عريقات: الانضمام إلى 48 معاهدة دولية أخرى مرتبط بمصير الدفعة الرابعة من الأسرى

إنديك يحاول سد الفجوات ويلتقي اليوم بالوفدين الفلسطيني والإسرائيلي

أطفال فلسطينيون يطالبون برفع الحصار الإسرائيلي خلال احتفالية بيوم الطفل الفلسطيني في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يطالبون برفع الحصار الإسرائيلي خلال احتفالية بيوم الطفل الفلسطيني في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

عريقات: الانضمام إلى 48 معاهدة دولية أخرى مرتبط بمصير الدفعة الرابعة من الأسرى

أطفال فلسطينيون يطالبون برفع الحصار الإسرائيلي خلال احتفالية بيوم الطفل الفلسطيني في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يطالبون برفع الحصار الإسرائيلي خلال احتفالية بيوم الطفل الفلسطيني في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أن السلطة الفلسطينية انتهت من مسألة الانضمام إلى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية من دون رجعة، لكنها ستعلق الانضمام إلى 48 معاهدة أخرى، إذا عادت إسرائيل عن قرارها، وأفرجت عن الدفعة الرابعة من الأسرى.
وقال عريقات: «الانضمام إلى 13 ميثاقا من أصل 15 سُلّمت للجهات الدولية.. لا يخضع أي من هذه الطلبات للتصويت، فالقانون الدولي واضح ومحدد في هذا الشأن، وإذا قرر سكرتير عام الأمم المتحدة عدم الرد خلال فترة شهر، فتصبح فلسطين مباشرة دولة عضو في المعاهدات الموقّعة».
وأضاف عريقات خلال كلمة ألقاها في مؤتمر أبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات): «هذا ليس له علاقة بالمفاوضات، فالصفقة، التي تمت مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري وليس مع إسرائيل، تقول إنه إذا وافقت إسرائيل الإفراج عن 104 أسرى يمتنع الجانب الفلسطيني عن الذهاب لعضوية هذه المؤسسات الدولية لمدة تسعة أشهر»، وتابع: «التزمنا، وكان ثمنا كبيرا. لكن عندما رفضت إسرائيل إطلاق الدفعة الأخيرة المؤلفة من 30 أسيرا، قمنا بالانضمام إلى 15 ميثاقا ومعاهدة، لكن هناك 48 منظمة وميثاقا ومعاهدة أخرى لم ننضم إليها بعد، القيادة على استعداد للامتناع عن الانضمام لهذه المنظمات مقابل الإفراج عن الأسرى، وإذا لم تطلق إسرائيل سراح الدفعة المتبقية من الأسرى، فإننا في حِل من الالتزام».
وقلل عريقات من أهمية الانضمام إلى الاتفاقات الدولية على مسار المفاوضات، قائلا: «نحن لا نريد صداما مع أحد، ولا نريد مواجهة مع أحد، طاقتنا بسيطة ونوجهها إلى إسرائيل». وأضاف: «13 من هذه المعاهدات تخص الشأن الداخلي الفلسطيني». وتابع: «سمعت أصواتا إسرائيلية تقول إن هذا خرق للاتفاقات، حاولوا أن يظهرونا وكأننا نقود عملية انتحارية، ولكني أقول: نحن لم نخرق أي اتفاق، نحن نلتزم بحل الدولتين، وهذه الخطوة لم تقلل من الجهود الدولية والأميركية لعملية السلام».
وأردف: «نحن لم نفاجئ الطرف الأميركي والإسرائيلي، إبلاغهم سلفا بأنه إذا لم تلتزم إسرائيل بالإفراج عن الأسرى، فسنوقع على المعاهدات الدولية.. هذا حق نمارسه بعيدا أن أي تهديد ووعيد، ونسعى من خلاله إلى مواجهة استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القائمة على تحويل السلطة الفلسطينية إلى سلطة من دون سلطة، واحتلال من دون تكلفة، وإبقاء قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني».
ومضى يقول: «إسرائيل أوصلتنا إلى مرحلة لا يوجد ما نخسر معها سوى الخسارة».
وجاء حديث عريقات بعد ساعات من لقائه في أريحا مبعوث عملية السلام الأميركي مارتن أنديك، الذي التقى كذلك في وقت سابق مسؤولة طاقم المفاوضات الإسرائيلية، تسيبي ليفني. ويحاول أنديك إنقاذ العملية السلمية من الانهيار في آخر تدخل أميركي، كما يبدو.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أنديك يحاول التوصل إلى صفقة كاملة، تفضي إلى إفراج إسرائيل عن الدفعة الأخيرة من الأسرى إضافة إلى مئات آخرين وتجميد للاستيطان مقابل موافقة الفلسطينيين على تمديد المفاوضات، على أن تكون هدية إسرائيل هي إطلاق سراح الجاسوس اليهودي المعتقل في الولايات المتحدة جوناثان بولارد.
وبحسب المصادر، يرفض الفلسطينيون الصفقة بشكلها الحالي، ويصرون على عدم ربط التوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة بالمفاوضات، وإنما بالإفراج عن أسرى، ويضعون شروطا جديدة للمفاوضات، أهمها اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحدود 1967 حدودا للدولة الفلسطينية. وكان عريقات أكد في كلمته، أمس، أن أي مفاوضات جديدة يجب أن تكون مختلفة.
وكانت آخر جلسة عقدت بين أنديك والوفدين الفلسطيني والإسرائيلي مباشرة، واستمرت من ليل الأربعاء حتى فجر الخميس، انتهت من دون تقدم، مع مزيد من التهديد والوعيد وتبادل الاتهامات والشتائم. ومن المفترض أن يجمع أنديك الطرفين في لقاء ثانٍ اليوم (الأحد)، في محاولة لسد الفجوات.
وسيواصل أنديك مهمته حتى نهاية الشهر الحالي، وهو الموعد المقرر لاختتام المفاوضات، وإذا ما رأى كيري أن زيارته إلى المنطقة يمكن أن تدفع المفاوضات إلى الأمام، فإنه سيأتي للقاء الأطراف.
وكان كيري حذر، أول من أمس، من أن «هناك حدودا للوقت والجهود» الأميركية إذا لم يُبدِ «الطرفان رغبة في تحقيق تقدم».
ويشعر الفلسطينيون بالغضب من ردة الفعل الأميركية تجاه خطوة الانضمام إلى المعاهدات الدولية، ويقولون إن الأميركيين منحازون إلى إسرائيل.
وعبّر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي عن الغضب الفلسطيني من الأميركيين بقوله: «إن القيادة الفلسطينية تعمل بثقة ومعنويات عالية واستطاعت إظهار العجز الأميركي أمام المتطرفين الإسرائيليين». وأضاف على صفحته على «فيسبوك»: «إن السلطة ذاهبة إلى الأمم المتحدة لأخذ العضوية رغم أنف أميركا التي تقرأ الأمور بعيون ليكودية (حزب الليكود الحاكم) إسرائيلية، من خلال وساطتها للعملية السياسية».
واتهم زكي الوسيط الأميركي أنديك بأنه «صهيوني ويدافع عن مصالح إسرائيل».
لكن حركة فتح سعت، أمس، إلى احتواء أزمة أخرى قد تنشب مع الولايات المتحدة بسبب تصريحات زكي، وقالت في بيان رسمي إن تصريحاته «لا تمثل إلا نفسه، ولا تمثل الموقف الرسمي للحركة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.