الأسرى الفلسطينيون.. الجرح المفتوح

مليون جربوا الاعتقال منذ 1967.. سلاحهم «الصمود» و«الإضرابات»

الأسرى الفلسطينيون.. الجرح المفتوح
TT

الأسرى الفلسطينيون.. الجرح المفتوح

الأسرى الفلسطينيون.. الجرح المفتوح

إذا عرفنا أن إسرائيل اعتقلت منذ احتلالها للضفة الغربية عام 1967 وحتى الآن ثلث الشعب الفلسطيني، فهذا يعني أن كل عائلة في فلسطين تقريبا جربت هذه الاعتقالات التي طالما كانت وما زالت طقسا يوميا تمارسه قوات الاحتلال من ضمن إجراءات أخرى كثيرة في صراع وجودي مختلف.
والحقيقة أن كلمة «الاعتقال» تختصر مسارا طويلا صعبا وشاقًا، يبدأ بالرعب الذي تمارسه القوات الإسرائيلية أثناء العملية التي تتم عادة منتصف الليل، مع كل ما يتبعها من ترويع كبير للآمنين، مرورا بالضرب والإهانات والتحقيق والتنقل المذل وجلسات المحاكم وظروف الاعتقال والزيارات والحرمان والعزل والزنازين والإضرابات عن الطعام حتى الموت أو الحرية.
على مدار أكثر من 5 عقود، لم يقل عدد الأسرى الفلسطينيين عن آلاف تزيد وتنقص بحسب الوضع الأمني في البلاد، ولكن ولا في مرة واحدة حتى مع توقيع «اتفاق أوسلو» فرغت السجون من ساكنيها، وهو المطلب الذي تضعه السلطة الفلسطينية اليوم كشرط أساسي من بين شروط أخرى لتوقيع اتفاق سلام نهائي.
صحيح أن السلطة الفلسطينية من جهة وحركة حماس من جهة ثانية نجحتا في تخليص أسرى باتفاقات سلام أو صفقات تبادل، ولكن الأعداد التي تناقصت سرعان ما تزايدت بفعل الانتفاضة الأخيرة. وتشير تقارير فلسطينية رسمية أن العامين الأخيرين 2015 و2016 كانا الأسوأ منذ نحو 17 عاما، أي بالضبط إذا تجاوزنا فترة الانتفاضة الثانية عام 2000.

اغتيال سياسي
يلخص عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى، الحرب المحمومة في العامين الأخيرين على الأسرى الفلسطينيين بوصفه ما يتعرض له الأسرى بـ«اغتيال سياسي». ويقول قراقع إن ما «يجري على ساحة السجون والمعسكرات الإسرائيلية هو اشتباك قاس وصعب ومؤلم، بل هو أكثر من عدوان على الأسرى وكرامتهم وحقوقهم، إنها محاولة إسرائيلية رسمية لصهر الأسرى نفسيا وجسديا وقانونيا في فرن الفاشية الإسرائيلية المتنامية والتي تضرب بجنونها في كل مكان».
ويرى قراقع أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وضعت قضية الأسرى هدفًا هجوميًا على مستويات مختلفة:
الأول، هو حملة الاعتقالات المحمومة والشاملة التي تحوّلت إلى عقاب جماعي للشعب الفلسطيني والتي تركّزت على الأطفال القاصرين، حيث وصلت حالات الاعتقال منذ بداية عام 2016 إلى 3000 حالة اعتقال، ومن كافة فئات الشعب الفلسطيني.
والثاني، هو المستوى السياسي الذي أعطى الضوء الأخضر لإجراءات قمعية ومشددة تجاه الأسرى، بغطاء ديني من خلال فتاوى إسرائيلية مفعمة بالكراهية والعداء للأسرى.
والثالث، هو المستوى التشريعي، عبر تحويل الكنيست الإسرائيلي إلى ورشة عمل عنصرية في تشريع قوانين ضد حقوق الأسرى وضد القانون الدولي الإنساني، كقانون اعتقال أطفال في أعمار 12 عاما ورفع الأحكام بحقهم، وقانون التغذية القسرية بحق الأسرى المضربين، وقانون السماح بتعذيب المعتقلين، وقانون الاعتقال لمجرد الاشتباه.
والرابع، هو القضائي، ويتمثل من خلال الاعتقالات التعسفية وإصدار أوامر اعتقال إداري دون أمر قضائي ودون محاكمة أو لائحة اتهام، وتوسيع نطاق الاعتقال الإداري ليشمل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقال النواب والنشطاء السياسيين والصحافيين، واعتقال أطفال إداريا، وتجديد الاعتقال عدة مرات.
والخامس، وهو الإنساني، حيث تشهد السجون عملية انقضاض واسع على حقوق الأسرى والمساس بكرامتهم الإنسانية، ونزع الصفة الآدمية عنهم، ومن خلال سياسة الاعتداء عليهم باقتحام متواصل لغرفهم وأقسامهم والتنكيل بهم وإذلالهم ونقلهم تعسفيًا. وكذلك من خلال العزل الانفرادي حيث يقبع 19 أسيرا في العزل بعضهم منذ 3 سنوات، والحرمان من الزيارات والكنتين وفرض الغرامات الفردية والجماعية، والإهمال الطبي وعدم تقديم العلاجات اللازمة للأسرى المرضى والجرحى وغيرها من الانتهاكات التعسفية.

اعتقالات محمومة في الانتفاضة
وتشير الإحصاءات الرسمية الفلسطينية إلى اعتقال إسرائيل منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أي بدء الانتفاضة نحو 4800 مواطن، منهم نحو 1400 طفل وقاصر غالبيتهم من محافظتي القدس والخليل. ورفع هذا الرقم المهول عدد الأسرى في غضون فترة قصيرة إلى 7000 أسير يقبعون اليوم في 22 سجنًا ومركز توقيف وتحقيق إلى جانب معتقلي «عتصيون» و«حوارة» التابعين للجيش، بينهم 30 أسيرا قديما، و70 أسيرة، وأكثر من 400 طفل و750 أسيرًا «إداريا».

الأسرى القدامى
من بين الـ7000 يوجد 30 يطلق عليهم اسم «الأسرى القدامى»، وهو مصطلح يعني الأسرى الذين اعتقلهم الاحتلال منذ ما قبل توقيع «اتفاقية أوسلو» عام 1993. ورفضت إسرائيل الإفراج عنهم حتى مع توقيع «السلام» المأمول. وكانت إسرائيل أفرجت عام 2013 عن ثلاث دفعات ضمن استئناف مسار المفاوضات لكنها ألغت الإفراج عن الدفعة الرابعة في مارس (آذار) 2014. والتي تتضمن الأسرى الـ30. وأقدمهم الأسيران كريم يونس وماهر يونس من الأراضي المحتلة عام 1948، كما يطلق هذا المصطلح على الأسرى الذين قضوا أكثر من (20) عامًا في سجون الاحتلال. أما بالنسبة للأسيرات فيصل عددهن اليوم إلى 70 أسيرة في سجون الاحتلال، من بينهن 17 فتاة قاصر، وأقدمهن الأسيرة لينا الجربوني من عرب الداخل 1948. وأما عن الأسرى الأطفال والقاصرين (دون 18 سنة) فقد وصل عددهم في سجون الاحتلال إلى 400 موزعين على سجني «مجدو» و«عوفر».
ويقول تقرير لهيئة شؤون الأسرى إنهم جميعا تعرضوا خلال فترة اعتقالهم لأساليب متنوعة من التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية، وذلك منذ لحظة إلقاء القبض عليهم والطريقة الوحشية التي يتم اقتيادهم بها من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، إضافة إلى المعاملة المهينة والمذلة التي يتعرضون لها أثناء نقلهم للمعتقلات أو مراكز التحقيق، هذا عدا عن الأساليب القاسية وممارسة التعذيب بحقهم، ويشار إلى أن الكثير من القاصرين انتزعت منهم الاعترافات بالقوة والتهديد، وحكموا غيابيًا.

انتهاكات بحق المعتقلين
وتوثق تقارير فلسطينية متخصصة عدة أساليب للتنكيل والتعذيب تتبعها إدارة مصلحة سجون الاحتلال وقوّات قمع السّجون بحقّ الحركة الأسيرة في السجون، منذ الاعتقال ومرورا بالتحقيق والتوقيف، وخلال التحقيق معهم، ثم لدى نقلهم إلى المحاكم والمستشفيات عبر عربة تسمى «البوسطة» وتشكل وحدها محطة إذلال نفسي وجسدي كبير. إذ يقضي الأسرى داخل غرف ضيقة حديدية في عربة نقل ساعات طويلة تحت حر شديد أو برد شديد من دون أن يتمكن أحد منهم من الحركة أو قضاء الحاجة أو طلب شربة ماء.
وتتنوع الانتهاكات بحق الأسرى، بين الحرمان من العلاج والأدوية، والاقتحامات الليلية المفاجئة والنقل التعسفي بين السّجون والأقسام، وحرمان الأسرى من الدرجة الأولى للقرابة من التجمع في نفس السجن في بعض الحالات، والاعتداء على الأسرى بالضرب وإطلاق قنابل الغاز بين الأقسام والغرف المغلقة، وإطلاق الرصاص في الساحات، إضافة إلى حرمان بعض الأهالي من الزيارة ووضع حاجز زجاجي بين الأسير وعائلته خلال الزيارة، وفرض عقوبات العزل ودفع الغرامات المالية وقطع الإمدادات الكهربائية والمائية عنهم.
أيضًا تشير التقارير القانونية إلى أن ما نسبته 95 في المائة من مجمل المعتقلين تعرضوا للتعذيب القاسي والإساءة من قبل المحققين والجيش الإسرائيلي. ويشمل التعذيب صنوفًا مختلفة، مثل الضرب والاعتداء بشكل وحشي وهمجي على الأسرى أثناء اعتقالهم وقبل نقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، بالإضافة إلى إجبارهم على خلع ملابسهم وتركهم لساعات طويلة في البرد القارس وهم مكبلو الأيدي والأرجل وحرمانهم من استعمال المراحيض.
وعند وصول الأسرى إلى أقبية التحقيق ومراكز التوقيف المنتشرة في إسرائيل، فإنهم يتعرضون لتحقيق قاسٍ، والحرمان من النوم والشبح المتواصل والحرمان من لقاء المحامي، إضافة إلى هدم منازل العشرات منهم ومعاقبة أسرهم باعتقال الزوجة والأم في محاولة لإجبار الأسرى على الاعتراف، إضافة إلى العزل في زنازين انفرادية لمدة طويلة.

نهج الإضرابات
«الأسرى الإداريون» هم الأسرى الذين زج بهم إلى السجن من دون محكمة وبلغ عددهم في سجون الاحتلال ما يقارب (750) أسيرًا إداريًا. وتستند قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى «الملف السري» الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية. وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهرين وستة شهور قابلة للتمديد، يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى الكثير من الأوامر العسكرية، وطال هذا الاعتقال جميع فئات المجتمع الفلسطيني، حيث إن الكثير من الأسرى الإداريين هم من الأطباء والمهندسين والأساتذة والصحافيين وكذلك نواب في المجلس التشريعي. وهذا النوع من الاعتقال بدأ يواجه بتمرد كبير سلاحه الوحيد الإضراب عن الطعام. ولقد نجح أسرى سابقون في إنهاء الاعتقال الإداري بحقهم متسلحين بالإضراب عن الطعام، بينهم خضر عدنان ومحمد القيق.
وقال خضر عدنان، الذي أضرب 67 يوما عن الطعام بشكل فردي، مفتتحا معركة الإضرابات الأخيرة: «الإضراب سلاحنا الوحيد». ويتحدث عدنان من واقع تجربة شخصية وفريدة ومهمة؛ فهو أول فلسطيني يضرب بشكل فردي وليس جماعيا، بالإضافة إلى أن إضرابه كان مختلفا ومفاجئا للإسرائيليين، فقد أضرب مطالبا بالحرية، وليس تحسين ظروف الاعتقال كما تعود الإسرائيليون.
وقال عدنان لـ«الشرق الأوسط»: «قررت أن أضرب بحثا عن الحرية»، وأضاف: «قلت إنه يجب وقف سياسة الاعتقالات وإفشالها ومنع الإسرائيليين من مواصلة هذا الصلف والإرهاب والهمجية في الاعتقال والتحقيق». وتابع: «لقد كانوا همجيين معي واستخدموا ألفاظا سيئة في التحقيق وألحقوا بي أذى نفسيا». وأردف: «لقد كان إضرابا من أجل الانتصار لكرامتي وكرامة شعبي، وضد الاعتقال الإداري الذي عانيت منه مرارا». وبهذا الإضراب الذي نجح بعد معاناة طويلة، تحول عدنان إلى رمز لمقاومة الاعتقال، ونجح في جر آخرين إلى مربع المواجهة هذا.
وأضربت بعده الأسيرة هناء شلبي وثائر حلاحلة وبلال ذياب ومحمود السرسك ومحمد القيق وبلال الكايد ومحمد ومحمود البلبول وآخرون في توجه على انتشار الاعتقال الذي يتم استنادا إلى أمر إداري فقط، من دون حسم قضائي، ومن دون لائحة اتهام ومن دون محاكمة.
وهنا توضح منظمة «بيتسيلم» الإسرائيلية أن الطريقة التي تستعمل بها إسرائيل «الاعتقال الإداري» تتناقض بصورة فظة مع القيود القانونية الدولية؛ إذ يتم القيام بالاعتقال الإداري في إسرائيل تحت غطاء كبير من السرية بحيث لا يتيح للمعتقلين أن يرتبوا لأنفسهم دفاعا لائقا. وقد احتفظت إسرائيل خلال السنوات الماضية بآلاف الفلسطينيين المعتقلين إداريا بصورة مستمرة دون تقديمهم للمحاكمة، ودون الإفصاح لهم عن التهم الموجهة لهم، ودون السماح لهم أو لمحاميهم بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة. والقانون الإداري هو قانون الطوارئ البريطاني لعام 1945 ويعني اعتقال فلسطينيين والزج بهم في السجن من دون محاكمات أو إبداء الأسباب، لفترات مختلفة قابلة للتجديد تلقائيا.

التدويل كسلاح أخير
مع توجه الفلسطينيين إلى تدويل قضيتهم في الأعوام الأخيرة ترتفع الأصوات عاليا لتدويل قضية الأسرى على نحو خاص باعتبار ما يرتكب داخل السجون يرقى إلى جريمة حرب.
وفي حين أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» الدكتور صائب عريقات أن «قضية الأسرى تشكل ركيزة أساسية لأي حل عادل وشامل في المستقبل، لما تمثله من اعتبارات سياسية وحقوقية وإنسانية»، وأطلقت وزارة الخارجية التعميم على سفارات دولة فلسطين في العالم، بضرورة تصعيد الفعاليات التضامنية مع الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، وفي مقدمتهم الأسير بلال كايد الذي دخل إضرابه عن الطعام شهره الثالث، والأخوان بلبول ووليد مسالمة وغيرهم، وطالبت الوزارة باستمرار التواصل مع مراكز صنع القرار والرأي العام في البلدان المضيفة، من أجل فضح الممارسات الإسرائيلية القمعية بحقهم، وشرح معاناتهم، والمطالبة بممارسة الضغوط على دولة الاحتلال للإفراج الفوري عنهم، لا يبدو هذا كافيا للكثيرين.
وهنا يشرح قراقع: «أعتقد أن المطلوب لحماية الأسرى من الاستهداف الإسرائيلي ووقف مخطط اغتيالهم سياسيا وقانونيا أن تدعو القيادة الفلسطينية الدول الأعضاء في (اتفاقيات جنيف) للانعقاد سريعا لإلزام إسرائيل باحترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها على الأراضي المحتلة وعلى الأسرى. وكذلك الضغط على هيئة المحكمة الجنائية الدولية للإسراع في فتح تحقيقات حول مخالفة إسرائيل لميثاق روما والقانون الدولي وارتكابها جرائم ضد الإنسانية في تعاملها مع الأسرى والتوجه إلى المحكمة الدولية في لاهاي لاستصدار فتوى قانونية حول المركز القانوني للأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ومسؤولية إسرائيل كسلطة محتلة تجاههم، والتمسك سياسيا بإطلاق سراح الأسرى كجزء أساسي وثابت في أي تسوية سياسية عادلة في المنطقة».
وحتى ينطبق ذلك إذا نجح أو تقوم الدولة الفلسطينية، سيسجن كثيرون آخرون ويجربون شتى أصناف القهر والحرمان في معركة لا تنتهي، شعارها الذي يحفظه جميع الأسرى وذووهم وأبناؤهم وأصدقاؤهم وبقية الفلسطينيين: «لا غرفة التوقيف باقية.. ولا زرد السلاسل.. نيرون مات.. ولم تمت روما.. بعينيها تقاتل.. وحبوب سنبلة تموت.. ستملأ الوادي سنابل».

أبرز السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف
* سجن بئر السبع: وهو سجن كبير يتضمن أربعة سجون كل واحد منها منفصل عن الآخر وهي «اوهلي كيدار» و«ايشيل» للسجناء الأمنيين، وسجن «ديكل» وآخر للسجناء الجنائيين، وهذه السجون الأربعة تتسع لمئات المعتقلين.
- سجن عسقلان: أنشئ في عهد الانتداب البريطاني كمقر لقيادة الجيش البريطاني في عسقلان. وافتتحته إسرائيل عام 1970، وشهد افتتاحه تنكيلاً بالأسرى الفلسطينيين.
* سجن الرملة: أنشئ سرايا الرملة عام 1934 إبان الانتداب البريطاني على فلسطين. وبعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948 تحول إلى مركز للجيش الإسرائيلي. وفي عام 1953 تم تخصيص جزء من السرايا كسجن للفدائيين الفلسطينيين، ثم حولت السرايا بكاملها في عام 1967 إلى سجن مركزي للجنائيين اليهود إضافة إلى الأسرى الفلسطينيين وخصوصًا من منطقة القدس.
* سجن النقب: افتتح هذا السجن أول مرة عام 1988 حين زاره أكثر من 50 ألف معتقل فلسطيني إلى أن أغلق عام 1995. ثم أعيد افتتاحه مع اندلاع أحداث انتفاضة الأقصى عام 2000، حيث يقع على بعد نحو 180 كلم جنوب مدينة القدس وعلى 10 كم شرق الحدود المصرية.
* سجن عوفر: أنشئ هذا السجن على أراضي بيتونيا، غربي مدينة رام الله بالضفة الغربية. ويعيش في كل خيمة من خيامه 30 أسيرًا يعانون من نقص الطعام والملابس وسوء الرعاية الصحية فضلاً عن انقطاع السجناء تمامًا عن العالم الخارجي.
* سجن جلبوع: يقع في شمال فلسطين أُنشئ حديثًا بإشراف خبراء آيرلنديين وافتتح في العام 2004 بالقرب من سجن شطة في منطقة بيسان. ويعد السجن ذا طبيعة أمنية مشددة جدًا، ويوصف بأنه السجن الأشد حراسة.
* سجن نفحة: يعد هذا المعتقل، الذي يبعد 100 كلم عن مدينة بئر السبع في صحراء النقب، من أشد السجون الإسرائيلية قسوة، وقد استحدث هذا السجن خصيصا للقيادات الفلسطينية من المعتقلين في مختلف السجون بغرض عزلهم عن بقية السجون الأخرى.
* سجن الدامون: بني هذا السجن منذ زمن الانتداب البريطاني كمستودع للدخان، وروعي في بنائه توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان. وبعد عام 1948 وضع الكيان الإسرائيلي يده عليه وحوله إلى سجن، حيث يتسع لـ300 معتقل فقط، في حين تضع سلطات الاحتلال أعدادا أكبر من ذلك فيه.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.