها على نسبة تصل إلى 90 في المائة من أصواتهم خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية التي تنافست فيها مع بيرني ساندرز. وبعدما أعلن ترامب خلال الانتخابات التمهيدية أنه سيتمكن من استعادة أصوات المتحدرين من أميركا اللاتينية بعدما أثار استياءهم، عندما تكلم عن تفشي الجريمة بينهم، وأنه ينوي بناء جدار لإيقاف الهجرة من المكسيك، قرر الآن على ما يبدو أن الفوز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) يتطلب منه الحصول على أصوات السود.
وبهذا يسعى المرشح الجمهوري للبيت الأبيض لإعادة إطلاق حملته الانتخابية على أسس جديدة، في ظل تقدم هيلاري كلينتون عليه في استطلاعات الرأي، بعد أسابيع من السجالات المتتالية إثر تصريحات له. وشهدت الأيام الثلاثة الأخيرة عدة تحولات في حملة رجل الأعمال الثري بهدف وقف تراجع شعبيته، فأجرى ثاني تعديل خلال شهرين على فريق حملته، وأعرب الخميس عن «أسفه» لكلام مسيء صدر عنه.
ولم يبد ترامب من قبل أي رغبة في الانضباط وتبني نبرة معتدلة في حملته، غير أنه تراجع في استطلاعات الرأي منذ انعقاد المؤتمر الوطني الجمهوري في يوليو (تموز) إلى أن وصلت نسبة التأييد له إلى 41,2 في المائة من نيات الأصوات مقابل 47,2 في المائة لهيلاري كلينتون، بحسب معدل وسطي احتسبه موقع «ريل كلير بوليتيكس» المستقل.
كما حاول ترامب في خطابه إثارة الأقليات ضد بعضها البعض من خلال إثارة مخاوفهم حول الوظائف التي يحصل عليها المهاجرين. وقال إن هيلاري كلينتون تريد «فتح الحدود»، مؤكدًا أن المهاجرين «يسلبون وظائفكم»، مضيفًا: «هيلاري كلينتون تفضل منح وظيفة للاجئ أجنبي بدل منحها لشبان سود عاطلين عن العمل في مدن مثل ديترويت، حيث أصبحوا لاجئين داخل بلادهم». وبث ترامب الجمعة أول إعلان تلفزيوني هو عبارة عن لقطة تربط بين هيلاري كلينتون والفوضى والهجرة السرية.
وفي موقف معارض للخط الجمهوري التقليدي، ندد مرة جديدة باتفاقيات التبادل الحر الموقعة أو قيد التفاوض، مشيرا إلى أن بيل كلينتون وقع عام 1993 اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا (نافتا) التي تسببت، على حد قوله، بنقل مصانع إلى المكسيك. وقال: «علينا أن نطوي الصفحة. وحده تغيير في القيادة يمكن أن يأتي بنتائج مختلفة»، مؤكدًا مرة أخرى أنه سيسحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادي التي تفاوض باراك أوباما بشأنها غير أنها متعثرة في الكونغرس.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».