أنقرة تتجه لتعزيز انفتاحها على إيران

مصادر دبلوماسية لـ «الشرق الأوسط» : الخطر الكردي أهم المرتكزات

أنقرة تتجه لتعزيز انفتاحها على إيران
TT

أنقرة تتجه لتعزيز انفتاحها على إيران

أنقرة تتجه لتعزيز انفتاحها على إيران

يبدو أن تركيا تتحرك باتجاه تعزيز التعاون والتنسيق مع إيران، بعد زوال التوتر الأخير بينهما على خلفية الدعم الذي أبدته أنقرة للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، والذي يستهدف المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
فقد بعثت تركيا بوفد من اتحاد الغرف التجارية والبورصات، برئاسة رئيس الاتحاد رفعت هيصارجيكلي أوغلو، للمشاركة في اجتماع اللجنة التنفيذية الحادية عشرة لمنظمة التعاون الاقتصادي، في خطوة للبدء في تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي تزامنت مع تصريحات رئيس الوزراء بن علي يلدريم حول قيام تركيا بالتنسيق مع إيران، كدولة محورية في المنطقة، من أجل إيجاد حل للأزمة السورية.
وعقب مشاركته في الاجتماع الذي عقد في طهران، مقر المنظمة، الثلاثاء، أكد هيصارجيكلي أوغلو أهمية التحرك التركي الإيراني المشترك على الصعيد الاقتصادي، معتبرا أن ذلك سيؤدي إلى قطع الطريق أمام الدول الأخرى الساعية لإحكام سيطرتها على المنطقة، وتعكير صفوها. وقال هيصارجيكلي أوغلو، الذي التقى خليل إبراهيم أكجا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي، إن التقارب التركي الإيراني له أهمية بالغة فيما يخص حل قضايا المنطقة العالقة، لافتا إلى أن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم قد تطرق الثلاثاء، خلال خطابه أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، إلى هذا التقارب وانعكاساته الإيجابية على قضايا المنطقة.
كان يلدريم قد أعلن أن تركيا ستعمل مع إيران من أجل التوصل إلى حل للأزمة السورية، في إطار سياسة التطبيع التي تطبقها تركيا حاليا، والتي أسفرت عن تطبيع العلاقات مع روسيا وإسرائيل، مؤكدا أنها ستطبق الأسلوب نفسه بالنسبة لسوريا والعراق.
ولفت هيصارجيكلي أوغلو، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام التركية أمس (الأربعاء)، إلى أن مستقبل العلاقات التجارية بين طهران وأنقرة سيكون «براقا»، وأن الإمكانات الهائلة الموجودة في إيران قد ظهرت بوضوح عقب رفع العقوبات عنها بعد الاتفاق النووي الذي أُبرم مع دول «5+1»، العام الماضي.
وأشار إلى أن عدد رجال الأعمال الأتراك الذين زاروا إيران خلال العام الأخير، يعادل عدد رجال الأعمال الأتراك الذين توافدوا عليها خلال 25 عامًا، داعيا جميع المستثمرين الأتراك إلى التوجه إلى إيران، والاستفادة من فرص الاستثمار المتاحة فيها. ونوه هيصارجيكلي أوغلو بموقف إيران المتضامن مع تركيا ضد محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت فيها في منتصف يوليو (تموز) الماضي.
وتضم منظمة التعاون الاقتصادي 10 دول آسيوية، هي أذربيجان وأفغانستان وأوزبكستان وإيران وباكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان وتركيا، وتهدف إلى تحقيق المزيد من فرص التعاون الاقتصادي والتنمية بين الدول الأعضاء. وقد زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف تركيا، الجمعة الماضية، والتقي الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، وأجرى مباحثات مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو تركزت إلى جانب الملف السوري على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين تركيا وإيران، وتم بحث نقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا عبر تركيا. وعقب الزيارة مباشرة، رفعت طهران حظر الطيران إلى تركيا الذي كانت قد فرضته لاعتبارات أمنية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وتري مصادر دبلوماسية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تركيا تسعى من خلال التقارب والتنسيق مع إيران إلى تجاوز الضغوط التي تعرضت لها من قبل، والاتهامات الغربية التي وجهت إليها بدعم بعض التنظيمات المتشددة في سوريا، ولذلك بدت أكثر انفتاحا على المشاركة في الجهود الدولية لضرب «داعش»، وهي ورقة مهمة استخدمتها إيران من قبل لدى الغرب، وأثمرت في تحقيق التقارب الغربي الإيراني، وتسوية ملف أزمتها النووية.
وأضافت المصادر أن التنسيق بين أنقرة وطهران في الفترة القادمة يرتكز على تلافي خطر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، الذي تعتبره تركيا امتدادا لمنظمة «حزب العمال الكردستاني» الانفصالية، وهو خطر مشترك على البلدين.
ولفتت المصادر إلى أن تصريحات رئيس الوزراء بن على يلدريم، التي كشف فيها صراحة عن أن تركيا ستعمل مع إيران على إيجاد حل للأزمة في سوريا، وإشارته إلى الخطر الكردي، سواء على تركيا أو إيران أو العراق أو سوريا، والإشارة الواضحة إلى أن روسيا والولايات المتحدة لا تعيران اهتماما لهذا الأمر، يعطي تفسيرا للانفتاح اللافت على إيران، الآن.
في الوقت نفسه، يعتقد محللون أن تركيا تسعى للاستفادة من الفرص الكبرى التي سيوفرها رفع الحظر على إيران، لا سيما أنها لعبت من قبل دورا في أثناء الحظر على إيران، حيث كان يجري تحويل عائدات النفط الإيراني عبر بنوكها.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».